إساءات شيطانية

زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)

الحوار المتمدن-العدد: 6726 - 2020 / 11 / 7 - 02:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في عام 1988 نشر سلمان رشدي رواية “ آيات شيطانية “ وهي رواية خيالية عن تجارب المهاجرين الاسيويين في الغرب/ انجلترا، وتجري بعض الحوادث فيها في الجزيرة العربية عند ظهور الاسلام حيث يُحكى في احد فصولها عن ماهوند وهو الاسم الذي كان الاوروبيون يدعون به النبي محمد في القرون الوسطى ، وعن مدينة الجاهلية ويعني بها الكاتب مكة حيث يوجد دار للدعارة فيها 12عاهرة اسمائهن مطابقة لاسماء زوجات الرسول ، وتتطرق ايضا الى رواية الغرانيق التي ذكرها بعض المؤرخين والمفسرين المسلمين حول نزول اية النجم .

اثار صدور الرواية ضجة كبيرة في العالم الاسلامي حيث اعتبرت اساءة للاسلام وللنبي محمد وتم احراق نسخ كثيرة منها واصدر آية الله الخميني عام 1989 فتوى باهدار دم سلمان رشدي واي مترجم لروايته ، وفي الغرب دافع الكثير عن الكاتب باعتباره حرا في االتعبير عن رايه بينما رأى القليل انه يجرح مشاعر الآخرين بإساءته للاديان . جدد احمد خاتمي /مع انه يعتبر رجل دين معتدل/ في عام 2007 فتوى الخميني ذاكرا بان لا يمكن نقض هذه الفتوى . وفي نفس العام جرت محاولة لاغتيال الكاتب من قبل عنصر من حزب الله .
كان سلمان رشدي كاتبا معروفا وحائزا على عدة جوائز ادبية ، لكنه اصبج بعد ردة فعل العالم الاسلامي تجاه روايته شخصا مشهورا جدا في العالم ، ليس فقط كاديب وانما كشخصية عامة ، كما منحته ملكة انجلترا لقب فارس .

في عام 2006 نشرت مجلة دنمركية رسوما كاريكاتورية تمثل النبي محمد وتبعتها بعض الصحف الاوروبية ومنها” اسبوعية شارلي “ الفرنسية . اثارت هذه الرسرم ردرد فعل اسلامية غاضبة رسمية واكثر شعبية منها العنيفة ، وخرجت مظاهرات في الكثير من البلدان الاسلامية منددة بنشر الرسوم . وفي عام 2011 تم حرق مقر صحيفة “اسبوعية شارلي” في باريس من قبل متطرفين اسلاميين ، وفي عام 2015 تم الهجوم على مقرها في باريس وقتل 15 شخص الامر الذي اغضب الكثيرين في العالم وخرجت مسيرة مليونية في باريس لمناصرة الصحيفة ولحرية الرأي والتعبير تصدرها العديد من قادة العالم ، ومنهم / للمفارقة / قادة من العالم العربي تكاد تكون حرية الرأي والتعبير في بلادهم معدومة .
جدير بالذكر ان “ اسبوعية شارلي “ بالكاد كانت تغطي مصاريفها لضعف التوزيع لكنها بعد الاحتجاجات عليها اصبحت من الصحف الشهيرة حتى ان بعض اعدادها القديمة بيعت بالمزاد العلني .

في شهر اكتوبر من هذا العام قام مدرس فرنسي باطلاع تلاميذه على الرسوم المذكورة كمثال على حرية التعبير فقام اسلامي بقطع راسه مناديا “ الله اكبر “ حتى حين معالجته من جروحه من جراء اطلاق الشرطة النار علي عند محارلة القبض عليه ، ومن قبل ذلك وبعده كان الرئيس الفرنسي قد انتقد الاسلام بشدة فثارت من جديد ردود فعل شعبية اسلامية غاضبة ، تلاها مطالبات بمقاطعة البضائع الفرنسية وظهور شعار “ إلا رسول الله “.

ان بضائع كثيرة جدا تنتجها شركات فرنسية واوروبية وامريكية تدعم اسرائيل ، واسرائيل كانت ولا زالت تنتهك المقدسات الاسلامية ، اليس من الواجب ان يتم دائما مقاطعة هذه الشركات ؟ كما ان شعار “ إلا رسول الله “ يعني الاستسلام لما يقوم به الغرب خاصة امريكا من قتل وتدمير واستباحة في العالم العربي والاسلامي شريطة عدم المساس برسول الله !

مع انه ليس مقبولا الاساءة الى الدين الاسلامي واي دين آخر احتراما لمشاعر اتباعه ، الا ان ذلك لا يعني عدم انتقاده موضوعيا ، ومن جهة اخرى اي استهزاء للدين من اي كان لا يؤثر كثيرا لا على الدين ولا على اتباعه . وفي الغرب يتم نقد والاستهزاء بالمسيحية واليهودية بدون ان يثور احد . ( هنا من المهم ملاحظة ان اي اشارة صغيرة سياسية لليهودية ستكون غير مقبولة من قبل الصهاينة ومن الجهات الرسمية الذين سيعتبروها عنصرية وموجهة ضد السامية ) .


كان يجب تجاهل رواية سلمان رشدي وتجاهل رسوم النبي محمد فهي لن تؤثر في النبي الذي توفي منذ زمن بعيد ولن تؤثر في سمعته في العالم الاسلامي . الصحيح انه يوجد في في تفاسير القرآن وفي الاحاديث النبوية والكثير منها في صحيح البخاري الذي اصبح عند الكثير مقدسا مايسيء الى النبي والاسلام اكثر بكثير من احاديث شيطانية ورسوم كاريكاتورية وغيرها . إن كل الاساءات اللفظية والكتابية وباي شكل تعبيري آخر بالاضافة الى حرق نسخ القرآن وماشابه من اعمال لا تؤثر على الاسلام او المسلمين ، إن ماىؤثر هو الاعمال الإرهابية التي يقوم بها المسلمون بصورة بشعة وفي احيان كثيرة تجاه ابرياء ليس لهم علاقة بالدين والسياسة .

#زياد_ملكوش (هاشتاغ)       Ziyad_Malkosh#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل