|
بديهية كجملة - يطوف البط على الماء-
رياض رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 15:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بديهية كجملة" يطوف البط على الماء" رياض رمزي
هناك اكتشفتهم، هناك عرفتهم، من رائحتهم.....هناك الجحيم، هناك الظلام، هناك حفرة الكبريت، هناك نارٌ و سفْعٌ، و نتنٌ وسقم.( الملك لير، الفصل الرابع، المشهد السادس. ترجمة جبرا ابراهيم جبرا)
منح جورج بوش الابن الشيعة في العراق فرصة قلّ مثيلها في التاريخ الحديث للإفادة من غبائه، فماذا عمل أساطين الطائفة الشيعية الذي جاء بهم إلى الحكم؟. ساروا على نفس طريقته في نشر الديمقراطية التي انتهت بقوى الظلام لتستأثر في المنطقة. فهم اختزلوا المذهب إلى طقوس و سرقات جعلت " الازدهار " من نصيبهم فقط ( كعكة حنان الفتلاوي)، مشيّدين جدارا بينهم و الفئات الأخرى، ثم جاءت فتوى السيستاني لتجعله عصيا على العبور، فغدت الطائفة مرهونة بمصالح خاطفيها الذين منعوا من نشر سياسة التسامح مع الآخرين في بلد قوته و ضعفه في آن واحد مزيجه السلالي الغني، ما هو أهم أنها فتوى ستجعل الجرح غير قابل للبرء لأجيال. فبغداد التي يجتاحها الرعب من سير الأحداث لم تحرك قادة الطائفة المنشغلين باستعراض كتائبهم لتطمين من يقع تحت حمايتهم من السنة. فأمست البلاد كلها مختطفة من شراذم الهمج القادمين من الظلمات من كلا الجانبين. و بما أن المخادعين لا يخادعون أنفسهم بل رعاياهم فقط فأن ما يحدث يشبه حالة فقير جائع تعرض لسمنة متأخرة فلم يعد أحدٌ بقادر على منع سمنته من الانتشار و ليس من يد قادرة على الإحاطة بخصره المتسع. يصعب تصديق أن القطط السمان ألتهمت بقضمات سريعة و كبيرة بلاد الرافدين كما تقضم الصحراء سهول اليابسة و بهذه السرعة. لا أدعي أن شره هؤلاء يفسر ما يحدث الآن و أن هؤلاء هم وحدهم من يتسبّبون بالويلات التي بدأتها الطغم العسكرية التي حكمت البلاد و التي جاءت " بضباط الغربية" ليستأثروا بالحكم، حتى ليصبح ما قاله ماركس عن ........ لكنني الآن أعمل على محور واحد. من هو الذي يقود البلاد؟. شخص لم يتعلم من الحسين الذي يدعي انتسابه له مزايا تضحيته بدمه، شخص طبق على الحياة معايير يزيد و ليس الحسين. فالسلطة لديه هي الزمان الذي قال عنها معاوية" نحن الزمان فمن رفعناه ارتفع و من وضعناه اتضع". شخص يعتقد أن تخليه عن السلطة سيعيده إلى الحالة الأولى: متسكع يحضر مآتم العزاء و الصلاة في مرقد السيدة زينب، شخص متأكد أن مستشاريه و حاشيته سينقلبون عليه إن تخلى عن السلطة، لأنه مقتنع أنهم غير مقتنعين به. من هنا فهو يجعل مريديه يطيعونه عن طريق االنقود، يرهبونه عن طريق الإرهاب، و يقتنعون به عن طريق الكذب، ثم ما هو اسوأ أن دوام حكمه مرهون باختطاف الطائفة و جعلها رهينة ببقائه في السلطة التي هي مصدر بقائه و سلامته. السبيل لتقييم المرء طريقة بحثه عن سلامته. ألم يقل المتنبي( و أشجع من كل يوم سلامتي/ و ما ثبتت إلا و في نفسها أمر). هذا هو الأمر الذي يسعى إليه أن يقود قارة حتى و إن غدت مجزأة سعيا وراء هدف وحيد: الفوز بولاية ثالثة، وهو هدف دونه خرط القتاد كما يقال. بما أن المستقبل ليس حليفه فأنه غير آبه بدفع البلاد إلى حافة حرب أهلية من أجل أربع سنوات أخرى. لو شاهده الشخص و درس أفعاله لتأكد يقينا بوجود نفس الخصلة التي يشترك بها مع صدام حسين: الوقوع تحت سلطان شبق السلطة، برغم وجود فرق بينه و صدام الذي تسلّق السلطة بمحض أظافره. من هنا فنحن أمام شكل واحد من الطغيان، لا يوجد فيه تبصّر بمصير البلاد خارج هيبة السلطة. هنا مكمن الشر المترسخ فيه. من العسير على مخلوق كهذا تقدير العواقب، لعدم توفر رغبة لديه لتسوية الأمور بالانسحاب الذي يعد أقصى فضيلة. أخيرا ما يدعوني إلى العجب كيف تنازل شعب بكامله لقوى الظلام من الجانبين؟ و كيف استمعت الجموع لرجال دين يجلسون على الحصير بين كتب صفراء لتواتيهم القوة في شحذ الجموع بجعل رائحة الكره تفوح في أرجاء البلاد؟. ما يدعوني إلى العجب أكثر هو موقف المثقفين مما يجري، و هل أن تدبيج بيان شجب لما يحدث بكثير؟. فأنا لا أطالب بدراسة طبيعة المجتمع العراقي و أحزابه و طبقاته في الوقت الراهن، و عن مدى تغلغل و أسباب شيوع الأيمان المبتذل و النفعي لجماهير الطائفتين. فكشف العفن و تحليل أسباب فورة الجنون ليس بمهمة يسيرة. لكنني أذكر أن غاندي العاري الذي لا يملك غير عنزة و رداء منسوج باليد تمكن من دحر أعظم امبراطورية.
#رياض_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتوى صادقة
-
رسالة مفتوحة إلى لجنة البوكرز العربية
المزيد.....
-
انحرف في لمحة بصر.. شاهد كيف تناثر طلاب بحافلة لحظة وقوع حاد
...
-
لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري ل
...
-
ماكرون: على الاتحاد الأوروبي أن يوسع نطاق العقوبات ضد طهران
...
-
عضو في الكونغرس الأمريكي: البحرية الأمريكية متخلفة عن الصيني
...
-
الكونغرس الأمريكي يناقش مشروعي قانونين حول المساعدات لأوكران
...
-
تقرير: وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية تسعى الى تغيير الوضع
...
-
وزير القوات الجوية الأمريكية يتهرب من سؤال بشأن فشل مشروع مق
...
-
البحرية الأمريكية: عودة سفينة أمريكية كانت متجهة إلى غزة بعد
...
-
نائب أمريكي يستنكر عدم نشر أي منظومة فرط صوتية أمريكية حتى ا
...
-
بعد استدعاء سفيرتها لدى باكو...أذربيجان تندد بـ-ضغوط- و-تهدي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|