أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رائد الحواري - المكان والزمان في قصيدة -هُنا في المكانِ- كميل أبو حنيش















المزيد.....

المكان والزمان في قصيدة -هُنا في المكانِ- كميل أبو حنيش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 17:51
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


المكان والزمان في قصيدة
"هُنا في المكانِ"
كميل أبو حنيش
الأرض/المكان هو المنطلق لأي عمل، حتى لو كان متخيلا، فلا يمكن أن يكون الإنسان خارج المكان، ولا يمكن أن ينجز/يترك أثرا دون المكان، لهذا هو عنصر اساسي في حياة الناس، وبما أن الشاعر أسير فلسطيني، فإن يتعاطى مع المكان/السجن، بعين المحروم من الآفاق، لهذا نجده يرسم صورة جديدة للسجن، فتتح الشاعر القصيدة:
"هُنا في المكانِ أو اللاَّمكان
سنحفرُ أسماءَنا في الجّدارِ"
أن يفتتح الشاعر القصيدة بظرف الاشارة للمكان "هنا" فأن هذا بحد ذاته مؤشر على أثر المكان عليه/عليهم، كما أننا نجد حالة التيه/الحيرة في "المكان واللأمكان" وهناك (ارتباط) بين اسم الشاعر وهذا المكان/السجن والذي أكده من خلال "سنحفر"، وهو فظ قاسي/مؤلم، وأقرنه بلفظ آخر "الجدار".
من هنا يمكنا القول أن فاتحة القصيدة مستفزة للمتلقي، لما فيها من حيرة "مكان واللأمكان" ولما فها من أفعال قاسية "حفر، الجدار" وجاء تعريف الجدار كتأكيد على المعرفة الشاملة لهذا المكان/السجن.
وقبل أن نغادر فاتحة القصيدة، نشير إلى أن استخدام صيغة الجمع "سنحفرُ أسماءَنا" نحن، تشير إلى أن الشاعر يتحدث عن مجموعة ينتمي إليها، بمعنى أنه يتحدث عن ألم جماعي، وليس شخصي فقط، وهذا يحمل أكثر من سؤال، فهل أراد الشاعر الهروب من التحدث عن همه الشخصي، من خلال حمل هموم جمعية؟، أم أن واقع رفاقه الأسرى جعلهم متوحدين في الوجع، ففضل التحدث نيابة عنهم؟.
الشاعر يعرفنا أكثر على أثر المكان عليه من خلال:
"لكي لا نتوه إذا ما تَلونا من
الآياتِ سِفرَ البدايةِ
و كي نتذكَّرَ ، أنَّ لنا أمَّهاتٍ
حَمَلنَ بنا ، و أنّا ولدنا
كما الآخرينَ...."
هناك علاقة بين المكان/السجن والمعرفة، والشاعر يقرن التيه بعدم تلاوة "سفر البداية"، فالمعرفة ضرورية لتثبيت وجوده، وللافت أنه استخدم "العهد القديم" من خلال "سفر البداية، والذي يتماثل معناه مع سفر التكوين، وايضا نتوه، التي يتماثل مع تيه اليهود في سيناء، فهو هنا يستخدم العهد القديم، بطريقة جديدة، يتحدث عن الأسرى، عن الفلسطينيين في المكان/اللأمكان/سجون، فالتيه/الحيرة متربطة بسفر البداية/بسفر التكوين، وبما أنه/م (اعتمد/استند) على العهد القديم فقد أصابه/م ما أصاب أصحابه، وكأنه يربط حالة التيه/الضياع بكل من يتبع/يعتمد على العهد القديم.
لكنه/م يستعيد ذاته/م الفلسطينية من خلال "الأمهات"، وقد أتبعها بألفاظ عادية وبسيطة وسهلة: "حَمَلنَ بنا، و أنّا ولدنا كما الآخرينَ" وهذا يتماثل مع (بساطة) الأمهات وطبيعتهن، وفي الوقت ذاته يتنافى مع المعرفة الكامنة في "تلونا سفر البداية" وبما أن "الامهات" يعدين "مكاننا قبل الخروج للحياة، فأن ذكرهن جاء تأكيدا على علاقة الشاعر ورفاقه بالمكان وبالآخرين، بالناس/بالمجتمع، وبهذا يستمر تأكيد الشاعر على المكان وأثره وحضوره عليه/م.
إذن المكان الذي يتحدث عنه الشاعر "المكان واللأمكان"/السجن، ورحم الأم، وكلاهما أثر ويؤثر على الشاعر ورفاقه، يبين لنا أكثر علاقته/نظرته للمكانين من خلال:
"ستحبلُ فينا السُّجونُ
و في جوفِها سوف نحيا طويلاً
شهورٌ...سنينٌ...عقودٌ...دهورٌ
و يسطعُ فينا السؤالُ :
و لكن ... متى سوفَ تأتي الولادةُ
من رحمِ هذا المكانِ أو اللامكان .....؟؟
*"
يستوقفنا ذكر الوقت/الزمن في "طويلا، شهور، سنين، عقود، دهور" والتي بدأت بصورة تصاعدية، وهي تتماثل مع الحالة النفسية للأسرى، الذين يبدؤون العد منذ أن تطأ أقدام بوابة السجن
كما أن الشاعر قارن بين وجود الأسرى في "رحم الامهات" وبين جدران السجن، والتي وضحها بالزمن الطويل والممتد "سوف نحيا طويلاً شهورٌ...سنينٌ...عقودٌ...دهورٌ" تؤكد على نفور الأسرى من هذا "المكان واللأمكان"، وبما أنه استخدم رحم الأمهات، كحالة طبيعية وسوية لوجود الحياة البشرية، فإنه يستخدم (رحم) السجن كحالة غير طبيعية/غير سوية للحياة البشرية.
وأيضا نجد الشاعر يستخدم الفاظ وتعابير بسيطة وسهلة، لكن تقديمها بصيغة السؤال، جعل القارئ يتوقف عندها متأملا فيها ومفكرا، فبساطة الالفاظ لازمها بفكرة/بسؤال يحتاج إلى وقفة وتأمل وتفكير.
المقطع الثاني من القصيدة جاء موازيا ومنبثقا عن المكان اللأمكان:

"هنا في الزَّمانِ أو اللازمان
سننسى التآلفَ مع وقتِنا الخارجي
و نألَفُ وقتاً غريباً ، يظلُّ يدورُ بنا
مثلَ قرصِ الرّحى .....
و اللّيالي الرَّتيبةِ"
حالة طبيعية ومنطقية أن يكون الزمن لاحق ومنبثق عن المكان، لأن المكان ثابت، مادة، يمكننا مشاهدته ومسكه، بينما الزمن احساس، نشعر به ونراه ولكن لا يمكننا مسكه، فهو متغير ومتحول
في هذا المقطع نجد مجموعة ألفاظ لها علاقة بالزمن/بالوقت: "الزَّمانِ أو اللازمان، وقتنا، وقتا، ، الليالي" فالمكان أوجد احساس غير مريح: "يظل، يدور، الرتيبة"، ويستوقفنا وصف "قرص الرحى" الذي يشير إلى الحركة (الثابتة)، السير في ذات المكان، بمعنى حركة دون مغادرة المحور، والبقاء ضمن سيطرة المركز، وهذا يخدم فكرة العبث "المكان واللأمكان، والزمان واللازمان"، واليأس من هذا المكان ومن أثره.

"و ندخلُ كهفَ الزَّمانِ العميقِ
و لا شيءَ غيرَ الظَّلامِ ،. و نمضي
طويلاً بلا أيِّ صوتٍ سيأتي
ليتنبّىء عن وحي آياتِ
سِفرِ النّهايةِ....
و يرأب صدعَ الزَّمانِ أو " اللازمان "
اللافت في هذا المقطع عدم وجود أي لفظ له علاقة بالمكان ـ إذا ما استثنينا لفظ "كهف" ـ وكأن الألم الذي يتركه المكان واللأمكان على الشاعر ورفاقه كبير ولا يحتمل، كما أن هناك مجموعة ألفاظ قاسية: "كهف، الظلام، ونمضي، طويلا، بلا، النهاية" وهي بصورتها المجردة تخدم فكرة القسوة التي يتعرض له الشاعر ورفاقه في الأسر.
والجميل في هذا المقطع أنه جاء متكامل ومترابط، فالكهف له علاقة "عميق، ولا شيء، الظلام، طويلا، بلا صوت" وهذا أسهم في إيصال فكرة الألم التي يعانيها الأسرى في "المكان واللأمكان".
إذن أثر المكان واللأمكان شديد الوقع على الأسرى، على الشاعر:
"سنرنوا طويلاً لا سمائنا في الجِّدارِ
و قد أزهرت في الخريفِ ،
نحنُ لها حينَ كانت تغنّي
و تلهجُ في مهدِها و تقولُ :
سينتظرُ اللهُ خلفَ الجِّدارِ
و يعلنُ عن بدءِ سِفرِ القيامةِ
فهزّوا الجِّدارَ، سيسقطُ يوماً
و تغدو الحروفُ كما الياسمينُ
تفوحُ بعيداً
و في كلِّ آنٍ."
سنحاول أن البحث عن حقيقة مشاعر الشاعر ورفاقه من خلال الألفاظ المجردة، فهناك مجموعة ألفاظ بيضاء في هذا المقطع: "سنرنوا، أزهرت، تغني، مهدها، الله، يعلن، بدء، الحروف، الياسمين، تفوح، آن" فهذا الألفاظ تخدم فكرة الأمل والفرح الكامن في الشاعر ورفاقه، وكأنه/م بعد أن أبدو ما فيهم/عندهم من ألم وشدة، شعروا بأنهم أصبحوا أكثرا (اتزانا) فتحدثوا بهذا الفرح والبياض، متجاوزين واقعهم في "المكان واللأمكان".
يستوقفنا استخدام "سفر القيامة" " والذي يحمل ألفاظ بيضاء، بعد أن "سفر البداية" القاسي والمؤلم، كأن الشاعر يقول ان خلف/بعد كل ألم فرح، كحال الأم، التي تتألم في حالة الحمل والمخاض والولادة، لكنها تسعد وتفرح بعد أن تضع حملها، فحال الأسرى كحال الأمهات، من هنا جاءت فكرة الولادة، ولادة المخلص:
"فهزّوا الجِّدارَ، سيسقطُ يوماً
و تغدو الحروفُ كما الياسمينُ"
الذي جاء يحمل كلمة الله، كلمة الخلاص للبشرية.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتوة التشغرجوي يشار كمال.
- التيه والخراب في كتاب -معضلات استراتيجية- ناصر دمج
- تعدد الأصوات في قصيدة -القبلة الأخيرة- محمد شريم
- المرأة والمقدس والتمرد في قصيدة -سورة البركان 2- محمود السر ...
- الحياة الأسرية والاجتماعية -طفولتي- مكسيم غوركي
- تنوع القص في مجموعة من يحرث البحر إلياس فركوح
- السرد في رواية اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز
- سمير التميمي والحياة
- اعتراف وجيه مسعود -بين يدي فاطمة-
- امتلأت بالحياة
- نجاح العربي والمغالاة
- طقوس للمرأة الشقية محمود شقير
- عبود الجابري والتماهي بين الإنسان والمكان
- هدوء وجيه مسعود
- صوت المرأة في مجموعة -ذاك الرجل وتلك الشجرة- مها أبو هلال
- القصة الكلاسيكية في مجموعة -خبز الآخرين- محمود شقير
- بنية القصيدة في -فوضى وضياع-/ -خرابيش- وجيه مسعود
- ما زن دويكات وحجم السواد
- كميل ابو حنيش -البرزخ-
- أثر المكان في ديوان -لحن في حنجرة الريح- للشاعر سميح محسن *


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رائد الحواري - المكان والزمان في قصيدة -هُنا في المكانِ- كميل أبو حنيش