أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصعب قاسم عزاوي - عن القطيعة والاتصال المعرفيين















المزيد.....

عن القطيعة والاتصال المعرفيين


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6719 - 2020 / 10 / 30 - 17:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة كتاب
عقول عظيمة
مفاتيح الاتصال المعرفي مع الفكر العالمي
إعداد وتقديم: د. مصعب قاسم عزاوي
تعريب: فريق دار الأكاديمية
الطبعة الثانية 2020
صادر عن دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن


يلخص مبدأ القطيعة المعرفية القانون الجمودي القائل بأن «الأسلاف لم يتركوا شيئاً للأخلاف»، وأن الاتِّباع نهج العقلاء في تفسير طبائع الأمور وعلائقها فيما بينها، وأن التفكير والتفسير والاجتهاد الإبداعي مهمة ناجزة قام بها الأولون، ولم تعد مطلوبة أو محبذة إذ أنها قد تفتح «باباً لا بد من سده»، لذلك «الشيطان الرجيم» الفكري ليتسرب منه ويلوث بخبثه ووسوسته عقول البشر وسلوكياتهم وحيواتهم. وذلك نهج انغلاقي سائد فكرياً في غير موضع من أرجاء الأرضين راسخ بقوة إفقار وتهميش المجتمعات المظلومة المغلوبة على أمرها التي لا حول لها ولا قوة في معادلة التسليم بأن العين لا تقاوم المخرز إلا بمصابرتها على ألمها، ومحاولة إيهام نفسها «بحظها الحسن» إذ ما زال لديها عين أخرى لا زالت تستطيع الإبصار بها بعد أن فقأت صنوها مخارز الجلاوزة والطغاة والمستبدين بحيواتهم وأحلامهم ومستقبلهم ومن سوف يأتي من بعدهم من ذريتهم.
وهو الواقع المر الذي أفصح عن نفسه في خواء معرفي واجتهادي فكري في غير بقعة من أرجاء المعمورة، قد يكون أكثرها إيلاماً تلك التراجيديا المقيمة في حال الثقافة الناطقة بلسان الضاد، التي أصبح نتاجها الفكري من الناحية الكمية كحد أدنى لا يرقى لنتاج مقاطعة صغيرة مثل كتالونيا لا يتجاوز عدد سكانها بضعة ملايين في دولة مثل إسبانيا تعتبر بالمنظار الأوروبي النموذج الأكثر نصاعة للاقتصادات الضعيفة والمجتمعات المتخلفة التي لا زالت تحمل في بناها الكثير من بقايا وعقابيل القرنين التاسع عشر والعشرين.
والحقيقة الراسخة في مجال الإبداع الفكري بمختلف أشكاله تكمن في أن «العقلاء يبدؤون من حيث انتهى أسلافهم» في نهج منطقي وعقلاني ينظر إلى المعرفة البشرية بكونها سلسلة تراكمية لا تنقطع من الإبداع المعرفي الذي يتصدى لحمل مشعله فئة من المجتهدين في زمن ما، يقومون بتسليم المشعل لمن سوف يأتي بعدهم حينما يحل دور أولئك الآخرين بيولوجياً في القيام بدورهم الوظيفي المناط بهم إبداعاً واجتهاداً. وذلك هو النسق المعرفي الذي مثل تبنيه الجوهر المحرك لكل ما وصلت إليه الحضارة البشرية راهناً، بالاتكاء على مثل ما أبدعته حضارة الفينيقيين في بلاد الشام منذ الألف الثاني قبل الميلاد متمثلاً في دمج تقنية الكتابة المسمارية بأبجدية تتألف من حروف لا مقاطع صوتية كما الطرق السابقة لها عند السومريين، أو الأكاديين، أو البابليين، أو الكلدانيين، أو الآشوريين، أو على شكل تصوير رسمي كما في الطريقة الهيروغليفية في مصر الفرعونية القديمة من الألف الثالث قبل الميلاد. وهي الكتابة باستخدام الأبجدية التي مثلت القفزة التي مكنت البشر من تسهيل توثيقهم لتراكم خبراتهم ومعارفهم بشكل يمكن من سوف يأتي بعدهم من هضمه معرفياً بشكل ميسر دون الحاجة لتعلم ذلك لفظياً عبر الاستذكار والتلقين كما كان مفضلاً عند سقراط مؤسس الفكر اليوناني الحديث، لينتقل من بعده عبر أفلاطون مكتوباً إلى الأجيال من بعده بأبجدية يونانية هي تحوير عن الأبجدية الفينيقية التي استقوها من تواصلهم الحضاري مع مبدعي تلك الأبجدية من أهل بلاد الشام.
وهو الفكر اليوناني الذي تم إحياؤه وإعادة إنتاجه ونقده وتشذيبه باجتهادات الكثير من المبدعين والعلماء العرب والمسلمين إبان الدولة العباسية في نتاج بيت الحكمة في بغداد، منذ أواخر القرن الثامن الميلادي مع عهد هارون الرشيد، لينتقل بعدها بشكل طبيعي إلى مراكز الإبداع الفكري الحضاري باللغة العربية التي أسسها العرب والأمازيغ في الأندلس، والتي مثل نتاجها الفكري الدعامة التي بنى عليها مجتهدو عصر النهضة الأوربية في المدن/الدول الإيطالية في فينيسيا وفلورنس وجنوا أسس فكرهم النهضوي، إذ كان نتاج ابن رشد في «تلخيص منطق أرسطو» وغيره من مؤلفاته الفكرية منبعهم الأساسي في فهم الفلسفة اليونانية، و كانت مؤلفات ابن سينا العلمية و خاصة كتابه الموسوعي «القانون في الطب» أس المراجع العلمية لتدريس الطب في أوربا حتى مطلع القرن الثامن عشر.
والحقيقة المرة هو عدم عقم المبدعين والمجتهدين الناطقين بلسان الضاد، وإنما تحول جلهم إلى مناضلين لمقارعة الاستبداد ومفاعيله من تلاوين الإفرازات القيحية للدول الأمنية العربية وطغاتها وبصاصيها وعسسها وجلاوزتها وجلاديها ورقبائها الذين قد لا يعلو في سلم أولوياتهم مهمة على واجب قمع حرية التعبير والتفكير التي قد تفتح «الباب الذي لا بد من إغلاقه» للتفكر بآليات الانعتاق والتمرد على ذلك الواقع المجتمعي البائس المتغول على كل حيوات البشر المتشاركين في الحطام الاجتماعي والهشيم البنيوي الشامل عمقاً و سطحاً، و الذي قد يمثل إنجاز الفساد و الإفساد الأسمى للدول الأمنية العربية.
وذلك الواقع البائس أفضى إلى ذلك الفراغ والشح في مستوى وكم الإبداع الفكري للكثير من المبدعين والمجتهدين العرب، الذين تحولوا بقوة الظروف القاهرة في كثير من الأحيان إلى مدافعين عن حقوق الإنسان الأولية في الحياة وحرية التعبير، ومناضلين يوميين مشغولين بالدفاع عما تبقى من نسيج اجتماعي واه في مجتمعاتهم، وهو دفاع محفوف دائماً بمخاطر الاصطدام مع الآلة القمعية الوحشية للدول الأمنية، وما قد يستتبع ذلك من تذويب وإفناء وإعدام جسدي وفكري محتمل لكل منخرط في عملية الدفاع تلك، وهو ما أفصح عن نفسه في خواء الفكر العربي من أي «اجتهادات على شكل منظومات فكرية أو فلسفية كبرى» كما هو الحال في كل الثقافات الناطقة بلغات أخرى في أرجاء الأرضين، حسب توصيف المفكر الراحل طيب تيزيني، إذ أن جل المفكرين والفلاسفة والمثقفون العرب لما يتمكنوا بعد من حل جزئي أو كلي للمعضلة الفكرية الكبرى التي اشتبك معها شيخ المنورين العرب عبد الرحمن الكواكبي في كتابه «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» حتى ينتقلوا إلى حل غيرها.
وفي هذا السياق يبرز مشروع «عقول عظيمة» بكونه محاولة متواضعة لتجميع وتكثيف خلاصة المرتكزات الفكرية لرهط واسع من المفكرين العالميين، وهو مشروع يهدف أساساً لتحفيز القارئ للاندفاع إلى قراءة النتاج الإبداعي والفكري لأولئك المفكرين كاملاً، ودون التوقف عند تلك الخلاصات التي لا يمكن لأي منها الإلمام إلا بالقليل اليسير من جهود أولئك المبدعين.
ولقد تم تجميع المادة العلمية الخاصة بمشروع «عقول عظيمة» من مصادر موثقة ومعتد بها، وتم إعدادها بشكل ميسر للقارئ العادي الذي لا بد أن يتحلى فقط بالميل العفوي والشغف للاطلاع وتوسيع الأفق المعرفي وليس سوى ذلك من مؤهلات أو أرضية معرفية. والشكر موصول لإدارة دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع التي تفضلت مشكورة بتحمل أعباء تعريب النص الأصلي لمشروع «عقول عظيمة» من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، وتقديمه بشكل مجاني تماماً للقارئ العربي، وهو جهد تنويري يستحق كل الثناء والعرفان.
والأمل الدائم يكمن في أن استنهاض «العقل العربي المستقيل» بقوة وعسف وقهر مستبديه وطغاته وجلاديه، لا بد أن يبدأ بخطوة ما في رحلة آلاف الأميال التي لا بد أن يقطعها ليلحق بقطار أمم العالم الأخرى التي سبقته بأشواط كبيرة، ولا بد أن تكون تلك الخطوة واثقة أكثر في حذوها إن كانت مرتكزة على نسق من الاتصال المعرفي مع خلاصة ما أنتجه الأسلاف، الذي لا بد أن يكونوا فخورين وسعداء بأن يستلم «مشعل التنوير» من بعدهم أخلافهم المجتهدون المستنيرون.
وفي الختام آمل أن يكون مشروع «عقول عظيمة» بعد تعريبه إضافة مفيدة للمكتبة العربية وهدية يستحقها كل قارئ مكرم بلغة الضاد.


الهوامش:

لقراءة النص الكامل للكتاب بشكل مجاني يمكن الولوج إلى موقع دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن:

https://academy.house/



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطار مخاتلة على النمو العقلي للطفل
- من يكتب التاريخ؟
- أسس الوقاية من سرطان الجلد
- من هو المثقف الحق؟
- قروحُ الهويةِ الموؤودةِ
- تنين الدولة-الأمة وافتراس الديموقراطية
- الكوابيس عند الأطفال
- تشريح الجهاز المناعي الفكري لبني البشر
- مثلث العناوين الكبرى في صناعة الدعاية السوداء عربياً
- رؤية مقارنة لنهج الدعاية السوداء غربياً وعربياً
- ميوعة مصطلح الإرهاب وسندان الاستبداد العربي المقيم
- جدلية الدعاية السوداء واستبطان النكوص الجمعي
- شواه المفاهيم ومطحنة الاكتئاب الجمعي
- الميول البيولوجية الغريزية والتكوينية الوراثية للإنسان
- بصدد مسألة الحياد المعرفي
- بربرية قوانين حقوق الملكية الفكرية
- أساسيات الوقاية من سرطان الثدي
- مفاعيل اقتصاد السوق الوحشي في الحقل العلمي
- إغراق الوضوح المفهومي في مستنقع المصطلحات الآسن
- محنة العلماء والبحث العلمي في زمن الإمبريالية المعولمة


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصعب قاسم عزاوي - عن القطيعة والاتصال المعرفيين