أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - أختلفُ معهم، أحترمُ ذَواتِهم، لكنني، وبكل لياقةٍ وَوِدٍّ، أحاولُ أن أفَنِّدَ أطروحاتِهم















المزيد.....

أختلفُ معهم، أحترمُ ذَواتِهم، لكنني، وبكل لياقةٍ وَوِدٍّ، أحاولُ أن أفَنِّدَ أطروحاتِهم


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6695 - 2020 / 10 / 5 - 11:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ يومَينِ، نشرتُ مقالا مترجمًا عن جريدةِ لوموند ديبلوماتيك، الشهريةُ الفرنسيةُ، ديسمبر 2018، عنوانُه "يا بشّارْ يا حامِينا ... أحْنا الزبدة وِانتَ السكِّينة!"، كله نقدٌ لنظام بشّار الأسد، وذيّلتُهُ بملاحظةٍ من تأليفي، هذا نَصُّها:
"عُشّاقُ بشّار، والله العظيم أنا أحترمكم وأتفقُ مع غاياتِكم العروبيةِ الوحدويةِ النبيلةِ، لكن الغايةَ حسبَ اعتقادي لا تُبرّرُ الوسيلةْ، وأياديكم أنتم أيادٍ غير ملوثةً بجرائمِ الدكتاتور، -وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى-، وبشّار، مثله مثل زملائه، الديكتاتوريين الدمويين مجرمي الحروب، ستالين وماو وبول بوت وصدام والڤذافي والقائمة تطول، كلهم شخصيات عامة ومن حقي الاشتغال عليها، وألفِتُ نظر الجميع إلى وجهة نظري التالية: النقدُ الوارد في المقال، نقدٌ كله آتٍ من جريدةِ لوموند ديبلوماتيك، أما شِعرُ المَديحِ الوارد في العنوانِ فلِي (يا بشّارْ يا حامِينا ... أحْنا الزبدة وِانتَ السكِّينة!)، فارجموا الجريدة إذن واشكروني، أو على الأقل "قِيلونِي" يرحم والديكم"!

علّقتْ قارئةٌ على المقال المعنِي وكتبتْ الآتي: "وعلاش تبرر وتعتذر لقوادة بشار؟ أو بجِدك تعتقد في نياتهم البريئة؟".
أجبتُها مباشرةً وباقتضابٍ كالآتي: "لي فيهم بعض الأصدقاء، ونعم ما زلتُ أحترم ذواتهم، لا أفكارَهم، وبكامل الجد ما زلتُ أعتقد في نواياهم البريئة إلى أن يأتي ما يخالف ذلك.".

اليومَ، وعملاً بالمقولة التي كنتُ أمضي بها دومًا جميع مقالاتي "على كل مقال سيء نرد بمقال جيد"، سأتوسّعُ قليلاً في الجوابِ وأضيفُ ما يلي:
أختلفُ فكريًّا مع فئة من المفكّرين التونسيين (ليبراليين وقوميين ويساريين ونهضاويين). لكن لي فيهم أصدقاء حميمين، أحترمهم، أحبهم، أقدّرهم، وأخافُ على كبريائِهم من النسيمِ العليلِ. المفكّرُ المهذّبُ يجاملُ لكن الفكرَ لا يجاملُ. لا أتطاولُ مجانًا على رموزِهم ولا على ثوابتِهم، لكنني، وبكل لياقةٍ وَوِدٍّ، أحاولُ أن أفنّدَ أطروحاتِهم التي أختلفُ معها جِذرِيًّا:

1. أختلف مع الليبراليين التونسييمن: يبدو لي أن أنظمتهم الاستغلالية، قبل الثورة وبعدها (بورڤيبة، بن علي، السبسي)، هي التي خرّبت قِيمَنا التضامنية، أتلفت بذورَنا الفلاحية الأصلية، همّشت قطاعَنا العام (تعليم، صحة، صناعة، نقل، إخ.)، باعتْ جزءًا كبيرًا منه إلى القطاع الخاص (مصانع، أراضٍ، شركات نقل، بنوك، شركات خدمات، إلخ.)، أجبرتنا على الانصياعِ لغرائزنا وأنانيتنا وعدوانيتنا، أي أرجعتنا قليلاً إلى "طَوْرِ الحيوانية" بعدما ظننا أنفسَنا أننا نجونا ووصلنا إلى شاطئ الإنسانية وبَرّ الأمان. أحمّلهم مسئولية كل الحَيفِ الذي سُلِّطَ ظلمًا على المناضلين القوميين واليساريين والنهضاويين، وأطالبهم بجبرِ الضررِ، ولا أظن أن أحدًا من هؤلاء المناضلين طلبَ ثمنًا لنضالهِ لأن جبرَ الضررِ لا يُعتبَر في نظري ثمنًا للنضالِ، والليبرالية سمٌّ في الدسم والليبراليون المعاصرون للفقراء نقمة قطرة قطرة.

2. أختلف مع القوميون التونسيين: ألومُ فيهم عدم قيامهم بنقدٍ ذاتيٍّ لـ"تجاوزاتِ" قادَتِهم ضدّ مواطنيهم غير المسلَّحين (عبد الناصر، النميري، صدّام، الأسد الأب والابن، الڤذافي، علي عبد الله صالح، بومدين)، وأنتظرُ منهم رحابةَ صدرٍ حيالَ خصومهم السياسيين (ليبراليين ويساريين ونهضاويين)، رحابة تتمثلُ في عدمِ إصدارِ أحكامٍ مسبقةٍ دون تمحيصٍ، والقومية الوحدوية رحمة والقوميون العرب لليساريين والإسلاميين العرب نقمة.

3. أختلف مع اليساريين التونسيين: أطلبُ منهم ما طلبتُ من الذين أتوا من قبلهم تجاه خصومهم السياسيين (ليبراليين ونهضاويين) وتجاه "تجاوزاتِ" قادَتِهم (لينين، ستالين، ماو، بول بوت)، والاشتراكية رحمة واليساريون المعاصرون للشعوب نقمة.

4. أختلف مع النهضاويين التونسيين: أطلبُ منهم ما طلبتُ من الذين أتوا من قبلهم تجاه خصومهم السياسيين (قوميين ويساريين) وتجاه "تجاوزاتِ" قادَتِهم (حسن الترابي ومساندته لنظام البشير الذي أطاحت به أخيراً ثورة شعبية سلمية، أردوڤان وظلمه الدموي لأكراد بلاده وأكراد سوريا)، والإسلامُ رحمة والمسلمون المعاصرون البعضُ للبعضِ نقمة.

خاتمة: أخذتُ من الليبرالية تقديسَ الحرية الفردية، ومن القومية تقديسَ الوطن، ومن اليسار تقديسَ العدالة الاجتماعية، ومن الإسلام تقديسَ القرآن والرسول صلى الله عليه وسلّم. لذلك لا أكره أحدًا منهم جميعًا.
أنا، عبدُكم الفقيرُ لله، أعارضُ الأفكارَ، ولا أعادي أي إنسانْ مهما اختلفتُ معه فكريًّا، ما دام هذا الإنسان لم يُشهرْ سلاحًا في وجه أخيه الإنسانْ.
وإذا سمح لي أربعتُكم، أن أقدمَ لكم نصيحةً وديةً، فستكونُ كالتالي: اقرؤوا أدبيات بعضكم البعض، لا تحكموا على نوايا بعضكم البعض، وسبّقوا الخيرَ في بعضكم البعض، فوالله لن تندموا، أنتم شتّى ومستقبلكم واحد والمستقبل المشترَك لن يُبنَى بواحدٍ، ولا خيار أمامكم سوى التعايش السلمي في كنفِ الديمقراطية وإلا -لا قدّر الله- ستأكلكم الفوضى ويُفنيكم الفناءُ.
أيها المختلفونَ، سجناءُ إيديولوجياتِكم، أرجوكم، أتوسّلُ إليكم، افتحوا نوافذَ براديڤماتِكم، حتمًا ستكتشفونَ كم هي تافهةٌ وسخيفةٌ خلافاتِكم، يكفي أن تنظروا إلى الأرضيةِ التي تحملُكم وتتحمّلُكم، احفروا في عمقِها قليلاً، لكن احفروا بمعاولَ علمية حديثة (الإبستمولوجيا والأنتروبولوجيا)، ثابروا في الحفرِ، ستكتشفون أن ما يوحّدكم أكثرَ بكثيرٍ مما يفرّقُكم، حتماً ستكتشفون حبالاً متينةً تربطُ بينكم، حبالاً فُتِلتْ من حديد، لو انقطع منها حبلٌ، لا تجزعوا، فلن ينفرط عقدكم، سيبقى واحدٌ أو اثنان أو ثلاثة منها تشدكم إلى بعضكم البعض.
كلكم -حضاريًّا- مسلمونَ، عرقيًّا عربٌ-أمازيغٌ، جيناتُكم مشتركةٌ، لغويًّا عربٌ أقحاحٌ، أعيادُكم واحدةٌ، تقاليدُكم واحدةٌ، نظامُكم الغذائيُّ واحدٌ، تراثُكم واحدٌ، وكلكم في عيونِ الأجانِبِ عربٌ مسلمون، شئتُم أو أبيتُم، بتهمةِ الإرهابِ تُنعَتون، وبحرصٍ كبيرٍ في مطاراتِ العالَمِ تُفتَّشون، وبنفسِ الإسلاموفوبيا في الغربِ كلكم تُعامَلون.
لم يفرّقْ بينكم إلا الإيديولوجيات الدخيلة الوافدة قديماً أو المستوردة حديثًا: الإخوانيةُ قدِمتْ من مصرَ، أما الليبراليةُ والقوميةُ والشيوعيةُ، فقد وفدتْ عليكم مع الاستعمارِ الغربِيِّ الغاشم سياسيّاً وخاصة ثقافيّاً.
هلاّ عرفتُم الآن لماذا أعشقُكم، أعشقُكم "بِريشِكم وحشيشِكم"، أعشقُكم بقومييكِم ويسارييكِم ونهضاوييكِم، أعشقُ المشتركَ بينكم وبيني، وهو واللهِ جميلٌ جميلٌ، جميلُ جدّاً! وهل لي في هذا الوطن غيركم أحبه ويحبني؟

إمضاء مواطن العالَم، تطوّعي-تضامني-اجتماعي، نسبة إلى تجربة في الاقتصاد الاجتماعي-التضامني، تجربة لا شرقية ولا غربية، تجربة أصيلة نوعية ومبتكرة في جمنة مسقط رأسي.
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 26 ديسمبر 2018.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الفرق بين العقلانية والعقلنة ؟
- أشواكٌ معرفيةٌ على الطريق: ماذا يحدث اليوم في الدول العربية ...
- سارقُ المعرفة يُقرِئُكم السلام ويدعوكم لمقاضاة المفاهيم الثل ...
- وجهة نظر نقدية شخصية ومحدودة حول -الإعجاز العلمي في الكتب ال ...
- ماذا دهانا؟
- اقتراحٌ تربويٌّ قد يكون جزءاً من الحل لإصلاح التعليم في تونس ...
- لو حدثك واحدٌ بوضوحٍ تامٍّ عن الوضعِ، فالأفضل أن لا تصدقه بل ...
- بعض النماذج التعلّميّة المُعْتَمَدَة في العالَم؟
- كلنا أنانيون وغير الأناني فينا نتهكم منه ونحبِطه!
- أما آنَ الأوانُ للأستاذِ أن يَتحوّلَ من -ناقلٍ للمعرفةِ- إلى ...
- يبدو لي أن كل الحضارات بُنِيَتْ وطُوِّرَتْ على الطمعِ والأنا ...
- في تونس اليوم فئتان متصارعتان بصمت، فمِن أي فئة أنت وفي أي م ...
- مفاهيم إسلامية إشكالية أودُّ لو تُطرَحُ على عموم التونسيين ل ...
- صرخةُ كشكارْ ضد أندادِه الكِبارْ !
- حكايةٌ مسيحيةٌ طريفةٌ جدّاً !
- حكايةٌ جزائريةٌ طريفةٌ: للعبرةِ وليستْ للمزايدةِ !
- سلوكٌ حضاريٌّ مثاليٌّ بغض النظر عن دِينِ مَن قام به، في الآخ ...
- ظاهرة المحافظين في العالم (البروتستانت والسلفيين) ؟
- تخلفُنا في تونس: هل هو نِتاجُ عقليتنا -المتخلفة- أمْ نِتاجُ ...
- ما هي الصفة الأساسية اللصيقة بالأشياء غير النافعة ؟


المزيد.....




- الحرس الثوري الإيراني: ردنا سيكون أوسع نطاقا في حال كررت إسر ...
- زاخاروفا تشبه نظام كييف بتنظيم -القاعدة- بعد تصريحات وزير خا ...
- إعلامية مصرية شهيرة تعلن حصولها على حكم قضائي ضد الإعلامي ني ...
- السفير الروسي في سيئول: روسيا وكوريا الجنوبية يمكنهما تحسين ...
- بلينكن يحذر نتنياهو من خسارة فرصة التطبيع مع السعودية
- مصر.. الهيئة الوطنية للإعلام تكشف تفاصيل سقوط أحد موظفيها من ...
- حرب غزة تنسف شعارات الغرب
- زاخاروفا: استنتاجات خبراء العقوبات ضد بيونغ يانغ مبنية على م ...
- صدى احتجاجات الطلاب يتردد في فلسطين
- القوات الإسرائيلية تفجر مباني جامعة الأزهر في منطقة المغراقة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - أختلفُ معهم، أحترمُ ذَواتِهم، لكنني، وبكل لياقةٍ وَوِدٍّ، أحاولُ أن أفَنِّدَ أطروحاتِهم