أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 4














المزيد.....

بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 19:11
المحور: الادب والفن
    


من مكانه تحت ظلال أشجار الحديقة، صار صالح ينقل بصره بين الدروب الفرعية للمزرعة، والطريق العام المؤدي إلى البلدة. مضطرباً وحانقاً أشد الحنق، كان يدوّر في ذهنه فكرة سيئة عن الطبيب وما لو ساقه إلى مسكن ابن جميل باشا كي يوقعه في فخٍّ مع كرامته وعزة نفسه. ثم يعود ويستدرك: " لا، إن ما جرى كان بمحض المصادفة على أغلب تقدير. وإلا لتوجّبَ أيضاً الظنّ بأن لابن عمنا جمّو يداً في الموضوع. وفي آخر المطاف، أيّ مأربٍ لطبيب محترم، كنافذ بك، من وراء جعلي أضحوكة للآخرين؟ ". ما أن هدأت نفسه قليلاً، حتى أظلمت من جديد عند تخيّله صورة مَن كانت سبباً في هذا المأزق، الذي تورط فيه.
" سأجعلها تدفع الثمنَ غالياً، ابنة زنكَلي! طردها من منزلي نهائياً لا يكفي، بل لأحرمها من ابنها أيضاً. ديبو، غلام طائش نوعاً ما، لكنه متعلقٌ بي بشدة "، اختتم مونولوجه الداخليّ وقد برقت فكرة أكثر جدّة في رأسه. مع ذلك، شاءَ مشاركةَ امرأته الرأي. ريما من ناحيتها، كانت بين فينةٍ وأخرى تخرج من مدخل المنزل لمحاولة دراسة ملامح الزوج. ولقد هُرعت نحوه بخفة، حالما أرسل إليها إشارة من يده. قال لها ما أن استوت على كرسيّ بمقابله: " قررتُ جلبَ ديبو إلى المزرعة، بهدف تعليمه قيادة الحافلة الكبيرة "
" أم تعليمه ضد أمه؟ "، قاطعت كلامه بهذا السؤال. ألقى عليها نظرة مؤنبة، ثم واصل الكلام بصرامة: " بالطبع سيتخذ موقفاً من حواء، بمجرد علمه أنها تخدم في بيوت الأكابر ". أصدر زفرةً من صدره، وأسرع بالاستطراد قبل أن يُقاطع ثانيةً: " إنني فعلاً بحاجة إليه، ليكون في البدء معاوناً لسائق الحافلة كونه أحرص على مال أبيه من الغرباء ".

***
الأرضُ انشقت على حين فجأة، ليظهر السائقُ وكأنما سمعَ مَن يناديه إلى حضرة المعلّم. وإذا هوَ يقود الحافلة الكبيرة إلى مقربة من مدخل المزرعة، ليقف على بعد أمتار من سيّدها. همَّ عبده بمغادرة عربته في غمرة الغبار، المثار من عجلاتها. بيد أنه لم يكن وحيداً. إذ امتدت يده إلى باب الحافلة، لتُساعدَ رجلاً متوسط العُمر في النزول. وجه الرجل الغريب، كان مصبوغاً بالدم عند الأنف والشفتين. صاحَ السائقُ، بمجرد وقوع عينيه على صالح: " سامحه الله.. تعلّق بمؤخرة الحافلة، فسقط على الأرض وأذى نفسه. لكن إصابته ليست خطرة "
" دعك الآنَ من الشرح، وأوصل الرجلَ إلى صالة الدار كي نهتم به "، صاحَ صالح بدَوره في السائق. بينما كانت تلحق برجلها إلى الصالة، تساءلت ريما ما لو كان الأنسب أخذ الرجل الجريح إلى عيادة الدكتور نافذ. همهم الزوج بجملة غير مفهومة، وهوَ يهز رأسه. ثمة في الصالة، وعلى أثر فحص الرجل الغريب، تبيّنَ أن شفته السفلى مصابة بجرح عميق في باطنها. هبّ صالح عندئذٍ واقفاً، ليأمر السائق بإحضار السيارة من موقفها على طرف الإسطبلات. ثم قال لامرأته، فيما يعين الجريح على العودة أوباً إلى مدخل المنزل: " شفته بحاجة إلى خياطة، ونسأل الله أن تكون حالته متوقفة عند هذا الحد ". بقيَ الجريح صامتاً طوال الوقت، وكان على الأرجح خجلاً من نفسه.

***
عقبَ رجوع الرجال الثلاثة إلى المزرعة، أسرعت ريما تتحرى عما جرى في عيادة الطبيب. الأولاد كانوا أيضاً متجمهرين حولها، وقد غلبهم الفضولُ. إلى حجرتهم، الملتصقة بحجرة نومه، قاد صالح الجريحَ. أسلمه ثمة لسرير الابنة الكبرى، قائلاً: " سترتاح هنا بضعة أيام، لحين أن نعرضك ثانية على الطبيب لينتزع الخيوط من شفتك بعدما يبرأ جرحها "
" جازاك الله خيراً، يا سيدي. أشعر بالعار لفعلتي، ولكن الفقر هوَ مَن دفعني للتعلق بمؤخرة الحافلة كوني لا أملك ثمن التذكرة "
" لا حرج عليك، والمهم أن تنتبه لصحتك. ستُسقى كل يوم مرقَ الدجاج، لأنه يساعد على تجفيف مكان الجرح بحسب وصية الطبيب "، رد صالح. في حقيقة الحال، أنها ريما مَن ابتدعت هذه الوصفة الشعبية، وكانت تحفظها نقلاً عن حماتها الراحلة. غبَّ اطمئنانه على وضع الجريح، أسرع صالح إلى الخارج كي يلحق بالسائق.
قال لعبده، آنَ أدركه وكان هذا يهم بتشغيل محرك الحافلة: " ستسافر من حلب إلى الشام، لكي تطلب من ابني ديبو الحضور معك "
" لِمَ لا تخابر أقاربكم هاتفياً، فتوفر علينا تكاليف الرحلة "، قالها الرجل بنبرة رصينة. أوضح له المعلم بالقول: " محال أن يأتي بهذه الطريقة، ولكنه سيفهم أن الأمرَ جديّ حينَ يعلم أنني أرسلتك إليه خصيصاً ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل الثاني عشر
- ثمنُ المكالمة
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثاني عشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الحادي عشر
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل العاشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 3
- عصير الحصرم 78
- الباب الصغير
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل العاشر/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل التاسع
- بضعة أعوام ريما: الفصل التاسع/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل التاسع


المزيد.....




- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 4