أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - المرثية العاشرة – راينر ماريا ريلكه















المزيد.....

المرثية العاشرة – راينر ماريا ريلكه


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1610 - 2006 / 7 / 13 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


المرثيـة العاشرة – راينر ماريا ريلكه
( من مراثي دوينو العشر )

دعني يوماً ما، بعد انقشاع الرؤية المُـرعبة،
أنْ أغنّيَ مُبتهجاً وممجِّداً الملائكةَ المُستَجيـبـين.
ألاّ تُخفِقَ أيّ ٌمن ضرباتِ مطارق قلبي الجَّـلِـيَّـة
في نغمتها عند أوتاري الواهنة، الشاكّة أو المُمزّقة.
دع وجهيَ المُنسابَ يجعلني أكثَـرَ لمعـاناً;
ليُزهِـرَ بُكائي غيرُ المَرئيّ. أه كمْ ستصبحين إذاً غاليةً
لديَّ، يا ليالي العذاب. لِمَ لمْ أنحَـنِ لَكُنَّ أكثَـرَ ركوعاً
أيـّتها الأخوات غيرُ المواسياتِ، لمَ لمْ أتحمّـلْ تشتّتَ
ذاتي فـي شَعرِكُـنَّ المُسترسل.
نحن مُبَذِّرون آلامَنـا. كم ننظر إلى ما وراءها قُدُماً، في
الزّمن الحزين، فيما لو أنّها تنتهي. ولكنّها
ليست سوى أوراقِ شتائنا الحقّة، معنى حياتنـا
الأخضرِ الدّاكنِ ، واحدةٍ من فصول سَنـتِـنـا السِّريّة-،
ليست فقط زمناً-، هي أماكن، استيطان، ملجأ، أرض، مأوى.

ولكنْ وا أسفاه كم هي غريبة حقّاً شوارع مدينة الألم،
حيث في السّكون الكاذب المصنوع من صخب يُخمد صخباً،
يختال المصبوب من عَفَنِ الفراغ قويّاً: الصّخب المُخادع،
النُّصبُ المتفجِّرُ. آه، كيف سَـيَـطأ مَـلَـكٌ من دون أثرٍ
سوقَ مواساتِهمْ، الذي يحُدّ الكنيسةَ التي اشتروها جاهزةً:
نظيفةً ومُغلقةً ومُخيِّبةً مثلَ دائرة بريد في يوم الأحد.
ولكنْ خارجَها تَموَّرُ حافّـاتُ المهرجان.
أراجيحُ الحرّية! غوّاصو وبهلوانات الطّموح.
وردهة الرِّماية المُصَمَّمة للحظّ الأخّاذ حيثُ تهتزّ الأهداف
وترنّ الصفيحةُ عندما يُصيب رامٍ. من استحسان إلى
حظّ يتمايلُ أكثرَ; بينما أكشاك كلِّ فضوليّ تتودّد تطبيلاً
وصراخاً. ولكنْ للبالغين وحدهم يوجد شيء خاصّ ليَروْه،
كيف يتزايد المال تلقائيّاً، ليس للاستمتاع فقط: جزء المال
التناسليّ، كلّ شيء، العمليّة كلها-، تُعلّمُ وتَصنعُ التّخصيبَ....
آه، ولكن ما وراءها خارجاً،
خلف اللوحة الأخيرة، التي أُلصِقَتْ مع لافتات " الخلود "، تلك
الجعّة المُرّة التي تبرز حلوةَ المذاق للشّاربين، ما داموا مستمرّين
على عَـلْـكِ شرود الذِّهن الطَّريِّ..... ، تماماً في
ظهر اللوحة، تماماً وراءها، يكون عالَم حقيقي.
أطفال يلعبون، وعشّاق يمسك أحدهم بالآخر،- جانباً، بجدّ،
على عشب قليل، وكِلابٌ لها طبيعتها.
يذهب الشابّ أبعدَ من هذا، ربما يُحبّ معاناةً
فَـتـيّـةً.... يتبعها إلى الحقل. تقول: - بعيداً.
نسكن هناك خارجاً....
أين؟ والفتى يتبعها. يُثـيره تَوقّـفُـها. ذراعاها، رقبتها-،
ربَّما هي من أصل نبيل. ولكنْ يَـدَعُـها تذهبُ، يعود
راجعاً، ينظر حَوالَيه، يلوِّح ... ما الفائدة؟ إنّها معاناة.

وحدَهم الذين ماتوا وهمْ صبيان، الذين هم في لحظاتهم الأولى
من هدوءٍ سرمديّ، بعد الفطام، يتبعونها بتحبّب. الصَّبـايا
تنتظرُهنّ وتصادقهنَّ. وبلطف تريهنَّ ما عليها من لَبوس:
لآلئَ من مكابَدةٍ وحجاباً رقيقاً من الصَّـبر.- مع الصّبيان
تسير صامتةً.

ولكنْ هناك، حيث يسكنون، في الوادي، تُجيب واحدة من
المكابَداتِ المُعَمِّرة الصَّبيَّ عندما يسأل:- " كنّـا عشيرةً كبيرةً
يوماً ما، نحن المكابَداتِ. آباؤنا القُدامى أداروا المناجمَ هناك في الطّودِ
الشّامخ; أحياناً تجدُ قطعةً مسحونةً من ألم مُتقادمٍ بين البشر،
أو حثالةً من غضب مُتَحجِّر من بركان قديم. نعم، جاء
من هناك، لقد كنّـا أثرياءَ في أحد الأيام.-"
وتقوده بلطف خلال الأرض الواسعة للمكابَدات، تُريه
أعمدةَ المعابد، أو خرائبَ تلك القلاع، حيث حكم أمراء
المكابَدة الأرضَ بكياسة يوماً ما. تُريه أشجار الدّموع العالية
وحقولَ الحزن المُزهِر، ( يعرفها الأحياء كأوراق ناعمة فقط )،
تُريه حيواناتِ المواساة ترعى،- وأحياناً يأخذ طيرٌ مُرتَعبٌ
في الطيران بانخفاض على مدى أنظارها، مُخربشاً على
المدار صورةَ صيحتِه الانعزالية.-
مساءً تقوده بعيداً إلى قبور القدماء من عشيرة المكابدة، السّادة
العرّافين والكُهّـان.
ولكنَّ الليلَ يقترب فيمشيان في سكونٍ أكثرَ، وحالاً يبرز القبرُ
الذي يراقب كلَّ شيء، لمّاعاً كضوء القمر. وأخٌ لذلك الموجود
على النيل، الهرم المَهول- وجه المخدع الصّامت.
ويندهشان من الرأس المُتَوَّج، الذي وضع الوجهَ البشريَّ بصمتٍ
على ميزان النّجـوم إلى الأبد.

نَظْـرَتُـه، مذهولةً بالموت المُبكِّر، لا تقدر أن تُمسِكَ به
ولكنَّ نظرتَها أفزَعَتْ بومةً من وراء حافة التّـاج.
وهي، مُخطّطة بلطخة خفيفة بطيئة على طول الخدَّ،
ذلك المُدوِّر الكامل، تخطّ بطراوة في
السَّمع الجديد للميِّت، كما لو على صفحتين متقابلتين
من كتاب مفتوح،
موجَزاً لا يوصف.

وعالياً، النجوم، جديدة. نجوم أرض المُكابَدة.
المُكابَدة تسمّيهم ببطء: - هنا،
أنظر: الفارس، العصا وهذا البرج الكامل يسمّى:
إكليل الفاكهة. ثمَّ، بعيداً نحو القطب: مهد; طريق;
الكتاب المحترق، دمية، نافذة.
ولكنْ في السّماء الجّنوبية، نقيةٌ مثلُ راحةِ اليد المُقَدَّسةِ،
المُشعِّة الواضحة(M) التي تعني Mütter ( أمّهات)... –

ولكنَّ الميِّتَ يجب أنْ يمضيَ قُدُماً، والمُكابَدة القديمة
تأخذه، بصمتٍ، إلى الوادي الظَّليل،
حيث يلمع في ضوء القمر: نبع الابتهاج.
بتبجيلٍ تُسمّيه، تقول:- بين البشر هو نهر جبّار -
يقفان عند سفح الجّبل.
وهنا تطوِّقه بذراعيها، باكيـةً.

يتسلّق وحده جبلَ الألم القديم.
لا مرّةً تدقّ خطوته من المصير عديم النَّغم.

ولكنْ لو أيقظ الموتى إلى الأبد شبيهاً لنا،
أنظر، لربّما أشاروا إلى القطط الصّغيرة المعلّقةً على
أغصان شجيرات البُندُق العارية، أو عَـنَـوْا المطرَ المتساقطَ
على الأرض المُعتمة في بداية الربيع.-

ونحن، الذين يفكّرون في الحظّ المُتصاعد،
سنُحسّ بالانفعال،
الذي يكاد يُذهلنا،
عندما يسقط علينا ما يُسعِدنا.



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرثية الأولى– راينر ماريا ريلكه -
- ملحمة بوسطن 1854 – للشاعر الأمريكي والت ويتمان
- رباعيات - بهجت عباس
- عهد جديد - للشاعر الإنجليزي ه . دبليو أودن - ترجمة بهجت عباس
- أوه يا قُبطانُ! يا قُبطاني - والت ويتمان - ترجمة بهجت عباس
- سُونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
- لا جدوى! غرور الغرور! - يوهان فولفغانغ غوته
- قصيدتان
- شاعر وناشر
- داء النرجسيّة وهل للعرب حصة الأسد منه؟
- لُغزِ سرطان البروستات المعقد، هل يحلّه الجين المُكتشف حديثاً ...
- عندما يترجم بعض العرب شعراً ألمانياً
- يلتهم جرثومة القرحة ويحصل على جائزة نوبل
- تعليق لم ينشره قسم الصحة في إيلاف
- السيد الدفّاف
- تساؤلات - Fragen
- للجميع للشاعرة الألمانية لويزه أ ُُتو- بيترز
- للنساء – الشاعرة الألمانية لويزه أستون
- دِيـُوتـيـمـا Diotima – فريدريش هولدرلين
- هل الميتاكوندريا التي تورث من الأم فقط هي سبب شيخوخة الإنسان ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - المرثية العاشرة – راينر ماريا ريلكه