أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((الخيال .. الكفة الثانية لميزان المعنى))














المزيد.....

((الخيال .. الكفة الثانية لميزان المعنى))


رائد مهدي
(Raed Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6641 - 2020 / 8 / 9 - 02:26
المحور: الادب والفن
    


موضوع نقدي كتبته عن قصة (التعويذة) للأديب القاص العراقي(رعد الراشد)
وأدناه القصة ويليها الموضوع النقدي:

قصة قصيرة جدا
التعويذة

جمعتُ كل شيء في حقيبتك . وضعتُ الحلوى التي تحبها . ملابسك النظيفة . معجون الاسنان والفرشاة . ملابسك الداخلية . صورتك انت واطفالك . واهمها التعويذة التي جلبتها لك من شيخ الجامع وهي لسلامتك . حافظ عليها واجعلها تلازمك اينما كنت . لا تنس يا ولدي ان تربطها بذراعك الايسر كما اوصاني الشيخ . فهي كما يقول مجربةٌ تحمي صاحبها من كل شر خاصة وانت تقاتل عدواً لا يرحم . لاتك مثل والدك الذي اهملها وجاءني ملفوفا بعلم البلاد شهيداً .
وضعت الحقيبة جانباً بعد ان تأكدت من محتوياتها . نهضت وبأصابع مرتعشة امسكت بقطعة قماش واخذت تمسح الغبار من على صورة الشهيد الشاخصة على رصيف الشارع والتي اعتادت ان تجلس تحت ظلها كل يوم تردد نفس الكلمات وبات منظرها مألوفا لدى الناس والاحياء القريبة .
ــ عليّ الذهاب الآن فقد تأخرت كثيراً على البيت واطفالك ما زالوا نياماً ينتظرون عودتك .
احتضنت الصورة وشمتها بعمق . طبعت قبلةٌ طويلة عليها رددت بصوت عالِِ .
ــ ترجع بالسلامة ياولدي .. الله معك.
بخطى متعثرة تغيب مسرعة في شارع ضيق وبيوت متهالكة من الصفيح ....
------------------------------
الموضوع النقدي :
كل نفس بشرية تتوق الى بلوغ معنى يجعل لحياتها مسوغ وحافز للبقاء ، البعض منهم يمتلك القوة والقدرة على صنع المعنى بما اتاحت له الاقدار من مواهب وامكانيات ، وآخرون يمتلكون ارادة فولاذية وإصرار من خلالها ينقشون المعنى على صخرة الظروف وتحت مظلة اعاصير الصعاب والمحن ، ونوع ثالث فريد مميز هو ذلك النوع الذي يستطيع خلق المعنى من اللاشيء كخلق الحياة من الموت وخلق الصوت من الصمت وخلق الحافز من الاحباط وخلق المسار من العشوائية وخلق الطريق من المتاهة المغلقة وخلق الحاضر من الماضي ، إن ماقامت به هذه العجوز في القصة هو بالضبط ذلك الصنف من الناس الذي رغم عدم امتلاكه للقوة ولا القدرة ولا حتى الارادة لتغيير واقعه ورغم افتقارها لكل ذلك لكنها تكافح من اجل البقاء على قيد الحياة رافضة ان تكون حياتها دون معنى ودون هدف وإن خذلها الواقع من كل جهة فللخيال صولة وجولة تعدل ميزان المعنى في ذهن البشر ، وهنالك شواهد كثيرة تطابق مثال تلك العجوز فهناك الكثير ممن خذلهم الواقع خذلانا شديدا وهزمتهم الظروف شر هزيمة لكنهم في الخيال منتصرون وابطال وعباقرة . إن فكرة الكاتب لها مايبررها واقعا وشواهدها كثيرة فكانت القصة من رحم الواقع ، اما الجانب الشيق في القصة فهو الحركة الزمنية للاحداث والتي كانت على شقين : عجوز من الزمن الحاضر وشاب من الزمن الماضي ، لقد مازج الكاتب ازمنته من اجل خلق دهشة في احساس المتلقي لأجل زيادة تعاطفه مع بطلة القصة ومن اجل بلوغ أثر من دون سبق استعداد او توقع طبيعي لنهاية احداث القصة، لقد اوجز الكاتب رؤيته بشخصيتين فقط كانت عجوز وابنها وكان الحديث لشخص واحد وكان المستمع واحد ، لقد اعطى الكاتب مساحة شاسعة دون صوت او مداخلات وذلك من اجل الاصغاء لصوت تلك العجوز البائسة التي كان سيضيع لو تداخلت معها اصوات اخرى وكي لاتتشتت وحدة وبساطة المضمون ، ومن وجهة نظري أن المعنى للحياة هو كالثياب ، يحتاج المرء ان يتجرد منها احيانا ، واغلب الاحيان لايمكنه الظهور من دونها ، الثوب والمعنى كلاهما يؤديان ذات الغرض فالأول يلبس جسده والآخر يلبس رغبته بالحياة فتندفع بصاحبها وتسوقه الى الامام من اجل الانجاز الحقيقي وحتى الخيالي، ان الرغبة بالحياة تحتاج الى دوافع قوية وتلك الدوافع ماكان لها ان تولد إلا من حيز الكفاح وعدم الاستسلام ورفض الهزيمة والنهوض على عكاز الأمل.
تمنياتي لكاتب قصة (التعويذة) الأديب المبدع (رعد الراشد) بالتوفيق وله مني كل المحبة والاحترام .



#رائد_مهدي (هاشتاغ)       Raed_Mahdi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- // لا منطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- // لامنطق للحياة بتوقيت بغداد // الواقع في حيز الفنتازيا
- لاسبيل الى السبيل
- لاحياة لجسد بلا رأس
- الوجع مادة للإبداع
- راغدة
- ماهذا الجنون !!!!
- ((أحزان الحضارة..رؤية مرحلية بجذور تاريخية))
- ضوء
- الوثنية..تقديس الحجر لإخضاع البشر
- خَيال
- سعادة
- مسافرون
- (( الله خارج العقل والحس ))
- نورسة الحب
- الله لايفكّر
- (( رؤية في الوجهات الأساسية، للنص النثري متفرقات ))
- (( اختصار المساحة الشكلانية لصالح المحتوى في نص وشوشات المسا ...
- ((ألتمدن في العراق..أصعب الطموحات))
- (( ذکاﺀ ))


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد مهدي - ((الخيال .. الكفة الثانية لميزان المعنى))