أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض رمزي - حول الطقوس















المزيد.....

حول الطقوس


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 10 / 31 - 03:36
المحور: كتابات ساخرة
    


من رمزيات رياض رمزي
" يستطيع الرب أن يحصل على جواب من حائط صخري، لكن العقل الإنساني أثخن... وأشد صلابة من جدار فولاذي". هنري ميلر. شيطان في الجنة.
الشعوب المتخلفة محكومة بعواطفها، المتحضّرة تحكمها عقولها.
عن الحرب. كارل فون كلاوزتز


شاهدت قبل أسابيع مقابلة مع معمّم فصيح وهو السيد أياد جمال الدين مع شخص كان مسؤولا في حكومة الدعوة, السيد أياد جمال الدين جعلني أهتدي إلى نص سأكتبه الآن, فيما يخص الشخص الآخر وهو فضح حكما شارك فيه بأعلى منصب فهو يدكّرتي بأغنياء روسيا القيصرية، أمريكا اللاتينية وأفريقيا وهو يستمعون لصفارة القطار الأخيرة خائفيت ألا يسعفهم الوقت والمكان للدخول فيه. إن كان هؤلاء هم ممثلو دين الله فأي ثمن يتوجب دفعه لإقناع الخالق بطردهم نهائيا. أم من شارك فعلا في قيادة البلاد بعد 2003 فسيرجون الخالق قائلين ترفق بنا ولا تقم بتقريعنا علنا أمام شعب كلهم صاروا من أعدائنا. فأنت تقص أجنحة من كنتَ ركيزتهم في الحكم.
فيما يخص الشطر الثاني أقول ما يلي: الحياة أوسع من سردية تجعل سامعها وقارئها ومن شارك فيها كل عام يؤمن أنها الحياة بكل وسعها وتنوعها. معركة الطف مشهدٌ مؤلم نجعل الفؤاد موجوعا. لكن هل علينا أن نقضي عمرنا نترنم بها ونحن نشاهد أن من غناها وأجاد إخراجها سيحصل منها على مقابل باهظ؟. وهل سنرهن العمر للتغني بها؟. أحاول الإجابة على هذين السؤالين واضعا يدي على معلومات قد تنطوي على خطورة وقد تقلب مزاج من لا يود سماعها. من لا يود لينصرف ولتكن ليلته سعيدة. ما أقوله ثمرة معرفة مزعجة لم تكن مصدر نفع لي ولم تشع السرور في أرجائي وأنا أصوّب اصبع عقلي نحوها. المشكلة أنها معرفة لم تأت عن ألهام بل دفعتني إليها قراءات لوّثتني فبلغ بي الأمر أن ألوث أحدا ما بها. أرجو أن لا تلقى تقبلا من أحد فقد أكون مخطئا. هناك حكاية مؤكّدة ترد عن واعظ صوته عذب ورخيم قادرٌ على إبكاء من يحضر مجلسه. عندما يسمع نحيب الحضور يرق لحالهم. عندما تثقل عليه سماع شهيق البكاء ويرى الجموع منخرطة في النواح يستدرك قائلا" هناك فرصة لعدم صحة كل ما قلت. لا شيء يجزم بصحة كلامي". عندما سئل عن سبب قوله أجاب" حين تبكي وتنوح على حدث وعندما تهبط عليك حلكة الليل ستنام متأبطا التي بكيت عليها مطوّلا، ستنام القصة معك وستتكيف حياتك متخذة شكل ما سمعته وبكيت عليه، سوف تنازع كل سردية لأخرى وتطردها وسيكون عقلك محتلا بها فبلا تعود تقوى على السماح لاسهامات أخرى. ستنتصر حقيقة واحدة لا تنازعها حقائق أخرى: الحياة صراع بين جند يزيد وجند أهل البيت. كل عام ينتصر يزيد ويذبح الحسين وأهل بيته. سيعيش الفقير المعدم في رحاب تلك السردية التي سيدين لها بالولاء طوال عمره. حلٌ غير وارد أن يكون هناك مصير غير مصير سيّد العائلة الذي يحظى الآن في أبهى مكان من الفردوس أين اقتطعت سماء كاملة لربعه وجماعته.
تداخلني الرعدة عندما أعرف أن الفقير أكثر تشددا لهذه السردية، وأن أبا معراج وحزبه مثلا وأولاد السيد وأصهاره من يخزنون المليارات من نفس تلك السردية التي كسر فيها عمر ضلع ابنة النبي، ضلع أغتنى منه ذلك السيد وابنه وأصهاره فكان مصدر نفع لهم شقاق لأمة الإسلام ومليارات لمن سيصرأموره بمعزل عن مبادئ الحسين. وفوق كل ذلك سيجلب الضلع شعرة مدوية للطوسي والمجلسي... لن يكون هناك لا وعي ولا عقل، أين المتنبي، أين سماع الموسيقى التي تسعد بسماعها الأرواح، وماذا عن الثقوب السوداء والصراع الطبقي... غير مكترثين بمحن بلادنا لأن السادة قالوا لنا " هذا كلام أئمتنا ومن نقتدي بهم، ولا تقل شيئا عن تقدم الأمم الأخرى حتى وإن أخذت منّا زمنا". هل يصح نحن الأبناء الكبار أن نخذل أهلنا وأهل الدارليلحق بنا عقابهم. هم عاشوا في ظرف عصيب وتحملوا الموت عطشا في قيظ الصحراء ونحن نشرب ماء مبرّدا ونخشى ضربة الشمس. كل ذلك يُجوّد بإيقاع ورنين شعريين. حيلة ماكرة تحعلنا نفحص مادة أحزاننا وبلوانا وتوجيهها نحو جند يزيد، فمعركتنا وطفنا هناك أين علينا أن نسمع أصواتا تتعالى منذ ما يزيد على ألف عام. بدلا من قراءة العلوم علينا شراء كتاب كيف نحبب احترام المرجعية الرشيدة لأبنائنا. أعمتنا المعركة الأولى عن رؤية واحدة أشد نكالا هن على الأرض حيث نزع الأخضر لباسه وارتدى الأحمر. افقدنا وهج المعركة واستعراضاتها وصخب الدفوف وضجيج مكبرات الصوت . هناك معركة طف واحدة رسمتها لنا المرجعية والموامنة. هل يستوي قول وجود واحدة أخرى؟. هل تجود علينا المعارك الأخرى بخمس وأخماس تتحول إلى ثراء وسبائك نفيسة ومصادر تسلية ويخت حتى وإن طل فارغا فلن يسكنه الشيطان لأنه ملك للسيد وزوج أبنته جلّت قدرتهما. لأن اللعنات ستنهال على يزيد الأمس أما يزيد اليوم وأولاده ووكلائه فليحمهم وليحرسهم خُداهم. هكذا بالظبط نحن نعيش في ذلك الزمن الذي باغتنا فيه عُمر وكسر ضلع الزهرة وهي حادثة أبطلت وجود زمن حاضر. ياعمر لك الويل حياتنا منذورة كمجندين نتلقى أيعازا بالسير ألف عام إلى الوراء. نحن جيش مغاوير مرصودون لتلك اللحظة. ثأر ضلع واحد لم تبله السنين.
درس بريخت الغربة عن العالم المعيش في مسرحياته التي كانت تناضل ضد التغريب. يتلخص مسرح بريخت منع الاندماج بأحداث المسرحية بكسر جدار الوهم، كي يتحول المشاهد إلى مراقب لأحداث المسرحية كي يحكم على ما يشاهد. المشاهد المشبوك وعيه بدبوس بملبس الممثلين التاريخية سيتحول إلى مواطن في نلك المرحلة يعيش أجوائها وحياتها بالفكر والسلوك. أي أن تلاحمه مع حدث بعيد سينسج فيه علاقات تبعية للمتبوع، يتيه رشاده فيهب عقله طواعية لتلك المرحلة التاريخية.
مسرح الوهم يتركز في الإخراج المتقن الذي يجعل من المستحيل على كل نفسٍ موجوعة أن تفلت من شراك حبكة تلك القتلة الآثمة التي تبقي الغيظ مستعرا في النفوس، ليس في فترة عاشوراء فحسب، بل حتى في الفترة بين محرّمين، حيث يطيل العقل مقامه بين تفاصيلها متحولا إلى ما يشبه أرضا لا تنبت غير محصول واحد. عندما يلتقي حامل عقل كهذا بشخص آخر، فهو يبحث- دون وعي منه- على شكل وحيد للقياس يتعرف به على هذا الآخر، ونقصد به ذلك الشكل الذي شبّعت به الطقوس خياله، حتى أنه يبدي قدرا من اللامبالاة عندما لا يجد لدى من يقابله تلك الصورة التي تسير على هدي ذكرى حادثة الطف. لا يحتمل عقل كهذا أي شخص ليس على شاكلته.
ما الذي يسعى إليه بريخت من مسرح التغريب؟. أن نحافظ على طاقاتنا العقلية فلا نستهلكها في لعبة مسرحية تبذّر قدراتنا، فيسهل استدراج عقولنا وتخديرها بالاندماج في متعة الوهم.
القاعدة المعمول بها في فن صناعة الطقوس هي التالي: تقديم الحادثة بطريقة تشويقية تجعل المشارك والمشاهد متعلقين عاطفيا بالحدث. يجتاز التشويق حدودا جديدة في كل عام : النوم في الطين، زيادة مسافة الجري في ركضة طويريج، العواء كالكلاب... يجب أن تكون العروض مدهشة وجذابة ولكن بدون أن تتحول إلى أضحوكة، أي أن اللوثة العقلية هي جوهر الصحو الإنساني على حادثة لن تأخذ واحدة طوال التاريخ نفس مسارها أبدا. فلا أنت بفاقد عقلك كي تتحرر من نواهيه، ولا أنت بخاضع لسلطانه كي تتجنب أعلى هبّات الكمد فلا تأنس في نفسك القدرة على الإسراف في التعبير عن أحزانك. يجب أن تكون في أشد حالات وقارك وأنت تعوي، فلا تبدوو بليدا بلادة لا تغتفر. مجموعة متاخمات يجب الحفاظ عليها: الكوميديا تتاخم التراجيديا، الجنون واللأبالية مع أقصى درجات التأثر، غياب العقل مع فتح أبواب الوعي لإظهار أقصى درجات التأثر.
قبل أكثر من ألف عام قتل ابن سعد ريحانة النبي. ومنذ عشرات السنين ونحن نخلق يزيدا جديدا ليقتل الحسين وأهل بيته وبنفس طريقة معارك الألعاب play station تعوّد على لعبها ومشاهدتها الكثيرون وكأنها حدثت البارحة. باتت لتلك المعركة/ اللعبة إدمانا أثقلت على ممارسيها فلا يكاد ير عام إلا وتراهم مرتدين الملابس السوداء تمهيدا للمارستها كي لا نموت من السأم.من صنع اللعبة وسهر على إعدادها أشعل لفافة تبغه وراح يراقب منتشيا لعبة تدر عليه المليارات. من شارك دفع خمسه وخزين دموعه واستهلك طاقاته البدنية والعقلية الضروريتين للحفاظ على على إعاة أنتاج نوعه. تحرمهم الطقوس المستعادةكل عام من التزود بمعارف جديدةعن ثورة الحسين، لأنها، لشدة بهرجتها، تتحول إلى مناسبة تبهج العين ولا تدفع للتأمل، متحوّلة إلى مرض لا برء منه، إلى دعامة تؤازره في ضنك دنياه. هم ليسوا كمتظاهري تشرين يعيشون الحدث فعلا وليس كمسرحية تجلب الإرتياح. أن تأتي إلى أبي عبدالله ولديك قضية سيساعدك، أما أن تأتي كي تحصل على راحة فلن يفيدك في شيء. خذ سلام عادل ورفاقه كمثل على من مات موتا حسينيا. أما من عاش حياته في متع متصلة فلن يحتاج إلى حنات النعيم لأنه حصل على ما يفوقها في حياته. لو كان الأمر غير ذلك لما اشترى قادة حزب الدعوة بيوتا في لندن وغيرها.. ولما بنى الصهر يختا فاخرا هو الأغلى والأفخم.. وكل صيغ التفضيل الممكنة. نحن ببساطة نكون ما نحوز عليه في دنيانا, كوجيتو بسيط ومباشر.. أما أنتم يا غلابة فواصلوا اللطم ما شاءت له أيديكم وحتى صباح الغد.
لماذا لا نصنع لأنفسنا طفّا أكثر هولا على يزيد الذي يلبس الآن لباسا أخضر ببطانة حمراء؟، لماذا لا نحول اللعنات على يزيد اليوم الذي لبس معطفا ناله القدم ويريدنا أن نعيش في الزمن الذي كسر فيه عمر ضلع الزهرة كي يحصل على أموال لا تقدّر بثمن؟.
أنصح من لا يريد سماع قولي أن لا يقرأه، وإن قرأه وكان مدعاة غضب عليّ فأرجوه أن يأخذه بما يستحق.



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى استشهاد تشي جيفارا
- الجهل في أرض المتنبي
- تغريدة لثورة تموز خارج السرب
- العزلة في زمن الكورونا
- عفيفة لعيبي: تحويل صناعة الأحزان إلى كسبٍ مشروع، أو الحزن حا ...
- موت مواطن لا ينتمي إلى وطنه. رياض رمزي
- فائز الزبيدي مقاتل أجبر على هدنة أبدية
- الميليشيات والاغتيالات
- بعض ما يحدث في جمهورية الإسلام السياسي
- صادق الصائغ لا بر إلا ساعداك
- تصفيق لأول من قال عبارة: الدولة أهم من دماء مواطنيها
- إلى نور مروان. وجهٌ جميل لا تليق به غير البسمة.
- يا وطن سائقي التك تك احبك الان اكثر
- محدثو النعمة-العراق نموذجاً
- بديهية كجملة - يطوف البط على الماء-
- فتوى صادقة
- رسالة مفتوحة إلى لجنة البوكرز العربية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض رمزي - حول الطقوس