أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إبراهيم وبنو إسرائيل والسلالة المباركة















المزيد.....

إبراهيم وبنو إسرائيل والسلالة المباركة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6771 - 2020 / 12 / 26 - 23:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من الإشكاليات التأريخية التي شوشها تدخل الإنسان في النص الديني وإعادة كتابته وفقا لما يريد له أن يكون مدفوعا بالأنانية مرة وبالرغبة في تغيير الحقائق لأهداف ومرامي خاصة، هي قصة إبراهيم عليه السلام وبنية من بعده والعهد الذي قطعه الرب له في أن يبارك في نسله ويعطيه ألأرض المقدسة أخر ما جاء في المرويات التأريخية، أستمعت لعدة محاضرات للدكتور المؤرخ والأتاري العراقي فاضل الربيعي الذي له رؤية وقراءة تأريخية تختلف جذريا وتناقض كل المرويات التلمودية والتوراتية وحتى ما جاء في العهد الجديد، مرد هذه الأعتراضات جملة من الأمور منها على سبيل الذكر:.
• الأختلاف في الجغرافيا التاريخية ومقارنتها بالواقع على الأرض والتي ذكرت في النصوص تلك وبين الأدلة الأركيولوجية واللغة والمصطلحات التي لا تنتمي للنص القديم، ولا تتوافق مع الصورة الحقيقية كما يراها لتكوين الشكلية المتسقة في ما يسميه هو بإسرائيل المتخيلة.
• النقطة الأخرى في أصل بني إسرائيل الجنسي وكونهم عرب من ضمن القبائل العربية التي تحاول تلك المصادر القديمة أعتبارهم شعب أخر لا علاقة له بالعرب وفي أحسن الأحوال يمكن أعتبارهم الفرع الثاني من الشجرة الإبراهيمية المنحدرة من أسحق وأبنه يعقوب في مقابل الفرع الأول أولاد إسماعيل الولد البكر والذي لم يكن هو الوعد الذي قطعه الرب لإبراهيم، والمقصود بحسب النصوص التوراتية والتلمودية هم مسل أسحق من سارة كونهم أولاد السيدة، وما عداهم فهم أولاد هاجرة الجارية التي لم يرد الرب لها ولا لأبنها أن تكون محل التبريك والتفاخر.
• من النقطتين أعلاه يصل الدكتور الربيعي إلى أن ما ورد في النص التوراتي بخصوص العهد الرباني مه إبراهيم لا ينطبق مع الفكرة السائدة من أن إبراهيم خرج من أور الكلدان بل من أور كسديم حسبما هو ثابت بالترجمة الحقيقية للنص التوراتي، وأن العهد المقطوع من الرب لا يمكن أن يكون من الفرات إلى النيل كما هو معروف الآن، بل من النهر العظيم إلى الوادي وكلاهما يقعان في اليمن الآن وهي مساحة صغيرة جدا لا يمكن أن تقارن بأي حال مع المساحة الواسعة التي تشملها الجغرافية حينما تكون من النهر إلى النهر.
• يصل الدكتور الربيعي إلى نتيجة تأريخية مهمة أن اليهود وهو غير بني إسرائيل وهم أيضا غير العبرانيين مجرد قبيلة عربية صغيرة أسست ملكها ومملكتها في وسط اليمن في ما يعرف بجزء من مملكة الحميريين أو المملكة الجنوبية، ولم يكن لهم ذكر ولا وجود قبل إنهيار سد مأرب خارج تلك المنطقة، وإن الزعم بأن رحلة إبراهيم من أور الكلدانيين نحو حاران ومن ثم أرض كنعان وذهابه لمصر، ما هي إلا كذبة تأريخية يعاضدها الرأي العلمي للكثير من المؤرخين والآثاريين والأركيولوجين بما فيهم اليهود والإسرائيليين أنفسهم، الذين نفوا كما يقول بكل جزم عدم صحة الرواية التوراتية بكل تفاصيلها، والمشكلة الأعظم لهؤلاء عدم وجود رواية ثانية تفسر تأريخ اليهود وبني إسرائيل.
بالرغم من وجهة الحجج المنطقية التي أوردها الدكتور الربيعي وأخرون حول تاريخ اليهود وبني إسرائيل في الدراسات المعاصرة والقديمة، نجد أن هناك نقاط لم يتم لإجابة عليها ولم يتم توضيحها لا من خلال الدليل المادي الأر كولوجي ولا من خلال النص الديني القديم ونصوص القرآن، وأعتقد أن ذلك يشكل علامة ناقصة في البحث العلمي الذي يجب أن ينظر له من زوايا عدة لتكوين صورة بانوراميه متكاملة عن القضية موضوع الدراسة، وأحيانا أعزو هذا النقص إلى عدم وجود الشجاعة العلمية في طرح الحقيقة كما هي دون النظر إلى النتائج المتوقعة، كما قلت وبحثت في كتابي إبراهيم العراقي الصادر عن دار ضفاف في الشارقة، أن هناك تحيز علمي وأستغفال متعمد من خلال الفصل بين إبراهيم وأسحق من جهة والفصل بين أسحاق وإسماعيل من جهة أخرى، وأعتبار أن العهد المعهود بين إبراهيم النبي والرب هو عهد لبني إسرائيل تحديدا دون أن نلاحظ أن العهد وحسب التوراة ذاتها قد تم قبل أن يولد لإبراهيم ولد.
لقد كان العهد لإبراهيم وذريته أو نسله كما ورد في النص التوراتي، بمعنى أن أولاد إبراهيم إسماعيل وأسحق هما المعنيان به وعليهم ولهم سيكون العهد، وبالتالي لا يوجد أي دليل أو حجة أو نص يستثني أحدا منهم سوى ما كتبه الكهنة والأحبار بعد موسى ونزول الشريعة اليهودية التي أوردت النص، النقطة الثانية والأهم في ذلك كله أن إبراهيم كان على دين الحنفية وكل ذريته كانوا على هذا الدين حتى نزول التوراة كشريعة وبعدها المسيحية كشريعة والمحمدية كشريعة، ولكنها جميعا تدان بدين الحنفية وهو إسلام إبراهيم عليه السلام، هذا من الناحية العقدية، أما من الناحية العرقية فكون أسحق وإسماعيل أخوة من صلب واحد لإبراهيم لا يمكن أن يكون لكل منهم عرق مختلف مع أفتراض صحة وجود هاجر التي أنفيها نفيا قاطعا بنص القرآن الذي أخبر القصة كاملة في صورة الصافات، فقد بشرها الملكين حينما جاءا إلى تدمير قوم لوط وتعجبت من أمر الله وهي عجوز وبعلها شيخ كبير، هذا كان عهد الله وفرضه لهما، فلما ضحكت وعدها الله بنافلة وهو أسحق، فتكون سارة هي ام إسماعيل بالفرض وأم أسحق بالنافلة، وهذا المعروف بالأدب الديني لا اكون النافلة إلا بعد الفرض زيادة.
الذي يخشاه المؤرخون دوما هو هذا القول أن العهد كان لإبراهيم ونسله من إسماعيل وأسحق وكلاهما من أب واحد ومن دين واحد ومن عنصر بشري واحد وحيث تنطبق على إبراهيم المواصفة تنطبق على أولاده من بعده، فإن كان إبراهيم من أوروك أو العراق فهم عراقيون ينحدرون من شجرة واحدة وهم أخوة بالدم والعقيدة ومن بطن واحدة، أو كما يقوا الدكتور الربيعي أنهم من أور كسديم من اليمن فهم أيضا ولنفس السبب يمنيين من أصل واحد ومن طينة واحدة تتصل بنوح الذي بارك الله فيه ومن معه وهم أولاده الذين بشرهم الله بالنبوة والبركة حيث ما حلوا.
من نقاط ضعف رؤية الدكتور الربيعي مع رجاحة دليله على الأصل ما نجده في:.
• إنكاره أن يكون إبراهيم قد خرج من العراق وتحديدا من أور أو من كوثى بابل والتركيز على أن خروجه كان من أور كسديم، فهذا لا يمنع أن يكون خروجه من أور كسديم والكلمة الأخيرة لا معنى لها بالعبرية بل وغير مفهومة بالأصل ولكن لم يبحث أحدا عن معناها في اللغات العراقية القديمة السومرية والكلدانية طالما أننا نؤكد أن إبراهيم ولد في العراق في أرض أور المباركة وهاجر منها بالقصة المعروفة قرآنينا، فقد يكون معناها وحسب أقرب دلالة للمعنى من أور القيمة، أو قد يكون خرج من أور العراقية لكنه لم يتلقى العهد إلا بعد ما رفع القواعد من البيت القديم في القصة المعروفة مع أبنه إسماعيل وأختلاطه مع شعب كسديم القريب من مكة وعلى أطرافها طالما لا يوجد تحديد تأريخي يمكن الأعتماد عليه في تحديد ذلك الزمن، فيكون خروجه هذا هو الخروج الثاني بعد أن غادر بني قومه مهاجرا إلى الله.
• إنكاره وجود اليهود في مصر وتحديدا بني إسرائيل والثابت القرآني لدينا أنه على الأقل في الفترة التي سبقت ميلاد موسى عليه السلام كان العبرانيون أو (المستذلين) حسب اللغة المصرية القديمة حبرو أو عبرو، للإشارة إلى ما تلقوا من ظلم وأستعباد من المصرين والنظرة الدونية التي كان ينظر لها بهم، أو أن تكون عبرو أو حبرو تشير إلى الغرباء وأيضا حسب اللغة المصرية القديمة، ولا علاقة لتسمية بعاير جد إبراهيم وإلا فأولاد إسماعيل عبرانيون أيضا لو سلمنا بهذه النتيجة لأن جد إبراهيم هو جدهم وجد أسحق ويعقوب وبنيه، وبالتالي فهذا الإنكار يستوجب شطب جزء كبير من رواية القرآن الكريم عن بني إسرائيل والحديث عنهم في مصر وقصة موسى وفرعون والخروج من مصر الخ من الرواية المؤكدة بالنص الديني.
• من المعروف أنه في توقيت إنهيار سد مأرب صار هناك هجرات متعددة من اليمن إلى الشمال وإلى الشرق وإلى الغرب، فهاجر الآزد مثلا إلى يثرب وهاجر البعض إلى العراق والشام وهاجر البعض إلى مصر والأدلة التاريخية تؤكد ذلك، وبما أن أولاد أسحق كما في رواية أو رؤية الدكتور الربيعي كانوا في اليمن ولهم مملكة صغيرة وقد هاجر أقرانهم والبعض منهم، فقد يكون لخروج البعض هذا قد حدث إلى مصر وأستقروا بها بعد أن مروا بفلسطين ومنها إلى مصر بعد أن لم يسمح لهن باستيطان جزء من فلسطين، فصاروا إلى البدو وعاشوا بينهم وهذا ما يفسر قول يوسف الحمد لله الذي جاء بكم من البدو ولم يقل أنهم بدويون، بل ركز النص على الإشارة إلى المكان (من البدو).
• ولو سلمنا بالرواية التوراتية بشأن عهد الله مع إبراهيم بأنه يمنحه الأرض المباركة الممتدة من النهر إلى الوادي، فهذا يعني أن المساحة الجغرافية التي عليها مكان العهد اليوم هي قلب موطن العرب وهم من أولاد إسماعيل ومن تصاهر وأختلط بهم منذ أن حل الوعد ولليوم ومن ضمنهم أيضا أبناء أسحق كونهم في أطار العهد ذاته، ولكن لو حصرنا العهد ببني إسرائيل وبعد مضي أكثر من ثلاثة ألاف وسبعمائة وخمسون عما عليه، لم تجد بني أسحق أمة عظيمة ولا تنطبق عليهم البشارة الربانية دون أخوانهم بني إسماعيل، الذي خرج منهم محمدا وأسس شريعته في هذه المنطقة والتي هي اليوم أمة كبيرة تمتد من أقصى الأرض لأقصاها، ليس بالسكن فقط بل بالتدين بدينهم ويشكلون ربع عدد سكان الأرض في مقابل بضعة ملايين مشتتين في البقاع والدول تربطهم رابطة الدين ولا تربط غالبيتهم رابطة الدم على العكس من الإسماعيليين الذين اليوم يمثلون ثقلا سكانيا كبيرا يتزايد مع مرور الزمن في الوقت الذي لم تكفي أكثر من ثلاثين عقدا من الزمن لأن تجعل من بني إسرائيل أمة.
هذه العجالة من الأفكار التي أستخلصتها سريعا من تلك المحاضرات التي يلقيها الدكتور الربيعي في محاولة فردية منه لإعادة تصحيح التاريخ وشخوصه وأحداثه وجغرافيته، مثلا مهما من الأمثلة التي لا بد من متابعتها ووضعها أيضا موضع النقد والتقييم دون أن نترك التاريخ كما كتبه البعض تحت تأثيرات الأنحياز والعنصرية واحيانا الكذب لتسويق أفكار وواقع مزيف متستر بالكثير من القداسة الزائفة والأحتيال على الجغرافية واللغة وعلى العقل الإنساني المنطقي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد وصناعة المجتمع الجديد
- محمد الإنسان 3
- محمد الإنسان 2
- محمد الإنسان
- محمد المدني واسس البناء العقائدي الجديد
- الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج2
- صورة من خلف العدسة القاتمة
- الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج1
- الدين بين مفهوم الرشد وتطبيقات الفرض.
- لماذا لا نلوم فرنسا ولا ندين ماكرون؟.
- الى الشهيد العريس صفاء السراي
- فقراء بلادي
- جيب أحلامي
- إيران ومستقبل المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة.
- الدين بين حاجة الإنسان وشكل الفهم ح1
- في ذكرى تشرين وكل أيام العراق المشرقة ح2
- في ذكرى تشرين وكل أيام العراق المشرقة ح1
- في ذكرى الفاتح من تشرين ... الوطن يريد وطن
- قيم الأخلاق وصنع السلام والحرية
- الدولة وأدواتها القانونية لحماية وجودها


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إبراهيم وبنو إسرائيل والسلالة المباركة