أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - رهان باسكال (المقامرة علي الإله)














المزيد.....

رهان باسكال (المقامرة علي الإله)


منال شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 14:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالنسبة لي – وأزعم أنه كذلك بالنسبة لجميع اللادينيين على وجه الأرض وعلى مر العصور – فإن اكتشاف بشرية الأديان لا يأتي فجأة، بل نتيجة سنوات طوال من الشك وقمع العقل والمهادنة والثورة والإقدام والإدبار والتجاهل والتعامي والغضب والشعور بالذنب، الغضب من عقل يعمل في عكس اتجاه دوران القطيع والغضب من بقايا الجينات القطعانية الموروثة والتي تجلد الضمير وتقمع العقل كلما تجاسر وتمرد.
الطريق إلى اكتشاف بشرية الأديان طويلة جداً وشاقة، إلا أن الاكتشاف في حد ذاته يكون لحظي، فكأنما يقطع الواحد منا آلاف الكيلو مترات وعلى مدار سنوات كي يصل إلى باب ما، وما أن يصل لذاك الباب فليس عليه سوي أن يدير المقبض ليري في لحظة واحدة ما يوجد خلفه.
في البداية نصحني بعض الواعظين من الأصدقاء والمعارف بأن أبقي في حظيرة الإيمان من باب الاحتراز، فلو ثبت أن الله موجود فسوف أخرج من اللعبة رابحة وإن ثبت العكس فلن أخسر شيئاً، بل إن بعضهم صرح لي بأنه يتبع هذا المنهج ويراه أنسب الحلول وأسلمها وأقلها تكلفة مقارنة بعمليات البحث والتفكير الشاقة والمجهدة للعقل، علاوة على أنها غير مضمونة العواقب في حال إن توصلت عقولنا القاصرة إلى نتائج وقناعات خاطئة.
الدهشة كانت هي ردة فعلي من هكذا طرح ومنذ اللحظة الأولي علي سماعه، فأنا أرفض تماماً الاعتراف بإله مغفل، أعلم في داخلي أنني أستغفله وأعترف به إلهاً من باب الاحتياط!!!
فإما أنني افترض في الإله أنه ساذج وأنني أكثر منه ذكاءً ودهاءً وأنه سوف يصدق أنني كنت أؤمن به وهنا أنا أرفض أن أعبد إلهاً مغفلاً حتى وإن كنت أكيدة من وجودة، وإما أن الخدعة لن تنطلي عليه وسيكتشف أنني كنت أدعي كذباً الإيمان به وأظن فيه السذاجة وفي تلك الحالة لن يتردد عن الزج بي في جهنم إن كان إلهاً محترماً.
أليس من المحتمل أن يكون الإله علي علم بإيماني المزيف الاحترازي ويتغاضى عن ذلك من باب الرحمة والتساهل مع عقلي القاصر؟
لو كانت تلك هي الطريقة التي يعمل بها منطق الإله لكان إلهاً عظيماً، وهي عظمة تليق بإله لن يتصاغر ويتضاءل إلى الحد الذي يجعله يكافئني على قيامي بحركات الصلاة البهلوانية التي كنت اؤديها رغماً عني من باب الاحتياط في حال إن كان موجوداً ! والأجدر بإله عظيم أن يوجه اهتمامه على ما قمت به من اعمال خيًرة واعمال شريرة حال حياتي، علي سعادة شاركت في صنعها، أو ألم تسببت فيه.

رهان باسكال.
تقوم فكرة رهان بليز باسكال، فيزيائي وعالم رياضيات وفيلسوف فرنسي عاش في القرن السابع عشر، علي دمج علم الاحتمال في الرياضيات بالفلسفة، ليس لإثبات وجود إله أو عدم وجوده، وإنما للمساعدة في اتخاذ موقف من الإيمان بالإله في حال وجوده وعدم وجوده، وقد خلص باسكال إلي أن الخيار الأكثر أماناً هو الإيمان بالإله سواء كان موجوداً أو غير موجود.

الإيمان بالله / الله غير موجود = خسارة محدودة (في الدنيا)
الإيمان بالله / الله موجود = ربح غير محدود ( في الجنة )
عدم الإيمان بالله/ الله غير موجود = ربح محدود ( في الدنيا)
عدم الإيمان بالله / الله موجود = خسارة غير محدودة (النار)

وبما أننا بصدد تحديد موقفنا الإيماني بالإله سواء كان موجود / غير موجود، معتمدين في ذلك علي علم الاحتمال في الرياضيات فالمصداقية في البحث العلمي تفرض علينا أن نأخذ خطوات أبعد بكثير من رهان باسكال السطحي والمقتضب. فتحديد عدد الاحتمالات الخاضعة للدراسة باثنين فقط ( الله موجود / الله غير موجود ) يخالف مبادئ علم الاحتمال نفسه والذي يفتح القوس دائماً لأي عدد من الاحتمالات الممكنة، فباسكال الذي أمسك بالنرد ذو الستة أوجه كي يختار الإيمان أو عدم الإيمان، كان كأنما قد قرر مسبقاً أن يلعب على رقمين فقط ويلغي احتمالية ظهور رقم ثالث أو رابع أو خامس أو سادس غير هذين اللذين يلعب عليهما.
إن النرد ذو الستة أوجه يعطينا 6 احتمالات، والاحتمالات الستة تتمتع بفرص متساوية تماماً مقدار كل منها 1/6، فإذا افترضنا مجازاً أن للنرد 100 وجه، لكان احتمال ظهور كل وجه هي 1%.
والان فلنفتح القوس الذي أنصح بتركه مفتوحاً إن نحن أردنا مصداقية علمية.
(الإله موجود/ الإله غير موجود/ الإله كان موجود/ الإله سيكون موجود/ الإله لم يكن موجود/ الإله لن يكون موجود/ الإله موجود وتواصل مع البشر/ الإله موجود ولم يتواصل مع البشر/ الإله يكافئ من يؤمن به / الإله يعاقب من لا يؤمن به / الإله يعاقب من يؤمن به / الإله يكافئ من لا يؤمن به / الإله هو يهوه / الإله هو المسيح / الإله هو الله / الإله هو كارما / الإله خلق الكون ثم نسيه / الإله لا يهتم بوجودنا / الإله خيًر/ الإله شرير/ الإله اندثر/ يوجد إلهين وليس واحد/ يوجد ثلاثة ألهه / إلخ.....
فطالما قبلنا بالمبدأ ألا وهو الاحتكام لعلم الاحتمال لتحديد موقفنا من الإله، فإن علم الاحتمال نفسه الذي ارتضينا الاحتكام له يفرض علينا أن نمنح ذات الفرصة لكل الاحتمالات الممكنة، فالرقم 36 في لعبة الروليت له نفس الفرصة التي للرقم 1، وكلما زاد عدد العناصر المحتملة، كلما قلت – رياضياً – فرصة كل عنصر، و يجب ألا يغيب عن أذهاننا أننا قبلنا منذ البداية أن نحتكم لأحد أفرع علم الرياضيات والذي لا يعرف و لا يعترف بيهوه الذي شق البحر لمومسي و لا بالمسيح الذي كان يحيي الموتى و لا بالله الذي أسري بمحمد من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى، إذ إن احتمال تقبُل العقل للمعجزات والخرافات الواردة في الكتب المقدسة بدون عنصر الإيمان الأعمى للشخص الذي وقع علي بياض لإلهه مسبقاً، لا يختلف أبداً عن احتمال تقبٌله للفرضية القائلة بأن الإله لا يهتم لوجودنا أو لتلك التي تقول بأن الإله لم يتواصل مع البشر قط عن طريق وسطاء وأنه ترك البشر لضمائرهم وأنه سيعاقب الحمقى الذين اتبعوا الناطقين كذباً بإسمه عقاباً لهم علي حماقتهم وعدم استخدامهم لعقولهم وإنه يكره السُذج البدائيين الذين يبكون لحائط و الذين يرشمون صليب والذين يدورون حول مكعب أسود.



#منال_شوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزاره جل و علا
- معجزة القرآن
- تجوع الحرة !
- الغائية في الفكر الديني
- أن نكون شوكة في حُلُوق الأفاقين
- القاموس القرآني ( الإنسان )
- الرقص بخاصرة الوطن .
- رب العزة ذَلَّ وهذَى
- شعوب تتنفس إحتقار النساء
- المسلم شيزوفرينك بالضرورة.
- بلاهوته و ناسوته (1)
- إستعذ من عقلك الذي يوسوس في رأسك
- النمط الدائري للمجتمعات المتخلفة حضارياً
- كل المساندة لشريف جابر
- جواري محمد
- يادي خاشقجي إللي فلقتونا بيه
- المسيحية ... تلك الديانة السامية
- التحدي الهزلي
- الله المكار و ذكائه البتار حجة علي الكفار
- دور الإسلام في ظاهرة التحرش الجنسي 2/2


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - رهان باسكال (المقامرة علي الإله)