أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - لكل صنوبرةٍ غابتها














المزيد.....

لكل صنوبرةٍ غابتها


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6741 - 2020 / 11 / 23 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


ذات مرة خاطب الكاتب الروسي الشهير ليو تولستوي مواطنه الكاتب أيضاً، ايفان بونين، يوم كان هذا الاخير لما يزل فتى يافعاً مأخوذا بمعلمه: "لا توجد سعادة في الحياة. بل توجد ومضات لها فقط، فثمّنها وعش بها".
استعاد بونين هذا القول حين وضع مؤلفه: "تحرير تولستوي"، ولعله أخذ بالنصيحة، فأدرك أن السعادة المطلقة غاية لا تدرك، لكن علينا الظفر بلحظاتها وعدم التفريط فيها. لم يجد بونين نفسه متسقاً مع الوضع الناشىء في روسيا بعد الثورة البلشفية فآثر مغادرة وطنه. هو الاختيار – الاختبار الصعب في حياة الكاتب حين يجد نفسه محمولاً على الرحيل.
لم يرحل بونين إلى فرنسا التي استقرّ فيها حتى مماته في العام 1953 لينضمّ إلى المعارضة الروسية في الخارج التي كان قوامها مناصرو القيصرية، بل أنه أقام بينه والجالية الروسية في الغرب ما يشبه الحاجز، إنكفأ على نفسه وأدبه، وحين حاولت ألمانيا النازية استدراجه للوقوف ضد روسيا، اتخذ موقفاً قاطعاً بالرفض، فالوطن يبقى الوطن، من العار خيانته، حتى لو اختلفنا معه.
العزلة التي اختارها لنفسه طوعاً في المنفى فاقمت من شعوره المرير بالغربة، ولم يضعف من هذا الشعور نيله لجائزة نوبل للآداب، ليصبح بذلك أول كاتب روسي تذهب إليه الجائزة، وتعبيرا عن مرارة الغربة قال: "لكل صنوبرة غابتها، فأين غابتي أنا". وحين تقدّم به العمر كتب: "ما أكثر ما عانيته، وهاهي الشيخوخة. مرة أخرى: الإملاق والوحدة الفظيعة، فماذا أمامي؟ كآبة خاوية وساكنة، وحدة ويأس".
رغم خلافه معها لم تتنكر روسيا السوفيتية لأدب بونين. طبعت كتبه هناك بملايين النسخ، وترجمت إلى لغات مختلفة بينها العربية، حيث صدرت مجموعته القصصية "الدروب الظليلة" بالعربية في موسكو عام 1978، والبلدان العربية حاضرة في ذاكرة بونين، فالكاتب الشغوف بالسفر والترحال زار مصر ووصل فيها إلى النوبة، كما زار فلسطين وسوريا ولبنان والجزائر وتونس وبلغ أطراف الصحراء المغربية. سحرته الأهرامات الهائلة، أضرحة الفراعنة، أطلال حيفا في فلسطين بجدرانها الضخمة، وأدهشته بعلبك، بقايا معبد الشمس.
في رحلاته إلى الشرق العربي لم تفارقه قصائد شاعره الصوفي المفضل سعدي، ومستلهماً اشعاره كتب يقول: "أنا، كما قال سعدي، سعيت لكي أتعرف على الدنيا و لكي أترك فيها انسكابة من روحي".
في الذكرى ال 150 لميلاد ايفان بونين تحتفي به روسيا بافتتاح متحف له في موطنه مدينة فورونيج، بالقرب من دروب طفولته الظليلة، ليعود، كما أراد، صنوبرة في غابته.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدينة والثقافة.. من يصنع الآخر؟
- يوم الفلسفة أتى من المغرب
- في اليوم الواحد نعيش حياتين
- هشاشة الثقافة المدنية
- تهشيم صورة المثقف
- (أوراق) عبدالله العروي
- تأنيث العالم
- بين عبدالخالق محجوب وسيد قطب
- فُتوّة العقل
- الجدران الغليظة
- ديستوفسكي في مرآة فرويد
- بيرم التونسي .. سيرة الجوع والمنفى
- (الجغرافيا تاريخ ساكن .. التاريخ جغرافيا متحركة)
- الترامبية
- ما يطلبه المستمعون
- مركزية الدولة لا شموليتها
- هل للدماغ هوية؟
- يوم تخلينا عن ابن رشد
- مجيد مرهون ابن البحرين المعدم الذي طافت موسيقاه العالم
- عن أي (ليبرالية) يجري الحديث؟


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - لكل صنوبرةٍ غابتها