أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - محمد كشكار - حوارٌ حولَ عقوبةِ الإعدامِ، حوارٌ دارَ داخلَ مواطنِ العالَمِ!















المزيد.....

حوارٌ حولَ عقوبةِ الإعدامِ، حوارٌ دارَ داخلَ مواطنِ العالَمِ!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 10:56
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


مقدمة: موقفٌ لا يُلزِمُ أحداً غيري وليست لي نيّةُ إقناعُ أحدٍ.
عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، أنا لستُ داعيةً، لا فكريّاً ولا سياسيّاً ولا دينيّاً. أعرضُ عليكم وجهةَ نظري المتواضعةَ والمختلفةَ عن السائدِ، إذا تبنيتُموها أكون سعيداً جدّاً وإذا نقدتُموها أكونُ أسعدَ لأنكم ستُثرُونها بإضافة ما عجزتُ أنا عن إدراكِه، وإذا عارضتُموها فيشرّفني أن يصبحَ لفكرتي معارضونَ. أما البديلُ فيُصنعُ بيني وبينكم، البديلُ لا يُهدَى ولا يُستورَدُ ولا يَنزِلُ من السماءِ (قال تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"). واهِمٌ أو غيرُ ديمقراطيٍّ من يتصورُ أنه يملكُ البديلَ جاهزاً.

كغير مختص في القانون والفقه والفلسفة، أعرضُ عليكم حُجَجِي التاليةِ، وإذا لم تعجبكم ارموها في البحرِ:
1. موقفي الديني كعربيٍّ مسلمٍ:
القرآن الكريم، خيرُ ما أبدأ به أطروحتي المقتضبة: منهجيّاً وليس انتقائيّاً، سأكتفي في هذا المختصَر بنهايات السوَرِ المتعلقة بعقوبةِ الإعدامِ: قال تعالى في سورة البقرة: ".. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ" (178)، في سورة النساء: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (17) (...) وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (25)، في سورة المائدة: "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (34) (...) "فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (45).
كلام الله، هو الذي ألهمني ولا ملهمَ لي غيرَه، ألهمني أن لا أحتفظ في مخي الصغير إلا بِصِفتين من صفاتِه وهما الغفرانُ والرحمةُ في تطبيق أحكامه سبحانه المتعلقة بعقوبةِ الإعدامِ... ومَن اجتهدَ ولم يُصِبْ فله أجرٌ واحدٌ!

2. موقفي العَلماني كيساريٍّ طوباوِيٍّ غير ماركسِيٍّ:
هو ليس موقفًا ذاتيًّا لأنني وككل بشرٍ سويٍّ عاقلٍ عندِيَ رغبةٌ غريزيةٌ في الانتقام الشخصي، ودرجة الأنسنة تُقاسُ حسب رأيي بمدى تحكُّمنا في غرائزنا الحيوانية والابتعاد عنها بفضلِ التعلّمِ والتثقُّفِ والتحضُّرِ. من حسن حظنا أن المشرّعَان، الديني والعَلماني، الاثنان أوكلا للقضاءِ مهمة تسليط عقوبةِ الإعدامِ، والقضاءُ -خِلافًا للفرد المعزولِ- متعالٍ على الرغبةِ الغريزيةِ في الانتقامِ. أضِفْ إلى هذه الحجة السابقة حجة إمكانية وقوع القاضي في الخطأ القانوني، وإن وقعَ فهو خطأ لا يمكنُ إصلاحَه.

في الفقرة الموالية سأستعين برأي أبِي النضالِ ضد عقوبة الإعدام، الكاتب الفرنسي العظيم فيكتور هوڤ---و، قال في هذه المسألةِ ما يلي:
- طالبَ بالعفو لعديد المحكومين في عصره ونالَه في فرنسا والخارج. سنة 1879، وكعضو مجلس شيوخ اقترح سَنَّ قانون العفو التشريعي العام لفائدة ثوّار "كومونة باريس"، صُودِقَ عليه سنة 1888.
- ساهم بكتاباته في صدور قانون إلغاء عقوبة الإعدام في البرتغال سنة 1867.
- المِقصلة (L`échafaud, la potence, le gibet ou la guillotine)، اسمها وحده يَفْجَعُ ويُفزِع ويُرهِبُ. المِقصلة، هي الشجرة الوحيدة التي لم يقتلعها رجال الثورة الفرنسية (1789). رجاءً، اقتلعوها أيها الحُكّام الحاليون، على الأقل بعامل الأنانية لو لم يتوفّر لديكم عامل الإنسانية، اقتلعوها عاجلاً وإلا اقتلعت رقابَكم قبل رِقابِنا نحن المحكومين، فأنتم قد تكونون أقرب وأوّل ضحاياها.
- حَدَثُ نصبِ المشانق من قِبل روبيس بيير إبان الثورة الفرنسية (1789)، حَدَثٌ رهيبٌ فظيعٌ مرعِبٌ مريعٌ، حَدَثٌ يدلّل على أن عصرَ الأنوارِ (القرن الثامن عشر) لم ينتصر بعدُ على عصورِ الظلُماتِ: لا وجود لتقدُّمٍ حقيقيٍّ ولا لإنسانيّةٍ حرّةٍ ما لم يتخل المجتمعٍ نهائيّاً على عقوبة الإعدام، أي على الجريمة القضائية البغيضة، أي على الانتقام المجتمعي المنتصِبِ للفُرْجَةِ القبيحةِ بحضور غوغاء متعطِّشة ومبهورة بِسفك الدماء وصَلبِ فردٍ من أفرادِها.
- ما هي حُجَجُ الذين يقفون ضد إلغاء عقوبة الإعدام وما هي الردود عليها:
حجة 1: ضرورة إبعاد المجرم عن المجتمع لأنه أساء للمجتمع مرّة وقد يُعيد الكرّة مرّة أو مرّات أخرى.
ردّ 1: إذا كان هذا هو المشكل فلا حاجة لنا لجلاّد حيث سجّان يكفي.
حجة 2: يجب على المجتمع أن ينتقم ويعاقب.
ردّ 2: لا هذا ولا ذاك فالانتقام لا يكون إلا فرديًّا، أما سَلبُ الحياة فمن اختصاص واهب الحياة وحده لا شريك له. بقي هذا "المجتمع" إذن في منزلة بين المنزلتين، العفو فوقه والانتقام تحته.
حجة 3 والأخيرة: يجب إعطاء الشعب مثالاً للعِبرة.
ردّ 3: العبرة من تنفيذ عقوبة الإعدام مشكوك فيها وتخويف المنحرفين مشكوك فيه أيضاً، لكن العكس صحيح، الإعدام يُحبط الشعب ويقتل فيه العواطف النبيلة.

خاتمة: أنا أقف مبدئيّاً وفكريّاً ضد عقوبةِ الإعدامِ مهما كان هول الجريمة ومهما كان المستوى الاجتماعي للمجرم، وضميري مرتاح ولا أرى نفسي مخالفاً للقِيم الإنسانية ولا للتعاليم الإلهية، فيما عدى ذلك فالله غفور رحيم.
أنهِي مرافعتي ببيتٍ من قصيدة البردة للإمام البصيري:
يا نفسُ لا تَقْنَطِي من زَلّةٍ عَظُمَتْ ... إن الكبائرَ في الغفرانِ كاللَّمَمِ (صغائر الذنوب).

Source d’inspiration: Le dernier jour d`un condamné, Victor Hugo, É---d. Gallimard, 2000, Paris, 279 pages

ملاحظة: المؤسِفُ والمُخزِي لي كمثقفٍ عربيٍّ عمره 66، أنني لم أقرأ هذا الكتاب القيّم إلا اليوم (2018)، وهو متوفّرٌ في المكتبات قبل ولادتي بِقرنٍ ونَيفٍ (صدرَ لأوّلِ مرّةٍ سنة 1829).

إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"أحَبَّ، أي فَعَلَ" (Aimer, c`est agir)، آخر سطر كتبه فيكتور هوڤ---و ثلاثة أيام قبل وفاته يوم 22 ماي 1885.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة تعريفات مقتضبة لثلاثة مفاهيم معقدة: اللائكية والدين وا ...
- العَلمانيون العرب المستقلون مضطهَدون من قِبل الغربِ والعربِ
- استوردنا من فرنسا أسوأ ما فيها، وأهملنا أهم ما فيها؟
- يبدو أن جل المدوّنين الفيسبوكيين (لا أستثني نفسي طبعاً)، قد ...
- مقتطفاتٌ مُختارةٌ من كتابٍ مختارٍ
- ملاحظات في محلّها حول فعل -تَرْجَمَ-؟
- مسرحية محاكمة الرب والفرد والمجتمع بتهمة الفساد في الأرض
- مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم لكن لي ...
- تلميذُ السنة أولى ابتدائي مخاطِبًا معلّمَه: -إرثي الجيني وحد ...
- مَن هُمُ المحتالونَ في مجتمعِ الحداثةِ مَصنعِ المحتالينَ؟
- عشرةُ مبادئَ ساميةٌ، لو كنتُ ماركسيًّا ملحِدًا وأردتُ تأسيسَ ...
- ما أحلى الرجوع إلى مدرّجات الجامعة بعد الأربعين؟
- يساريان منفردان في مقهى يتناقشان حول العرب والإسلام
- معالِمٌ فلسفيةٌ على الطريق
- فلاسفة أوروبيون غير مسلمين قالوا كلاماً موضوعيّاً في الإسلام ...
- قصة -الطالب- الذي أبرَمَ صفقةً مع الشيطانْ؟
- انطلاقاً من تجربتي الخاصة، ما الفرق بين ما يُنشر باللغة العر ...
- للتأمُّلِ: بطاقة تعريفي الوطنيّة، هل تُعرِّفُ بي كذاتٍ أو كف ...
- أين نحنُ في تونس مِن حديثِ رسولِنا الكريمِ صلى الله عليه وسل ...
- كل ما في الحياة غير ثابتٍ وغير متوازنٍ وغير مستقرٍّ، فمن الع ...


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - محمد كشكار - حوارٌ حولَ عقوبةِ الإعدامِ، حوارٌ دارَ داخلَ مواطنِ العالَمِ!