أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ريبر هبون - قيود















المزيد.....

قيود


ريبر هبون

الحوار المتمدن-العدد: 6714 - 2020 / 10 / 25 - 19:49
المحور: كتابات ساخرة
    


يستولي الذهول على أعين من حولها وهم يشاهدونها تأكل سندويشة الكباب بينما تمشي بين الجموع في

تلك التلة ،حيث يقام عليها عيد نوروز ، فلا تستلذ بطعم الكباب إلا حينما تمشي ، تأكل السندويشة بيد وتسحب يد ابنتها باليد الأخرى ، صاح عريف
: الحفل
. للمرة الألف أنادي كل من أضاع الأطفال التالية أسماؤهم ، المجيء عند خشبة المسرح وأخذهم، بعضهم يصرخ وينادي ماما -

الجو مشمش للغاية كأن الصيف تسلل للربيع واغتصبه على مرآى آذار
روائح العرق المنبعثة من إبط المارة تلسع الأنوف المرهفة والأجساد الثقيلة الحاملة كروشها باتجاه أماكن شوي الكباب والفروج
. المتبل
حيث يطيب للبعض الاحتفال بنوروز عبر عقد حلقة رقص وآخرين يبدأؤون بالشواء ، أما الثوريون فلا يبارحون المسرح
. لمشاهدة الرقصات الشعبية والأغاني الحماسية
الام وابنتها أشد لصوقا من بعضهن ، حيث لم تدخل الابنة المدللة سن المراهقة حتى راحت تقول لجاراتها وقريباتها

مهر ابنتي غال جدا ، ولن أعطيها إلا لابن الحسب والجاه -
تسابق أبناء الضيعة في خطبة ابنتها لأبناءهم ، حيث كانت تتم الخطوبة والفسخ تبعاً للصلات الاجتماعية وتقلباتها ، فحين تكون
: العلاقات جيدة تتم الخطوبة وحين تسوء يتم الفسخ ، يقول عماد ابن عمها ساخراً

. هذه المدينة تنشغل في عقد الخطوبة والزواج على الأطفال منذ خروجهم من رحم أمهاتهم -
يدور الحوار بينه وصديقه
:يسأله فؤاد
حدثني عن ذلك ، يبدو هذا طريفاً ومحزناً في آن .
:يتنفس الصعداء ويكمل
لنتابع حديثنا ونحن نتمشى ، الهواء في المدينة الجامعية يبدو منعشاً
طقس خريفي مزين بأوراق الأشجار الصفراء وحديث يشبه غموض الخريف وشجونه
. كما تشاء لنمشي -
كنت أعيش نهاية قصة حب عشتها بألم ولم أشفى منها، أعاني عبراتها وأعيد في ذهني لحظات الوجع والخيبة ، ضاق بي ذلك
: ذرعاً فهممت أقول لأمي مستسلما للفراغ العاطفي
سأتزوج بمن تختارينها لي زوجة -
حقا بني ،ذلك يسعدني حقاً
. سأذهب وأخبرهم عن رغبتنا في سعاد ابنة عمك الجميلة-
لكن بمجرد اخبارهم بذلك ، يعني أنك لن تستطيع العدول عن قرارك المصيري هذا،ان حدث وغيرت رأيك ستحدث مشاكل عائلية فيما بيننا نحن بغنى عنها
كما تشائين ، أنا أيضاً أرى أنها فتاة جميلة وأحس انها مناسبة لي .لكن جل ما أخشاه أن تكون مرتبطة ذلك سيكون محرجاً -
. لا تقلق انها بنت أبيها وأمها ولا تتحدث كفتيات اليوم مع الشبان ، لا يتجرأ على الاقتراب منها أحد-
.كن واثقاً -
يتدخل أبي بعد أن سمع كلامنا -
هم لن يصدقوا رغبتنا بابنتهم سيجلسونها على فخذيك ما إن نطلبها لك-
فؤاد يضحك من هذه العبارة -
. أكمل أكمل -
بعد ذلك أحببت فتاة بشكل لا يصدق، وزاد ارتباطنا لدرجة كبيرة، لقد كانت من مدينة أخرى مجاورة ، فأخبرت والدتي بعد ذلك أنني وقعت في حب جاد وصادق، وإني والفتاة عازمين على الزواج.
- صرخت بأعلى صوتها حتى ظننت أنها فقدت عقلها، كيف تعشق وأنت تدرك أنك لابنة عمك وأننا تحدثنا بشأنها .

الوالد أكمل بحنق :
. هل جننت يا هذا ، أتريد جعلنا أضحوكة بين الناس-
:بعد برهة صمت ، أردف فؤاد
. ماذا جرى بعدها -
أمام الاستنكار المستمر من والدتي من جهة وعناد حبيبتي وسوء حالتها الصحية من جهة أخرى، انتهت-
علاقتنا بألم مرير، عدت مجدداً لعزلتي وفراغي القاتل، لم أجد من طريقة لمنح نفسي فرصة استقرار أفضل إلا الاتصال بابنة العم المدللة ومحاولة التعرف عليها عن قرب، لنرى ما إن كانت ملائمة لي أم لا
.كانت تقيم في المدينة الجامعية بينما كنت أتردد من فترة لأخرى إلى هناك ، إلا أن النتائج لم تكن محمودة

توقف عماد عن الحديث ، حينما شارفت الشمس على المغيب وبرد الجو ، كان يغص حلقه من تذكر خيباته المتلاحقة ،سعاد تمتلئ كبراً ودلالاً وإعجاباً بنفسها، كامتلاء نهديها، وحمّالة الصدر المحشوة التي أضفت على النهدين الكبيرين حجماً أكبر، تلبس بنطالاً أسوداً فاحماً أعطى للأرداف والورك شكلاً كروياً أشبه بدولاب
. الدراكتور الذي كنا نضعه تحت برميل المازوت في الشتاء
طلب عماد منها موعداً في المساء ليتمشيا قليلاً، خيل إليه أن قريبته ستعوضه عن خيباته من الفتيات الغريبات، ولكونها ابنة العم ومن ذات اللحم والدم، فإنها ستكون له بلسماً ودواء
جاءه اتصال سعاد بغتة بينما كان داخل التواليت الجامعي يحاول التغوط إثر إمساك حاد، كأن الاتصال إشارة إلى لقاء لن يكون كما هو متوقع ، خرج من التواليت بعد أن لبس على عجل وقام بغسل يديه والتقط الموبايل
: بيده المبللة ،
أهلاً سعاد كيف حالك اليوم-
بخير وأنت-
أين أنت-
أنا عند الجناح رقم خمسة ، تعال إلى هناك وسآتي إليك بعد أن تصل -
حسناً-
أحس بنبضات قلب العشاق حين سمع صوتها الطفولي الممتزج بحرائق أنثى تطفئ برد الليل بزفيرها ، تصافحا ومشيا حول المدينة بحديث عابر غير مفهوم ، لم تستمر المواعدة سوى نصف ساعة قفل بعد ذلك
: راجعاً ، أحس ببرودها طيلة حديثها شبه الحذر معه ، تذكر ما قالته والدته إليه
إنها تتمنع وتخجل فعليك بالصبر بني ، إنه دلال الأنثى-
بين فترة وأخرى راح يرسل لها رسائل قصيرة ، ولم ترد عليه، يتصل بها ليدعوها لمعرض الرسم، تعتذر منه
. أنا لا أحب الرسم
: بعد مرور الوقت راحت ترسل له رسالة
.لا تحاول معي أخي-



أحس بخيبة ثقيلة هدته، كأنه استدرج لفخ التقاليد ، أو كأن خيبته في العشق جعلته يترنح على مذبح
الأعراف الاجتماعية، فضول كبير سرى بداخله وأراد أن يعرف ما سبب رفضها له ، للرفض انعكاسات
. سلبية على الذات، حينما تأتي على نحو فج ومبهم
ألح بعد فترة ركود أن يلتقيها ويفهم منها كل شيء، فالموضوع بات فضولاً وتحدياً له ولأهله
- سعاد أود أن نلتقي ولو لمرة أخيرة، ثمة أشياء يجب فهمها ووضع النقاط على الحروف بعد ذلك
. لا بأس ،انتظر اتصالي غداً ، تصبح على خير-
وأنت بخير -
استيقظت متأخرة من نومها، ارتدت ثيابها، تزينت كأنها تتهيأ لعرس، إنه عرس حقيقي، فاليوم ستنفض عن نفسها قيداً يكبلها، لوّنت شفتيها بالزهري مع لمعة خفيفة ، بالغت بوضع مسحوق البودرة على وجهها، وبدت ملامحها كمن وضعت وجهها في كوب طحين أبيض، ارتدت نضارتها الشمسية الكبيرة وخرجت إليه
: تقابله
جلست قبالته على ذلك المقعد الرخامي ، ووضعت ساقاً على ساق، رفعت منخارها الجميل، وأبقت النضارة
: على عينيها الغائرتين داخل محجريها ، بدأت تحدثه

. أنا أحب أن تختصر الجلسة ، أنت هنا لتتقرب مني أليس كذلك -
. لنفترض ذلك -
. آسفة ، أنا أحب شاباً ومتفقين على الزواج ، وقد أصبح عروساً في فترة قريبة-
. مبروك ، أتمنى لك التوفيق -
أدخلته لنفق من الكلام المتشنج ، كل ذلك بدد في داخله كل ما قيل عنها ، شعر أنه يخوض في دوامة من اللااستقرار ،خيبات تتوالى وضعف قاده إلى فتاة تعيش مراهقتها واستهتارها، وتخبطها ، لقد ختم ذلك السلم
. الذي تحبو للصعود عليه،
قفل راجعاً للمنزل وهمّ يصرخ وجعاً على والدة حارسة على تقاليد بائدة صدعت بها رؤوس الأبناء، وبعد أن
: أخبرت والدته بما جرى قالت
. ستندم على رفضها لك مؤكد ذلك-
لا يهم ذلك، أنا أعاني كوني من وضعت نفسي في هذا الموقف ، أستحق كل ما يحدث ، فأنا السبب-
عماد أراد أن يعيش الحياة بجانبها الواقعي بعيداً عن الحب الذي أراده لذاته، تزوج وخرج في بداية الحرب الأهلية في سوريا، سعاد راحت تطرق بابه ،أخذت تحدثه عبر الفيسبوك وتعبر عن ندمها وحبها له، حين قالت ندم، تذكر ما قالته أمه بصددها فتبسم
: وقال في نفسه
كم الجهل يعصر واقعنا، هذا التقليد خلق عقولاً نمطية لا تعي الحياة خارج المنطق الأصولي في تمجيد-
. الفشل الاجتماعي

فؤاد بقي في حلب يعاني من صخب الأحداث ويعيش وطأة النزوح والقصف والتنقل ما بين حي وآخر
. وليس هنالك سوى الفيسبوك وسيلة لخوض الحياة المتغيرة كل ساعة،
بينما عماد فضل العيش مع زوجته الصابرة داخل الخيم وباله على الذين بقوا داخل الوطن الذي أثقلته
. الجثث المتراكمة و القيود المتعددة



#ريبر_هبون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور من المخيم
- عن الحب كرنفال إلهي للشاعر اسماعيل أحمد
- موجة الإسلام السياسي و استبداد البعث
- ملامح الالتزام القومي في رواية انبعاث في أغوار الجبال للكاتب ...
- :الإرادة المعرفية في مواجهة التطرف الإسلامي
- الخط الكوردستاني الثالث في ( لغة الجبل) ليحيى سلو
- (قراءة في وجع -طفل يلعب في حديقة الآخرين- لجان بابير)، ريبر ...
- (موجز عام حول روايات حليم يوسف الخمس)
- ثنائية توحش الإستبداد البعثي و المعارضة الأخوانية
- مسارات رؤيوية لفهم رواية الوحش الذي بداخلي ل حليم يوسف
- سبل معرفية لمناهضة العنصرية ، الاغتراب و الشمولية
- سلطة البعث السوري في حربها ضد الإنسان، استلهمات نقدية من روا ...
- حرية الفكر المعرفي بمواجهة التجهيل
- المعرفيون في كوردستان الشمالية
- المعرفيون بمواجهة الخوف في غربي كوردستان
- رحلة في سبر الألم في رواية عندما تعطش الأسماك لحليم يوسف
- دلالة الحدث في مجموعة هذيان السمع والبصر لمحمود الوهب
- تصورات نقدية في خوف بلا أسنان لحليم يوسف
- تنهدات خريف كسيح، ريبر هبون ، بنار كوباني
- الإرادة المعرفية في مواجهة القمع


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ريبر هبون - قيود