أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا سِي الحبيبْ؟















المزيد.....

في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا سِي الحبيبْ؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 10:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


Aristote : La vertu est le juste milieu entre deux vices

نتذمّرُ من ازدراءِ الغربيين لِديننا، ونحن المواطنون العرب المسلمون المعاصرون نلعنُ دينَنا في اليوم مليون مرة، نلعنه بأفعالِنا السيئة و"بارادوكسالُّومان " (Paradoxalement)نمجّده في صَلَواتِنا فتَفضحُنا سلوكاتِنا ولن تُفلِحَ أوهامُنا في سَتْرِ عُيوبِنا.
أن تَنفِي الآخرَ (الإنسان عمومًا دون تمييز من أي نوعٍ) وتُقصيه وتتجاهله، يعني أنك نَفَيْتَ وجود الله في الآخرَ. قال الله تعالَى: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولم يقل "إن أكرمكم عند الله مسلِمكم". خَلَقَنَا مختلفين لِحِكمةٍ نقبلها حتى ولو كنا نجهلها. الله سبحانه غنيٌّ عن صلاتِكَ وقِيامِكَ أيها المسلم، وعن عِباداتِكَ جملةً وتفصيلا. الله مُجرّدٌ حيٌّ قَيُّومٌ، عالٍ متعالٍ، مستقلٌّ بذاته عن جميع مخلوقاته ولا يحتاجُ لإثباتٍ من أحدٍ. أما أخوكَ الإنسان فهو في أشد الحاجةً إليك، بل لا يستطيعُ العيشَ دونك ودون اعترافك به كآخر، وإن كفرتَ به فقد كفرتَ بالله الذي خلقه كما يشاء هو سبحانه لا كما تشاء أنتَ أيها الغِرُّ المعتدُّ بنفسه، فاتقُوا الله في خلقِه تفوزون بالدنيا وقد تفوزون بالآخرة أيضًا.

في مقهى البلميرا سُئِلَ فيلسوف حمام الشط: ما الفضيلةُ (La Vertu) يا سي الحبيب؟ أخذ نَفَسًا كبيرًا وكأنه يُهيِّئ نَفْسَه للغوصِ في الأعماقْ ثم أجابَ قائلاً : الفضيلةُ هي "عادة ممارسةِ الفضيلةِ" (L`apprentissage habituel de la Vertu )، ممارستها في الواجب وخارج الواجب، في البيت والشارع، في الوطن وخارج الوطن، مع المسلم وغير المسلم، مع الصغار والكبار، مع الرجل والمرأة، مع البشر والشجر والحجر، مع المريض والسليم، مع الحاضر والغائب، إلخ. الفضيلةُ ليست فِعلًا أو قولًا يُكتَفَى به أو يُحتذَى به في المناسبات والمواسم. الفضيلةُ ليست صدقةً من حين لآخر أو شفقةً في المصائب أو فَطرةً نوزعها في العيد الصغيرِ أو تبرّعًا لبناء جامِعٍ أو خمسَ صلواتٍ نقيمها في اليوم دون خُنوعٍ لله أو خشوعٍ، أو صيام شهرٍ في السنة البطنُ فيه خاويةٌ والتقوى فيه غائبةٌ. قال الله تعالَى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، اعملوا لا تعنِي (Travailler comme enseignant ou ingénieur ou autre) ولا تعني الاكتفاءَ بأداءِ الفرائض، بل تعنِي عملَ الخيرِ.

وما الخيرُ يا سي لَحْبِيبْ؟
الخيرُ هو العملُ التطوعِيُّ النزيهُ المجرّدُ من كل غرضٍ دنيويٍّ أو أخرويٍّ (Une occupation complètement désintéressée) دون انتظارِ جزاءٍ أو شكورٍ من أحدٍ ودون طمعٍ في جنةٍ أو خوفٍ من نارٍ، خاصةً وأن المستفيدَ عادةً ما يكون فردًا محتاجًا لأخيه الإنسان ماديًّا أو معنويًّا، فردًا لا يملك شيئًا يُقدمه لِمَن ساعده سوى شعور هذا الأخير بالرضا على نفسه وهذا بالفعل هو أعز ما يطمح إليه الإنسانُ التقيُّ مهما كانت عقيدته، توحيدًا أو إلحادًا. أأنتَ خلقتَه أم الله؟

حبيبٌ يُغني وجناحُه يرد عليه، والغِناء عند حبيب فلسفةٌ والفلسفة عنده حوارٌ أو لا تكون. ومن يا تُرَى يكون جناحُه بحمام الشط؟ جناحُه هو مَن نشرَ على لسانه (حبيب) قرابة العشرين مقالاً أو أكثرَ.
تدخلتُ في النقاشِ شارِحًا ومستشهِدًا بأمثلة تُؤيد حبيب لأن من عادة الفلاسفة أنهم لا يحبِّذون سَجنَ فكرتهم في مثالٍ حرصًا منهم على عدم اختزالها، اختزالٌ قد يشوهها دون قصدٍ (Les exemples sont souvent réducteurs des idées générales)، وقلتُ: انظرْ للغربيين كيف يحترمون القانون الوضعِي (العقل) والقانون عندهم عالٍ متعالٍ كالإله عند التوحيديين مع الإشارة أنني كمسلم أنزّهُ الله عن كل تشبيه. بعض الغربيين يكرهونك كمسلمٍ دخيلٍ مهاجرٍ، لكن لم يمنعهم حقدهم الموروث اجتماعيًّا هذا من أن يطبقوا عليك القانون مثلما يطبقوه على أبناء جلدتهم، أي أنهم أناسٌ قادرون على جهاد أنفسهم وكبح جماح عواطفهم وكَتْمِ عنصريتهم وكَبْتِ غرائزهم الفطرية والمكتسبة (Les réflexes innés et conditionnels)، وفي الوقت نفسه يحاولون إظهار الجيدَ فيهم، بشاشةٌ في الوجه، حُسنُ الاستقبالِ، رحابةُ الصدرِ وسرعةُ قضاءِ الحاجةِ.. لا يعني هذا أنهم بلا تقوى ولا روحانيات كما يذهب في ظن الأكثرية من المسلمين المتكبرين بدينهم، ومن المؤسف أن أقول أنهم وحتى في هذا الميدان فهم أكثر منا حنانًا على بعضهم البعض.

ومَن يا تُرى أمَرَ بمجاهدةِ النفسِ؟ هو الله سبحانه وتعالى، أمرنا نحن المسلمين وسماه جهادًا أكبرَ. جهادُ النفسِ الأمّارةِ بالسوءِ وما أكثرَ السوءَ عندنا! والمفروض أن خِشية الله تكون عندنا أعلَى من خِشية القانون. فهل إذا الفرعُ بعد الثورة ذهبَ (خِشية القانون الوضعي الزجري)، ذهبَ معه الأصلُ أيضًا (خِشية الله)؟
نحن فعلنا عكس الغربيين: فعِوض أن نُلجِم عُدوانِيتَنا المكتسبة اجتماعيًّا، أول ما أطلقناها، أطلقناها ضد قومنا، أطلقناها دون لٍجامٍ كالكلب المسعور تنهش أعراضَنا وتستبيح مقدساتِنا وتُتلِف قيمَنا السَّمحة بأسلحة مستوردة من الغرب ولكنها للأسفِ الشديدِ مستعملة بواسطة عقولِنا الجامدةِ وأيدينا الآثمةِ، ولم يسلم من إيذاءِ عُدوانِيتنا، لا القريبَ ولا البعيدَ، ووصل شرّنا-شرّها إلى الطريق العام والقطاع الخاص والعام ونجحت عُدوانِيتَنا في تلويثِ حِسنا العام وذوقنا السليم، وفي مجتمعاتنا نشرت للأسف القبحَ مكان الجمال.

خاتمة:
نحنُ أمّةٌ رُحِمنا بكثرةِ الصلاةِ وطولِ الصيامِ وابتُلِينا بالكسلِ وعدم إتقان العملِ!
دستورنا لم ينهنا عن المعروف ولم يأمرنا بالمنكر، قانوننا لم ينهنا، تقاليدنا لم تنهنا، صلاتُنا لم تنهنا، صيامُنا لم ينهنا، قرآنُنا لم ينهنا، سُنة رسولِنا لم تنهنا، فمَن يا تُرى ينهينا اليوم عن المعروف ويأمرنا بالمنكر؟
سأل برنار بيفو مرةً (منشط سابق في برنامج "أبوستروف" في قناة أنتان 2)، سأل الفيلسوف بول ريكور: "لماذا تصلحُ الفلسفة؟". أجابه ساخِرًا: "لا تصلحُ لشيئ أو بالأحرى تصلحُ لشيء قريبٍ من اللاشيء (Le Presque-rien) ولكن يبدو أن هذا الشيء القريبٍ من اللاشيء هو كل شيء".
تصبحون إن شاء الله على شيء قريبٍ من اللاشيء...

Le journaliste Bernard Pivot : « à quoi sert la philosophie
Le philosophe Paul Ricœur : « elle ne sert à rien ou presque rien et ce presque rien est le tout

"Le bien suprême de la Mentalité est la connaissance de Dieu et la vertu suprême de la Mentalité est de connaître Dieu." Spinoza (1632-1677
Pierre Bayle dit que Spinoza est un "athée de système". Mais le grand poète romantique allemand Novalis saluera plus tard en Spinoza "un penseur ivre de Dieu
أليست نفس فكرة الفيلسوف المسلم الحلاج [ 858-922]: "ما في الجبة إلا الله".

إمضائي (فكرة فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم )
"فلتكنْ لديك الشجاعة والجرأة للمعرفة.. و.. اجرؤْ على استخدام فهمك الخاص" كانط
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 4 أكتوبر 2017.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلم الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع ب-حريته الطبيعية ...
- الأخلاقُ ليست معرفةً حتى ندرّسَها، بل هي فِعلٌ نمارسُه في ال ...
- هذه هي هيبة الدولة بالحق (أمريكا، 1957)!
- الفنّانون في المجتمع: هل يَصْلُحُونَ لِشيء؟
- إشكالية مطروحة منذ بداية التاريخ: هل نجحت الأخلاق الفلسفية أ ...
- اللغة العربية، التغيير والديمقراطية: أي علاقة؟
- الحداثة الغربية المعلّبة المعولمة غولٌ يغزونا بسهولةٍ وسيولة ...
- توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفه ...
- وددتُ لو تعددت العواصمُ في كل دولة؟
- أطلِقوا سراح جورج إبراهيم عبدالله، -مانديلا الشرق الأوسط- كم ...
- صرخة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية (ال ...
- قبل أن ننقد الدولة على ما لم تفعله، علينا أولا أن ننقد أنفسن ...
- طوفان.. طوفان.. ولا سفينة في الأفق!
- ما هي مواصفات الفرد التونسي التي أنتجها النمط الحضاري-الرأسم ...
- ماذا أنتظر من وزير السياحة القادم؟
- حضرتُ اليوم ندوةً حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من وجهة ن ...
- الجيش المصري أصبح في عهد السيسي جيشًا شَرِهًا نَهِمًا جَشِعً ...
- خدعوكَ أيها الشعب التونسي الفقير بقولهم أنك كريمٌ!
- مَن شابَه أباه، فقد ظلم مستقبله!
- بماذا تتباهون على الصغارْ يا كبارْ؟


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا سِي الحبيبْ؟