فى نظرية تراجع المجتمعات العربية حلول عصر الظلام على المنطقه العربية الجزء الاخير

سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 03:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

فى نظرية تراجع المجتمعات العربية
حلول عصر الظلام على المنطقه العربية
الجزء الاخير

سليم نزال

هناك من المثقفين مثل عزمى بشاره ممن مارسوا محاولات تزييف الوعى تارة بالحديث عن ظهور اسلام بروتستانتى و هو كلام تكذبه كل الوقائع .فالبروتستانتيه كانت حركة اصلاح ضد هيمنة البابا على الكنيسه مؤكدة ان المؤمن لا يحتاج وساطة البابا مع الله. و تارة بالحديث ان هذه الحركات ظهرت بسبب قمع الانظمة . الحركات الجهادية اتسمت بعنف اعمى باشد الصور بربريه ربما فى القرن الواحد و العشرين. الى درجة لم توفر فيها لا امكنة مقدسة من مساجد و كنائس و معابد و لا سياحا او اسواقا او تجمعات مدنيين الا و ضربتها بعنف اعمى و عبر اساليب قتل شيطانية فاقت كل خيال و تصور.

و نظرية قمع الانظمة التى لاقت روجا فى بعض الاوساط هدفت فى اعتقادى الى تبرير ثقافة التطرف حتى و ان كانت تدينها لفظا .
هذا لا يعنى بطبيعة الحال عدم رؤية عامل فشل الدولة العربية الحديثة.فقدطغت على هذه الدولة الشعارات اللفظيه عن واقع متخيل فى حين ان الواقع الفعلى كان شيئا اخر, الى درجة ان الدولة كانت تعيش فى مكان و البلاد تعيش فى مكان اخر .لكن القول مثلا ان ثقافة السبى و تدمير الحضارة التى مارستها قوى التطرف الدينى كان بسبب قمع الانظمه امر من الصعب تصديقه .

فى تفسير الظواهر الاجتماع- السياسية لا يمكن للمرء سوى ان يرى الامور عبر ترابطها لانها هكذا فى الحياة.اما محاولات الفصل الانتقائى فهى مواقف ايديولوجيه لا تعينينا بقدر ما يعنينا محاولة فهم الواقع.

لذا سعيت فى كتاباتى على ضرورة رؤية الواقع بطريقة متصلة مع بعضه البعض لكى نفهم اسباب ظهور هذا النوع من الحركات .فهى حركات لا علاقه لها باحتجاج على واقع الانظمه البائس حتى و ان تغذت و استفادت من هذا الواقع
كما استفادت من اجواء الفوضى التى اعقبت ضعف الدولة المركزيه . فاجواء الفوضى و الاضطراب هى الاجواء المثالية لانتشار هذه الحركات.
كما انتقدت نظرية التدخل الامبريالى كتفسير وحيد لما يحصل . و ان كان من غير الممكن تجاهل دور القوى الامبريالية و اسرائيل فى تفكيك المجتمعات المشرقيه , الا ان القوى الامبريالية لم تخلق هذه الجماعات حتى و ان دعمتها بطرق مختلفه . هذه الجماعات هى فى الجوهر انتاج ثقافى عربى اسلامى محض استفاد من عدد العوامل مثل عولمة الاتصالات و فضائيات دول النفط العربى لاجل نشر افكارها و تجنيد عناصر مقاتله.

فعندما تمدد الاسلام القادم من جزيرة العرب الى بلاد الشام الغنية بالتنوع الدينى و الثقافى , استفاد الدين الجديد من مناخ التنوع هذا, و تكيف مع المجتمعات الجديده الاكثر غنى ثقافيا من البلاد التى قدم منها هذا الدين .و لولا هذا التكيف لما تم انتاج الحضارة العربية الاسلاميه التى ليس صدفة ان تكون قاعدتها المشرق فى دمشق و بغداد و ليس الجزيرة العربية . لعل محاولات السعى الى اعادة الاسلام الى اصوله تعنى اعادته كما كان فقيرا من الناحية الثقافيه فى بلاد جزيرة العرب .و لذا فالصراع ياخذ شكل الصراع بين البداوة و الحضارة بصورة او باخرى ,او صراع بين المركز الحضارى العربى و الاطراف الهامشيه التى استفادت من النفط و الفضائيات لتعيد انتاج دورها .

انها حربا مريرة تتداخل فيها العديد من العوامل الاطماع الدوليه و الثقافيه و الجيوبولوتيكيه و المصالح السياسية التى من غير الممكن تغطيتها فى مقالة واحده.
اعتقد ان ظاهرة التطرف ستنتهى من خمسة الى عشرة اعوام. فحركات التطرف بطبيعة الحال عمرها قصير و لا تعمر طويلا لكنها تخرب كثيرا .كما من شبه المؤكد ايضا انها وضعت المنطقه كلها تحت رحمة السياسات الدوليه التى تسعى الى خلق كيانات دينية يوصف الان بحدود الدم .
من ماساة جيلنا الذى حلم كثيرا ان يرى تبدد الاحلام الكبرى و ان يرى عصر الظلام يحل على منطقتنا .
انتهى

#سليم_نزال (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل