أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - السياسة العرجاء














المزيد.....

السياسة العرجاء


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6761 - 2020 / 12 / 15 - 23:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاحظ المفكر العراقي هادي العلوي أن كلمة سياسة زنة فِعالة من ساس يسوس. وزنة فِعالة للحرفة والاختصاص مثل تجارة ونجارة وحدادة وزراعة. والفاعل هو السائس. ومنها سائس الخيل، أو حاكم الدولة، وجمعه القدماء على ساسة، ومنه قول الكميت بن زيد الأسدي في إحدى هاشمياته: فيا ساسة هاتوا لنا من حديثكم. وأعرج: مُصاب بالعرج، من يمشي مشية غير متساوية بسبب عِلَّة في إحدى رجليه، من يغمز في مشيه. وحديث السياسة العرجاء التي يُحارب من خلالها الحُكّام الشر بالعنف، أو قُل "الإرهاب"، على حد تعبيرهم، لا ينتهي، وهذا خيارهم على كل حال، مع العلم أن هذا الخيار على الضد من فكرة السيد المسيح والتي سعى إليها أعظم أُدباء روسيا ليف تولستوي في حياته، يقول: الشر لا يُستأصل بالشر، ومقاومة الشر بالعنف مجرد زيادة لقوته، والشر يُستأصل بالخير، ومن جميع الأسلحة لمقاومة الشر استبعدوا هذا السلاح الخطر ألا وهو "العنف" ومقاومة الشر بالشر.

عشت عمري لا أخضع للسائد كما كان هادي العلوي -رحمه الله- إذا لا يخطر على بالي، ولا يمكن أن أتصور أن هناك من يظن أنني أُعاني من نقص في عقلي أو ثقافتي لمجرد أنني مسلم. فأنا أعرف غنى ثقافتي وتاريخي وتراثي. وهذا الاحساس بالامتلاء، والوقوف على أرض ثقافية صلبة أنا مدين به لتراث فكري حضاري إنساني عميق وعريق.

لا أعتبر أن هناك عالماً إسلامياً وعالماً مسيحياً، أنتمي إلى مجتمع إسلامي ضمن العالم الأوسع، وهذه الكرة الأرضية ليست ملكاً لنمط فكري أمريكي-أوروبي سائد اليوم، إذ أن لي الحق فيها، ولي الحق في ثقافة هذا العصر، لأنني أمتلك حضارة ويمكنني أن أساهم بها على الصعيد العالمي.

في ظني أن الشباب الأحرار في الميادين والساحات قد تمردوا على نمط الدولة السائد، وهم يحاربون هذا الشكل من الدولة الاستبدادي ويريدون العودة بها -الدولة- إلى مفهومها الأول، بسيطة، تُقاد من حاكم بسيط عادي يخاف الله ورسله الذين بعثهم لهداية البشر سواء السبيل حيث رفع السماء ووضع الميزان.

وفي ظني أيضاً أن الرعب الذي أصاب الحُكّام كان مشروعاً. لأن مشروع الشباب الأحرار في الميادين والساحات يتعارض بالمطلق مع شكل الدولة "الحديثة" التي حكمت هذه المجتمعات لأكثر من سبعين عاماً ومع ذلك فشلت في حمل هذه المجتمعات على القبول بها. وهذه نتيجة طبيعية لأن الدولة في شكلها الجمهوري الديمقراطي العسكري -الثوري إن شئت- استبدادية يحكمها طاغية من فئة "دكتاتور صغير مجنون" مكانه الحقيقي "العصفورية" مش القصر الجمهوري. وهذا الشكل من الدولة لا يُدمر المرء، ولكنه يمنع وجوده، لا يستبده فقط، ولكنه يعتصره ويوهنه ويخمده ويخدره، بل ويفعل ذلك في الأمة كلها، كي لا تكون شيئاً أكثر من قطعان حيوانات مذعورة.

يرى المفكر العراقي هادي العلوي أن سر الأسرار في هذه السياسة العرجاء أن الحاكم يريد أن يفكر ويعمل بالنيابة عن جميع الخلق وما أن يقعد قائد "الدولة والمجتمع" على كرسي القيادة حتى يكتسب صفات القدسية ويتحرك على قاعدة "كن فيكون" ويمكن التوصل من الاستقراء الميداني لتجارب الحكام أن القصور العقلي يلازم أهل الدولة وأن ما يُصيب البلاد والعباد من الكوارث هو في بعض أسبابه من نواتج هذا القصور العقلي للحكام و الفعل الكارثي للدولة يأتي في المقام الأول من نذالة حكامها ولصوصيتهم وانحرافهم الأخلاقي وخساسة رغباتهم وبالجملة من صغر نفوسهم.

ولكن يا هادي ما تفسير ذلك؟

عندي أن نفس الحاكم يجتمع فيها من الشر ما "تفرق" في نفوس الأفراد وتفسيره أن وجوده في السلطة يجعله قادراً على استيفاء صفات الشر والفساد بسبب زوال الرادع الذي يجعل الفرد العادي يخاف من التهمة والحساب إذا اجتمعت فيه هذه الصفات وخوف الفرد العادي يكون من الناس والسلطة القضائية والحاكم لا يخاف منهما ومن المعتاد ان يتصرف الحاكم بوصفه قوة ردع ضد المخالفات القانونية والأخلاقية مما يتيح له الانفراد بالشر والعدوان لكونه آمراً لا مأموراً وتدل التجارب على أن هذه الصفة مرافقة للحاكم العسكري بشكل دائم.

من ينظر في تكوين شخصية "الحاكم العسكري" ويسبر أغوار هذه النفس الآثمة يجد خواء يسده البطش. فقيرة وصغيرة هي نفس "الحاكم" التي تبطش بالأشياء والأحياء بطش الصبيان. فقيرة يا- أبا العلاء المعري- هي تلك النفوس التي لا تُخفف الوطء لأنها لا تدري أن أديم الأرض هي من هذه الأجساد.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من غربل الناس نخلوه
- وهم المصير الحتمي
- الفقر وصمة عار في جبين الرأسمالية
- رسالة مِن إنجلس عن الاشتراكية والمثقَّفين
- القرد أفطس الأنف... رسالة متأخرة إلى تشارلز داروين
- هل أنت مع المثلية الجنسية؟
- الشيخ إمام في حلب
- صديقي فيكتور جارا
- رئيس عربي ورئيس إفرنجي
- في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا
- عبدالعزيز الخيّر
- هل تُعلِّق على جدار غرفتك صورة فيدل كاسترو؟
- نزهة الأنام في محاسن الشام
- المكتوب
- مع الأديب السوري حسيب كيالي في رحلته الجدارية
- هل مازلتَ شيوعياً يا صديقي؟
- تكسير صحون
- حكاية من التراث
- على خُطى ناظم حكمت
- كراكيب فكرية


المزيد.....




- قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا بـ-رد قوي- بعد ضرباتها على ...
- رسم بياني يوضح تفاصيل عملية -مطرقة منتصف الليل-
- بعد الضربات الأمريكية إسرائيل لا تسعى لـ-حرب استنزاف- مع إير ...
- ترامب يؤكد تدمير المواقع النووية الإيرانية ويجتمع مع فريقه ا ...
- مركز أصفهان لمعالجة اليورانيوم منشأة إيرانية تعرضت لقصف إسرا ...
- عاجل.. الجيش الإسرائيلي: عطلنا القدرة التشغيلة لستة مطارات ع ...
- العربدة الصهيو-امبريالية تتصاعد ولا حلّ إلا في أن تواجهها ال ...
- منظومة الامتحانات عنوان لفشل المنظومة التّربويّة
- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - السياسة العرجاء