أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بكر محي طه - التراث الشرقي هويتنا وليس وصمة عار














المزيد.....

التراث الشرقي هويتنا وليس وصمة عار


بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)


الحوار المتمدن-العدد: 6656 - 2020 / 8 / 24 - 10:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من المعروف أن تراث الشعوب يُمثل هويتها، فهو خير مثالٍ على ماضيها، بحلوه ومُره، بشموخه وإنكساره، ليكون مَرجعاً مُهماً في الحاضر لتلافي أخطاء الماضي في المسقبل من جهة، وتطوير ما توصل إليه السابقون من جهةٍ أُخرى، إذ أن التراث والماضي لايعني بالضرورة فقط أخطاء ومأسات وحروب ..الخ، فمن الممكن أن يكون إختراع أو أداة أو طريقة معينة في معالجة مشكلةٍ ما، أو حتى لباس معين، المهم هو إن التراث يمثل ويُميز قوماً من البشر عن الاقوام الاخرى.
بألتأكيد فأن مُعظم الناس تفتخر وتتباهى بتراثها الذي رسم واقعاً وحفر تاريخاً على مر الزمان، فتجد المتاحف والكتب والمكتبات والمصادر تزخر بالحوادث والقِصص والإختراعات، وحتى الإنكسارات وأسبابها، ولعل هذه النقطة الاخيرة سبب في تطور معظم البشر الذين يتعلمون الدرس من مرة واحدة حتى لا يكرروا أخطاء الماضي، لأن التطور يتطلب تضحيات وأفكار وخطط طويلة الأمد، حتى تبقى ضماناً للأجيال القادمة في مستقبلٍ أفضل، وكأن الحاضر مازال يحتاج الى تطوير برغم التطور والإبتكار الذي يشهدونه والذي يراه البعض لدى شعب بلدٍ معين على أنهم كوكب بحد ذاتهم ومُتعجب من هذا الآمر ويتسائل "متى نُصبح مثلهم!".
وأقصد بذلك فئةً كبيرة من الناس في المجتمع الشرقي بشكلٍ عام والعراق بشكلٍ خاص، إذ نجد أغلب الأقوام البشرية تفخر بتأريخها وتراثها؛ إلا هؤلاء يتبرأون منه وكأنه "مرض جُذام"، ولعل من أبرز الأسباب هو بسبب التأثير الاعلامي (سينما / تلفزيون) والذي يُظهر الشرق كأنه بؤرة لكل شيء أسود وشرير، بينما الغرب بؤرة لكل أبيضٍ وخير، كذلك عقدة النقص لدى البعض والتي تجعلهُ يتغنى بثقافات الغير مُتناسياً إنها بدأت من الصفر، الآمر الذي أخذ سنواتٍ طوال من عُمرها وعُمر أجيالها لتحقق المُنجز المنشود، وليس مجرد شعاراتٍ وفوراتٍ عاطفية لاتغني ولاتسمن، أو بسبب الجهل بتاريخ نشوء الثقافات والمواريث الشرقية وهذا الامر هو مسؤولية التعليم الذي يجب أن يكون منذ الصغر للإطلاع على التراث الرصين.
والمثير للإستغراب هو حالة التنكر والإستعلاء على كل ما هو تراثي وشرقي وكأنه تشوهاً خُلقي أو وصمة عارٍ، ولا يجب الكلام عنه أو حتى التمعن بما تناوله، ولن أتطرق الى أمور الدين أو السياسة كونها محطُ جدلٍ، ولكن سأذهب مباشرة الى التراث الشرقي العلمي والفلكي والحسابي والطبي وحتى الفني، هذه المواريث المُغيبة والتي يعمد البعض -بقصدٍ أو بغير قصد- الى طمس ملامحِها والإنتقاص منها، في حين التغني والتفاخر بالتراث الغربي مع العلم هو حديث قياساً بالموروثات الشرقية.
أليس من الأجدر الإحتفاء بالعلماء والمفكرين والنوابغ الشرقية مثل ابن خلدون و ابن سينا والخوارزمي و ابن فرناس والكثير غيرهم من النوابغ العقلية والفكرية بدل الاحتفاء بالغرب وكأنهم الفئة البشرية الوحيدة المنتجة، أما نحن الشرقيين فلا، في حين أن الغرب قد إستقى معرفته من تجاربهم ومؤلفاتهم، والمفارقة أن الغرب يُشير لنتاجاتهم ودراساتهم بأنها اللبنة الأساس في تطور العلوم الحديثة المختلفة ولا ينكرون دورهم أبداً، وهي مفارقة مضحكة مبكية.
أما الاكثر تضرُراً وتخريباً مُتعمداً له هو التراث الفني الشرقي بكافة مفاصله من رقص ولباس وفنون تشكيلية وهندسية وكذلك الموسيقى وأيضاً الغناء، حيث غالباً ما يكون مصدراً للسخرية أو إشارة الى فترة فقيرة ومُتخلفة بكل المقاييس، وهذا ما تناوله أحد الإعلانات الخاصة بشركة أثاثٍ منزلي في بغداد، والذي يعطي فكرة كارثية عن تطور الأثاث في العراق وكذلك الذائقة الحسية للناس، من خلال مشهد واحد (one shot)، حيث يقوم شاب يرتدي الزي البغدادي -التراثي- بالنهوض من أثاثٍ قديم مع أغنية للفنان (ناظم الغزالي) ليتحرك الى النصف الآخر من الشاشة والتي تم إضهارها على أنها تحتوي على أثاثٍ مودرن حديث مع أغناني الهيب هوب الأمريكي، في إشارة واضحة الى أن الحداثة والتطور فقط عند الغرب وكل شيء غربي هو محط ثقة وتقدير، في إنتقادٍ واضح للتراث الفني الشرقي وكل ما يتعلق بهِ فهو مجرد أنتيكات تعبيرية ولايساوي شيئاً!.
ولتغيير هذه النظرة الضيقة تجاه الموروث الشرقي بشكلٍ عام والتراث الفني بشكلٍ خاص، والتي بنيت بسبب الجهل والتجهيل العمد وغير العمد وعلى مدى عصور زمنية طويلة، لابد من التعريف الصحيح بهذا الموروث من خلال إحيائهِ وطرحهِ بطرق جديدة مبتكرة تعييد الروح إليه وتُعلق القلوب بطياته المنسية من جديد لأنه يمثل هوية لنا وليس حكراً على بلدٍ أو شعب أو أفراد محدودين، بل يُمثل إرث شعوباً كاملةً ويستحق البحث أكثر فيهِ وأكثر، لإكتشاف نتاج الخبرات والمعرفة القديمة بدل أن تصبح طي النسيان أو تكون من نصيب الغُرباء الذين يعرفون أهميتها ويقدرون جوهرها.
ولعل أبرز الطرق الواجب إتباعها لأجل إحياء التراث الشرقي هو تأطيره وإضافته ضمن المناهج التعليمية كافةً خلال المراحل الدراسية كافةً، مما يُساعد على إنشاء أجيال تحترم وتقدر تراثها بشكل أكبر وليس مجرد حالات فردية، كونهُ يُمثل الجميع بعيداً عن العرق واللون والدين والرقعة الجغرافية، بالإضافة الى فتح مكتبات ومعارض خاصة بالتراث الشرقي سواء كان فنياً، علمياً، إنسانياً، أو فلكياً، حتى تكون الثقافة والذائقة االتراثية بمتناول الجميع، لان التراث يمثل هوية الشعوب.



#بكر_محي_طه (هاشتاغ)       Bakr_Muhi_Taha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنشئة الصحيحة للفرد هي أساس المُجتمع الديمقراطي
- ما الذي يُميزُ النقد البناء عن التنمر؟
- هل صار لباس المرأة يُمثل سبباً للتحرش!
- المثلية الجنسية من زاويةٍ أُخرى
- ما الذي يجعلُ السلبية الفكرية تُخيم على عُقول الناسِ!
- آثار التباينُ الفكري والثقافي الذي طرأ على المُجتمع العراقي ...
- جدليةُ الفلم ال (documentary) القصير، هل هو وثائقي أم تسجيلي ...
- جائحةُ كُورونا وتداعياتها على الأُسرةِ حول العالم!
- الدور الفعال للنقابات والإتحادات في مواجهة أزمة كورونا!
- كورونا أعاد الإنسان إلى وضعهِ الطبيعي في هرم الحياة!
- عالم المُوضة مُتجرد الإحساس كونهُ حولَ تسمية المرأة المُكتنز ...
- أهميةُ الفن في حياة الإنسان
- المرأة ودورها البناء في المجتمع المتحضر
- قلة العلاقات الاجتماعية لاتعني بالضرورة بأن الإنسان معقد!
- الخبرةُ البشرية... مابين الواقع والتطبيق
- بينما كورنا يتفشى بالصين... واو يتفشى بالشرق الأوسط


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بكر محي طه - التراث الشرقي هويتنا وليس وصمة عار