أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سربند حبيب - أكتب؛ لأنني موجود














المزيد.....

أكتب؛ لأنني موجود


سربند حبيب
قاص وباحث

(Serbend Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 10:23
المحور: الادب والفن
    


عندما تصبح الكتابة جزءاً من حياتك الوجودية في هذا العالم، وتصاحب وظائفك الاعتيادية كالنوم والأكل...، فأنت لا تفكر لماذا تكتب أكثر من التفكير؟ لماذا تتنفّس؟ ولكن انعدام الكتابة يعني انعدام التنفس.

فهي إذاً حالة صحية لدوام حياتك مع القلم والورق، وعدم الكتابة يعني إن هناك خلل في توازن طبيعتك البيولوجية، فعندما تدرك ذاتك مع تلك الشخصيات التي ترسمها وتضيع في دهاليز متاهة الحرف، تفقد حاسّة الواقع، وتعيش الحقيقة التي يجب أن تعيشها.

«لماذا نكتب؟!».
سؤالٌ جوهري يطرحه الكثير من الصحف والإعلام على الكتّاب في لحظات حرجة، حيث يرتبك البعض في الإجابة، فيتصنعون مواقف مثالية للتعبير عن خصوصيتهم في الكتابة وابتكار أجوبة تلفت النظر وتثير الاهتمام.

فأدونيس كان فجّاً كعادته: «أكتب لأدوّن ما قاله الله ولم يكتبه».
فالبعض يرى بأن الكتابة وهم سخيف يستبدّ من خلالها القارئ، ويسيطر على مساحة واسعة من تفكيره، وكأنه أحد مريديه الخاصّ عندما يتمثل الفكر واقعاً.

فالتشيكي «ميلان كونديرا» يقول: «الكتابة وهم سخيف، ذلك أننا مقتنعون بأننا نكتب لنقول ما لم يقله أحد، أي معارضة الجميع، الكتابة، إذن، هي متعة المعارضة، سعادة أن تكون وحيداً ضد الجميع، فرح أن تستفز أعداءك وتثير أصدقاءك، مع الأسف، بعد انتهاء الكتاب، نود أيضاً أن ننال الإعجاب، لا مفرّ من هذا الأمر؛ لأنه إنساني، ولكن كيف يستطيع أن يعجب مَن هو شغوف بتحدّي الكل؟ هذا هو التناقض الذي ترتكز إليه مهنتنا».

ثمة دوافع كثيرة للكتابة، فبعضهم يكتبون للمتعة والآخرون يعتبرونه مصدر دخل لهم، والبعض الآخر لغرض تغير الواقع والمجتمع، وهناك مَن يبحث عن الشهرة واثبات الذات، والآخر ليفرض فكره على القارئ بشكل خفي «التنمر السري».

فقد وضع «جورج أورويل» في مقالته المنشورة سنة 1946م: لماذا أكتب؟ قائمة بأربعة دوافع عظيمة للكتابة:
- الأنانية المطلقة:
أن يتم التحدث عنك، أن يتم تذكرك بعد الوفاة، أن تنتقم من الكبار في طفولتك... الخ.
- الحماسة الجمالية:
مسرّة تأثير وقع صوت على آخر، في انضباط النثر الجيد، أو إيقاع القصة الجيدة.
- الدافع التاريخي:
الرغبة برؤية الأشياء كما هي، بالعثور على الوقائع الحقيقية وحفظها من أجل الأجيال القادمة.
- الغرض السياسي:
الرأي بأن الفن يجب ألا يتعلق بالسياسة هو بذاته موقف سياسي.

برأي أنت تكتب لأن هناك قوة خفية تدفعك لفعل الكتابة، وما من سلطة تستطيع منعك والوقوف في وجه قلمك طالما هناك رغبة حقيقية لتفرغ رغباتك، ففي فيلم ريشات (Quills) نتلمس ذاك الكاتب الحقيقي في الزنزانة عندما يمنعونه من الأوراق والحبر، فيكتب بالنبيذ على ملاءات فراشه، يجردون غرفته من الملاءات ويمنعونه من النبيذ، فيجرح أصابعه ويكتب بالدم على ملابسه، وفي مشهد متقن جداً ينسل خارج زنزانته ويدور بين النزلاء ليقرؤوا ما كتبه على حلته الأنيقة، ثم يحبسونه في قبو مقيد بالسلاسل عارياً فيصل لذروة الحرب في تصميمه على الكتابة فيكتب ببرازه على الجدار.

إذاً الكتابة حالة شعورية لقلق لا شعوري وجودي وسخط عارم وانشقاق متمرد يعيشه الكاتب خارج ذاته، في لحظة غثيان الكلمة واندلاقها على سطح البياض، نعم إنها لحظة الضياع وسط رُكام الكلمات، عندما تأخذك فكرة إلى عالم آخر، وأخرى تُعيد بك من حيث أتيت، إذاً هي هوية الذات.

هي الأنا التي نبحث عنها في دهاليز الوجود المغترب عن ذاته، نحاول في كل مرة الاقتراب من هواجس الذات، نرسم بألوان المعاناة شيئاً يشبهنا؛ لعلنا نزيل الغبار المتراكم على ذاتنا، إنها لعبة بين الشعور واللاشعور، إنها محاكاة بين الأنا والآخر، إنها النافذة التي نحاول أن نطل منها إلى الحياة.

ولكن قبل التفكير في الكتابة، يجب أن نقرأ، فالقراءة هي النصف الآخر للكتابة. ويكتسي فعل القراءة ونوعيته قيمة مهمة في فعل الكتابة. فالكاتب هو أكبر قارئ، وتمكننا القراءة من امتلاك وعي مسبق بفعل الكتابة، كما تمكننا من الوعي بأبعادها الفنية كصنعة.



#سربند_حبيب (هاشتاغ)       Serbend_Habib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضحكة مسروقة... وبقايا أمل
- الفينومينولوجيا
- الملحمة الغنائية الغربية ( كارمينا بورانا )
- فيلم المنصة: أزمة البقاء من منظور طبقي
- فيلم (Henarê Bextwere) -الرمان المحظوظ - للمخرج الكردي : جان ...
- التشويق والاختزال للوجع السوري في رواية «رصاصة أخيرة»
- قراءة في كتاب السلوك والأخلاق للمفكر الأستاذ حميد بركي من إع ...
- قراءة في كتاب السلوك والأخلاق للمفكر الأستاذ حميد حسين من إع ...
- سينما بنكهة المسرح
- لعنة وباء الجلد
- - قلم حمرة - أزمة المكان في طغيان النص على الصورة
- قراءة في رواية - حفلة أوهام مفتوحة- للكاتب هوشنك أوسي
- مدينتي المنكوبة
- قراءة في رواية روجين للروائي - أيمن ناصر -
- - رسائل منسية على هوامش الحب والوطن- ديوان جديد للشاعر رشيد ...


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سربند حبيب - أكتب؛ لأنني موجود