أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - مجموع الضدين متواجد في ثالث















المزيد.....

مجموع الضدين متواجد في ثالث


حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)


الحوار المتمدن-العدد: 6661 - 2020 / 8 / 29 - 13:25
المحور: الادب والفن
    


قراءة بحثيه في نص (أزيز)للكاتب العراقي عمار نعمه جابر.
««««««««««««««««««»»»
إن المنطق الجدلي يري التناقضات كتعاضضات مثمرة للأفكار يمكن من خلالها الوصول الي حقيقة أعلي عن «طريق الجمعية»
والجمعية هي إتحاد فكرتين متناقضتين ظاهريا او إتحاد الفكره والفكرة المضاده في كل موحد .
هذا ما اشتغل عليه عمار نعمه جابر في نصه (أزيز )بين فكرتين متضادتين هما "الفعلي" و"المثالي"
بين (النسخة المثاليه من ذاتك التي تنشأ من تجارب الحياة )وبين (الواجب او ما يشعر الشخص بأنه ينبغي ان يكونه او يصبح عليه )
وحين نستشهد علي ذلك من نص (ازيز) فأنه يتجلي لنا في هذا المقطع
[الاول : ماذا دهاك ! هيا تكلم بسرعة .
الثاني : يا سيدي أنا لا أعرف أصلا ، ما لذي جاء بي الى هنا ، أنا لا ادري كيف وصلت هنا !
الاول : هل جننت ، الا ترى ، نحن كلانا ، أنا وأنت ، نشترك في عرض مسرحي واحد، وقد بدأ الان !
الثاني : أقسم لك أنني لم أعرف ذلك الا منك الآن .
الاول : يا الهي ! من المؤكد أنك فقدت عقلك ، لا تقف هكذا قل أي شيء .
الثاني : افهمني ارجوك ، أنا فتحت عيني الان ، ووجدتك في وجهي ، لا اعرف من أنا ، ولا من أين جئت ، فجأة وجدت نفسي هنا .
الاول : يجب عليك الان أن تبدأ العرض فورا ، الجمهور ينتظر .
الثاني : ، أنا لست على ما يرام يا سيدي ، أنا لا استوعب ما هو الموضوع الذي حُشرت فيه هنا ، ومن حشرني ، ولماذا ؟
الاول : حاول فقط ان تملأ مكانك ، املأ المكان بالفعل ، افعل أي شيء يخطر في بالك . ]
نري ان شخصية الأول هي النسخة المثاليه التي تنشأ من تجارب الحياة اما شخصية الثاني هو ما يشعر الشخص بأنه ينبغي ان يكون اويصبح عليه لكي يكون
لقد اختار الكاتب عمار نعمه جابر بالسماح لشخصياته بالتفسير ذلك أن الأزمات التي تعيشها هي مرآة لأزمات المجتمع ومن خلال التناقض الذي يتضح كلما حاولنا تفسير السلوك الإنساني في التنظيمات المختلفه وإعتبار هذا التفسير هو مقدمة للتنبؤ بالسلوك الإنساني والتحكم فيه .إن شخصيتي الأول والثاني في النص تعبر عن الشخصيه الإنسانيه الكليه التي ترتبط مع بعضها الآن لأن كلا منهما يستخدم الآخر لضمان البقاء فالشخصية الإنسانيه تعكس طاقات الإنسان الحيويه و مصدرها هو الحاجات الإنسانيه التي يسعي الفرد لإشباعها .
لكن هذا النص يخلق ديالكتيك بين الذات المثاليه والذات الواجبه
فالذات المثاليه تعتبر تمثيلا للسمات التي يرغب شخص ما (انت او شخص آخر ) في ان تمتلكها انت اي تمثيل لآمال وتطلعات او رغبات شخص فيما يتعلق بك وهو ما يتجلي في شخصية (الأول)في نص أزيز الذي له تطلعات بأن يكون( الثاني ) شخص مثالي من خلال تحفيزه علي التغيير والتحسين والإنجاز
أما الذات الواجبه تعتبر تمثيلا للسمات التي يعتقد شخص ما (انت او شخص آخر )انك يجب ان تمتلكها اي أنها تمثيل لإحساس شخص ما بواجبك او إلتزاماتك او مسؤلياتك
إن التناقض الذي اشتغل عليه عمار نعمه جابر بين مفهوم الذات الذاتي ومفهوم الذات الآخر بوصفه ازمة هويه تتجلي من لحظة الوجود الإنساني كما وردت في هذا المقطع
[الثاني : البداية ، حسنا ( يبدأ بالبكاء بصوت واطئ ، ثم يرفع صوته شيئا فشيئا ، حتى يصبح صراخا )
الاول : ( مع الجمهور
الاول : ( يهمس مع الثاني ) لا تتوقف عن الحركة والايماءات ، واصل العرض ، لا يجب أن يهبط إيقاع عرضك المسرحي ( يلتصق بالثاني ) نعم ، أنا مثلك تماما .
( الأول والثاني ، يتحركان في المكان بحركة تعبيرية تشير الى مواصلتهم الحياة )
الثاني : ( يهمس مع الأول ) ومتى جئت الى هنا ؟
الأول : جئت قبلك ببرهة فقط ، وأنا مثلك تماما ، لا اعرف ما لذي يحدث هنا .
الثاني : اذن ، لماذا تطلب مني أن اقول حواري ؟
الاول : وجدتنا كلينا نقف هنا ، على هذا المسرح ، فتوقعت أننا ممثلين في عرض مسرحي . وحين شاهدت الستارة ترتفع ، ورأيت الجمهور من حولنا ، عرفت فورا انه ينتظر أن نؤدي دورنا أمامه .
الثاني : ولماذا نحن بالذات !
الأول : صدقني ، لا أدري .
الثاني : ماذا يراد منا ، ما هو دورنا هنا ، على هذه الخشبة الخاوية ؟] إن عمار نعمه جابر يطرح تسأولات هامه عن اهمية الدور الإنساني في الوجود البشري والذي هو التناقض بين الدلائل الذاتيه بالمشاعر المرتبطه بالإستياء من عدم تحديد الأهداف وبين خيبة الأمل في تحقيق نتائج إيجابيه تحقق الرغبات الشخصيه.


[الاول : لا نملك خيارات اخرى في اللغة ، نحاول ان نقرب لهم الامر ، الفعل الذي نقوم به الآن ، ربما سيجعل صورة المشهد أوضح لديهم ، ويفهمون المغزى من وجودنا هنا .

الأول : لا شيء مؤكد في صالة الجمهور ، ولا حتى هنا على خشبة المسرح .
الثاني : ( لحظة صمت ) ولكن ! هذا أنا ، هنا ، الآن . وهذا أنت ، هنا ، الآن ، هذا هو الشيء الوحيد المؤكد الآن .] ثم يؤكد عمار علي ان الوجود المؤكد هو الوجود المادي الملموس الذي تجلي في المقطع السابق علي لسان (الثاني) ثم يذهب سريعا الي حالة التشكيك او الإفتقار المتصور للفاعليه او تحقيق الذات في هذا المقطع
[الأول : ( لحظة صمت ) ومن نحن ، ما ماضينا ، ما حاضرنا . مجرد كائنات لا محددة ، وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع بعضنا ، ومع الجمهور ، بلا تخطيط مسبق منا .
( يشتبكان في حركة جسد واحدة ، تحت بقعة الضوء )
الثاني : ( يهمس للأول ) لا استطيع أن أدرك بأي أسلوب يجب أن نفكر !
الأول : إنها المحاولة ، المحاولة فقط للبقاء على قيد الحياة ، فوق خشبة المسرح .
الثاني : ولكننا
( الثاني ، يهم بالخروج )
الأول : ماذا تفعل !
الثاني : لا أرغب في إكمال هذا العرض المسرحي الساذج .
الأول : سيتلبسك العار اذا لم تكمل عرضك المسرحي ، نحن جميعا لا نستطيع أن نغادر قبل أن نكمل حكايانا ، هكذا تكون قوانين اللعب .
الثاني : ولكنها ليست حكايانا ، فأنت تقول أنهم يتحكمون في كل التفاصيل فيها .
الأول : لا خيار أمامنا سوى مواصلة العرض أمام عيونهم . ]ومن خلال ذلك المقطع السابق نري انه لا تتطابق رؤية الشخص لسماته الفعليه مع السمات المثاليه التي يرغب الشخص الآخر (الثاني)في وجودها في (الأول) ويتسم الدليل الذاتي المثالي بغياب النتائج الإيجابيه المصاحبه للمشاعر و الإفتقار الي الثقة بالذات وفقدان الشعور بالإهتمام بالأشياء مع هذا التناقض الناجم عن فقدان متوقع لعدم التقدير والذي يتجلي في المقطع التالي

[( يدوران مثل المغزل ، على يمين وشمال المسرح )
الأول : ( بصوت عال ) حزني عليك وانت تقود خطاك بعيدا .
الثاني : ( بصوت عال ) حزني عليك وانت تحاول فك الاحجية .
الأول : لا مبرر لمقاومة حركة الأشياء ، إنها تدور وتدور ، دون توقف .]لكن« عمار » بعد ان جعلنا نبحث من خلال تفسير شخصياته فكرة التناقض الذاتي ومحاولة مقارنة الأفراد لذاتهم الغعليه بالمعايير الداخليه او الذات المثاليه الواجبه .أراد الكاتب ان يوحد الضدين في ثالث حداثي او ما بعد حداثي من خلال تقويض الثقافة الغربيه التي جلبت لنا فن المسرح كما يزعم المستشرقون فعمار ينبش في هويتنا العربيه المسرحيه محفزا عشاقه بوضع العصا في الدولاب ليتوقف هذا الدوران الفاحش الذي تديره المؤسسات الثقافيه المالكه الخطاب والقوه و المعرفه فالكارثة بدأت ويجب ان تدار ازمتها بعقلانية ومنطقيه يجب ان ننهي هذا العرض الباهت ولنبدأ من جديد حتي لو اضطررنا الي غلق الستاره والتمثيل خلفها ...يتجلي في هذا المقطع الرائع
[الثاني : لا بد من أن يقوم أحدنا ، بوضع العصا في الدولاب ، ليتوقف كل هذا الدوران الفاحش .
( يسقط الأول والثاني على الأرض )
الأول : الحكاية قد بدأت !
الثاني : الكارثة قد بدأت !
الأول : لا خيار لنا في ذلك .
الثاني : ماذا لو حاولنا أن نبدأها من جديد .
الأول : لقد فات على البداية الكثير ، كثير جدا . كيف نعود للحظة ما قبل العرض من جديد !
الثاني : ( يقف أمام الجمهور ) بسيطة ، ننهي هذا العرض الباهت .
الأول : هل تريد منا أن نقدم على الانتحار ، نقتل انفسنا في وسط العرض !
الثاني : كلا ، بل نصنع بداية جديدة .
الأول : هل تعتقد أن ذلك ممكن ؟
الثاني : نعم ، سنصنع لنا بداية خاصة بنا .
الأول : كيف ذلك ؟
الثاني : سنغلق الستارة .
الأول : ماذا !
الثاني : تعال معي تحرك ، سنغلق هذه الستارة ، ونقدم عرضنا المسرحي ، بستار مغلق .
( الأول والثاني يغلقان الستارة ، ويواصلان عرضهما المسرحي ) ]
إن التناقض الذي اشتغل عليه عمار نعمه جابر هو تناقض اساسي بين متطلبات الشخصيه الناميه وبين خصائص التنظيم الرسمي فالفرد يميل للتكيف مع الأوضاع التي يفرضها عليه التنظيم الرسمي ولذا كانت صرخة نصه «ازيز»شكوي للتناقض الذاتي الذي أصاب الأفراد والمجتمعات العربيه بشعور خيبة الأمل وعدم تحقيق الأهداف وبالتالي فقدان الهويه الثقافيه او اعتبارها هجين تم إنبثاقه من الثقافة الغربيه .



#حسام_الدين_مسعد (هاشتاغ)       Hossam_Mossaad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل «مسرح الشارع»اسير النظرة الدونيه للمجتمع؟
- «الإرتجال»في مسرح الشارع
- لماذا خرج المسرح للشارع؟
- «ديالكتيك الخطأ والحقيقه»خربشة كاتب عربي علي جدران الخرافة و ...
- «خصوصية المكان»... المحفز الرئيسي لصناع مسرح الشارع
- المصادفه والديالكتيكيه ابرز سمات مسرح الشارع
- فانتازيا إزاز
- «انت كما انت »جدلية الفهم و تفاعلية الحقيقه
- إبستمولوجيا نص «غي»الكاتب العراقي عمار نعمه جابر
- خصوصية الشارع في إطار ضبط المصطلح مسرح في الشارع ام مسرح شار ...
- فلسفة ومنطق مسرح الشارع
- «عبدالقادر علوله»شروع لكسر الهيمنة الغربيه للمسرح
- تباين الاداء التمثيلي في مسرح الشارع
- «السينوغرافيا»بين مسرح الشارع والمسرح الملحمي
- مسرح الشارع وعوائق التطبيق علي ارض الواقع
- الخلط الشائع في مسرح الشارع
- «النص» في مسرح الشارع
- المفهوم التعريفي لمسرح الشارع
- مسرح الشارع إحتجاج ام إحتياج؟
- عوائق اللغه وغياب الدلاله في مسرح الشارع


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - مجموع الضدين متواجد في ثالث