أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفها ماركسيّونا خطأ ضد مسلمينا وإسلاميينا














المزيد.....

توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفها ماركسيّونا خطأ ضد مسلمينا وإسلاميينا


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6641 - 2020 / 8 / 9 - 11:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعريف المفاهيم: الإسلامي التونسي هو مسلم يحمل مشروعًا سياسيًّا ذو مرجعية إسلامية (نهضاوي، سلفي غير داعشي، تحريري). الماركسي التونسي قد يكون مسلمًا أو ملحدًا يحمل مشروعًا سياسيًّا ذو مرجعية ماركسية-لينينية-ستالينية-ماوية (بوكت، وطد).

"الدين أفيون الشعوب"، جملةٌ فعلاً أخرِجت من سياقها. أنقل لكم سياقها كاملاً من كتاب ماركس الشاب (1818-1883)، الفيلسوف الأكثر عمقًا من ماركس الكهل (حسب فيلسوف حمام الشط). كتابٌ نشره سنة 1844 تحت عنوان "مقدمة لنقد الفلسفة وقانون هيڤل"، حيث وردت هذه المقارنة بين الدين والأفيون أي بين جنة اصطناعية وسعادة وهمية. قال: "البؤس الديني هو في نفس الوقت تعبيرةٌ عن البؤس الحقيقي وشكوى ضد هذا البؤس الأخير. الدين هو صرخة المظلوم، هو روحُ عالَمٍ بلا روحٍ، هو أيضًا أخلاقُ عالَمٍ بلا أخلاقٍ. الدين أفيون الشعوب.".
هذه الجملة التي يُشهِرُها الماركسيون التونسيون خطأ في وجه المتدينين التونسيين كحكم غير قابل للاستئناف، هي جملةٌ استُعمِلت فيها كلمة أفيون كمرادف لكلمة تسليةٍ، تسليةٍ عن بؤس حقيقي وليس استبلاهًا أو عجزًا وجُبنًا. الأفيون (البؤس الديني) كوسيلةٌ نظيفة لطيفة للتخلص من حقيقة كريهة بغيضة (البؤس الحقيقي). الدين هو عبارةٌ عن لوحةٍ فنية جميلة تزيّن جدارًا قبيحًا كقبح عالَمِنا المعاصر. الدين هو التحصّنُ بعالَم اللامادة المقدّس هروبًا من عالَم المادة المدنّس.
جملةُ ماركس ليست جملةَ إدانةٍ بل جملةُ فهمٍ دون تقديم تنازلات للايديولوجيات الدينية (L`intégrisme islamique). ماركس يقبل المتدينين كما هم، خاصة المقصين منهم اجتماعيًّا الذين لا ملاذ لهم إلا ملاذ الدين ولا صوت لهم إلا الشكوى للخالق.
الماركسيون التونسيون يلوّحون بالمسألة الدينية عند الأزمات كفزّاعةٍ (أستثني الدواعش التونسيين، فهُم ليسوا فزّاعةً بل هُمُ واقعٌ خطيرٌ مريرٌ ووبالٌ رهيبٌ على الإسلام والمسلمين والناس أجمعين)، يلوّحون بها للتغطية على المسائل الديمقراطية التي تقضّ مضاجعهم لقلة عددهم مقارنة بالإسلاميين.
ماركس لا يهتم بمعتقدات العمال بقدر اهتمامه بتحريرهم من رِبْقَةِ استغلال الرأسماليين الذين لا دين لهم حسب رأيه إلا دين الربح السريع، متدينين كانوا أو لا دينيين.
ماركس الشاب الحالِم رهيف الإحساس، قبل أن يطلب من الفقير المتدين التخلي عن حلمه المشروع بجنة سماوية ، يريد أن يهبه جنّة أرضية ويطمح إلى تحقيق فلسفة الدين فوق أرض دون دين.
وأنتَ أيها الماركسي التونسي ماذا قدمت للفقير المسلم التونسي؟ خاصة بعد أن سفّهتْ التجربة السوفياتية حلم ماركس؟ بعد ماركس، أصبح الحلم كابوسًا بفضل بركات ستالين وماو وبول بوت، وضحاياهم من العمال والفقراء يُعدّون بعشرات الملايين.
ماركس، كان مثاليًّا في طرحه إلى حد السذاجة لأنه أراد تخطّي الوجود البشري (La condition humaine) حيث يبدو البؤس قدرًا منزّلاً لا فصال فيه، والدين أفيونٌ لا غنَى للبشرية عنه. في وطننا يبدو لي أن للدين الإسلامي مستقبلٌ طويلٌ زاهرٌ، لا بل أزليٌّ دائمٌ كديمومة الخالق.
أختي (77 عام) ضريرةٌ منذ سن الست سنوات، مؤمنةٌ إيمانًا راسخًا أنه سيأتي يومٌ تُبصِرُ فيه وترى أمها بواسطة النور الإلهي، ترى أباها وإخوتها وأخواتها وأبناءهم، ترى صديقاتها وزميلاتها القدامى في معمل النسيج للمكفوفين بمدينة سوسة. ائتني بإيديولوجية تمنح لها هذا الأمل وأنا أتبعها صاغرًا لك ممنونًا!

خاتمة: يقول العامل المسلم التونسي (Le prolétaire) للماركسي التونسي: أرجوك يا رفيقي، أرأفْ بحالي، فأنا بلا إسلامٍ معاقٌ، تمهّلْ.. تريّثْ.. أرزُنْ.. أو أعطني عكّازًا قبل أن تكسر عكّازي! عكّازي هو عكّازٌ ربانيٌّ لم يُصنَع أفضل منه بعدُ.. ولن يُصنعَ! عكّازٌ رفعني من الحضيضِ إلى السماء. ملجأ ألجأ إليه حيث لا تصلُ يدُ المتكبّرِ الظالِمِ.
العامل المسلم التونسي يضيف: صيحةُ "لا إله إلا الله" التي أرفعُها صباحًا مساءً ويوم الجمعة، أرفعُها في وجه الطغاة فترفعني إلى السماء السابع، سماء لا يطالها جبروت العباد، فضاء ينتقمُ فيه رب العباد ممن استباح دم العباد، فضاء تنعدم فيه المذلّة والمسكنة، فضاء يُذلّ فيه كل ظلاّمٍ للعبيد، أم تراكَ تبغي أن تمنعني من الشكوى للخالق بعد ما بُليتُ بظلم المخلوق؟ اذهبْ في حال سبيلك، أنت حرٌّ، لكنني -ورأفةً بك وبأمثالك- أنصحك نصيحةً صادقةً خالصةً لوجه الله، اتركْ هذه التجارة الخاسرة واشتغلْ فيما ينفعُ الناس، كل الناس دون تمييزٍ دينيٍّ أو عرقيٍّ أو إيديولوجيٍّ، واتركْ لي عكّازي فلا عكازَ لي اليومَ غيرهُ.

Source d`inspiration: Edwy Penel (cofondateur et président de Mediapart), Pour les musulmans, Ed. La Découverte, Paris, 2014, p. 135

إمضائي (مواطن العالَم، يساري غير ماركسي)
كل صباحٍ، يوقُظني باكرًا وخزُ آلامِ الظهرِ، أسرِعُ إلى المقهى والله فرِحٌ بمواصلة قراءةِ كتابِ الأمسِ. أغلِقُ الكتابْ بمجرّدِ قدومِ الأحبابْ. بعد ساعتين، أسرِعُ إلى حاسوبِي المنزلي والله فرِحٌ بكتابة ما أوحاه إليَّ المجلسُ أو الكتابُ. يتجدّدُ فرحي كل يومٍ مرتين ومعه تتجدّدُ متعتي الفكرية والتي لا متعة لي غيرها.
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وددتُ لو تعددت العواصمُ في كل دولة؟
- أطلِقوا سراح جورج إبراهيم عبدالله، -مانديلا الشرق الأوسط- كم ...
- صرخة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية (ال ...
- قبل أن ننقد الدولة على ما لم تفعله، علينا أولا أن ننقد أنفسن ...
- طوفان.. طوفان.. ولا سفينة في الأفق!
- ما هي مواصفات الفرد التونسي التي أنتجها النمط الحضاري-الرأسم ...
- ماذا أنتظر من وزير السياحة القادم؟
- حضرتُ اليوم ندوةً حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من وجهة ن ...
- الجيش المصري أصبح في عهد السيسي جيشًا شَرِهًا نَهِمًا جَشِعً ...
- خدعوكَ أيها الشعب التونسي الفقير بقولهم أنك كريمٌ!
- مَن شابَه أباه، فقد ظلم مستقبله!
- بماذا تتباهون على الصغارْ يا كبارْ؟
- -يجبُ إعادةُ أنسَنَةِ الإنسانيةِ-: صيحةٌ أطلقها الفيلسوف الف ...
- ماذا تفعل وزارة التربية؟
- وهل رأينا كبارَنا يقرؤون حتى نلومَ صغارَنا؟
- حضرت اليوم ندوة استشارية حول إعداد قانون ترتيبي للاقتصاد الا ...
- لماذا، في بلدي؟
- أربعة نماذج للتفقد البيداغوجي في مختلف الأنظمة التربوية في ا ...
- شهادة على العصر: أستاذ تونسي متعاون في الجزائر (80-88)
- نقدٌ في العُمقِ للمدرسة الليبرالية (L`école libérale) السائد ...


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفها ماركسيّونا خطأ ضد مسلمينا وإسلاميينا