أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - المقدس والمدنس














المزيد.....

المقدس والمدنس


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 6740 - 2020 / 11 / 22 - 15:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتبر نهر الغانج من أكثر أنهار العالم تلوثاً . ويحتل الدرجة الثانية العالمية بذلك الامتياز المرعب. وهناك مناطق على ضفتيه تمتد على مساحة 600 كم مربع تعتبر ميتة ايكولوجياً. وذلك بسبب النفايات الكيمائية والعضوية (شبكات الصرف الصحي، شبكات الصرف الصناعي، بقايا حرق 60 ألف جثة سنوياً بالإضافة إلى جثث الأموات من الحيوانات والبشر). إلا أنه نهر مقدس لدى ملايين الهندوس ، يتباركون بمياهه ويعتقدون بامتلاكها خصائص شفائية مذهلة.
إن الحقيقة العلمية تشير إلى أن الاستحمام بمياه نهر الغانج قد يسبب مخاطر صحية كبيرة. لكن من يهتم؟
يعطل التقديس العقل تماماً. فالغانج نهر طاهر ومطهِّر رغم قذارته. وتلاحظ مثل هذه المحاكمات العاطفية الدينية لدى جماعات دينية أخرى. فمنها من تقدس الأحجار أو البيوت، ومنها من تقدس بئراً جوفية، ومنها من تقدس الجبال، ومنها من تقدس الحيوان.
ما يثير الفضول هو هذه النزعة العميقة لدى الإنسان لتقديس كل شيء. فهل هي الرغبة في الحصول على مصدر طاقة نفسية متجدد يساعده على عبور ألغاز الحياة والموت؟ أم هي وسيلة لتحرير الذات من المسؤولية، للحصول على الوصايات والإرشادات والأوامر والنواهي والخطوط الضيقة لمسرب الحياة من ذلك المقدس؟
والمثير للانتباه هو أن التقديس البدائي كان مرتبطاً بمفهوم المقدس الديني المتعالي السامي ، ثم تحول عبر العصور ليصبح تقديساً أرضياً للإنسان ذاته . وهذا تحول غريب وغير مفهوم أيضاً ، فكيف يقدس الإنسان (المدنّس) إنساناً (مدنّساَ) آخر؟
ربما تحولت بعض الأحزاب السياسية، وبعض الحركات البيئية كالنباتية، أو الثقافية كالتواصل الاجتماعي إلى ديانات جديدة. مثلها مثل أندية كرة القدم القوية التي تخرج بين الحين والآخر لجماهيرها نبياً (نجماً كروياً ) لعبادته.
وإذا صح ذلك، فكيف يمكن تفسير عبادة العديد من الشعوب لالهٍ واحدٍ، بالإضافة إلى عبادة (وكلاء ) هذا الإله على الأرض فتجتمع التوحيدية مع الوثنية في علاقة غريبة.
وهل لذلك علاقة ما بغياب العقل النقدي ؟ وكيف تستقيم هذه الفرضية مع واقع نمو السلطة العلمية التي هي في جوهرها تدنيس المقدس، واعتباره شكّاً يجب مناقشته قبل احترامه وقبوله. وهذا بالطبع يشمل تاريخ المعرفة البشرية بالكامل.
ربما يكون المدخل لفهم هذا، هو العلاقة الطردية بين انتشار التقديس وانتشار التدنيس. فكلما ازداد الفساد والظلم والجوع والفقر، ازداد عدد المقدسات التي تعطي تبرير ذلك. فيتم انكار المسؤولية الفردية ، لتصبح إرادة المقدس نفسه، وهذه لا راد لها!
وهذه بالضبط روح الثقافة الاستهلاكية المعاصرة والتي تصنع الجوع لتتاجر بتي شيرت عليه شعار مقدس : أوقفوا الجوع أو أوقفو الحرب أو ما شابه..
يا لبؤس الكاتب العربي إذاً !
كيف ينتج نصه الجديد، وهو فوق نطعين، الأول هو المقدسات القديمة والتي تحكم بوصاية الأموات المرعبة على الأحياء في كل شيء. والثاني هو الثقافة الاستهلاكية التي تجبره على بيع منتجه الأدبي وفق شروط السوق، وليس وفق شروط الإبداع ذاته.



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ الساذج
- سوق القصاصين
- كود لغوي
- السياق والخلاصة
- قصة تنبؤية
- ماري ومالك
- الصابون
- الكلمة
- من منكم؟
- صيّاد الشعراء
- الشيخ ترامب
- ريح موت
- ورق التوت
- من كتاب الحيوان
- مقامات


المزيد.....




- سلي أطفالك في الحر.. طريقة تحديث تردد قناة طيور الجنة 2025 T ...
- صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
- نبوءة حزقيال وحرب إيران وتمهيد الخلاص المسيحاني لإسرائيل
- الجهاد الاسلامي: الإدارة الأميركية الراعي الرسمي لـ-إرهاب ال ...
- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...
- حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود ...
- عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا ...
- تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا ...
- مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - المقدس والمدنس