أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حجاج نايل - سلسلة مقالات الاخوان 2 من 8 السقوط الكبير /// فروع الخارج متاهة التفكك والانهيار















المزيد.....


سلسلة مقالات الاخوان 2 من 8 السقوط الكبير /// فروع الخارج متاهة التفكك والانهيار


حجاج نايل

الحوار المتمدن-العدد: 6686 - 2020 / 9 / 24 - 23:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة لابد منها
هكذا سقطت لويز ، مع الاعتذار الي يوسف شاهين في فيلم الناصر صلاح الدين ، او هكذا سقطت جماعة الاخوان المسلمين، بعد اول اختبار حقيقي ومحك جدي في حكم البلاد والعباد ، فكان فشلهم الذريع في حكم الدولة المصرية 2012 - 2013 ، وسقوط كل اوراق التوت من عوراتهم ، التي تأذي من قبحها الملايين ، وللسقوط عشرات الاسباب التي لا مجال لسردها هنا بل ستكون في موضع اخر من مقالات السلسلة ، لكن ما يهمني هنا هو مآلات هذا السقوط ، وهذا التحول الدراماتيكي ، في برامجها وشعاراتها العامة، والتي تمسكت بها لعقود طويلة ، وعقيديتها المزيفة تاريخيا ، والترحال المخزي والعلني والفج عن نعيق وضجيج المظلمة التاريخية ، فمن البكائية التاريخية و شعار الاسلام هو الحل وتطبيق شرع الله والحكم بشريعة الاسلام ، الي الارتماء في أحضان الدولة الوطنية الكافرة في بلدان عدة ، وطرح برامج اصلاح وسياسات وتوجهات لازالت تسبح في مدرات التية والمتاهة بلا سكينة او مرفي ، تحط عليه لكنها ابعد ما تكون عن تعاليم المؤسس ، والاباء الاولين وأئمة الجماعة ، واقرب ما تكون الي الحداثة والمعاصرة ، بل تبدو في بعض الاحيان أعلي سقفا من الطرح الاصلاحي للتيارات المدنية والليبرالية كما ورد في المقال السابق ، وبذلك فهم انسلخوا وتخلوا عن الاسلام شريعة وحكما ، وقفزوا علي الوهم التاريخي لتمسكهم بقواعد الفقة الاسلامي واحكام الشريعة أوحكم الشرع ، انسلخوا بلا عودة فهل هي هزيمة ونكسة ساحقة لهذه الجماعة ، ام محاكاه الحرباء في تلوين جلدها بالوان الواقع المتبدل والمتغير ، ووفقا لوثائق السقوط المتعاقبة ، والحديث هنا عن افرع الجماعة وتنظيماتها المتواجده في بعض الدول المجاورة.

الحركة الاسلامية في الاردن

فنجد فرعهم الاردني والذي تأسس عام 1945 ، أصدر واطلق في 17 يونيو 2019 وثيقة سياسية ، معتبرين انها الوثيقة الاهم في تاريخ الجماعة الاردنية ، وبعد 7 سنوات فقط من فشل وسقوط الجماعة الام في مصر، تسمي الوثيقة السياسية للحركة الاسلامية في الاردن ، في 22 صفحة اشتملت الوثيقة على 14 مبدأ لتوجهات سياسية عامة للحركة، أبرزها: الحرية، والتعددية والتنوع، ودولة المواطنة، والدستور الأردني والإصلاح الشامل، والمشاركة السياسية والشعبية. وما ورد في وثيقيتهم يؤكد بلا شك براجماتية واصلاحية الجماعة الاردنية ، وتخليها التام عن كل ما يشير الي الشعار التاريخي للجماعة تطبيق الشريعة او الاسلام هو الحل ، ويؤكد ايضا تشككنا ورؤيتنا في هذه السلسة بانها جماعات سياسية ، ترتدي ثوبا دينيا ممزقا ومهلهلا كمجاذيب الموالد الشعبية ، وهم يركضون تجنبا لحجارة الصبية بذقون طويلة ممتلئة بغبار السنين ، فلقد طرحت الوثيقة طرحا علمانيا يفوق او يماثل تقريبا طرح الاحزاب اليسارية والعلمانية ، في موضوعات المواطنة والمراة والحريات والتعدد والتنوع واحترام الاخر وثقافته ، والتاكيد علي عدم التمييز علي اساس الجنس او اللغة او العقيدة او العرق او الطائفية او الفكر ، وكذلك اكدت علي احترام دستور البلاد وطاعة الملك واحترام الديمقراطية المعاصرة ومبأدي الليبرالية والحقوق والحريات والمساواة التامة والكاملة بين الرجل والمراة وتمكين المراة في كل المجالات ، واشد ما يثير الدهشة والسخرية في هذه الوثيقة هو اهدافها التي تجاوزت الخطوط الحمراء في العقيدة الاسلامية و تعاليم المؤسس حسن البنا ، وعلي رأس هذه الخطوط الحمراء حرية الاعتقاد نعم حرية الاعتقاد والتعددية والتنوع والانتماء للوطن يتقدم علي ما سواه من انتماءات .... ، صفحة 13 من الوثيقة.
وبالبحث عن اي اشارة للاسلام وحكم الشريعة في الوثيقة وكأنك تبحث عن وهم ان تجد سمكة قرش في انبوب اختبار.

حركة النهضة التونسية

علي الجانب الاخر إقرار حركة النهضة الإسلامية في تونس، في مايو 2016 ، خلال مؤتمرها العاشر، وبعد أربع سنوات فقط من السقوط الكبير في مصر واتخاذاها قرار الفصل بين أنشطتها الدينية والسياسية، والتحول إلى حزب مدني ، بصورة دفعت العديد من المراقبين الي التاكيد علي ان قرارات المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية يؤسس لانقلاب تاريخي في فكر الحركات الإسلامية المعاصرة ، كما يري البعض الاخر أنه تحوّلًا دراماتيكيًّا في البنية الإيديولوجيّة لواحدةٍ من أهمّ حركات الإسلام السياسيّ في العالم العربيّ؛ ففكُّ الارتباط بين الدين والسياسة هو جوهرُ الفكر العَلمانيّ ، فماذا تبقي لحركة النهضة لكي تصنف نفسها بوصفها حركة تتنمي الي الاسلام السياسي ، كما تساءل بعضُ المحلّلين السياسيين: هل تخلّتْ حركةُ النهضة عن مرجعيّتها الإسلاميّة ، وفي مقال للكاتب جعفر البكلي يري فيه في ان تفكير الغنوشي شاهد تطورا مناقضا لمرجعيته الاسلامية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وظهر ذلك بوضوح خاصّةً في موقفه القابل بقوانين مجلّة الأحوال الشخصيّة التي صدرتْ في 13/8/1956، في بداية حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، ومُنحت النساءُ التونسيّاتُ بموجبه حقوقًا تتعارض مع التشريع الإسلاميّ،، كمنع تعدّد الزوجات. هذا الي جانب أن الغنوشي، أثناء سنوات نفيه من تونس، وإقامتِه الطويلة في بريطانيا، أعاد صياغةَ أفكاره الإسلاميّة من جديد ، لكيْ تكون أكثرَ انسجامًا مع بعض مبادئ الميثاق العالميّ لحقوق الإنسان؛ فقَبِل بمبدأ المساواة بين الجنسين، وبمبدأ حريّة المعتقد. بل إنّ الرجل مضى شوطًا جديدًا في تحوّلاته، عندما قبل بعدم الاحتكام إلى قوانين الشريعة الإسلاميّة وحدودِها وضوابطها الصارمة. واخيرا قبوله وموافقة الحركة علي القوانيين التي صدرت في العام الماضي بالمساوة في الميراث بين الذكور والاناث في تونس ، في تناقض صارخ وصريح مع قواعد الشريعة الاسلامية
وبالبحث عن اي اشارة للاسلام وحكم الشريعة في وثائق حركة النهضة التونسية كأنك أيضا تبحث في وهم ان تجد سمكة قرش في انبوب اختبار.

حركة حماس فلسطين

وفي سياق متصل قامت حركة حماس في غزة ، بانقلاب تاريخي علي مرجعيتها السابقة ، التي وردت في ميثاق الحركة الصادر في اغسطس عام 1988، والذي نص علي أن حماس فرع لجماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، و أن أعضاءها مسلمين "يخشون الله ويرفعون راية الجهاد في وجه الظالمين".، ونص الميثاق المشار اليه ايضا على أن "نضالنا ضد اليهود كبير جدًا وبالغ الخطورة" ، ويدعو إلى إنشاء دولة إسلامية في فلسطين ، ويضيف الميثاق أن "التخلي عن أي جزء من فلسطين يعني التخلي عن جزء من الدين" الإسلام. ويستطرد الميثاق أيضًا على أن حماس إنسانية، ومتسامحة مع الأديان الأخرى طالما أنها "تتوقف عن نزاع سيادة الإسلام في هذه المنطقة ، وفي جميع مواد الميثاق 36 مادة تسيدت لغة وخطاب جماعة الاخوان المسلمين ومنطلقاتها ، لكن وياله من سقوط مروع وتحول جذري في عام 2017 ، اي بعد خمس سنوات فقط من سقوط الجماعة الام في مصر، انقلبت حماس علي مرجعيتها السابقة في ميثاق 1988 رأسا علي عقب ، وفي مايو 2017 وفي مؤتمرها في الدوحة العاصمة القطرية ، اصدرت ما يعرف «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» وكما ورد في هذه الوثيقة ، فقد تخلت حماس جملة وتفصيلا عن جل ما ورد في ميثاقها السابق ، فلقد اعلنت انها حركة سياسية ، و شدد رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، على تغيير في النهج تجاه العقيدة اليهودية. وبالفعل اسقطت حماس في الوثيقة الجديدة كل ما يشير الي جماعة الاخوان المسلمين والشريعة الاسلامية والاسلام ، وذلك تجنبا لوضعها في سلة واحدة مع الجماعة الام ، التي صنفتها مصر وبعض الدول العربية الاخري كدول الخليج كجماعة ارهابية ، وفي السياق نفسه ، اكد القيادي في حركة "حماس" والنائب عنها في المجلس التشريعي، يحيى موسى، في حوار مع جريدة العربي الجديد اللندنية ، إنّ "الحركة كانت توصف باعتبارها حركة دينية، وكان يغلب عليها هذا الطابع.. الآن وبعد صدور الوثيقة الجديدة هي حركة مدنية ، مشيراً إلى أنّ "حماس" الأن تعتمد الخطاب السياسي واللغة السياسية والخطاب الوطني الجمعي، وتعتمد موضوع الشراكة الوطنية، والتعامل مع "الهوية كجامع وطني فلسطيني.
وبالبحث عن اي اشارة للاسلام وحكم الشريعة في وثائق حركة حركة حماس تحول الوهم الي ابداع مختلف وكأنك تبحث عن الفيل في علبة كبريت .

حزب العدالة والتنمية المغربي

وفي الشمال الافريقي حيث حزب العدالة والتنمية المغربي ، انجز مراجعاته في وقت مبكر، وغير متأثر بهزيمة وسقوط الجماعة الام في مصر، وذلك لعدة اسباب ابرزها علي الاطلاق تأثرة بنظيرة التركي اكثر من تأثرة بالجماعة الام في مصر ، واعتبار حزب التنمية والعدالة التركي نموذجا يمكن الاحتذاء به ، وربما ايضا لتاثره بجاره التونسي من ناحية ، والي هيمنة الثقافة الفرانكفونية علي العقل الجمعي المغربي من ناحية اخري ، لكن في الاخير يتميز التنظيم المغربي لجماعة الاخوان المسلمين منذ انشقاقه عن حركة الاصلاح والتجديد، بسعة الافق والامتثال لقواعد اللعبة السياسية في المغرب وفقا لخطابها الاصلاحي العلماني ولادواتها الحداثية المعاصرة ، والتي مكنته من الوصول الي السلطة في انتخابات برلمانية نزيهة في دورتين متتالتين 2011 و 2016 ، ويعرف الحزب نفسه بوصفة حزب سياسي وطني مغربي ، يسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي، ومزدهر ومتكافل. مغرب معتز بأصالته التاريخية ومسهم إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية ، أسسه المغربي عبد الكريم الخطيب سنة 1967، وذلك بعد انشقاق داخل الحركة الشعبية ، لكن في تقديري كانت الانطلاقة الفعلية لتأسيس الحزب في 1996، وعقب المؤتمر الاستثنائي الذي مكن القيادات الاسلامية من التغلغل في امانته العامة ، يترأسه الان سعد الدين العثماني خلفا للدكتور عبد الاله بن كيران ، وحسب محللين يعد من الأحزاب السياسية بنكهة اسلامية فاترة ، وفي ظني انها النكهة التي احاول الولوج بها الي قلب المعادلة الرئيسية في منظومة هذه الجماعات والاحزاب ، بأنها نكهة اصطناعية يتم استدعائها وفقا للمصالح والاوضاع والظروف الموضوعية والمتغيرة في تلك المجتمعات ، لكنه علي اي حال الحزب الأكثر انفتاحا على الحداثة «الإيجابية»، ويتمتع بديمقراطية داخلية فعلية قلما ان تجدها في جماعات وتنظيمات الاخوان المسلمون في اي بلد اخر، ومن هنا وعود علي بدء الي اي درجة ومدي تمتثل برامج واهداف وسياسات وعقيدة وايدلوجية حزب العدالة والتنمية المغربي الي قواعد الاسلام والشريعة والفقة الاسلامي ، ساكتفي هنا مستشهدا بالخبراء في الشأن المغربي ، ليز ستروم Lise Storm الباحثة في جامعة Exeter ببريطانيا ، تعتبر أن حزب العدالة والتنمية يمثل مفتاحا أساسيا للتحول الديمقراطي في المغرب، اعتبرت الباحثة أن هذا الحزب يشبه بقية الأحزاب السياسية المغربية، وينضبط لنفس شروط اللعبة السياسية، ولم يظهر أي مؤشر يثبت رغبته في تغيير قواعد اللعب، إضافة إلى كونه واحدا من الأحزاب التي يضمن وجودها في العملية السياسية استمرار المسار الديمقراطي، وأنه بالإضافة إلى شعبيته الواسعة، وقوته التنظيمية، يتمتع بديمقراطية داخلية تظهره في المشهد السياسي أكثر حداثة من الأحزاب السياسية الأخرى، بما في ذلك الأحزاب التي تنطلق من خلفية ليبرالية أو حداثية.
وفي نفس السياق اكد الباحث محمد الزهراوي، استاذ العلوم السياسية، جامعة القاضي عياض في دراسة للمركز الديمقراطي العربي أن حزب العدالة والتنمية المغربي وارتباطا بمجموعة من التحولات المعاصرة، خاصة بعد انتقاله إلى دفة الحكم، أصبح نسبيا يصوغ برنامجه الإصلاحي بطرق عصرية وبنزعة براغماتية متعددة المستويات، منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتتفادى في ذات الوقت التلويح بالخطابات التقليدية، كتطبيق الشريعة الإسلامية و الدعوة إلى إقامة الحدود ومنع المحرمات كالخمر والميسر والربا، مقابل إنتاجها مجموعة من الخطابات والسلوكات المتناقضة والتي تتعارض مع مرجعياتها، وتتمادى في تقديم تنازلات للسلطة الحاكمة تحت عدة مسوغات ومفاهيم تراثية إسلامية مثل الدعوة إلى اجتناب” الفتنة. وعشرات من ابحاث وشهادات الخبراء في هذا الصدد ، ايضا وعن المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات بالعاصمة القطرية الدوحة صدر تقدير موقف ، حول قرار البرلمان المغربي في 22 يوليو 2019 ، بالموافقة علي مشروعَ قانونٍ ، من شأنه إعادة التدريس باللغة الفرنسية رسميًا في المدارس المغربية، وهو تحولٌ عن سياسة التعريب التي استمرت أكثر من أربعة عقود. وصوّت بالموافقة علي "القانون الإطار للتعليم" 241 عضوًا في المجلس المكوّن من 395 عضوًا، بينما عارضه أربعة نواب، وامتنع 21 آخرون عن التصويت. لقد أثار التصديق على القانون جدلًا كبيرًا، وفتح الباب لعدد من الاسئلة وعلي رأسها ، الأسباب التي دعت حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، ويملك الكتلة الأكبر في البرلمان (125 نائبًا)، لتمرير قانونٍ يتعارض مع فكره ومرجعيته وبرنامجه ، وهذا بالتحديد ما احاول احاول جاهدا ان ادلل عليه في هذه السلسلة من المقالات ، بأن تلك الاحزاب التي تدعي انها اسلامية ودينية وتنتهج الحكم والمسئولية بشرع الله وباحكام الشريعة الاسلامية ، تمارس في طريقها للاستيلاء علي السلطة المظلومية التاريخية عبر استخدامها لشعارات دينية عامة وفضفاضة ، لتستجدي تعاطف الجماهير الشعبية البسيطة والمتأثرة بقداسة الاديان ، وبمجرد وصولها الي السلطة واستيلائها علي الحكم ، تمارس سلوكا سياسيا بامتياز ، وفق النهج المعاصر والحداثي لقواعد اللعبة السياسية ، وتضع ما كانت تتشدق به في تاريخها المزيف، تحت اقدام واحذية المصالح السياسية والاقتصادية لهذه التنظيمات ، وبهذا النسق المتكرر منذ التأسيس الاول للجماعة في عشرينات القرن الماضي ، فهي تمارس الخداع التاريخي والخداع الايدلوجي ، وتمارس التدليس الممنهج لاستقطاب البسطاء والطبقات الاجتماعية الكادحة ، والتي تري وتؤمن بأن الخلاص من القهر والفقر والفساد والاستبداد ـ هو بيد تلك الجماعات التي تمثل ظل الله علي الارض ، وتحمل التوكيلات الضامنة لحياة النعيم لهولاء البسطاء .
والحقيقة وإذاء النموذج المغربي للحالة العقلية والايدلوجية لهذا التيار لم يعد لدينا وهما ولا اسماك ولا فيله فنحن امام نموذج صارخ في اذدواجيته وكما اشار الخبراء تجاوز سقف العصرنة والحداثيه لديه الاحزاب اليسارية والليبرلية.

حزب العدالة والتنمية التركي

ويستمر مسلسل السقوط ومحاكمة الفارسة الصليبية لويز هبوطا في مسار تلك التنظيمات او المجموعات ، التي ارتبطت عضويا او تنظيميا او ايدلوجيا بجماعة الاخوان المسلمين ، وساختم مقالتي بهذ النموذج العبثي المهلهل والمخادع الاكبر من بين تلك التنظيمات او المجموعات وهو حزب العدالة والتنمية التركي ، والذي من اسف يعتبره الكثير من الحالمين بيتوبيا المجتمع المسلم نموذجا فذا ومعجزة بشرية ، حققت نجاح وحلم التجربة الاسلامية الي حدودها القصوي ، والحقيقة عكس ذلك تماما فخلال قراءتي وبحثي في منظومة الجماعات الدينية في العالم وارتباطها بالعمل السياسي ، لم اجد تنظيم يمارس الاحتيال والزيف والتدليس والخديعة الفكرية والايدلوجية بقدر ما يمارسة التنظيم التركي ، وتماهيا مع هذ التسطيح والفبركة نشرت احد الدراسات تلك الفبركات في محاولة لإبهار العقل الجمعي المسلم ودفعة للمطالبة بتكرار النموذج التركي في البلدان العربية والاسلامية ، الدراسة عن معهد بروكنجز ومقره العاصمة القطرية الدوحة ، للباحث احمد ت كور وبعنوان ، هل يمكن أن يكون حزب العدالة والتنمية التركي نموذجا للأسلاميين العرب؟ ويستعرض في متن الدراسة ، جولات ورحلات طيب رجب اردوغان في كل من مصر ولبييا وتونس بوصفه رئيسا للوزراء التركي في ذلك الوقت سبتمبر 2011 ، وأشارته المتعددة في تلك الدول بأن تركيا دولة علمانية بقيادة حزب اسلامي ، موضحا بأن هناك تفسيرات عدة للعلمانية ، و أن الدولة العلمانية ليست ضد الدين ولكنها تكفل الحرية الدينية ، وأشار وأن حزبه يعبر عن الدولة العلمانية ”بأنها محايدة تجاه جميع الجماعات الدينية ، مؤكداً أن المسلم يمكنه إقامة دولة علمانية بنجاح ، انتهي كلام اردوغان ، واستطرد الباحث في تعريف انواع واصناف واشكال العلمانية ، من علمانية سلبية وعلمانية اقصائية ، مؤكدا علي أن العلمانية الاقصائية تتطلب من الدولة أن تلعب دوراً نشطاً في استبعاد الدين من المجال العام وجعله شأناً خاصا ، في حين أن العلمانية السلبية“،تتطلب من الدولة القيام بدور سلبي في إتاحة الممارسة العامة للدين.
وانطلق الباحث احمد كورو ، من هذا الاكتشاف اللوبي والجهبذي واللوذعي ، ليطرح قضيتين ، الاولي ان ما يحدث في تركيا اعجاز بشري منقطع النظير ، وهو حكم اسلامي بدولة علمانية ، وان ذلك ممكن وفق شعار العلمانية السلبية الذي عرفه سابقا ، والثانية يعبر عن اندهاشه لماذا لم تقتدي الدول العربية والاسلامية بهذا النموذج الفذ ، ويتهم هذه الدول بالغباء والحماقة وضيق الافق والاستبداد، لانها لا تطبق النموذج التركي ، انتهي حديث الدراسة.
الحقيقة لدي ثلاث ملاحظات في التعاطي مع هذه الدراسة ، التي استندت الي مغالطات فكرية ومنطقية مخيفة ومرواغة، ناهيك عن الخداع البصري والعبث بالمصطلحات العلمية والسياسية التي استقرت مفاهيميا منذ عقود طويلة ، كمصطلح العلمانية وتقسيمه الي سلبية وايجابية وفق حسابات ميتافزيقية عرجاء ، والتي اقل ما توصف به انها خدعة واحتيال فكري علي طريقة السحرة غير الموهوبين في الموالد والاحتفالات الشعبية.
الملاحظة الاولي ، ان النموذج التركي نفسه نموذج لا يعبر عن ما جاء في مضمون الدراسة ، فهو نموذج مختل ، لأنه نموذج علماني ، بالمعني الاوحد المتعارف عليه ، وهو فصل الدين عن الدولة ، علي مستوي القوانيين والتشريعات وشكل وطبيعة والدولة ، فهي دولة لم تطبق قانون واحد من قوانيين الشريعة الاسلامية ، وفي بلد ينص دستوره علي انه دولة علمانية المادة 2 من الدستور التركي – دستور تركيا 1982 (المعدل 2017) الجمهورية التركية جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية، تقوم على سيادة القانون؛ في حدود مفاهيم السلم والعلم والتضامن الوطني والعدالة، مع احترام حقوق الإنسان، والولاء لقومية أتاتورك، وتقوم على المبادئ الأساسية الواردة في الديباجة ، وفي المادة 4 لا يجوز تعديل أحكام المادة 1 من الدستور التي تحدد شكل الدولة كجمهورية، وأحكام المادة 2 بشأن سمات الجمهورية، وأحكام المادة 3 لا يجوز التقدم بمقترح ضد مبأدي اتاتورك،. وفي بلد يسمح ويرخص علنا للدعارة وفي بلد لم تجرم قوانينها الخيانة الزوجية في بلد يساوي بين المرأة والرجل في الحقوق وفي جلّ القطاعات المادة 24 التي تنص على أن الجميع يملكون حرية المعتقد والعبادة وحرية إقامة المراسم والاحتفالات الدينية ، شرط عدم المساس بأحكام المادة 14 التي تحظر النشاطات المنافية للعلمانية ، والممارسات الديمقراطية، ومن ناحية اخري استحالة تصنيف الدولة التركية بوصفها دولة إسلامية ، لمجرد إشارة قادتها بأنهم مسلمين ، وهي في الحقيقة اشارة لاتغني ولا تثمن من جوع ،وليس لها تأثير علي اي من مسارات الدولة العلمانية في تركيا ، واجمالا ليس في هذا البلد ما يعبر عن او يعكس تلك التوجهات الاسلامية ، لا علي مستوي القوانين والتشريعات ولا علي مستوي الممارسة الفعلية لحاجيات المجتمع التركي.
الملاحظة الثانية ، لا يوجد في اي من العلوم الانسانية والاجتماعية والسياسية تاريخا وحاضرا ، ما يمكن البناء علية ايدلوجيا او حتي علي صعيد الممارسة ، ما يتفق وهذا التلفيق والاحتيال المتعلق بتقسيم مفهوم العلمانية ، الي سلبية وايجابية ، فهي فبركة لخدمة ودعم نموذج وهمي لا وجود له الا في رأس صاحبه ، وحسب كل قراءات الحاضر والتاريخ والمستقبل ، العلمانية لها تعريف واحد وهو فصل الدين عن الدولة ، من خلال انساق قانونية وتشريعية ومجتمعية محددة للغاية ، وواضحة المعالم ، ومن بين هذه المعالم انه لا دين للدولة الدين للافراد فقط ، ومن بين هذه المعالم ايضا واهمها ان لا يرسخ حاكم الدولة لديانته وعقيدته الخاصة ، والتي يفتتح بها خطاباته بأيات قرأنية ، ويمارس التبشير الديني في سلوكه السياسي ، فهذه ليست العلمانية سواء كانت سلبية اوايجابية ، ربما كان علي الباحث إستبدالها بالفوضوية ، وبغض الطرف عن الاليات والتفاصيل المتصلة بتطبيق مفهوم العلمانية في دولة ما ، فاستحالة ان يقدم القائمين علي الحكم في هذه الدولة انتمائهم الديني علي الانتماء الوطني الجامع ، كما يفعل الخليفة التركي وحزبه في كل مناسبة ، باعتبارهم يمثلون الديانة الاسلامية ، ومن ثم التحايل علي المصطلحات السياسية وتوجيه خطاب معرفي يضع المفاهيم العصرية والمصطلحات المحددة والحديثة علي عمامة وجلباب هذه الدول وحكامها ، هو من قبيل الترهات وتخاريف النوم المتأخر، واشد ما يدهشني هو قيام مراكز بحثية ذات ميزانيات ضخمة ، بنشر هذه التسطيح دون تأصيل فكري وامبريقي له.
الملاحظة الثالثة والاهم هو الفشل الكبير للخليفة التركي والدولة التركية ، في الانضمام للاتحاد الاوربي ، بعد سنوات طويلة من من تنفيذ كل الشروط التي وضعها الاتحاد الاوربي ، والتي دفعت بالنظام التركي والدولة التركية ، بمرواحة مكانها بين التوجه الديني والاسلامي ورفاع شعارات الدولة الدينية ، من ناحية وبين الانفتاح الذي يؤهلها للانضمام للاتحاد الاوربي من ناحية اخري ، ويبدو لي ان هذا الترواح والذي حسمه البرلمان التركي بوقف مفاوضات الانضمام مع الاتحاد الاوربي ، ساهم كثيرا في الطنطنة بتلك التوجهات الاسلامية للدولة التركية ، كمعادل جغرافي وسياسي يمثل توازنا نسبيا لفقدان عضوية الاتحاد الاوربي ، لاسيما وأن التوقيت مواتيا من حيث تعاظم الدور الاقليمي للدولة التركية ، بعد الانتفاضات العربية والحراك الحدودي لسوريا والعراق ، وتقليم اظافر الجيوش العربية المناوئة للاتراك ، وسيطرة الحلم التاريخي علي رأس اردوغان بامكانية اعادة انتاج الامبراطورية العثمانية ، وتقاطع الجانب التركي مع مصالح اقتصادية وصفقات مالية ، انتجتها الاوضاع الاقليمية المتأزمة في عدد من البلدان المجاورة ، بل الاكثر من ذلك تجاوز حدوده الجغرافية طائرا الي لبييا ، واعتباره طرفا شريكا في معمعة شرق المتوسط وقواسمها المشتركة من الغاز والحدود البحرية، كلها امور انتجت قبعة اسلامية علي جسد علماني في درجة من التشوه والسقوط والارتباك ، قد تجهز تماما علي كل مسارات الدولة التركية الان وفي المستقبل القريب.

كندا
24 سبتمبر 2020



#حجاج_نايل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلسلة مقالات حول جماعة الاخوان المسلمين (1 من 8) جماعة الاخو ...
- في المسألة الناصرية 3 من 3 ---- إرث الحقبة الناصرية
- في المسألة الناصرية - سلسلة مقالات حول المسألة الناصرية 1 من ...
- في المسألة الناصرية 2 من 3 ---- سلفية العقل الجمعي الناصري
- مجتمع الميم وإنكسار ألوان القزح
- انتيفا الاخوان المسلمين بين مؤامرة ترامب وشفافية النظم المست ...
- العدالة في مصر الصعود الي الهاوية (3 ) دين ابوهم أسمه اية ؟؟ ...
- ميتافيزيقا المسوحات واعتذار واجب للزغبي وابوهلالة بين التشاء ...
- فيما وراء النظرية السياسية
- صفقة القرن قمة جبل الجليد
- 25 يناير المتاهة والحصاد المر اسئلة التاريخ
- العدالة في مصر الصعود الي الهاوية (2) السجن السياسي في مصر ب ...
- الازمة الليبية والتدخل التركي رؤية عبثية مغايرة
- الاريغورومحنة الهوية الهروب من جرائم الذات الي الاخر
- العدالة في مصر الصعود الي الهاوية (1 )
- حراك الشعوب وهن النخبة واوهام الرأس من يقود من ؟؟؟؟
- من السجن الي المنفي ياقلبي لا تحزن صكوك الغفران والمعارضة ال ...


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حجاج نايل - سلسلة مقالات الاخوان 2 من 8 السقوط الكبير /// فروع الخارج متاهة التفكك والانهيار