من المسؤول عن اغتيال انهار البصرة؟

عادل عبد الزهرة شبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 10:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

تعد البصرة من أغنى المحافظات العراقية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز , وتعتبر المنفذ البحري الوحيد للعراق والعاصمة الاقتصادية له , الا ان واقعها لا يتناسب مع الثروات التي تملكها ( مثل الجمل محمل ذهب ويأكل عاكول ) .
تشير الدراسات الى ان البصرة كانت تحتوي على نحو ( 635 ) نهرا صغيرا متفرعا من شط العرب من جانبيه الشرقي والغربي, حتى اطلق عليها الكلدانيون تسمية (( بصرياثا ) أي القنوات لكثرة الأنهار فيها منذ تلك الأزمنة , ومع ذلك تشكو البصرة اليوم من الإهمال وانحسار الزراعة بسبب شح المياه , اضافة الى عدم توفر المياه الصالحة للشرب مما يدفع سكان البصرة الى شراء مياه معدنية للشرب وهذا يعني زيادة كلفة المعيشة وخاصة بالنسبة للفقراء وذوي الدخل المحدود .
من ابرز انهار البصرة: العشار والرباط والخندق والخورة والسراجي والأبلة والداكير وابو فلوس وسيحان وبويب ( الذي ادخله السياب الى موسوعة الأنهر الأسطورية في قصيدته (( النهر والموت )) حين قال : (( بويب ... بويب .. اجراس برج ضاع في قرار البحر ...
الماء في الجرار والغروب في الشجر ...
وتنضح الجرار اجراسا من المطر ...
بلورها يذوب في انين ..
بويب يا بويب ...)) .. الى اخر القصيدة حيث يود لو يغرق فيه ليلقط المحار ويشيد منه دارا .....)
اضافة الى انهار ابو سلال وباب الهوى وشتوي والشبطانية وفجة العرب والمقام والشافي وعميش وغيرها كثير ..ومنحت الأنهار اسماءها للأحياء السكنية وصارت مدنا كبيرة مثل : العشار والمعقل والجبيلة والسراجي والرباط والخورة والخندق . ومعظم هذه الأنهار قد حفرت في العصر العباسي لأغراض الري , ويتراوح طول الواحد منها ما بين 10 – 12 كيلومترا حتى تبدو البصرة من الجو كأنها شبه جزيرة تحيط بها الأنهار من كل الجهات . كما لقبت المدينة باسم بندقية الشرق بسبب كثرة الأنهار فيها . غير ان البصرة اليوم لم تعد كما كانت تعرف سابقا بـ ( فينيسيا الشرق ) فقد بات كل شيء فيها ملوثا اليوم . وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية للبصرة واعتماد اقتصاد البلاد على نفطها , الا انها تتفوق على كثير من مدن العراق في المستوى المتدني للخدمات وتآكل البنى التحتية اضافة الى المشاكل الأمنية والاجتماعية والنزاعات العشائرية المسلحة .
تعاني انهار البصرة اليوم كلها بما فيها النهر الرئيسي شط العرب من التلوث الكبير , وكانت هذه الأنهار وقنواتها وتفرعاتها صافية وصالحة للشرب حيث ان التلوث الذي نشهده اليوم لم يكن موجودا لغاية مطلع السبعينات اذ كانت عمليات كري وتنظيف الأنهر الفرعية تجري باستمرار على مدار العام .
اسباب تلوث انهار البصرة :
مما ساهم في تلوث مياه شط العرب وانهار البصرة الفرعية الاخرى :
1) قيام ايران في السنوات العشر الأخيرة بتحويل مجاري انهارها التي تصب في شط العرب كنهر الكرخة والكارون و قطع نحو ( 35 ) رافدا رئيسيا كانت تصب في شط العرب فخسر العراق 80% من مصدر المياه هذا بسبب السلوك العدائي لإيران ولم يتبقى من الروافد الإيرانية التي تصب في شط العرب الا سبعة فقط مما ادى الى قلة مناسيب مياه شط العرب وارتفاع نسبة الأملاح فيه.
2) مياه البزل التي تطلقها السلطات الايرانية ( الصديقة !!!) في شط العرب ادت الى ارتفاع الملوحة في النهر والأنهار الاخرى , ما ادى الى قتل كافة اشكال الحياة في الانهار وحرمان سكان البصرة من شرب المياه النقية .
3) تهريب النفط الخام حيث تشير التقارير الى ان بحدود ( 300) ألف برميل يسرق يوميا من نفط البصرة الخام وهو ما تبلغ قيمته بحدود ( 20) مليون دولار. ويستخدم بعض المهربين طرقا بدائية تؤدي الى تسرب كميات من النفط الخام المهرب في مياه شط العرب .
4) طرح كثير من المصانع لفضلاتها من اسمدة كيمياوية ومواد غير عضوية كالنحاس والزئبق والرصاص وغيرها في شط العرب ادى الى زيادة نسبة السموم في مياهه وتلوثها . وان نحو ( 170) مصنعا متوسطا في البصرة تلقي نفاياتها المختلفة في انهر البصرة.
5) اضافة الى دور عوادم الزوارق ذات المحركات في انهر البصرة .
6) عدم كري الأنهار وتنظيفها لأكثر من ثلاثين عاما من المواد العضوية وغير العضوية .
7) زحف التربة من ضفاف الأنهار الى مياهها بسبب عدم رصفها بالحجارة مسببة تلوثها .
8) امتداد اللسان البحري من الخليج العربي الى مياه شط العرب القليل المياه مما يؤدي الى ارتفاع نسبة الأملاح فيه .
وسبب تلوث مياه شط العرب والأنهار الفرعية الأخرى الى موت الأسماك حيث تشير الأرقام العراقية الرسمية الى ان نسبة التلوث في مياه شط العرب وانهار البصرة الاخرى الى اكثر من 80 % وهو ما يحتاج الى 25 عاما لمعالجته وفق خطط علمية مدروسة ورصينة . وهذه النسبة تهدد وجود الأحياء المائية المختلفة التي ربما تتعرض للانقراض فيما بعد سنوات اذا ما استمر الحال على ما هو عليه( وهذا ما سيحصل فعلا, حيث ان ذلك ليس من اولويات الحكومة ). وتشهد مياه شط العرب نفوق آلاف الأسماك بشكل مستمر بسبب التلوث الذي اثر ايضا بشكل مباشر على الزراعة كذلك وموت اعداد كبيرة من اشجار النخيل في ظل عدم اتخاذ أي اجراءات حقيقية من قبل الجهات المسؤولة لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد البيئة في المحافظة.
ولغرض تحسين اوضاع انهار البصرة فمن الضروري :
1) تخصيص جزء من موارد البصرة لإنقاذ انهرها من التلوث بخطة يمكن ان تعطى لشركات متخصصة .
2) انشاء بوابات تستغل مياه المد ولا تسمح للمياه بالرجوع الى شط العرب اثناء الجزر .
3) رصف ضفاف الأنهر بالحجارة لمنع انزلاقها الى مياه النهر.
4) توعية السكان بالمحافظة على نظافة الأنهار وعدم رمي النفايات فيها .
5) منع المصانع المختلفة والمستشفيات برمي نفاياتها ومخلفاتها في الأنهر.
6) انشاء شبكة لتصريف مياه المجاري وعدم القاءها في الأنهار .
7) مكافحة تهريب النفط الخام ووضع حد للفساد المستشري .
8) الاستمرار في عملية كري الأنهار وتنظيفها على مدار السنة.
9) التفاوض مع ايران لوضع حد لإلقاء مياه البزل في مياه شط العرب وعدم تغيير مجاري انهارها التي تصب في شط العرب .
10) دراسة موضوع انشاء سد عند مصب شط العرب في الخليج العربي لمنع دخول اللسان الملحي الى النهر .
11) اتخاذ الاجراءات المناسبة لمنع المزارع العراقية من القاء مياه البزل في الانهار .
من الضروري العمل على تطوير الأنهار في العراق من خلال استثمارها في السياحة والنقل واقامة المنتزهات والمقاهي على ضفافها ورصف ضفاف الأنهار بالحجارة منعا لعوامل التعرية وانزلاق التربة الى مياه الانهار. ولكن من يعمل ذلك ؟؟؟

#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل