أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاطمة الفلاحي - قراءة في رواية موطن الخيبات للروائي فاضل العتابي















المزيد.....

قراءة في رواية موطن الخيبات للروائي فاضل العتابي


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 6650 - 2020 / 8 / 18 - 01:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عند عتبات طفولة بعضنا تحتشد أسراب الفراشات وملائكة الأحلام .. لكن طفولته كانت محاصرة بجند من الخيبات تقاتل أحلامه وتحاصر جهاته، وحين تطيل النظر في عينيه تقرأ طفولته المرة.. "الطفولة المرة" كانت باب روايته الأول ..أملًا في أن يحظى بــ"مرحلة جديدة" بروح أصفى وأنقى وتشتعل فيها الابتسامة .. فاجئته دروب الشتات بأن "بدء الخيبات" قد أدركته بالتوارث ، فلم يكن قدمًا ليحفظ خطواته في صندوق الرؤى ويتجنب قوافل النسيان، بل أضحى كمنديل خيبات ينتحب بصمت وتمشطه أعواد المخابر والجندرمة حين " شاهد أحد الباصات تنطلق فتوجه إلى الأخرى بعد أن عرف أنها المقصودة حسب قول الماكر القصير، كانت فارغة إلا من السائق ألقى السلام عليه بعد الصعود رد عليه وهو ينظر له بالمرآة التي أمامه
شعر أنه تصرف بغباء حين كان أول الراكبين كان عليه أن ينتظر ليمتلأ ويركب
نزل السائق من السيارة اتجه إلى السيارة الواقفة خلفهم ليتكلم مع السائق ليأتي الاثنان بادره الآخر بالسلام، توجس خيفة من نبرة صوته فهم بالنزول، سأله إلى أين ذاهب ابن العم؟ أخبره سوف أشتري الدخان وأعود بعد المنعطف بقليل وإذا بسيارتين للأمن تغلق الطريق من أمامه وخلفه، وقف مكانه ترجلوا من السيارات أمامه وخلفه، قال بداخله ها هي الخيبة الجديدة حطت رحالها، هل يعقل أعبر هذا الطريق والرصاص من حولي لأصل بسلام لأقع بيد الأمن السوري؟ بكل تأكيد سوف يتم تسليمي لحرس الحدود العراقي."
وتسامر تفاصيله في"سجون لا تنتهي" سياطها تلسع آخر هزيع أحلامه وتتراءى أمامه سلسلة إخفاقاته القديمة والجديدة وتشرده، وكأن مسرحية الخيبات والأشياء المراقة لم تنتهِ بعد ..!
يحلم بالحرية وحريته مقيدة خلف أبواب سجانه، يحاول اختراق حاجز الزمن ولو تخيلًا و"الهروب" من فجور الحياة غير المنصفة معه، لاعنًا كل عثرات المسافات وسيوفها الساقطة على كل بنات أفكاره، بغية أن يعبر بجواز سفر مزور كل أبواب السجون .. " أمروه بمرافقتهم أركبوه في إحدى السيارتين وتوجهوا إلى بناء ذي باب كبيرة، بعد فتح الباب أمروه بالنزول وأدخلوه إلى المبنى وتوجهوا إلى إحدى الغرف، وبعد انتظار حضر رجل بلباس مدني تكلم معهم من على باب الغرفة وخرج رجال الأمن، بقي هو والشخص الآخر فقط ليقوم بالأسئلة شفهيا أول الأمر، أخبره أنه من سكنة بغداد وهارب من السلطة
ورجاه أن يذهب إلى التواليت فدله عليها وأول دخوله أخرج الورقة التي بحوزته راجعها وقذفها في مقعد التواليت وسحب السيفون وتخلص منها.
عاد إلى الغرفة فلم يجد أحداً، بقي جالساً لوحده تقريبا لنصف ساعة بدون أن يسمع صوتاً بقربه.
تجرأ وخرج واتجه إلى الباب الرئيسي ليستطلع المكان وإذا كان بمقدوره أن يهرب.
لكنه رأى حرساً يحمل السلاح يقف عند الباب الكبير المغلق.
عاد إلى الغرفة لينتظر".
كان يحلم بأن يستقل قارب "الرحلة إلى المجهول" كقامة تنزف توجعًا تحمل تعويذة أخرجها من جدار سجنه الروحي، الذي بات كبيت مهجور ..فيحرقه جمر المسافات ويأخذ بيده تأشيرته الأخيرة صوب "العودة إلى المربع الأول" زمن الخيبات زمن العسس زمن التحقيقات والرعب " قال أخبرني من أوصلك هنا
قال له دليل وعاد على الفور حين أوصلني
ولماذا لم تسلم نفسك إلى نقطة الأمن في الحدود أو حتى في المدينة.
رد سامي كنت متوجها إلى أقرب مركز أمن وصادفتني الدوريات في الطريق.
يعني أنت سلمت نفسك لهم؟
تقريبا أجابه، قال: وماذا كنت تفعل في الباص،؟ أجابه رغبت أن أواصل رحلتي أول الأمر لكني تراجعت وترجلت متجها إلى أقرب مركز أمني يصادفني
قال دعني أصدقك وسأدون هذا، فتح سجل وأخذ يكتب فيه كافة المعلومات التي أفيد بها
وطلب من سامي مرافقته ليفتح باب زنزانة وجد فيها بعض الأشخاص وهم نيام، قال: انتظر هنا ولو ترغب بالنوم ممكن، ظل جالساً حتى أفاق النيام ليتبين أنهم كلهم من العراق".
لم يعد بينه وبين اقتراب النهاية التي تشبه كثيرًا، تفاصيل من حوله فلا فرق عنده فالحزن هو ذاته، سواء رغبت به الروح أو لم ترغب ، مقسوم عليك الرضوخ لزوابعه ،آملًا في بعض فرح يولد من حضن لحظة حزن، ويسوق ابتساماته كهدايا تنحر على أبواب ثمالة الروح" حين يضحك القدر" ويبحث بين نفسه وذاته ، عن تلك التساؤلات التي تحدث بين المرايا وضباب الأفكار، المتحدث عنه باسم الشقاء والمتعطش لـــ"الهروب من جديد" فلكثر ما أجاد فن الصدع ، أكثر من هروبه، كاتمًا حزنه العميق وآثار السياط والتعذيب على جسده فلا مفر من تلك "الخيبات لا تنفك" ..
كم تمنى أن لا مجال أن توزعه الخيبات، معضلة وجوده المتكرر بين أفانين الوجع، الذي لم يكن يومًا حياديًا معه .. فكان كل شيء يجعل الأوجاع بأعماقه تزمجر في مجرد التفكير بـــ"العودة إلى الخوف" ... لكن بعض الأحايين نحلم بأن هناك لفتة إلهية نثرت الروح ببعض الهمس وتشعر بأن الأشياء "حين تضحك لك" الأقدار.. وينتبه " على يد حطت على كتفه من الخلف، رفع رأسه ليواجه أنثى فارعة الطول تبتسم له والكلب فرح وهو يهز ذيله بحركة سريعة فاقت حركت الرجل المسن ويتقافز من حولها،
صحا من شروده على صوت تلك الأنثى بلغة لا يفهمها.
وهي تدعوه مشاركتها طاولتها القريبة للعودة بعد أن كلمها بالإنكليزية لأنه لا يفهم لغتها
سبقته وهي تتمايل في مشيتها مثل خيط البخور ودخان سيكارتها يتبعها مثل ذلك الخادم الغيور
وقف مبهوتا أمام ما يحدث وهو يتذكر وقوفه في ذلك الطابور الطويل أمام بوابة تختلف عن تلك التي كانت تغلق وتفتح، اليوم يقف مثل متسول بانتظار حساء الصباح منذ أيام
والآن في حضرة أنثى تدعوه أن يشاركها طاولتها، دعته للجلوس ونادت نادل البار وسألته عما يود شربه، وقبل أن يرد بالاعتذار أخبرت النادل أن يحضر كأسين من النبيذ الأحمر، وقالت لا بد أنه يعجبك، رأيتك وأنت تحتسيه بمرارة من قبل.
قدمت له سيكاره وقبل أن يتناولها أشعلتها ووضعتها بين شفتيه.
بادرته بالسؤال هل أنت أسبانيولي أَم لاتيني أَوووووو دعني أحزر أنت أسبانيولي؟ هز رأسه بالنفي بأنه لا ينتمي لكل الذين ذكرتهم .
قال لها أنا من بلاد القهر والفجيعة والزنازين وعويل الأمهات وبكائهن كل مساء وهن ينتبذن ركن الهوان ليستذكرن موتاهن بعذوبة الحزن.
قطبت حاجبيها وهي مستغربة!
سألته
من أي قهر وفجيعة أنت قادم؟
أجابها أنا من بلاد الحرف ومسلة القوانين من بلاد الجنائن المعلقة من بلاد الزقورة المدورة.
أنا سومري من بلاد الحضارات التي أبهرت الكون من بلاد الدكتاتوريات الحاضرة، من بلاد الزنازين والمعتقلات بلاد المغيبين بلاد النفط المهدور بلاد الحرف والقصيد
هل عرفتي من أين أنا؟
أجابت بطريقة شعرية
أنت من بلاد المشاحيف
من بلاد الذهب
من بلاد الأهوار والقصب والبردي
أنت سومري الملامح
أنت فارس الحضارات
أنت كلكامش
أنت الذي تبحث عن عشبة الخلود في ذاكرة البلاد، سحب نفسا عميقا من سيكارته ونفثه في سماء الطاولة المشتركة، راحت تحلق حلقات الدخان فوق رأسها وفوق أنفها وفمها وهي تشهقها بلذة.
أخبرها بعد أن شرب كأسه حتى القاع علي أن أغادر الآن ، وتمتم يشكرها على دعوتها.
سألته الى أين ؟
الى مكان يؤوينا نحن مشردي الديار مدمني المنافي.
ظلت مبهوتة تحلق في وجهه، أين هذا المكان ؟ أجباها منذ أسبوع وأنا أقيم فيه قريب من هنا بأطراف المدينة.
ولأني جديد ولا أعرف القوانين يجب علي أن أكون هناك قبل حلول المساء.
عرضت عليه أن تقله بسيارتها.
أجابها كلا علي أن أعرف الطريق ليتسنى لي الرواح والمجيء ومعرفة الأماكن بلا دليل كما تعودت من قبل في كل محطاتي.
رجته أن يتريث قليلا لتبادل الحديث.
شكرها على الدعوة اللطيفة."
- شعر بأنه قاب إغماضة من موطن الفرح والترجل في جنة الأحلام "تونس وعودة الحياة...." على قيد أن "الخيبات لا تنفك" مازالت تلاحقه بين الفينة والأخرى ...

قراءة " فاطمة الفلاحي



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فعل القراءة في التجربة النقدية - ثورة التجديد الشعري- مع الش ...
- التزیینیة والرؤیة الشكلیة في ا ...
- تقنيات الشعر الحر - ثورة التجديد الشعري- مع الشاعر والصحفي م ...
- مقاييس جديدة للقصيدة بعد ثورة الحداثة - ثورة التجديد الشعري- ...
- النظام التقفويّ في أجود الشعر - ثورة التجديد الشعري- مع الشا ...
- التناصية استحالة العبث خارج اللامتناهي، في- ثورة التجديد الش ...
- وعند -زُلَيخَته-، نتيه بين النبوءة وبين فتنة الغواية في- ثور ...
- نهر شعره ينهض على كتف فتنة الكتابة، عند الأديب عبد الستار نو ...
- مصلحة الشعب في حكومة مابعد الغياب الطوعي، حوار مع ناشطين في ...
- أسلوب التهدئة، والحقوق مستلَبة في حكومة مابعد الغياب الطوعي ...
- حكومة مابعد الغياب الطوعي، والمصالح السياسية حوار مع بعض الن ...
- الحكومة مابعد الغياب الطوعي والتركات الثقيلة .. حوارنا مع بع ...
- الحكومة مابعد الغياب الطوعي، وتسييس الأزمات .. حوارنا مع عدد ...
- حكومة مابعد الغياب الطوعي .. حوارنا مع د. سعد جعفر- مهندس اس ...
- قراءة في تجاويف مداد الروائي فاضل العتابي
- قراءة في كمشة قناديل فاطمة الفلاحي – بقلم الروائي فاضل العتا ...
- لا تعشقي يساريًا، قالها لي .. في عيد ميلادي 1-آيار
- جائحة كورونا، وعورة الضيق في رحم تيه الوطن، مع ثلة مثقفة من ...
- كورونا العصر، الخفي الصامت وسيد البطالة مع المدون علي غانم و ...
- كورونا العصر المقايضةغير عادلة مع حاتم عبدالواحد الأستاذ في ...


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاطمة الفلاحي - قراءة في رواية موطن الخيبات للروائي فاضل العتابي