|
رسائل العام الجديد 2021- إلى الأجيال الجديدة - تحرروا من تاريخكم
عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2021 / 1 / 1 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سوف أكتفى هذا العام برسالة واحدة ، أوجهها إلى الأجيال الجديدة من أجيال الشرق الأوسط، من العراق إلى المغرب ، ومن تركيا إلى إيران وأتباعها ، رسالة واحدة بصيغة المفرد ، كيف يمكنك أن تنهى هذه المأساة ، وتعيش فى سلام مع نفسك ومع العالم ، تستغل ثرواتك وتتقدم ، وتجعل من أوطانك أوطاناً صالحة للحياة ، بدلا من الهجرة والغربة والتشرد ، الإجابة بسيطة لكنها صعبة ، تخلص من تاريخك ، تاريخك ليس عظيماً ولامجيداً ، كما تؤمن ، تاريخ من العنف والخرافة ليس أكثر، تخلص من تاريخك وتعلم من تاريخ الجيران ، تعلم من تاريخ جيرانك الأوربيين ، فتاريخهم هو تاريخك ، مع فارق نحو ثلاثة قرون لصالحهم ، موسى لم يشق البحر ، ولا المسيح مخلص العالم ، ولا محمد رسول ينزل له الوحى من السماء ، هؤلاء فقط هم ملوك العصور القديمة للشرق الأوسط ، بحكاياتهم وثقافتهم التى عفى عليها الزمن ، نحن أبناء العصر الحديث، عصر المعرفة ، حيث لا بخور، ولاقرابين ، ولا آلهة مزيفة ، إهجر تاريخهم ، وتعلم من تاريخ الشعوب التى نجحت ، حطم مقدساتك ، وتعرف على مقدساتهم ، أديانك ليست سماوية ، هى أديان شرق أوسطية ، مجرد أديان صنعتها السياسة والجغرافية ، نتاج حضارات بدوية زراعية ، تصارعت وإمتزجت فى أزمان بدائية ، فأنتجت ثقافات خرافية ، توارثتها الأجيال حتى أصبحت وعياً جمعياً مرضياً ، يتحكم فينا حتى اليوم ، ويبعدنا عن طريق العقل والحكمة. نعرف أن الإنفصال عن الماضى ليس بالمسألة السهلة ، كلنا أبناء الماضى ، نولد نجده فى إنتظارنا ، يحتوينا ويبرمجنا ، فنكبر نلطم فى الشوارع ، أو نفجر أنفسنا ، أو نقطع رؤوس الناس ونصيح الله أكبر، أو نكره الآخر ونتآمر ضده ، أونهدم بيته فوق رأسه ، وفى أحسن الأحوال نكره أنفسنا ، ونحتقر غرئزنا ، ونكفر إبداعاتنا الإنسانية ، فهى حرام فى تاريخ الشرق الأوسط ، تاريخ الشرق الأوسط مجرد أمجاد وهمية ، أبنية ضخمة ، ومقابر، ومعابد ، ومعارك عسكرية ، وملوك أنبياء وآلهة أيضا ً، تاريخ لم يعرف أبداً معنى الحرية ، وبصرف النظر عن السؤال الصعب ، لماذا كان كذلك ، فهو فعلاً لم يعرف أبداً معنى الحرية ، لا عقد إجتماعى، ولا دستور، ولا مجالس نيابية ، ولا حتى مجالس إقطاعية ، أو قبلية منصفة ، مثل بعض الحضارات القديمة الأخرى ، لقد كان الحكم منذ البداية للأقوى ، للعائلة الأقوى ، أو الفرد الأقوى ، قانون الغاب كان هو الحاكم دائماً لتاريخ الشرق الأوسط المقدس. التاريخ فى معظم أحواله ليس مادة للهداية ، فى الشرق الأوسط أو فى أماكن أخرى ، هندوسية كانت أو بوذية أو غيرها ، هو فى الواقع مادة للغواية ، هو سجن موروث يصعب التحرر منه ، يحدد أفكارك ويقرر أفعالك ، و يشكل هويتك ووعيك ، بصرف النظر عن الصواب والخطأ ، مثل الحب الأعمى ، يجعلك متعصباً لمن تهوى ، شرير كان أم طيب ، يفقدك إنسانيتك ويجعلك مسخاً ، بزبيبة على الجبهة ، أو طاقية على الرأس ، أو ثوب رهبانى ، أو تعويذة أو سبحة ، وليس هناك طريق للسلام سوى التحرر منه ، فى وقفة مع التاريخ ، أو بقطيعة معرفية ، أو بمعركة إنفصال ، سمها ماشئت ، لكن لاحل آخر، ليس هناك فى الماضى حلاً، الحل يكمن فى المستقبل. هذه هى رسالة العام الجديد ، لاتقع فى غواية التاريخ ، إسلامى ، مسيحى ، عبرى ، عربى ، أمازيجى ، قبطى ، فارسى تركى ، وإلى آخره ، تحرر من غواية التاريخ ، ومن وعيك الجمعى المرضى ، وإمضى إلى المستقبل ، تعلم من جيرانك وإقطع مسافة القرون الثلاثة التى تفصلك عنهم فى خطوة ، إحقن الدماء ، وتوقف عن صراع الهوية ، وركز فى إصلاح حياتك البائسة ، بوعى إنسانى أفضل ، تعلم من إيمان سبينوزا فى إله العقل والحكمة ، وقوانين الطبيعة الخالدة ، ومن تسامح فولتير وعقد جان جاك روسو ، ثم قم بثورتك الفرنسية ، التى لاغنى عنها ، مهمة ليست بالمهمة السهلة ، لكنها واجبك وسوف تنجزهها ، حتى تجعل من أوطانك الشرق أوسطية الفاسدة ، أوطاناً صالحة للحياة وللسلام وللتقدم!!! وكل عام وأنت وأنتم بخير وفى العام القادم أفضل !!!
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كوفيد وإبراهيم والطواغيت، والشرق الأوسط الجديد
-
ماذا فعل لنا ترامب؟
-
نهاية عصر الكفيل ، وتآكل موروث العبودية
-
مصر السيسى ورياح الإقليم
-
رؤية نقدية للقرآن
-
قصة أهل الكهف والوحى الغشاش
-
الخلط بين مريام أخت موسى وهارون، ومريم أم المسيح أفدح أخطاء
...
-
تطبيع الإمارات بين السلام والعدوان
-
التحالف الفرنسى المصرى وأمن المتوسط الكبير
-
مصر بين تركيا وأثيوبيا والمستقبل
-
نتنياهو وضم الضفة والخطيئة الكبرى
-
كورونا والإشتراكية الديموقراطية
-
كتاب أساطير الدين والسياسة-تأليف عبدالجواد سيد
-
رسالة شادى حبش إلى الأجيال
-
كورونا وصراع الحضارات
-
حرروا وزارة الخارجية الإسرائيلية من الحجر الصحى- نمرود جورن
...
-
خطة ترامب ليست الطريق لدفع السلام الفلسطينى الإسرائيلى-معهد
...
-
كورونا ونهاية التاريخ
-
الجذور التاريخية والسياسية للصراع المصرى الإثيوبى
-
حسنى مبارك بين السياسى والديكتاتور
المزيد.....
-
روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب
...
-
مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث
...
-
-نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي
...
-
إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا
...
-
ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
-
هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
-
واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث
...
-
شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور
...
-
الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
-
هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|