أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -من فيض الوجدان- للأديبة كفاية عوجان















المزيد.....

-من فيض الوجدان- للأديبة كفاية عوجان


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6657 - 2020 / 8 / 25 - 17:05
المحور: الادب والفن
    


"من فيض الوجدان"
للأديبة كفاية عوجان
في هذا الزمن نحن في أمسِّ الحاجة إلى الأدب، لأننا نجد فيه متنفساً لنا، فهو "يخرجنا من الظلمات إلى النور" اللغة الأدبية، والألفاظ البياض، والصوت الناعم كافٍ ليمنحنا الراحة والسكينة، ويقرّبنا من الحياة. وميزة الأدب الجيد، أنه يستخدم طريقة ناعمة ولغة خاصة وأسلوباً سلساً حتى عندما يتناول فكرة قاسية ومؤلمة، من هنا يأتي دور الأدب في تهذيب النفس وصفاء الروح، وتطهير الأجواء.
في هذا العمل الأدبي نجد المتعة، والفرح، والطبيعة، واللغة الجميلة، والفقرات القصيرة، كل هذا نجده في "من فيض الوجدان"، فهناك أكثر من صيغة للأديبة كفاية عوجا، منها ما جاء بأنا المتكلم، أو نحن، ومنها من جاءت بصيغة هو الغائب، وهذا التعدد في الأصوات يحسب للأديبة "كفاية عوجان" التي قدَّمت أكثر من موقف/حالة من خلال تعدد الأصوات.
سنحاول إضاءة بعض جمالية الكتاب من خلال بعض الشواهد، فعندما تتحدث الكاتبة عن السواد والألم في الحلم البعيد" نجد هذه اللغة:
"حلم توارى خلف غيمة سوداء
أرض يكسوها الغبار والغباش" ص19،
فإذا ما توقفنا عند الألفاظ المجردة سنجد تناسقاً وتناغماً بينها وبين الفكرة المطروحة، من خلال التكامل والتواصل بين " توارى/خلف/غيمة سوداء/يكسوها الغبار/الغباش" فكل هذه الألفاظ تخدم فكرة التعتيم، وعدم وضوح الرؤية والمشاهدة. والجميل في هذا التعتيم أنه جاء مقروناً بالطبيعة، بمعنى أن الأديبة والطبيعة كيانان متماثلان، فهناك، "غيمة، أرض" والجميل في هذا المقطع أننا نجد صوت الأنثى (مخفياً)/مستتراً وراء الصورة الشعرية، فهناك "حلم" المذكر مستتر "توارى" خلف المؤنث "غيمة، وفي المقابل نجد الأنثى "أرض" مغطاة "يكسوها" مذكر "غبار وغباش". وما يؤكد أن هذا المشهد جاء من خلال أنثى، أنها جعلت المذكر "حلم" يستتر وراء الأنثى، بينما جعلت الأنثى "أرض" يعلوها/ يكسوها المذكر "الغبار، الغباش".
وإذا تتبَّعنا بقية المقطع نجد فيه ما يشير إلى صوت الأنثى:
" رياح تشدني بقوة للوراء
أوقد حطب أحزاني
علّي أحظى بقليل من الدفء
وقمري الوضّاء يراقبني
يحرسني من بعيد
وهمس كائنات
يسري في مسامعي
كلحن يخرج للنور" ص19"
ثمة مجموعة ألفاظ تأخذنا إلى الأنثى: "تشدني، أحظى، الدفء، يراقبني، يحرسني، يسري" فهذا الألفاظ متعلقة بالأنثى، منها ما هو متعلق بفعل الحب، ومنها ما هو متعلق بالمشاعر، ومنها بالمجتمع. والجميل في هذا المقطع أنه قُدّم بصورة رومنسية: أوقد حطب، الدفء، وقمري الوضّاء، يحرسني، من بعيد، همس كائنات، مسمعي، لحن"، فالأديبة تأخذنا إلى أجواء الليل الهادئة والساكنة، فلا نجد إلا هي وقمرها، ومثل هذه النعومة ما كانت لتأتي إلا من خلال الأنثى الحقيقية وليس المتخيَّلة.
وتقول في "ترتيل الحب":
"على وقع نبضك ترقص الروح
بشذى عطرك تنتعش الأنفاس
وبظلك العمر احتمى
يا رعشة القلب الأولى
برحيقك العليل
رويت زهور عمري
في محراب عينيك
ستكون صلاتي
وفي معبد روحك يطيب المقام" ص33.
في النص بياض مطلق، تنسجم فيه الألفاظ والفكرة معاً، لخدمة فكرة الفرح: "ترقص، الروح، بشذى، عطرك تنتعش، الأنفاس، وبظلك، العمر، احتمي، القلب، الأولى، برحيقك، رويت زهور، عمري، محراب، عينيك، صلاتي، معبد، روحك، يطيب، المقام"؛ فهذا التكامل بين الألفاظ والفكرة يشير إلى تماهي الأديبة مع النص، فقد أخذها الحب إلى الهيام بنصّ، بحيث جاء بصورة شبه نقية إذا ما استثنينا بعض الألفاظ القاسية: "وقع، احتمي، رعشة، العليل".
وعندما استخدمت الأديبة "كاف" الحبيب: "نبضك، عطرك، بظلك، برحيقك، عينيك، روحك" أرادت بها التأكد (ملكيتها) له، لهذا نجد ياء الأنا حاضرة في المقطع: "عمري، صلاتي"، واللافت في هذا المقطع أن الأديبة بدت خجولة في البداية، فلم تستخدم أنا/ياء المتكلم، بل استعاضت عنها بالحديث عن: الروح، الأنفاس، العمر" وهذا يتماثل وحالة الأنثى الخجولة، لكن مع تقدم العلاقة، يختفي (الخجل) فتظهر أنا المتكلم واضحة وصريحة دون وسائط.
في مواضع أخرى تقدم الأديبة رؤيتها للمرأة وللرجل، وكأنها من خلال "فاكهة صيف" تدعو للمساواة التامة بين الرجل والمرأة:
حنون على قلبي
وكنت لك جاحدة
تتأجج فيك نار العشق
وتلفحك مني رياح باردة
فأنا في سبات راقدة
تسرب لقلبي بعض من نارك
فأذاب جليد روحي
ودبت الحياة في عروق
غصن جرده الخريف من أوراقه
وأشبعه الشتاء ارتواء
أخذ من البرد قسوته
ليأتي الربيع
يهديه الأوراق من جديد
فيزهر قلبي
في غير أوان.
قصير عمر أزهاري
تساقط من هبة ريح
بعضها يتشبث بذلك الغصن
ليكون فاكهة الصيف المنتظر
تبهج القلب وتسر النظر
ونعصر منها خمرة عمر
في سكرة الأحلام ارتحل" ص56و57،
في هذا النص مجموعة من الألفاظ المتضادة: "حنوت/جاحدة، نار/باردة، نارك/ فأذاب، السبات/ ودبت، جردة/ارتواء، الخريف/الربيع، فيزهر/تساقط" وهذا الأضداد يخدم فكرة (الصراع) بين المرأة والرجل، لكنه في ذات الوقت يؤكد وحدة هذه الأضداد، فلا يمكن لأحدها أن يكون دون وجود الآخر/نقيضه، وهذا الصراع يتماثل تماماً مع الطبيعة، التي يتصارع فيها الخريف مع الربيع، والصيف مع الشتاء، لكن في ذات الوقت كل فصل يموت/يذهب فيكون هذا ضرورياً لوجود الفصل الجديد.
والجميل في هذا المقطع أن الأديبة بدأته بفصل الشتاء، فهناك "رياح باردة، ونار، سبات، راقدة، جليد" ثم تأخذنا إلى الربيع "دبت الحياة، وأشبعه الشتاء، ليأتي الربيع، الأوراق من جديد، فيزهر،" ثم يأتي الصيف ونضوج الثمر: "فاكهة الصيف، ونعصر خمرة" وهذا التتابع في الفصول، رغم تناقضه يخدم الحياة وانسجامهاـ ومن هنا نقول إن الأديبة تدعو إلى التكامل بين الرجل والمرأة والمساواة بينهما، رغم تباينهما واختلافهما.
والتناصّ مع القرآن الكريم في نصوص الكاتبة كفاية عوجان، يأتي ليخدم الفكرة ويجمّلها، وهذا الأمر يستدعي الدقة في الفكرة والدقة في استخدام الألفاظ، وإلا سيكون سينقلب الأمر على صاحبه، جاء في "ورق أصفر":
"عمر تطوى صفحاته
لا بهجة له ولا بريق
ورق أصفر
يتطاير على قارعة الطريقة
تذروه الرياح
فلا أنيس له ولا رفيق
تخلت عنه الأغصان والشجر
أم هو من غادرها
وهجر؟" ص80،
فالتناصّ هنا جاء من خلال تذروه الرياح، وهذا يأخذنا في سورة الكهف: " وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا (45) " فهنا الحديث يدور حول (عبث/فناء) الحياة وعدم أهميتها، وهذه الفكرة متماثلة تماماً مع النص، فهناك "لا بهجة، لا رونق، ورق أصفر، يتطاير، قارعة الطريق، فلا أنيس، لا رفيق" من هنا نقول إن التناص كان متقناً وفي مكانه، فهو متماثل مع ما جاء في الآية القرآنية، وفي ذات الوقت يتيح للمتلقي التعرُّف أكثر على جمالية الآية القرآنية، وكأن الأديبة تدعو القارئ ليتقدم من القرآن الكريم بطريقة غير مباشرة.
واللافت في هذا المقطع كثرة استخدام الحروف وأسماء الإشارة: "على، فلا (مكررة)، له، عن/ه، أم، من" وكأن الأديبة لا تريد أن تتعمق بالحديث عن السواد، فاستعاضت بالحروف وأسماء الإشارة، كتعبير عن (ألمها) وامتعاضها من هذا السواد، فالحديث عن الألم ألم.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان زفرات في الحب والحرب -هيثم جابر-
- وديوان الفتيان مشاعر حكايات أسامة مصاروة
- كميل أبو حنيش والأدب
- الخراب العربي
- المكان والزمان في قصيدة -هُنا في المكانِ- كميل أبو حنيش
- الفتوة التشغرجوي يشار كمال.
- التيه والخراب في كتاب -معضلات استراتيجية- ناصر دمج
- تعدد الأصوات في قصيدة -القبلة الأخيرة- محمد شريم
- المرأة والمقدس والتمرد في قصيدة -سورة البركان 2- محمود السر ...
- الحياة الأسرية والاجتماعية -طفولتي- مكسيم غوركي
- تنوع القص في مجموعة من يحرث البحر إلياس فركوح
- السرد في رواية اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز
- سمير التميمي والحياة
- اعتراف وجيه مسعود -بين يدي فاطمة-
- امتلأت بالحياة
- نجاح العربي والمغالاة
- طقوس للمرأة الشقية محمود شقير
- عبود الجابري والتماهي بين الإنسان والمكان
- هدوء وجيه مسعود
- صوت المرأة في مجموعة -ذاك الرجل وتلك الشجرة- مها أبو هلال


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -من فيض الوجدان- للأديبة كفاية عوجان