أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - التشكيل المعاصر7 -المرأة الريفية في لوحات صالح المالكي















المزيد.....

التشكيل المعاصر7 -المرأة الريفية في لوحات صالح المالكي


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 6665 - 2020 / 9 / 2 - 17:15
المحور: الادب والفن
    


نعتذ للقارئ على عدم تمكننا من إرفاق المقال بلوحات تافنان
شكلت المرأة منذ القديم تيمة أساسية في مختلف الفنون الأدبية و التشكيلية، وكان لها حضور خاصة في النحت والرسم عبر منحوتات، نقوش ولوحات في المعابد والكنائس والأديرة، ومادة تعكس قدرة الفنانين على إعادة تشكيل ما تراه العين في لمسات جمالية تجاوز ما تراه العين إلى إبراز ما تحسه إزاء مكامن الجمال في الجسد الأنثوي...
لكن لمسات الفنان العراقي صالح المالكي في تجربته التشكيلية تتجاوز النظرة النمطية للمرأة، والصورة المستهلكة عنها في الفن والتي تكاد تشيؤها من خلال التركيز على مفاتن الجسد بإظهار هذا الجسد عاريا في بعده الأيروسي، أو إبرازها في وظائف أنثوية الإغرائية في مجالس الأنس والرقص منحية، متغنجة أو متكئة في منبع مائي ، منظر طبيعي أو على السرير... ولفت أنظار المتلقي إلى ما استدار وتكور وتغور في الجسد الأنثوي..


إن المتأمل في المرأة بلوحات صالح المالكي يدرك أنها امرأة فاعلة ديناميكية رافضة للجمود تحضر بكل هالات ورمزية الحياة الطبيعة والخصوبة، بأناة وكبرياء الترفع عن التشييء وحصر المرأة في كونها مصدر إغراء ، إغواء وإمتاع، فلا مجال في لوحاته للمرأة النائمة ، وكأن اللوحات تعلن رفضها الانحصار في زوايا منغلقة وأن تكون وظيفتها التزيين والديكور والإمتاع فقط ... جاعلة من المرأة قضية ، انتماء ووطن، فتنزل تلك اللوحات صورة المرأة من برج الأرستقراطيات الباذخات العاريات إلى بساطة المرأة الريفية حيث مواسم الحصاد والكد اليومي من أجل تأمين لقمة العيش والعمل في البيت وخارجه ، فتراها في لوحة تجتهد لإيقاد النار ، وفي أخرى تحمل فوق رأسها مؤونتها ، أو قد شمت عن ساعدها تتأمل ما ينتظرها من أشغال، والمرأة في جميع اللوحات رمز للوقار والعفة حتى في حفلات الرقص والأعراس، قوتها في بساطتها ، فرغم الخلفية الداكنة والثياب المحتشمة التي تكبح جموح الجمال المستور، وتغطي جميع مفاتن الجسد الأنثوي ، ورغم محدودية الألوان فقد استطاع الفنان إبراز الأنوثة من خلال الحشمة دون دلع ولمسات غير إيروسية ، ومن خلال البساطة وتناسق الألوان وجعل وجه المرأة مصدر الضوء مما يخلق متعة بصرية تتجاوز الإثارة وتشعر المتلقي بحيايدة ومحايثة الفنان ، وإن كان من المستتحيل الحديث عن فن أبيض، وفن محايد وخاصة في معالجة موضوع المرأة ، ذلك لوحات صالح تبدو أكثر حيايدة فهي لا تتثير أية جنسية ،سياسية، جنسية، طائفية، أو دينية وكأنما يقدم في لوحاته المرأة المكافحة في حياتها ، الرافضة للتحنيط في إطار ضيق التي تملك المتلقي بجديتها ولا تترك له أي فرصة للتمييز على أساس جنسي، عرقي أو ديني ، وترمي به في أتون صور منبثقة من الواقع وليس من الحلم والخيال، إنها تصوير لما هو كائن وليس لما ينبغي أن يكون، هكذا تستحيل كل لوحة تعبيرا، رمزا وعلامة دالة تختزل خصوصية الجغرافيا والتاريخ دون تعصب، ودون أن تكون صورة المرأة اختلاسا وتسللا لعوالم الحريم (الحرملك ) ما دامت عدسة الفرشاة تلقط المرأة في الفضاءات العامة، فلا حضور للمرأة النائمة، ولا إشارة للملابس الداخلية، ولا إظهار لأي عضو إثارة بل حتى الخطوط والظلال والمنظور والخلفية والكتل... وحتى إشراقة الشمس ومنبع الضوء... تكاد تبدو في لوحات صالح محايدة في فن لا حياد فيه، ومن تم تبعد اللوحات المرأة عن الشهوة اللحظية، والغريزة الآنية لتكرس سرمديتها، ودورها التكاملي في العمل مع الرجل...
صحيح أن اللوحات تركيز على المرأة العربية المحلية في زينتها، في لباسها و في عملها ووظيفتها الحياتية، لكن بتعال عن الفلكورية و استعراض الجوانب التي تستهوي الآخر فينا، وبتنزه عن تجنب السخرية من العادات، التقاليد والرموز الدينية والاجتماعية، فكانت اللوحات معرضا يعكس تفاصيل حياة النساء في الريف بطريقة تشعر المتلقي أن وراء كل لوحة حكاية... وتتوسع خيوط تلك الحكاية عندما تظهر المرأة وسط الجماعة في الأعراس والأعمال الجماعية عندما تغدو المرأة لمسة تضفي جمالا ضمن رؤية تشكيلية بانورامية متكاملة. سواء كانت كل شخصيات اللوحة نساء، أو خليطا من الرجال والنساء... لتختلف التقنيات التشكيلية بين رسم المرأة منفردة، ورسمها ضمن الجماعة، فإذا كانت لوحات المرأة المنفردة قد تميزت بخلفيات داكنة، محدودية الألوان، جعل وجه المرأة مصدر الإضاءة تبدد عتمة الخلفية الداكنة في لقطات متوسطة بؤرتها الأساس المرأة دون التزام بالمنظور ... فإن اللوحات الجماعية انفتحت على الأفق والخلفية المضاءة وانسيابية وشفافية الألوان في منظر بانورامي تتلاشى فيه الألوان نحو العمق وفق تقنيات المنظور بلمسات رومانسية تحمل الكثير من عبق النوستالجيا لصدى السنين المترسبة في أعماق النفس الشرقية، وحتى وإن ظهر الرجل في المستوى الأول من اللوحة، وتراجعت المرأة نحو العمق للمستوى الثاني فقد كانت المحتفل والمرحب بها، وما الرجال سوى عازفين أو راقصين مهللين لحضورها المحمولة وهي مصانة في الرقصة بوجود الرجل في طرفي صف الراقصين، أو وهي مهابة احمولة على الهودج و فوق الجمال، والرجال يقرعون الطبول وينفخون المزامير وقد اختار الفنان أن يضع على رؤوسهم كوفيات حمراء بألوانها الساخنة تعكس الحرارة الملتهبة التي أذكاها حضور المرأة في رؤوسهم، وإلا ما سر اقتصار البياض على كوفية الشيخين في يمين لوحة الراكبات على الجِمال ...

وعندما تتحول ريشة الفنان صالح نحو عمل المرأة الريفية، صبرها وكدها تكتب كل لوحة أساطير يعجز القلم عن شرحها، وتكون اللوحة وحدها القادرة على نقل ذلك الكم الهائل من الدلالات والمعاني التي تئن اللوحة بحملها، إذ تقدم اللوحات المرأة رمزا للعمل، الصبر، المسؤولية، القيام بالواجب في البيت وخارجه، وإذا كان المرء يبحث عن جواب سؤال الحواريين لعيسى (يا روح الله، كيف لنا، ندرك جماع الصبر ومعرفته؟) فما عليه سوى التأمل في تفاصيل لوحات المالكي ، ليدرك مدى صبر المرأة وقناعتها وتجلدها، وهو يراها تقف مرفوعة الهامة تمشى الهوينى بخطوات ثابتة غير متذمرة تحمل على رأسها أكواما ورزما من القش والكارتون في تحد وإصرار ، أو وهي منهمكة دون كلل في الحصاد، تتضاءل خصوبة الأرض أما خصوبتها ، أو وهي على ألة الخياطة ترتق ما قطعه الزمان، أو وهي تغمر كل ما ومن حولها بعطفها وحنانها... لتكون رمزية المرأة في هذه اللوحات اختزال لعطاء بدون حدود، سير دون تعب مهما اتسع المدى، وقدرة على التحمل مها ثقل الحمل... وما يوضح كل ذلك هو حرص الفنان على أن تظل المرأة محتفظة بابتسامتها، ونضارة وجهها، وطلاقة أساريرها، مجدة تعمل في همة ونشاط بدون انتظار أجرة أو ثناء أحد، تحب وتقبل على ما تقوم به دون تذمر، والصبر ضياء الوجوه، وتبديد لعتمة الكلل،
بتقديم المرأة في صورة الخادمة غير المخدومة، العاملة غير الكسولة، النافرة من الهجوع والخلود للفراش... تكون المرأة في لوحات المالكي معادلة للحياة، وحتى وإن أوحت ملامح النساء للبعض بالفقر والأمية، فإن ذلك لم ينقص من قيمة المرأة، كمحرك ومحور الحياة الريفية، فقد يعتل الرجل أو يغيب في اللوحة وتستمر الحياة، لكن لا تستقيم حياة في البادية دون امرأة، إنها نصف المجتمع والمسؤولة عن تربية وتنشئة وإسعاد النصف الآخر



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشكيل المعاصر 6– واقعية عادل أصغر بين المحلية والعالمية
- التشكيل العربي المعاصر :5 الرسم بالقهوة وحرق الخشب في تجربة ...
- هل كانت -زينب- فعلا أول رواية عربية؟
- -وفاء الحمار-: مقطع من رواية انتقام يناير
- متاحف العالم في الرواية العربية بحث غير مسبوق
- التشكيل في الثقافة العربية 2 - تناسل الدلالات بين النقطة وال ...
- التشكيل في الإبداع العربي 1- مسرحية ديبليكاتا
- ليلة الإبداع الفلسطيني بآسفي
- العنف الرقمي والجريمة الإلكترونية في الوسط التعليمي
- نادي القلم المغربي يحتفي بأشوطة المطر
- نور في الظلام شريط سينمائي طويل لخولة بنعمر حول الإعاقة البص ...
- مرفولوجية الخرافة المغربية ( حكاية غلاب نموذجا )
- الملتقى الوطني للحكاية الشعبية
- الأساتذة المبدعون
- افتتاح مهرجان السينما والأدب بآسفي/المغرب
- مهرجان دولي يفتح اسفي على السينما والأدب
- -دموع الرمال- فيلم يكشف ما تعرض له المحتجزون المغاربة في مخي ...
- انتخابات تونس : دروس وعبر
- هل يحق للمغربي التخلي عن جنسيته قانونيا !!
- تحليل نص شعري


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - التشكيل المعاصر7 -المرأة الريفية في لوحات صالح المالكي