أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الحريري - درب السّلام الصعب















المزيد.....

درب السّلام الصعب


طلال الحريري
سياسي عراقي

(Tallal Alhariri)


الحوار المتمدن-العدد: 6769 - 2020 / 12 / 23 - 23:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


درب السلام الصعب
يشهد الشرق الأوسط تسارعا ملحوظا ومتغيرات كبيرة نتجت كمخرجات سياسية واجتماعية وثقافية عن رؤية السلام والاحداث المتزامنة مع التطبيع الذي تشكل برؤى جديدة في الآونة الأخيرة بين إسرائيل ودول عربية متعددة لم يكن العراق بمعزل عنها على المستويين الاجتماعي والثقافي وهذا ما دفعنا الى دراسة دور العراق في السلام ومستقبل العلاقات العراقية الإسرائيلية وتحدياتها من خلال توضيح ما يجري في العراق من تحولات ثقافية وسياسية وتصورات اجتماعية حول ما يجري في المنطقة من احداث مهمة جعلت الرأي العام العراقي يكشف عن الكثير من المواقف الصريحة التي تخص التطبيع ومستقبل السلام بين العراق وإسرائيل.

رؤية استباقية (الخليج الجديد) :
في مقال الخليج الجديد الذي يمثل رؤية استباقية لمستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي ركزنا على دور واهمية العراق الجيوسياسية والحضارية في عملية التحول الثقافي المرافقة لمشروع السلام الكبير الذي بدأ يتبلور بعد عام ونصف العام من طرحنا لهذه الرؤية المهمة، في هذه الرؤية وضحنا أهمية العراق الاستراتيجية في مستقبل السلام كونه دولة تملك موروث حضاري كبير وتاريخ ممتد كان وما يزال يمثل وعاء اجتماعيا ثقافيا للتنوع الديني و الثقافي والحضاري وهذه المقومات والعوامل هي المجال الحيوي لتحقيق رؤية السلام وتنفيذ خارطة الطريق المستقبلية للمنطقة والمساهمة بتصفير الازمات والتخلص من موروث العداء والكراهية ثم الوصول الى حالة اكثر انتعاشا واستعدادا للتعاون السياسي والاقتصادي وتنمية المشتركات الاجتماعية والثقافية باتجاه التعايش والاندماج من خلال تنمية المقومات التاريخية المشتركة وتعزيز مكانتها الثقافية.

التهديد المشترك يدعم السلام:
ان سياسات ايران المزعزعة للاستقرار التي وظفت الإرهاب والطائفية في مشروعها التوسعي المدمر جعلت الرأي العام العربي على وجه العموم والعراق على وجه الخصوص يدرك الفرق النوعي (مع بعض المخاوف التي سنذكرها لاحقا) بين دولة مهتمة بالبناء والتنمية وطرح السلام بديلا عن الصراع ومتفردة بمواجهة سياسات ايران التوسعية وهنا نتحدث عن إسرائيل، وبين دولة معادية تجعل الإرهاب أولوية للتوسع والهيمنة على شعوب المنطقة عامة والعراق خاصة والمقصود بها ايران بصفتها اكبر دولة عداء للعراق وحضارته وشعبه على مر العصور. هذا الفرق الاستراتيجي الذي صاحب كشف نوايا التطبيع ومزاياه ادخل العراق بمرحلة من التفاعل والنقاش على مستوى اجتماعي وثقافي تبلورت اتجاهاته السياسية بعد اندلاع الثورة في نهاية عام 2019 التي جعلت انهاء التدخل الإيراني وتغيير النظام الفاسد وسلطة الإسلام السياسي على رأس أولوياتها وأهدافها وحددت مساحة واسعة من رؤيتها الثقافية للاهتمام بالسلام وتحييد العراق عن الحروب والصراعات والتطرف.

تجارب السلام:
في نهاية عام 2020 تحددت ملامح الشرق الأوسط الجديد (عهد السلام) وشهدنا وما نزال تجارب تاريخية رهيبة للسلام بدأت بدول خليجية مرورا بالسودان والمغرب وما تزال عملية السلام مستمرة ومتسارعة نحو تصفير استراتيجي للصراع وتدشين العهد الجديد للسلام الشامل والابتعاد عن مفهوم السلام البارد الذي حصل في التجربتين المصرية والاردنية ولهذا السبب تعد تجارب السلام الجديدة باهرة جدا لأنها وضعت الأسس الصحيحة للتكامل الذي يعتمد بالدرجة الأساس على التعاون والاعتماد المتبادل على الصعد كافة الثقافية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، وهذا هو المدخل الاستراتيجي لخلق تحول كبير في قيم ومفاهيم شعوب المنطقة كما وضحته رؤية الخليج الجديد وبالتالي حصل ما اكدنا عليه في رؤيتنا لأنها كانت قراءة عميقة للتحولات الثقافية في المنطقة قبل أي مؤشر اخر .

العراق يستبق تجارب السلام الأخيرة :
منذ منتصف العقد الحالي وتحديدا منذ عام 2015 وضع المجتمع المدني العراقي اول أسس السلام الاجتماعي بين المجتمعين العراقي والإسرائيلي بعد تطور التكنولوجية الرقمية في شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي بدءاً من إزالة الغبار عن قضية عودة اليهود العراقيين وانتهاء بالمطالبة على هذه المنصات علنا بضرورة القبول بعملية السلام بما يخدم مصلحة العراق وتطلعات امته المتنوعة وضرورة مغادرة حقبة الصراع والتشدد والتركيز على الهوية العراقية الرافدينية.
هذا التحول الكبير حفز العديد من الكتاب والإعلاميين على الكتابة عنه وتنظيم رؤيته كتفاعل استراتيجي باتجاه السلام، وبالمحصلة مثلت مخرجات هذا التحول الطريق امام السلام بعد ان اضافت العلمانية باعتبارها فكرا جديدا لجيل العراق الصاعد ابعادا لهذه الرؤية بالتزامن مع توسع مفاهيم التنوير الفكري والثقافي الذي احدث تغيرا هائلا في منظومتي الفكر والثقافة العراقيتين.

السلام ما بعد الثورة العراقية :
ان العراق ما بعد ثورة أكتوبر ليس العراق كما كان قبلها ومهما كانت النتائج والمخرجات السياسية ستبقى الحقيقة برؤية الواقع متمثلة بالتحولات الاستراتيجية الخلاقة التي شهدها عراق ما بعد الثورة واهمها البناء الثقافي الكبير الذي انتج مفاهيم وقيم اجتماعية وفكرية شكلت هوية جديدة لعراق المستقبل وجيله الصاعد بالمعرفة والتنوير.
لقد أحدثت الثورة تغيرا هائلا في منظومة الثقافة العراقية واستطاعة بناء جسر تاريخي بين قيم الحضارة الرافدينية وقيم الحداثة والتحول الاجتماعي والسياسي وبالتالي ولدت رؤية السلام وتحددت ملامح عراق المستقبل من هذه المخرجات العظيمة، ولكي نكون اكثر تمسكا بالواقع من حيث توضيح مفاصل هذا المفهوم الجديد نستطيع ان نقول بأن السلام الذي ولد من رحم الثورة سلام ذو مفهوم شامل لا يقتصر على التطبيع وانما يمثل حالة استراتيجية للدولة العراقية لتصفير الازمات والتوتر على المستويين الإقليمي والدولي والانشغال ببناء الدولة والمجتمع بعيدا عن التجارب السابقة للحاق بالدول المتقدمة وتأسيس نموذج حضاري يجعل العراق اكثر استقرارا وتطورا.

مخاوف عراقية لا يمكن تجاوزها:
مهما تغيرت القيم الاجتماعية والثقافية ومهما بلغ حجم التحولات في العراق لا يمكن تجاوز المخاوف التي تتصاحب بحذر مع رؤية السلام العراقي الإسرائيلي والتي تندرج في ثلاثة محاور أساسية:
-الأول هو التاريخ المضطرب بين الدولتين على مستوى العلاقة فمازال العراقيين يخفون مخاوف تخص السيادة العراقية وتجنب تكرار التاريخ وحوادثه المؤسفة التي شهدت تجاوز إسرائيلي على سيادة العراق مطلع ثمانينيات القرن الماضي وتجاوز عراقي سابق على السيادة الإسرائيلية في مطلع التسعينيات، هذه التجاوزات كان ومازال تبريرها يتعلق برؤى الصراع والدفاع عن الوجود واحتواء التهديد دون وضع أي رؤية واضحة من قبل إسرائيل توضح للرأي العام العراقي مستقبل العلاقة بين الشعبين وما ينبغي ان يكون عليه السلام من حيث الأسس والمصالح والتعاون في هذه المرحلة المهمة التي تمثل بيئة خصبة لتسويق فكرة السلام ومشروعه الاستراتيجي الخلاق.
-الثاني يتمثل بالمواقف الإسرائيلية الداعمة للمسألة الكردية في شمال العراق التي أعطت مجالا للإسلام السياسي بإشاعة تصور عراقي ينظر الى إسرائيل كدولة داعمة للانفصال وتقسيم العراق بمعزل عن التاريخ الساحق للعراق بحضارته وامته المتنوعة والتي يشكل اليهود احد شعوبها وركائزها، هذا المحور الأخير هو ابرز المخاوف التي تؤثر سلبا على تطلعات العراقيين ومن هنا يجب على إسرائيل تحمل مسؤوليتها وطمأنة العراقيين بشكل مباشر ورسمي عن موقفها الداعم لوحدة العراق من خلال الفصل بين موقف داعم لدولة عراقية ذات سيادة ويحترم وحدتها التاريخية ويتعامل مع بغداد كعاصمة للقرار الساسي حصرا والنظر الى أربيل بصفتها احدى المدن العراقية المرتبطة بمركز الدولة لا العكس، وبين رفض فكرة دعم الاكراد كإقليم كونفدرالي شبه منفصل عن العراق سياسيا واجتماعيا. هذه الموقف تمثل اهم التحديات التي تواجه مشروع التطبيع ولا يمكن تجنبه من كلا الطرفين علما ان التقارب الثقافي والاجتماعي بين الشعبين كخطوة استراتيجية للسلام مهدت الطريق امام الحكومة الإسرائيلية للتعامل وفق هذه الرؤية وتجنب المواقف التي تضر بمقومات السلام بين الشعبين.
-الثالث يتمثل بالمخاوف التي بدأت تظهر بالآونة الأخيرة حول إمكانية قبول إسرائيل بتطبيع عراقي مع نظام سياسي فاسد تهيمن عليه أحزاب ومليشيات موالية لإيران ومشروعها المتطرف، يخشى العراقيين من تطبيع إسرائيلي مع نظام لا يحظى بقبول شعبي عراقي ويعتبر فاقد لشرعيته ومشروعيته في الداخل. هذه المخاوف تأتي وسط تطلعات وامال كبيرة للخلاص من نفوذ ايران وضمان تحول سياسي عراقي يسبق عملية التطبيع النهائية لتمكين قيم السلام وضمان بيئة عراقية لعملية الاندماج والتعاون الاجتماعي والثقافي بين الشعبين قبل كل تعاون يسبق ذلك.

الدرب ام الطريق؟
الغاية من جعل الأدوات الثقافية والاجتماعية كتحولات استراتيجية على رأس مقومات وشروط السلام هي لتجنب طريق السلام البارد الذي يصلنا الى الهدف سريعا دون الانتباه على الطريق ذاته وما يحيطه من ظروف ومحطات كثيرة، بينما درب السلام اكثر واقعية وفاعلية حيث يتيح لنا فرصة التمتع بمحطاته ويجعلنا نُدرك خفاياه ونتوقف عند جوانبه الجميلة. هذا الفرق نستطيع ان نمثله بتجارب السلام التي شهدناها ففي التجربتين المصرية والاردنية سلك السلام طريقا سريعا فأصبح باردا ومنعزلا عن شروطه ومقوماته بينما السلام في التجارب الأخيرة التي شهدناها في الشرق الأوسط سلك فيها دربا بطيئا وتوقف كثيرا قبل ان يصل للهدف وبذلك كانت رحلته اكثر انسجاما وتوافقا على الصعد كافة لكن الحقيقة التي لا يدركها اغلبية المطالبين بالسلام من سياسيين وكتاب ومختصين هي ان درب السلام لم يكتمل بعد وإن وصل الى نقاط متقدمة لان درب السلام لن يتم اذا لم يمر ببابل وبغداد وبعد ذلك المرور الذي يعقبه الاستقرار تحديدا يمكن القول والايمان معا بأن السلام تحقق والمستقبل اقترب الينا اكثر كشعوب ودولة طامحة له.



#طلال_الحريري (هاشتاغ)       Tallal_Alhariri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة التي نُريد/ في الذكرى الاولى لِثورة اكتوبر دعوة لوضع ...
- مفاهيم مُتداخلة في رؤية الثورة(الدولة،الحكومة،النظام السياسي ...
- إضاءات ثورية
- فرض القانون ام حصر السلاح بيد الدولة وما علاقة السيادة بهذه ...
- مفهوم اليسار في ظل تداخل المفاهيم
- الكاظمي رئيسا للسلطة العراقية ومفاوضات استراتيجية مرتقبة
- حرب عسكرية متوقعة بين دولتين نوويتين!!!
- ازمة النفط: انخفاض سعر الخام أم انخفاض سعر العقود؟
- النفط ومعطيات لم تروى!
- مئة عام من الوجود! اميركا في العراق منذ عام 1919
- لمحة عن ثورات المستقبل!
- مستقبل الدين في عالم ما بعد الوباء
- اأزمة إقتصادية أم تحول تقني؟ حقيقة الأزمة الإقتصادية المُقبل ...
- الأغلبية والنظام البرلماني( ديموقراطية الأسلاميين)!!!
- النظام العالمي الجديد( الإقتصاد والفردية التقنية)
- فاعل شيعي أم إيراني؟
- #كورونا_بإختصار
- معضلة التكليف واللاحل وغياب الرؤية السياسية
- أزمة التكليف والمتغيرات الجيوسياسية
- رسالة من التاريخ الى جيل الثورة الواعي


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الحريري - درب السّلام الصعب