أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - البرجوازي غير النبيل














المزيد.....

البرجوازي غير النبيل


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6745 - 2020 / 11 / 27 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سخر موليير في ملهاته "البرجوازي النبيل" من بطله المسيو جوردان الذي حين اغتنى فجأة واقترب من الوسط المخملي للنبلاء وعلية القوم والأثرياء، وجلسائهم من المثقفين والفنانين، انبهر من أحاديثهم وذرابة ألسنتهم وسلاسة مصطلحاتهم العصية على قاموسه العامي فاستأجر معلماً أو مؤدباً كي يؤهله ليتحدث بطريقتهم . كان الدرس الأول للمعلم عن الفرق بين الشعر والنثر، حيث شرح لتلميذه أن كل ما ليس شعراً يندرج في باب النثر، فانفجر صاحبنا ضاحكاً في حبور، وسط دهشة المعلم، الذي انتظره حتى يفرغ من ضحكه ليسأله عن السبب، فأجاب "التلميذ" متباهياً بأنه ما كان يعلم أنه طوال كل هذه السنوات كان يتكلم النثر!
استشهد الزعيم السوداني الراحل محمد إبراهيم نُقِدْ بهذه الحكاية في مقدمة أحد كتبه في معرض السخرية ممن يكررون مصطلحات كبيرة من دون أن يفقهوا معناها، ولكن ما يهمنا هنا ليس هذا الأمر، وإنما المقترح الذي تقدم به نُقِد لتعريب عنوان ملهاة موليير، ليكون "محدث النعمة" بدلاً من "البرجوازي النبيل"، فذلك العنوان يعبر عن سلوك من يُكَوِنُون الثروات الكبيرة بسرعة قياسية بطرق غير مشروعة في الأغلب الأعم ويجدون أنفسهم في عداد طبقة لم يتأهلوا بعد للتطبع بسلوكها المتوارث عبر أجيال .
صدرَ الفرنسي بيير بورديو مقالته عن "الرأسمال الرمزي والطبقات الاجتماعية" باقتباس مفاده التالي: "ما يميز الفارس الأصيل عن حديث العهد بالنعمة أن الثاني بخيل، فيما الأول نبيل لأنه يصرف كل ما لديه بكامل الانشراح، فيما هو مثقل بالديون" .
يُسعفنا كل هذا في فهم سلوك شريحة محدثي النعمة التي أفرزتها التحولات الاجتماعية التي شهدتها البلدان العربية في العقود الماضية، الذي لا يختلف عن سلوك المسيو جوردان في ملهاة موليير، أو نظيره في اقتباس بورديو، بما ظهر من هشاشة هذه الشرائح وزيف قيمها، هي الآتية من منابت اجتماعية متواضعة أو حتى وضيعة، يجعلها دخيلة في الانتماء والسلوك والتفكير على الوسط الذي أصبحت تظن نفسها جزءاً منه، وتريد التماهي معه بشتى الطرق .
ورغم تعلقها المبالغ فيه بالمظاهر واقتناء الفلل والسيارات الفاخرة والأجهزة، فإنها تعكس في سلوكها الاجتماعي ما كانت قد نشأت عليه في الأصل قبل أن تشق طريقها إلى النعمة عبر طرق الثراء المشروع حيناً، وغير المشروع في أغلب الأحيان موظفة ما لديها من مهارات الفهلوة، والنصب والشطارة بالمعنى المبتذل .



#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامة موسى علّمني
- أي أوجاع يُوَرث المنفى؟
- بين السياسي والمثقف
- ما بعد الجائحة: مقدّمات عالم قَيدْ التشكّلْ
- لكل صنوبرةٍ غابتها
- المدينة والثقافة.. من يصنع الآخر؟
- يوم الفلسفة أتى من المغرب
- في اليوم الواحد نعيش حياتين
- هشاشة الثقافة المدنية
- تهشيم صورة المثقف
- (أوراق) عبدالله العروي
- تأنيث العالم
- بين عبدالخالق محجوب وسيد قطب
- فُتوّة العقل
- الجدران الغليظة
- ديستوفسكي في مرآة فرويد
- بيرم التونسي .. سيرة الجوع والمنفى
- (الجغرافيا تاريخ ساكن .. التاريخ جغرافيا متحركة)
- الترامبية
- ما يطلبه المستمعون


المزيد.....




- حكم العيسى.. من هو القيادي البارز في -حماس- الذي أعلنت إسرائ ...
- نهائي درامي - إنجلترا تهزم ألمانيا وتتوج بأمم أوروبا تحت 21 ...
- هل تنجح مساع واشنطن لوقف الحرب في السودان ؟
- اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تطال الجنود الإسرائيليي ...
- -مسيرة الفخر- تشعل التوتر مجددا بين المجر والاتحاد الأوروبي ...
- لأول مرة منذ ثلاة عقود، بريطانيا تعيد العمل بالردع النووي ال ...
- كوريا الشمالية تفتتح أكبر منتجع سياحي .. مخصص للسياح الأجان ...
- إيران تشيع جثامين قادة وعلماء نوويين قضوا في الهجوم الإسرائي ...
- هل تعرف كيف تحمي نفسك وعائلتك من لدغة القراد في كل فصول السن ...
- مقتل عدة أطفال من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - البرجوازي غير النبيل