أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - خطاب عمران الضامن - خفض قيمة الدينار العراقي المبررات والمخاطر















المزيد.....

خفض قيمة الدينار العراقي المبررات والمخاطر


خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)


الحوار المتمدن-العدد: 6619 - 2020 / 7 / 15 - 14:36
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في إطار البحث عن حلول لأزمة تمويل الرواتب التي يعاني منها العراق منذ آذار 2020، وحتى الآن بسبب انخفاض أسعار النفط، رصدنا دعوة عضو اللجنة المالية البرلمانية النائب محمد صاحب الدراجي وغيره من المختصين لخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، وقد سوقوا دعواتهم هذه على أنها حلٌّ للأزمة المالية الحالية، ووسيلة للنهوض بالقطاعات الإنتاجية، وتنمية الاقتصاد العراقي([1]).

نورد لكم في ما يأتي تحليلنا لمبررات ومخاطر خفض قيمة الدينار العراقي:

أولاً: في مجال مواجهة أزمة دفع الرواتب:

خفض قيمة الدينار العراقي تعني قيام البنك المركزي العراقي برفع أسعار بيع الدولار في نافذة بيع العملة؛ بهدف زيادة إيرادات الدولة بالدينار، وتوفير موارد مالية إضافية للخزينة، للتخفيف من أزمة دفع الرواتب، ولو فرضنا اتخاذ القرار برفع سعر الدولار أمام الدينار بنسبة (25%)، سوف يؤدي ذلك إلى رفع سعر صرف الدولار من (100 دولار = 119000 دينار “السعر الرسمي الحالي”) إلى (100 دولار = 148750 ديناراً “زيادة 25%”)؛ الأمر الذي سيزيد إيرادات الدولة من بيع الدولار بنسبة (25%).

وعلى وفق بيانات البنك المركزي العراقي في الأول من تموز 2020، فقد باع البنك المركزي العراقي (249.5) مليون دولار بسعر (1 دولار = 1190 دينار) بإيرادات بلغت (296.310) مليار دينار([2]).

وفي حال رفع سعر صرف الدولار بنسبة (25%) فسترتفع الإيرادات الشهرية بواقع (296.5 مليار دينار مضروبة بـ25% مضروبة بـ22 يوماً) = 1.630 ترليون دينار شهرياً، وهو مبلغ قليل نسبياً قياساً بحجم الرواتب الشهرية والنفقات التشغيلية الضرورية الذي يتجاوز 7.5 ترليون دينار شهرياً، ويبلغ نسبة (21.7%) من حجم الرواتب والنفقات التشغيلية الضرورية الشهرية([3]).

إن تطبيق مثل هذا الإجراء سوف يقضي على حالة الاستقرار الاقتصادي العام التي نجح البنك المركزي العراقي في بنائها والحفاظ عليها منذ عام 2004، وسوف يحدث موجات تضخمية كبيرة (ارتفاع المستوى العام للأسعار) تفوق نسبة خفض قيمة الدينار المفترضة (25%)، تحت تأثيرات انهيار الثقة بالدينار العراقي والنظامين النقدي المالي برمتهما، واتجاه الأفراد والشركات للتخلي عن الدينار وشراء الدولار للاستخدامات المختلفة.

بلغت قيمة واردات العراق من السلع الأجنبية (45.736) مليار دولار عام 2018([4])، وإذا ما علمنا أن معظم السلع الاستهلاكية والمعمرة في الأسواق العراقية هي سلع أجنبية مستوردة بالدولار الأمريكي، فلنا أن نتوقع ارتفاع أسعارها بعد رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار بنسب مرتفعة؛ بسبب توقعات المستهلكين وأدوار المضاربين والتجار، ومنها الأغذية، والأدوية، والملابس، والمواد الإنشائية، والوقود، والمواد الكيمياوية، وغيرها من السلع الضرورية.

ارتفاع أسعار السلع الأجنبية سوف يؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات المنتجة محلياً كجزء من حالة التضخم العامة في الأسواق؛ بالتالي نتوقع ارتفاع تكاليف إيجارات المنازل والمحال التجارية، وخدمات البيع بالجملة والمفرد، والنقل، والبناء، والخدمات كافة التي يقدمها القطاع الخاص بنسب تتجاوز (25%)، ووحدها الدولة سوف تتمكن من الإبقاء على أسعار منتجاتها دون ارتفاع، ومنها أسعار المنتوجات النفطية والضرائب والرسوم.

يتضح مما تقدم أن رفع سعر صرف الدولار الأمريكي المفترض بنسبة (25%) سوف يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية للدينار العراقي بنسبة قد تتجاوز (25%)؛ وبالتالي سوف تنخفض كمية السلع والخدمات التي يشتريها الموظف الحكومي والعامل في القطاع الخاص؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات الناجم عن ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض القدرة الشرائية للدينار.

نستنتج مما تقدم أن قرار خفض قيمة الدينار العراقي ينطوي على مخاطر اقتصادية واجتماعية خطيرة، منها: إنهاء حالة الاستقرار الاقتصادي، والدخول في موجات تضخمية عميقة، وانخفاض مستويات المعيشة، ودخول شرائح واسعة من السكان تحت مستوى خط الفقر الذي بلغت نسبته في العراق (23.5%) عام 2019([5])؛ بسبب انخفاض كمية السلع والخدمات التي يمكنهم الحصول عليها مقابل القيمة الشرائية لمرتباتهم وأجورهم، وهو قرار يحمل السكان ثمن فشل الحكومات في بناء الاقتصاد، وتنميته إبّان السنوات السابقة من طريق إفقارهم، وخفض ومستويات معيشتهم.

ثانياً: في مجال النهوض بالقطاعات الإنتاجية:

يعوّل دعاة رفع أسعار صرف الدولار وخفض قيمة الدينار العراقي على إمكانية إنتاج العديد من السلع الأجنبية محلياً، عبر رفع أسعارها في الأسواق العراقية؛ بهدف مساعدة المنتجين العراقي على إنتاجها، متناسين حالة الانهيار الكبير في قطاعات الإنتاج الحقيقي العراقي؛ بسبب ظاهرة الإغراق السلعي التي يتعرّض لها العراق منذ عام 2003 من أكبر مصدري العالم، ومنهم الصين، وتركيا، وإيران، حيث تتمتع هذه الدول بميزات تنافسية كبيرة تستند إلى قواعد إنتاجية واسعة خفّضت كلف الإنتاج بفضل الدعم الحكومي، وانخفاض عملاتها وتكاليفها الإنتاجية؛ الأمر الذي سيشكل حاجزاً أمام أي محاولة للنهوض بالإنتاج الزراعي والصناعي في العراق، ما لم يُسيطر على المنافذ الحدودية، ويُنفّذ قانون تعرفة كمركية عراقي يوفر الحماية للإنتاج الوطني، بفرض قيود ضريبية وكمركية تمنع دخول السلع التي يمكن إنتاجها محلياً، أو ترفع أسعارها فوق تكاليف إنتاجها في العراق، ولا بدّ من الإشارة إلى أن خفض قيمة العملة العراقية -بهدف التصدير- يمكن أن يكون من خيارات التنمية الاقتصادية بعد إنعاش القطاعات الاقتصادية المذكورة، وتمكينها من الإنتاج؛ بهدف إحلال الواردات، من ثم تأهيلها لمرحلة الإنتاج بهدف التصدير.

وأخيراً لا بدّ من التأكيد على أن نهج الحكومة العراقية الحالية في خفض النفقات العامة غير الضرورية، من مثل: إلغاء الرواتب المزدوجة، واللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي المقنن، والادخار الإجباري للرواتب المرتفعة، يعدُّ من أفضل الحلول الواقعية لعبور الأزمة الحالية، على أن تنفذ بالتزامن معهُ حملات حكومية جاده لمكافحة ظاهرة الفساد، وضبط المنافذ الحدودية، وتنفيذ الاتفاق السابق مع إقليم كردستان بتسليم قيمة تصدير (250) ألف برميل يومياً للحكومة المركزية من صادرات نفط الإقليم.

[1]مقابلة تلفزيونية أجراها عضو اللجنة المالية النيابية النائب محمد صاحب الدراجي على قناة آفاق الفضائية بتأريخ 21/5/2020، متاحة على شبكة الإنترنت:

https://www.youtube.com/watch?v=C3U55lfQ4Jo.

[2] نتائج نافذة بيع العملة الأجنبية ليوم الأربعاء 1 تموز 2020، موقع البنك المركزي العراقي: https://www.cbi.iq/currency_auction .

[3] اللقاء التلفزيوني الذي أجراه المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح مع قناة العراقية الفضائية بشأن الأزمة المالية وتداعياتها بتأريخ 3/5/2020، متاح على شبكة الإنترنت: https://www.youtube.com/watch?v=WXgfXF3Fx0M.

[4] التقرير الاقتصادي السنوي للبنك المركزي العراقي، البنك المركزي العراقي، ص: 46، بغداد، 2019.

[5] العراق: الآفاق الاقتصادية – تشرين الأول 2019، منشورات البنك الدولي، متاح على شبكة الإنترنت: https://www.albankaldawli.org/ar/country/iraq/publication/economic-update-october-2019.



#خطاب_عمران_الضامن (هاشتاغ)       Khattab_Imran_Al_Thamin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تأدية واجبات العزاء في زمن كورونا.
- إغتيال المفكر والمحلل الأمني العراقي هشام الهاشمي.
- تغيير نظام الحكم في العراق صارَ ضرورةً مصيرية.
- أزمة خدمة الكهرباء في العراق أسباب التعثر وسُبل النجاح.
- التحديات الاقتصادية التي تواجهها حكومة الكاظمي وسبل مواجهتها ...
- حذف الأصفار والقدرة الشرائية للدينار العراقي.
- الاثار الاقتصادية لأزمة كورونا 2020م على العراق وسبل مواجهته ...
- حول دعوات تقسيم العراق مع بداية عام 2020م.
- التهديد بعقوبات أمريكية على العراق وآثارها المحتملة
- في سرعة مضي الوقت.
- في أسباب انتفاضة العراق تشرين / أكتوبر 2019م.
- انتفاضة الأول من اكتوبر صفحة مُشرقة في تاريخ العراق المعاصر.
- في أسباب تفشي ظاهرة النفاق والتملق.
- التصعيد العسكري بين اميركا وإيران وآثاره المحتملة على المصال ...
- في قيمة حياة الانسان
- دور الفقر والجهل في صناعة الطُغاة - النموذج العراقي.
- أزمة البطالة في العراق أسباب مزمنة وحلول عاجلة
- الحكم الاسلامي بين النظرية التاريخية والتطبيق العملي المعاصر ...
- نهاية الدولة الاسلامية في العراق وسبل انهاء جذورها الفكرية.
- في اسباب انتشار الارهاب والفساد في العراق


المزيد.....




- ما المكتوب على القناع الذهبي للملك المصري توت عنخ آمون؟ وما ...
- وزيرة الخزانة: اقتصاد أميركا قوي والخيارات متاحة للرد على ال ...
- -بلومبرغ-: فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن ال ...
- الاقتصاد الأمريكي ينمو 1.6% في الربع الأول من العام بنسبة أق ...
- ما المكتوب على القناع الذهبي للملك المصري عنخ آمون؟ وما حقيق ...
- أوكرانيا تبيع أصولا مصادرة من شركات تابعة لأحد أكبر البنوك ا ...
- مصر.. قرار جديد من وزارة التموين بشأن ضبط أسعار السكر
- أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي تتجاوز 749 مليار دولار ...
- أميركا تفرض عقوبات جديدة على سفن وأفراد وشركات إيرانية
- مجلس صناعات الطاقة: الإمارات تحقق تقدما بمجال الطاقة الخضراء ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - خطاب عمران الضامن - خفض قيمة الدينار العراقي المبررات والمخاطر