أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - اقتراحٌ تربويٌّ قد يكون جزءاً من الحل لإصلاح التعليم في تونس؟















المزيد.....

اقتراحٌ تربويٌّ قد يكون جزءاً من الحل لإصلاح التعليم في تونس؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 15:24
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ملاحظة:
سبق لي وأن نشرتُ هذا المقال لأول مرة حوالي سنة 2008، واليوم السبت 26 سبتمبر 2020 أعيدُ نشرَه بطلبٍ من صديقٍ، رجل تعليمٍ فاضلٍ ومدير مدرسة ابتدائية (Doctorant en sciences neurocognitives)، اسمه Mohamed Jemel، وطلب مني أيضاً اقتراح كيفية تطبيق هذا النموذج في تونس. أنا -عادةً- لا أكتبُ تحت الطلب، لكن طلباتُك أوامرٌ سيدي المديرُ.

1. نموذج التفقد الذي يعتمد طريقة الدعم عن قرب:
- يُطبق في الشيلي بعد رحيل "بينوشيه" لأن الدولة الجديدة تبحث عن شرعية في الحكم من خلال اعتماد خطة لإلغاء الفوارق الجهوية في التنمية. ويُطبق أيضا في بعض مقاطعات سويسرا وفي بعض البلدان النامية كـ"سيرلنكا" مثلا بمساعدة بعض المنظمات غير الحكومية.
- هذا النموذجُ يَنتقِدُ النموذجَ الأول (نموذج التفقد الكلاسيكي الذي يُعدّ النموذج الأكثر شعبية في بعض الدول الفرنكوفونية مثل فرنسا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا ولبنان وفيتنام والسنغال وتنزانيا والمكسيك، وفي بعض الدول الأنڤلوفونية أيضاً.) يَنتقِدُ الثاني أيضاً (نموذج التفقد المركزي، يُطبَّقُ في بريطانيا): هذا النموذجُ الذي يعتمد طريقة الدعم عن قرب يَعتبرُ أن كل مدرسة تُمثلُ حالة فريدة من نوعها وعلى نظام التفقد عن قرب أن لا يعامل كل المدارس بنفس الكيفية (مثلما هو جارٍ به العمل في نموذجَي التفقد الكلاسيكي والتفقد المركزي).
- يعتمد هذا النموذج على المراقبة عن بعد والدعم والعلاج عن قرب. يتركَ المدارسَ المتفوقةَ نسبيا تتصرف بحرية واستقلالية وتسيير ذاتي. هذا النموذج يهتم خاصة بالمدارس الأكثر ضعفا والتي تعاني من مشاكل وتحتاج إلى دعم.
- اختار نظام التفقد في الشيلي 900 مدرسة ضعيفة -حسب نتائجها- من بين 9000 مدرسة موجودة في البلاد وقرر مساعدتها ودعمها للنهوض برسالتها التربوية على أحسن وجه ممكن.
- لم يَعُد يُسمَّى القائم بمهمة التفقد متفقدا بل يُسمَّى "مشرفًا تقنيًّا بيداغوجيًّا".
- يتكفل كل مشرفٍ بمدرستين أو ثلاث مدارس فقط، ولا يقتصر دوره على المراقبة فقط مثل متفقد النموذج المركزي بل يقوم بالعمل مع إطارات المدرسة في ورشات على مدى ثلاث سنوات لتحسين النظام التربوي داخلها. مهمة المتفقد-المشرف ليست بسيطة بل معقدة وهي توفر حلولا أكثر من أن تخلق مشاكل. يقوم المتفقد-المشرف بدوره كممثل للإدارة المركزية وفي الوقت نفسه كمرافق للمدرِّسين، يشرّكهم في تحمّل المسؤولية التربوية ويحثهم على الاجتهاد لإيجاد حلولٍ من صنعهم، حلول تكون ملائمة لهم ولبيئتهم ومدرستهم. يتكون فريق العمل من المتفقد-المشرف والمدرّسين والمدير، ويرأس هذا الأخير الفريقَ وله الحق في تفقد المدرّسين العاملين في مدرسته.
- يتكون سلك التفقد في الشيلي من نواةٍ مركزيةٍ قليلةِ العددِ، متركبةٍ من خمسة أو ستة متفقدين-مشرفين تقنيين بيداغوجيين عامّين (هم الذين يحددون سياسة نظام التفقد)، ومن جهازٍ جهويٍّ (يتكفل بتكوين المتفقدين-المشرفين التقنيين البيداغوجيين المحليين)، ومن جهازٍ قريبٍ من المدارس (حيث يوجد العدد الأكبر من المتفقدين-المشرفين التقنيين البيداغوجيين).
- قللَ النظام التربوي في الشيلي من عدد المدارس المحتاجة حتى يستطيع توفير متفقد-مشرف تقني بيداغوجي عن قرب لكل مدرستين أو ثلاثة مدارس ضعيفة.
- يُعْفَى المتفقد-المشرف التقني البيداغوجي من الاهتمام بالمسائل المالية الخاصة بالمدرسة لكي يتفرغ لمهمة الدعم والعلاج.

2. ما هي نقاط القوة في نموذج التفقد الذي يعتمد طريقة الدعم عن قرب؟
- نظامُ تفقدٍ هرميٍّ حيث يوجد عددٌ قليلٌ من المتفقدين-المشرفين التقنيين البيداغوجيين في القمة، والعدد الأكبر من المتفقدين-المشرفين يتواجد في القاعدة قرب المدارس، يعني في المكان المناسب الذي نحتاجهم فيه. بيروقراطية قليلة ورجالُ ميدانٍ كُثرٌ.
- طاقم عمل قادر على تقديم خدمة مرنة للمدرسة والمجتمع، يركّز على المدارس الأكثر ضعفا من غيرها.
- هذا النموذج من التفقد تخلّصَ من عِبءِ التفقد الإداري وركّز على التفقد البيداغوجي والدعم والعلاج عن قرب للمدارس الضعيفة.

3. ما هي نقاط الضعف في نموذج التفقد الذي يعتمد طريقة الدعم عن قرب؟
- هذا النموذج لا يشمل كل المدارس في البلاد.
- عند تطبيق هذا النموذج، تتحسن المدرسة ببطء شديد.
- يتطلب هذا النموذج قاعدة بيانات رقمية مفصلة جدا قد لا تكون متوفرة في البلدان النامية.
- يتطلب تغييرا جذريا في ثقافة التفقد البيداغوجي: لماذا لا نطلب من المتفقد تغيير مقاربته الذاتية فرديا حتى نحرره من سيطرة جهاز تفقد يعتمد على المقاربة القديمة التي تنظر بنفس العين إلى كل المدارس، وكأنها متساوية، وهي في الواقع متفاوتة حتى في بلدان النموذج الكلاسيكي والمركزي المتقدمة كفرنسا أو النامية كتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا ولبنان.
- من حسن حظ الشيلي أين يُطبق هذا النموذج أن عددَ مدارسها الضعيفة قليلٌ نسبيا، لذلك قد يَصعب تطبيق هذا النموذج في جل البلدان النامية حيث تحتاج 90 في المائة من مدارسها للدعم والعلاج عن قرب. لكن يبقى دائما من الأفضل أن نقدّم الدعم والعلاج عن قرب بصفة جدية لثلاث مدارس ضعيفة فقط عوض أن نقدمه بصفة سطحية لـ25 مدرسة ضعيفة.
- المدرسة، التي تمتعت بمساعدة المتفقد-المشرف لمدة ثلاث سنوات فقط، قد تنتكس بعد مدة قصيرة وتعود من جديد لمجابهة مشاكل جديدة، لذلك يفكر المتفقدون-المشرفون على هذا النموذج في الشيلي في تمديد مدة الإشراف على المدرسة والدعم عن قرب إلى خمس سنوات عوض ثلاث فقط.
- استعانت الوزارة في هذا البرنامج بالمتفقدين القدامى الذين عملوا في فترة حكم "بينوشيه" بعد ما أقنعتهم بالمقاربة الجديدة وهي مقاربةُ الدعم والعلاج عن قرب عوض التفقد الكلاسيكي المعمول به قبل 1990 أي في عهد "بينوشيه".

4. اقتراح كيفية تطبيق هذا النموذج في تونس
تَحَدٍّ تربويٌّ أوجّهه إلى وزارة التربية وجيشها العرمرم من المتفقدين البيداغوجيين!
ما سأحبّره قد يبدو للبعض بِدعةً لكنها بِدعةٌ علميةٌ، وبِدَعُ العلم تمثل معالِمَ على الطريق، حتى ولو كانت شاذة عن السائد.
محمد كشكار يُنبّه ويقول ويكرّر: متفقدونا البيداغوجيون ينقصهم التكوين في الديداكتيك (هي فلسفة التعليم والتعلّم) وفي علوم التربية (Pédagogie, Docimologie, Psychologie de l’enfant, TICE, etc).
محمد كشكار يضيف: متفقدونا البيداغوجيون ينقصهم التعمّق العلمي في اختصاصاتهم، وزادهم العلمي لا يفوق ما يتمتع به جل المدرسين، أغلب متفقدينا لم يحصلوا على كفاءة "التبريز" في اختصاصاتهم (L’agrégation n’est pas un diplôme universitaire)، لكنها في التعليم الثانوي أكثر نَفْعًا من شهادة الدكتورا (في فرنسا كل المتفقدين مبَرَّزين).
محمد كشكار يستنتج: متفقدونا البيداغوجيون -على حالتهم اليوم- يمثلون جزءًا من المشكل وليس جزءًا من الحل!
متفقدونا البيداغوجيون الأجلاء يؤكدون العكس، ويزعمون أنهم الأقدر والأكفأ على إبتكارِ حلولٍ ملائمةٍ لجل الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي!
محمد كشكار يرد الحجة بحجة أقوى: " ﻧﺎﺱ ﺑﻜﺮﻱ ﻗﺎﻟﻮ: حصاني يصف السدرة. قالُّو: هاو الحصان وهاي السدرة".

هيّا تعالوا نفعل مثلما فعلت دولة الشيلي عندما قرّرت إصلاحَ نظامها التربوي:
في تونس، عندنا حوالي 6000 مؤسسة تربوية (مدارس وإعداديات وثانويات) وعندنا حوالي 600 متفقدًا. فلماذا لا نفعلُ مثلما فعلت دولة الشيلي: أي نختارُ منها 600 مؤسسة تربوية الأقل حظًّا (تعاني من ضعف النتائج في الامتحانات الوطنية أو من تزايد الانقطاع المبكّر أو من التغيّب المكثف للمدرسين والتلامذة، إلخ.)، ثم نبعث لكل واحدة منها متفقدًا يسكن فيها، يتعاون يوميًّا مع إدارتها ومدرّسيها على تذليل الصعوبات اللوجستية وتجاوز العوائق التعلمية، ولا يغادرها إلا بعد تحسّن نتائجها حتى ولو تطلب الأمر تمديد إقامته فيها بعامٍ أو عامين.

ملاحظة: سيحتجون عليّ ويقولون: "لكل متفقد اختصاصه". أجيبُ سادتي الأفاضل: البيداغوجيا هي معرفة أفقية عامّة وليست خاصة بمادة معيّنة (الديداكتيك أو إبستمولوجيا التعليم هي وحدها الخاصة والمتعددة: ديداكتيك البيولوجيا، ديداكتيك الفيزياء، ديداكتيك العربية، إلخ.).

Source d’inspiration : Conférence d’Anton DE GRAUWE, spécialiste des programmes, Institut International de la planification de l’éducation, UNESCO


إمضائي (ترجمة وتأثيث مواطن العالَم (Docteur en didactique de la biologie, UCBL1, 2007)):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو حدثك واحدٌ بوضوحٍ تامٍّ عن الوضعِ، فالأفضل أن لا تصدقه بل ...
- بعض النماذج التعلّميّة المُعْتَمَدَة في العالَم؟
- كلنا أنانيون وغير الأناني فينا نتهكم منه ونحبِطه!
- أما آنَ الأوانُ للأستاذِ أن يَتحوّلَ من -ناقلٍ للمعرفةِ- إلى ...
- يبدو لي أن كل الحضارات بُنِيَتْ وطُوِّرَتْ على الطمعِ والأنا ...
- في تونس اليوم فئتان متصارعتان بصمت، فمِن أي فئة أنت وفي أي م ...
- مفاهيم إسلامية إشكالية أودُّ لو تُطرَحُ على عموم التونسيين ل ...
- صرخةُ كشكارْ ضد أندادِه الكِبارْ !
- حكايةٌ مسيحيةٌ طريفةٌ جدّاً !
- حكايةٌ جزائريةٌ طريفةٌ: للعبرةِ وليستْ للمزايدةِ !
- سلوكٌ حضاريٌّ مثاليٌّ بغض النظر عن دِينِ مَن قام به، في الآخ ...
- ظاهرة المحافظين في العالم (البروتستانت والسلفيين) ؟
- تخلفُنا في تونس: هل هو نِتاجُ عقليتنا -المتخلفة- أمْ نِتاجُ ...
- ما هي الصفة الأساسية اللصيقة بالأشياء غير النافعة ؟
- السلفية الجهادية، حركة رجعية دولية ومسلحة ؟
- إشكالية خطأ التلميذ في المدرسة؟
- جيلُ الشيوخِ جيلِي، جيلٌ كالطبلِ، الخطاب العالي والوِفاض الخ ...
- اليسار في العالم يسارات مختلفة المسارات؟
- دُعَاءُ الغَضَبْ !
- صراع نقابة التعليم مع وزارة التربية: يبدو لي أن الوالدتين ظه ...


المزيد.....




- موسكو تؤكد استعدادها مع بكين للمساعدة في تحقيق الوحدة الفلسط ...
- هنية يهاتف وزير المخابرات المصرية بشأن مفاوضات وقف إطلاق الن ...
- مجموعة ملثمة مؤيدة لإسرائيل تهاجم مؤيدين للفلسطينيين في جامع ...
- شاهد: انهيار طريق سريع جنوبي الصين يودي بحياة 48 شخصاً
- واشنطن تعتبر تصريحات قيادة جورجيا حول تهديدات الغرب تقويضا ل ...
- عالم أحياء يكشف الخصائص المفيدة لزهور الزيزفون
- الشمس تومض باللون الأخضر لبضع ثوان في ظاهرة نادرة للغاية
- تحذيرات من علامات في كتبك القديمة قد تعني أنها -سامة عند الل ...
- الإعلام العبري يكشف عن انتشار غير عادي للجيش المصري على حدود ...
- دراسة تونسية تجد طريقة بسيطة لتعزيز فقدان الوزن


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - اقتراحٌ تربويٌّ قد يكون جزءاً من الحل لإصلاح التعليم في تونس؟