أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - سيارة سوداء وقبعة زرقاء / قصة قصيرة














المزيد.....

سيارة سوداء وقبعة زرقاء / قصة قصيرة


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 6658 - 2020 / 8 / 26 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


في منتصف الطريق وأنا عائد الى بيتي, بعد أن قضيت أسبوعا كاملا مع أصدقائي المتظاهرين والمعتصمين في ساحة التحرير, لاحظت بهاجسي الصحفي الذي لا يخطئ عادة, سيارة سوداء تسير خلفي مباشرة منذ ربع ساعة, وتحديدا بعد مغادرتي مرأب السيارات في منطقة باب الشرقي, ولما راودني بعض الشك زدت من سرعة سيارتي كي أتحاشى هذه السيارة اللعينة التي تنذر بسوء الفال, لكنها راحت تتبعني بالسرعة نفسها, خففت من سرعة سيارتي عسى أن تتجاوزني بيد أنها تباطأت خلفي, ولم تبارحني.
دب القلق في رأسي وأنا أسرع حينا وأبطئ حينا, وأتفحص عبر المرآة السائق الذي يقود السيارة السوداء خلفي أحيانا, لكنني لم أتبين ملامحه جيدا, كونه يعتمر قبعة زرقاء ويضع نظارة شبه معتمة على عينيه, بالرغم من ظلام الليل مما ضاعف قلقي وريبتي.
ومع ازدياد القلق والريبة, ضغطت على دواسة البنزين وانطلقت بسرعة جنونية شديدة أشق عباب الشارع شبه الخالي من السيارات كي أصل الى بيتي وزوجتي التي كانت تعاتبني وتشكو غيابي وفراقي لها طوال الأسبوع المنصرم, إلا إن السيارة السوداء كانت تنطلق خلفي بوتيرة سرعة سيارتي, حتى كدت أن أفقد زمام نفسي جراء القلق المتزايد الذي داهمني وشتى الأفكار والهواجس التي انتابتني وشلت حواسي, وراحت تنهشني نهشا, ترى من يكون هذا الرجل صاحب القبعة الزرقاء والنظارة الداكنة وهو يتبعني كظلي في هذا الليل البهيم؟!
غيرت مجرى مسيري, فغير مجرى مسيره, استدرت وعدت من حيث أتيت, فاستدار خلفي وكأنه رجل آلي مبرمج خصيصا لمتابعتي بمهارة جاسوس محترف, فأينما أسير يسير, ومثلما أجري يجري, وكلما أبطئ وأسرع يفعل مثلي, كأنه يلعب معي لعبة القط والفأر من دون كلل أو ملل.
وأنا في خضم قلقي وهلعي تذكرت فجأة صديقي وزميلي الصحفي عبد الستار الذي يسكن على مقربة من الشارع الذي ولجته توا, خرجت من الشارع العام ودخلت شارعا فرعيا يؤدي الى زقاق بيت صديقي هذا, فتبعني بلا هوادة, وما أن وصلت أمام باب بيته حتى توقفت, فتوقف خلفي, وكاد قلبي أن يتوقف ويقفز من قفصي الصدري وهو يخفق كالطبل بين جنبات أضلعي, والخوف والهلع أخذا مني كل مأخذ, وأنا أنظر بفزع عبر المرآة صوب صاحب القبعة الزرقاء والنظارة الداكنة الذي لم يحرك ساكنا ولم يهبط من سيارته لكي يقتلني بمسدسه الكاتم كما خيل لي في هذه اللحظة الحرجة الصاخبة هلعا ورعبا, بل وجدته مسترخيا في مقعده خلف مقود سيارته, منشغلا بهاتفه النقال وهو يصورني على ما بدا لي.
أنزلتُ زجاج باب سيارتي, ومددت ذراعي بتوجس مشوب بألف احتمال واحتمال ودست على زر جرس الباب بأصبع مرتجف, وما أن فتحت زوجة صديقي الباب وهي ترتدي ثوبا منزليا قصيرا حتى قفزتُ كالملسوع الى داخل الدار من دون أن أنبس بكلمة أو ألقي عليها التحية, وأطبقت الباب خلفي بقوة, وشعرت بالاطمئنان بعد أن تنفست الصعداء قليلا, في هذه الأثناء وأنا كلي ارهاق وارباك خرج زوجها من مدخل الصالة مندهشا وهو يحمل طفله الصغير على كتفه وعلامات الاستغراب بادية على وجهه جراء زيارتي غير المعهودة وفي هذا الوقت من الليل.
- ما الذي ذكرك بيّ يا ...
وقبل أن يكمل جملته, وقبل أن أجيبه, سمعت طرقا شديدا على الباب وصوت امرأة يزبد ويرعد.
- افتح الباب يا خائن يا حقير يا .....
ميزت الصوت الغاضب بسهولة وحدثت نفسي في دخيلتي متيقنا من صاحب الصوت .. يا إلهي أنه صوتها .. صوتها الذي أعتدت سماعه منذ سنتين.
عدت الى الخلف وفتحت الباب مسرعا, وإذ بزوجتي ترمي القبعة والنظارة أرضا وتدلف البيت مثل اعصار مدمر أو وحش هائج وهي تصرخ وتندد ...
- أين هي عاهرتك التي تزوجتها سرا أيها الخائن الجبان ؟
أجابها صديقي عبد الستار مندهشا :
- أية عاهرة تعنين يا سيدة سماح ؟
نظرت سماح الى عبد الستار ببرود, ثم الى زوجته, ثم إليّ, ثم أجهشت في البكاء بحسرة وندم بعد أن شعرتْ بالخجل جراء الموقف المحرج والمهين الذي أوقعت نفسها فيه, وهي تردد بلوعة وأسى.
- لقد أتعبتني, أتعبتني والله.
صرخت في وجهها بغضب.
- لقد جعلتِني في رعب حقيقي خلال ساعة, خلته دهرا وأنت تتبعيني كظلي, لماذا؟ لماذا يا مجنونة؟!
- لأني أحبك, ولأني كنت أشك بك, ولأني كنت أعيش في كابوس منذ أسبوع.
ثم أردفت بصوت متهدج.
- سامحني يا حبيبي, سامحني رجاء.
سألتها محتجا :
- ومن أين لكِ هذه السيارة؟
أجابتني متوددة :
- أعرتها من صديقتي نهى.
قلت ساخطا :
- اللعنة عليكِ, وعلى صديقتك, وعلى غيرتكِ الحمقاء أيتها المجنونة, لقد خلتكِ قاتلا مأجورا.
قالت مبتسمة :
- والله أقتلك لو خنتني يا حبيبي.
قهقه صديقي عبد الستار عاليا, وقهقهتْ زوجته معه, فيما أصبتُ أنا بالإجهاد والإعياء بعد هذه المطاردة البوليسية التي طالما شاهدتها في أفلام الهوليود الأمريكية حصرا.



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من كتاب (قصتي مع الشعر) لنزار قباني
- تغريدات فيسبوكية
- أدب وأدباء
- سماحيات 12
- سماحيات 11
- سماحيات 10
- شذرات من التراث الأيروسي العربي (2)
- شذرات من التراث الأيروسي العربي (1)
- إشارات ثقافية
- سماحيات 9
- # اضاءتان ثقافيتان #
- قراءة في # سرديات الجسد والإيروتيكيا #
- عرض كتاب # عبادة الجنس .. شرح لأصل أديان عبادة القضيب # تألي ...
- العولمة والأسلمة والكورونا
- سماحيات 8
- سماحيات 7
- العمامة والقبعة .. تاريخ في رواية
- اشارات
- نجوى .. قصة قصيرة
- هالة .. قصة قصيرة


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - سيارة سوداء وقبعة زرقاء / قصة قصيرة