أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - سقراط (470 ق.م – 399 ق.م): رائد الفلسفة اليونانيه النخبويه الارستقراطيه















المزيد.....

سقراط (470 ق.م – 399 ق.م): رائد الفلسفة اليونانيه النخبويه الارستقراطيه


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 6665 - 2020 / 9 / 2 - 12:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




2/9/2020


تزامنت حياته كفيلسوف نشط مع الحقبة التي أطلقنا عليها اسم الحقبة الإنسانية (450 ق.م -400 ق.م). وعاش في الوقت نفسه الذي عاش فيه السفسطائيون.

كان سقراط "أول فليسوف أثيني أمضى حياته كلها في مدينة أثينا. وهو ليس من طبقة أرستقراطية، فقد كان والده عامل بناء ووالدته قابلة مولدِّة. وتألفت أسرته من زوجته (زانتيب "Xantippe") وثلاثة أولاد، وما ميز سقراط كإنسان تمثل في قوته الأخلاقية، وحياته العادلة والمعتدلة، وسرعة بداهته، وطلاقة لسانه وروحه المرحة اللطيفة، مع ذلك، كان المواطنون في أثينا ينزعجون من أسئلته عندما كان يبادرهم بها في الشوارع وفي السوق، وبسبب مواقفه هذه الرافضه للديمقراطية عموماً، وفي أوساط الناس العاديين أو "الرعاع" حسب تعبيره، قررت السلطات أن سقراط، مثله مثل السفسطائيين، عمل على إفساد الناشئة، وشَكَّلَ خطراً على المجتمع، فحكم عليه بتناول السم"([1]).

لقد رفض سقراط النظام الديمقراطي في عصره، ويبدو أنه رفض الديمقراطية المرتبطة بالجماهير رفضاً مطلقاً، يقول سقراط: "أي شيء أشد سخرية من هذه الديمقراطية التي تقودها وتتزعمها الجماهير التي تسوقها العاطفة".

ويقول أيضاً: "إنه إذا كانت المعرفة هي أسمى الفضائل، كانت الأرستقراطية خير أشكال الحكم، وكانت الدمقراطية سخفاً وعبثاً "([2]).

كما "رفض سقراط أيضاً، الحكومة التي تقوم على النقاش الشعبي المستند إلى دين ضعيف آمنت به اثينا في ذلك الوقت، اختيار الناس البسطاء من المزارعين والتجار كأعضاء للمحكمة العليا للبلاد، وفي مثل هذه الأوضاع لا غرابة ان تعم الفوضى في البلاد التي يسودها الجهل، حيث تقوم الجماهير بوضع القرارات في سرعة وجهل، أليس من الجهل –كما يقول سقراط- ان يحل مجرد العدد محل الحكمة؟"([3]).

" وكان يظن أن لا شيء يُنَجِّى أثينا إلا حكم أصحاب المعرفة والكفاية، وليست السبيل إلى هذا الحكم هي الاقتراع، كما أن الاقتراع لا يصلح سبيلاً لتقدير كفاية مرشد السفن أو الموسيقى أو الطبيب أو النجار.

كذلك يجب ألا يختار موظفو الدولة على أساس جاههم أو ثرائهم؛ ذلك أن الاستبداد وسلطان المال لا يقل شرهما عن شر الدمقراطية، والسبيل الوسطى المعقولة هي النظام الأرستقراطي الذي تقصر فيه المناصب على الذين تؤهلهم لها عقولهم والذين يدربون على القيام بما تتطلبه من الواجبات"([4]).

وعندما فازت الديمقراطية تقرر مصير سقراط وأصبح واضحاً، فقد كان الزعيم العقلي للحزب الثائر، مصدر الفلسفة الارستقراطية البغيضة، وصدر عليه الحكم بالموت لكونه "زنديق لا يحترم آلهة المدينة، ويدعو إلى آلهة جديدة"([5])، فكان أول شهيد للفلسفة وحقوق الإنسان وحرية الأفكار.

يقول ديورانت: "من الصعب ان يعرف أحد كيف عاش سقراط، فهو لم يعمل في حياته قط، ولم يهتم بالغد، تجرع كأس السم، مع انه تجاوز السبعين من عمره، لم يدَّعِ الحكمة ولكن البحث عنها بشغف واهتمام، فقد كان هاوياً للحكمة لا محترفاً لها"، لقد قيل ان صوت الرب قد أعلن أن سقراط حكم أهل اليونان، وانه فسر هذا القول على أنه استحسان لللا أدرية التي كانت نقطة البداية لفلسفته. "لا اعرف سوى شيء واحد وهو انني لا اعرف شيئاً"([6]).

لم يكتب سقراط نفسه أي شيء، "ومعرفتنا "بعقيدته" مستمدة مما كتب الآخرون عنه، وفي الدرجة الأولى تلميذه أفلاطون الذي يعود إليه الفضل في معرفتنا لحياة سقراط، من خلال المحاورات الأفلاطونية، فمن المعروف أن سقراط لم يكتب سطراً واحداً، ومع ذلك فإنه من أكثر الفلاسفة اللذين أثروا في الفكر الأوروبي، "لكن، عندما يضع أفلاطون كلاما على لسان سقراط، فإننا لا نمتلك أية وسيلة للتأكد مما اذا كان قد قال ذلك حقا، انها مشكلة تبرز كلما كنا لا نملك أثرا مكتوباً للشخصية التاريخية، فالمثل الأكثر شهرة هنا هو مثل السيد المسيح، فكيف نتأكد أن "المسيح التاريخي" قد قال الأقوال ذاتها التي ينقلها عنه مَتَّى أو لوقا؟ وها نحن في حالة مشابهة أمام "سقراط التاريخي"([7]). لذا، يصعب التيقن من صحة أفكار سقراط، والتمييز بينه وبين أفلاطون. وانطلاقاً من هذا التحفظ سنحاول –في إطار الحديث عن الفلسفه اليونانيه- تقديم تأويل لفلسفة سقراط استناداً إلى أفلاطون.

لم يكن سقراط ليهتم، وبشكل رئيسي بفلسفة الطبيعة، وإنما بنظرية المعرفة – أي التوضيحات الفكرية (التحديدات والتعريفات) عن طريق الحوار– وبالمسائل السياسية- الأخلاقية، وبما تعلق بهذه المسائل، واعتبر أن مهمته هي في رفض ريبية السفسطائيين، أي: الإقرار بوجود بعض القيم والمعايير الصالحة والصحيحة كلياً!

ويمكننا أن نجمل المبادئ الأساسية للأخلاق السقراطية بما يلي: الفضيلة هي المعرفة، فكلاهما واحد. ومن يعرف الحق معرفة حقيقية سيمارسه أيضاً، وسيكون سعيداً، فقد رأى سقراط الفضيلة مُعادِلة للمعرفة (episteme) في اليونانية. "غير أن فهمه للمعرفة معقد نوعاً ما، فهي تشمل المعرفة بأنفسنا وبالأوضاع التي نجد أنفسنا فيها، وما امتاز به سقراط تمثل في أنه لم يبحث في تلك المعرفة عن طريق جمع الخبرات، بل بالتحليل الفكري، بشكل رئيسي، وبتوضيح التصورات الغامضة التي لدينا عن البشر والمجتمع، مثل أفكار العدالة والشجاعة والفضيلة والحياة الجيدة، لكن ذلك لا يكفي، فالفضيلة هي في أن نحيا الحياة التي علينا أن نحياها"([8])، وذلك يشمل أهدافاً وقيماً لا يمكن أن نعرفها من العلوم الاختبارية أو العلوم الصورية"([9]).

وبكلمات أخرى، يجب أن تكون لدينا رؤية للخير، ورؤية تتعلق بالمعايير والقيم، أو رؤية معيارية، غير أن ذلك لا يبدو كافياً، فالمعرفة والشخص –عند سقراط- يجب أن يتطابقا، أي أن يكونا شيئاً "واحداً"، ويجب أن تكون الرؤية التي يمثلها الشخص تمثيلاً حقيقياً، ولا تكون ما يقول الشخص، هو أو هي، أنه يمثله، لذا، "لدينا ثلاثة أنماط من المعرفة، هي:

1. المعرفة بالوقائع وتختص بما هو موجود.

2. الرؤية المعيارية لما يجب أن يكون.

3. الرؤية المتعلقة بما "يمثله" الشخص حقيقة".

هذه "القسمة الثلاثية الأولية، تستلزم تعديلاً معيناً، لذا نقول: بما أن سقراط اعتبر المعرفة معرفة الذات بواسطة التوضيح الفكري – أي معرفة الإنسان بنفسه ككائن بشري، وعضو في المجتمع، تتحصل عن طريق جلاء ما سبق للإنسان أن عرفه وتصحيحه – فإن تلك المعرفة ستدمج جميع أشكال المعرفة الثلاثة التي عددناها، غير أننا إذا تمسكنا بذلك المخطط الأَوَّلي فإننا نستطيع القول إن رد سقراط على السفسطائيين موجود في الرؤية التي تقول: هناك خير كلي! ويمكننا التبصر فيه.

والرؤية ذات البصيرة التي نحققها، بالتحليل الفكري بواسطة الحوار، لتصورات مثل العدالة والشجاعة والفضيلة والحقيقة والواقع..إلخ، هي عند سقراط ثابتة ولا تتغير، لكن وبعون من مثل تلك التحليلات الفكرية، يمكننا التوصل إلى حقيقة الوضع وما علينا فعله. وذلك ينطبق على معرفة الوقائع ورؤية الأهداف والقيم، أي رؤية ما هو الخير والحق، وما يجب فعله"([10]).

إن هذا التحليل لا يوضح ما إذا كان سقراط يعتقد أننا، وبِعَوْن من العقل وحده، وبتوضيح التصورات، يمكننا أن نحصل على رؤية كاملة عن الخير (الفضيلة)، فقد كان يشير أحياناً إلى صوت داخلي كان يكلمه، ودعا ذلك الصوت الداخلي آلهه الصغير (daimon)، وهو اسم يوناني لقوة إلهية لا شخصية تتدخل في الطبيعة والحياة الإنسانية، "وهنا، يبدو أن سقراط حاول في نهاية المطاف إرساء قواعد الأخلاق ليس في العقل وحده، وإنما أيضاً في الرؤية المقدسة التي يشارك بها الإنسان ببصيرة حدسية، ومن المحتمل ألا يكون سقراط قد ذهب إلى أبعد من القول إنه كان يتبع ضميره. أما السؤال عن سبب تمكين صوت ضميره له بالوصول إلى أخلاق كلية، فيبقى سؤالاً محيراً"([11]).

غير أننا نقول إذا لم يتوصل سقراط إلى جواب فلسفي حاسم، فإنه ظل المسهم في البحث عن ذلك الجواب من حيث إنه وضع للأخلاق أساساً إبستيمولوجيا (معرفياً) معيناً، وهو: لنعمل الخير علينا أن نعرفه.

فقد رأى سقراط أن "الخير تصور كلي، فالسلوك الصالح يستلزم أن نعرف ما تمثله تلك التصورات الأخلاقية الكلية. لذا فإن التحليل الفكري للتصورات الكلية، مثل الخير والسعادة والفضيلة..إلخ، مهم للسلوك الأخلاقي، وهنا تكمن أهمية طرح سقراط الأسئلة على الناس، محاولاً دفعهم إلى التفكير بأوضاعهم، والتأمل في وجهات النظر الأساسية التي وجهت أعمالهم وأقوالهم. ويمكننا القول إن سقراط حاول أن "يوقظهم"، كان مثل المحلل النفسي، فهو لم يرد الناس ان يرددوا ما كانوا سمعوه من غير أن يستوعبوه.

نلاحظ هنا موقف سقراط النقدي ضد السفسطائيين، ورفضه الدخول في النقاش بعقول مغلقة، بل يجب استغلال الحوار للفوز على الآخرين، ففي النقاش، على كل واحد أن يسعى للحصول على مزيد من التعلم عن الموضوع ذاته، ويجب أن ينسجم رأي كل شخص مع ما يعرفه ذلك الشخص بأنه حق، في أي وقت.

لذا، فإن "سقراط يميز بين الاعتقادات الصالحة والطالحة، وبين الاقتناع بتصديق شيء من غير فهم الأسباب، والاقتناع بأن شيئاً ما هو صواب وحق، لأن الإنسان قد فهم الأسباب التي تدعم النتيجة، ويمكننا القول إن في ذلك تمييزاً بين الحث على الإقناع بالخطابة، والإقناع بالعقل"([12]).

وهكذا فقد اتجه سقراط إلى سبر غور الروح الانسانية، يستطلع الافتراضات، ويستجوب اليقينيات، واذا تحدث الناس عن العدالة المتعارفة، كان يسألهم بهدوء، ما هي هذه العدالة؟ وماذا تعنون بهذه الكلمات المجردة التي تحلون بها بمثل هذه السهولة مشاكل الحياة والموت؟ وماذا تعنون بكلمة الشرف، والفضيلة، والاخلاق والوطنية؟ وماذا تعني بنفسك؟ لقد أحب سقراط ان يتناول بالبحث والسؤال مثل هذه الاسئلة الاخلاقية والنفسانية.

قبل سقراط، "كان هناك فلاسفة اقوياء مثل طاليس وهرقليطس، وفلاسفة دهاة مثل بارمنيدس وزينون، وعرافون مثل فيثاغورث وامباذقليس ولكنهم كانوا في الدرجة الأولى فلاسفة طبيعيين، لقد بحثوا عن طبيعة الاشياء الخارجية، عن قوانين واصول العالم المادي، لقد قال سقراط عن هذه الفلسفة الطبيعية انها فلسفة حسنة، ولكن هناك فلسفة أجدر بالفلاسفة ان يدرسوها أكثر من جميع هذه الاشجار والحجارة التي تملأ الطبيعة، وحتى أهم من جميع هذه النجوم والكواكب، وهي عقل الانسان. ما هو الانسان، وإلى أي شيء سيتحول في المستقبل؟ "([13]).

" والحق ان سقراط كان يمثل نمطاً جديداً سيصير في المستقبل نموذجاً لحكمة شخصية لا ترتهن بالظروف؛ لم يكن رجلاً سياسياً، وانما فقط مواطن ممتاز، ولم يكن سفسطائياً ولا سياسياً، وما كان في الاحاديث التي يديرها عرضاً في دكاكين السوق أو في الملاعب أو في دور الموسرين من القوم يبشر بأي مذهب، ولا يدعو إلى تطبيق أي تشريع، وكان أول ما يعتمل في نفسه إرادة واضحة صريحة في الابتعاد بتعليمه عن الشكل التفاخري (الآغونيسي)؛ فما هو بصاحب دعوى يريد أن يربحها، وإنما كان كل ما يطلبه من تلاميذه، العمل على أن يصير كل فرد قاضي نفسه"([14]).

كانت شخصية سقراط أغنى من أن يقنع بمجرد إصلاح باطن، فلا يطمح إلى نشر حكمته فيما حوله؛ فهو لا يريد أن يحيا متوحداً، وانما يطلب الحياة مع الناس وللناس، هؤلاء الناس الذين يصبو إلى أن يُعلِّمهم أثمن ما تَعَلَّمه: السيطرة على النفس.

يقول ارسطو: "كان سقراط يبحث في الفضائل الخلقية، وبمناسبتها يسعى إلى تحديد كليات، كان يبحث في ماهية الاشياء، وكان يحاول الوصول إلى أقيسة منطقية، ومبدأ الاقيسة المنطقية ماهية الاشياء.. وثمة شيئان يصح ان نعزوهما إلى سقراط، وهما الاستدلال الاستقرائي والتعريف الكلي، وانما على هاتين الدعامتين تقوم بداية العلم. لقد فهم سقراط اذن، على ما يروي ارسطو، ان شروط العلم الاخلاقي تتمثل في تحديد منهجي، بطريق الاستقراء، لمفاهيم كلية، من قبيل مفهوم العدالة أو مفهوم الشجاعة، فقد كان سقراط يحرص، "أكثر ما يحرص، على نشر طريقته بين الشباب بوجه خاص، بمن فيهم الفتيان وحتى الغلمان، ولئن كان أول بند في لائحة الاتهامات التي وجهت اليه هو إفساد الشبيبة، فما ذلك في ارجح الظن إلا لأنه كان يزعزع الاحكام المسبقة التي أرسختها في عقول الشبيبة تربيتهم العائلية: فسقراط ما كان يتدخل إلا ليساعدهم على تربية أنفسهم بأنفسهم وعلى اغتراف كل قوتهم من معين أنفسهم"([15]).

عاش سقراط في المرحلة ذاتها التي عاشها السفسطائيون، ومثلهم كان يهتم بالإنسان والحياة البشرية أكثر من اهتمامه بالقضايا التي طرحها الطبيعيون، وبعده بقرون، أعلن فليسوف اغريقي آخر، هو شيشرون أن سقراط "أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض، وتركها تعيش في المدن، تدخل البيوت، مجبرة الناس على التفكير بالحياة، بالتقاليد، بالخيرو الشر"([16]).

"وقد انتقل الكثير من آرائه على أيدي تلاميذه فأصبح مادة جميع الفلسفات الكبرى في القرنين التاليين، وكان أقوى أسباب نفوذه هو المثل الذي ضربه للناس بحياته وأخلاقه، فلقد أضحى في التاريخ اليوناني شهيداً وقديساً؛ حتى لقد كان كل جيل يبحث عن مثل أعلى للحياة البسيطة والتفكير الجرئ يعود إلى الماضي ليستمد من ذكرى سقراط غذاء لمثله العليا "([17]).

لقد "تألّق الوعي الفلسفي مع سقراط وهو ينحو بالفلسفة اليونانية إلى مطارح لم تعهدها من قبل فيُشّكل علامة فارقة في تاريخها بشكل خاصّ وفي تاريخ الفلسفة الإنسانيّة أو العالميّة بشكل عامّ، فالفلسفة قبله طبيعيّة ومعه وبعده إنسانيّة وسياسيّة وأخلاقيّة. ورغم أنّه لم يترك لنا نصوصا مكتوبة إلاّ أنّ أفكاره وصلت إلينا عن طريق مفكرين آخرين من أمثال أرسطوفان، كزينوفان، وأفلاطون وأرسطو "([18]).

أخيراً، كان "سقراط" رائد الفلسفة الارستقراطية النخبوية الذي وقف بعناد ضد الديمقراطية في اثينا بإعتبار انها تؤدي -كما يقول- إلى الفوضى عبر تحكيم الجماهير الدهماء في هذه العملية، ونتيجة موقفه حكم بالموت رافضاً طلب الرحمة من الجماهير، وبسبب آراؤه ومواقفه هذه تقرر محاكمته.

وقد "جرت محاكمة سقراط أمام محكمة من 500 عضو بتهمة أنه "أدخل آلهة جديدة" و"أفسد الناشئة"، لكنه أُدين بأكثرية ضئيلة، وصدر الحكم بتجرعه السم"([19])، وبعد صدور الحكم رفض سقراط ان يطلب الرحمة من المحكمة، "ومن الجماهير التي احتقرها دائماً، لقد كانت لديها السلطة لتعفو عنه، ولكنه رفض باحتقار ان يناشدها الرحمة، لقد أراد القُضاة إطلاق سراحه بينما صوتت الجماهير الغاضبة مطالبة اعدامه، ألم ينكر وجود الالهة؟ ويل له لأنه علم الناس فوق طاقتهم على التعلم"([20]).

وهكذا حكموا عليه بشرب السم،"وجاء اصدقاؤه إلى سجنه وعرضوا عليه مهرباً سهلاً، فقد رشوا الموظفين الذين يقفون بينه وبين الحرية والفرار، ولكنه رفض، فقد بلغ السبعين من عمره (399 قبل الميلاد) وربما اعتقد ان الوقت قد حان ليفارق الحياة"([21])، فشرب السم، ومات في شهر فبراير عام 399 ق.م.

"كان بإمكانه أن يطلب الرحمة، بل كان بإمكانه على الأقل أن ينجو بنفسه لو قَبِلَ مغادرة أثينا، لكنه لو فعل لما كان سقراط.

من أهم أقواله: الفضيلة هي المعرفة، والرذيلة هي الجهل.




([1]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره - تاريخ الفكر الغربي - ص 103

([2]) ول ديورانت – ترجمة: محمد بدران – قصة الحضارة "حياة اليونان" – المجلد الرابع (7/8) – الكتاب الثالث "العصر الذهبي" - ص 236

([3]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره - قصة الفلسفة – ص14

([4]) ول ديورانت – مرجع سبق ذكره –قصة الحضارة "حياة اليونان" – المجلد الرابع (7/8) – الكتاب الثالث "العصر الذهبي" - ص 236

([5]) اميل برهييه – مرجع سبق ذكره - تاريخ الفلسفة – ص118

([6]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره - قصة الفلسفة – ص11

([7]) جوستاين غاردر – كتاب: عالم صوفي ، رواية حول تاريخ الفلسفة – دار المنى – الطبعة الثانية – لا يوجد سنة – ص73

([8]) غنارسكيربك ونلز غيلجي – مرجع سبق ذكره- تاريخ الفكر الغربي - ص 104

([9]) العلوم الصورية مثل الرياضيات وعلم المنطق.

([10]) غنارسكيربك ونلز غيلجي – مرجع سبق ذكره- تاريخ الفكر الغربي - ص 105

([11]) المرجع نفسه- ص 106

([12]) المرجع نفسه- ص 108+109

([13]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره - قصة الفلسفة – ص12

([14]) اميل برهييه - مرجع سبق ذكره - تاريخ الفلسفة – الجزء الأول – ص 121

([15]) المرجع نفسه – ص 125

([16]) جوستاين غاردر – كتاب: عالم صوفي – دار المنى – الطبعة الثانية – لا يوجد سنة – ص 75

([17]) ول ديورانت – مرجع سبق ذكره – قصة الحضارة "حياة اليونان" – المجلد الرابع (7/8) – الكتاب الثالث "العصر الذهبي" – ص238

([18]) د. خديجة زنتيلي – حوار مع فاطمة الفلاحي (بؤرة ضوء) – الحوار المتمدن – 12/4/2017

([19]) جوستاين غاردر – مرجع سبق ذكره - كتاب: عالم صوفي – ص75

([20]) ول ديورانت– قصة الفلسفة – ترجمة: د.فتح الله محمد المشعشع - مكتبة المعارف – بيروت – الطبعة الخامسة 1985م – ص15

([21]) المرجع نفسه – ص14



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السفسطائيون
- الفلسفة اليونانية
- بدايات الفكر الفلسفي في بابل ومصر القديمة
- الفلسفة الطاويه في الصين
- الكونفوشيه
- فلسفة الصين القديمة
- الفلسفة البوذية
- الفلسفة الهندية
- مدخل إلى الفلسفة ( 3 / 3 )
- مدخل إلى الفلسفة ( 2 / 3 )
- مدخل إلى الفلسفة ( 1 / 3 ) ما هي الفلسفة ؟
- مقالات ودراسات ومحاضرات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع ...
- قبسات ثقافية وسياسية فيسبوكية 2019 - الجزء الثامن
- اقتصاد قطاع غزة تحت الحصار والانقسام الحلقة العاشرة والأخيرة ...
- في ذكراه الثانية عشر ...الرفيق القائد المؤسس الحكيم جورج حبش ...
- المتغيرات الفلسطينية ما بعد أوسلو
- التطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق وراهنيته في المجتمع الفلسطيني ...
- التطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق وراهنيته في المجتمع الفلسطيني ...
- التطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق وراهنيته في المجتمع الفلسطيني ...
- التطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق وراهنيته في المجتمع الفلسطيني ...


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - سقراط (470 ق.م – 399 ق.م): رائد الفلسفة اليونانيه النخبويه الارستقراطيه