أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - نضال نعيسة - في عيد الإب: اية ذكريات














المزيد.....

في عيد الإب: اية ذكريات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 6599 - 2020 / 6 / 22 - 17:15
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


بعد عقود من شتى أنواع المكابدات والمعاناة، تحولت حياتنا إلى دوامة ومطحنة من القهر والحزن والألم والإحباط، فحتى تلك الذكريات المفترض أن تبعث في نفس البشر العاديين، في شروط صحية وطبيعية، الأمل والإلهام، باتت كابوساً وتراها، بغير عين، محبطة وتجهض أي محاولة للفرح والحياة.
وإذ يحتفل العالم قاطبة في الأحد الثالث من شهر حزيران يونيو، بـ"عيد الأب"، بتشكيلة متنوعة من الطقوس والعادات المختلفة حسب كل مجتمع، تغلب عليها البهجة والتأمل والرومانسيات، إلا في هذه الأصقاع المنكوبة بالفاشيات، فلا مجال لأي فرح، وليس هناك من شيء يبعث على التفاؤل، لا بل كل ذكرى ومناسبة ترتبط بسلسلة من الكوارث والمآسي والقهر والإحباط.
وفي هذه المنسبة والعيد الأممي، استذكر في المرحوم والدي "أبا نضال"، الرجل الطيب الفقير المعدم المسكين، الذي عاش بسيطاً ومات بصمت بسيطاً، والذي لم تتلوث يداه، يوماً، بفساد ولم يدخل جيبه قرش حرام ولم يؤذ نملة طيلة عمره المديد وفوق ذلك كله مات مقهورا مكمودا مغتاظا حزينا عليّ وما ألمّ بي في العقدين الأخيرين من نازلات، وهو كان قد بذل، وصرف عليّ من دم قلبه وعرق ليربيني على الفضيلة والأخلاق وليعلمني ويرسلني للجامعة في تلكم الأيام المبكرة المليئة بالقلة والتعتير والإملاق (كان يعطيني يوميا من راتبه الضئيل والهزيل خمس ليرات سورية لأذهب بها إلى جامعتي، بكلية الآداب، بجامعة دمشق، كنت، يومها، أشعر بالإثم وعقدة ذنب حين أتناولها من يديه المتعبتين وأسحبها من رصيد راتبه القليل الذي بالكاد كان يكفي ثمن طعام بسيط وعيش كفاف لا يعرف أي نوع من الرفاهية والإسراف، وكان ينتابني إحساس قوي كأنني أسرقها من "الزيارة" او ما يعرف بمقام سيدهم الخضر المقدس عند الطائفة النصيرية العلوية)..
سنوات طويلة مرّت بين تخرجي من الجامعة وسفري كملايين السوريين لاصطياد اللقمة خارج سوريا، حيث عملت ونجحت وحققت بعضاً من طموحات متواضعة وأمان معيشي لم يكتمل حيث عدت لسوريا بفعل ضغوطات مختلفة لأجد نفسي عرضة لإجراءات غير قانونية وغير أخلاقية، من أهمها بطالة ومنع عمل وقرار منع سفر جائر لعقد من الزمان، كان والدي خلال ذلك كله، يتحسر ويزفر زفرات تنخر عظامي وهو يراني حبيس الجدران المنزلية عاطلا عن العمل متسكعا وانا في عز شبابي لان هناك خنزيرا حاقدا شريرا يتربص بك في مكان ما من هذه الغابة التي كان اسمها وطناً يوماً ما، ويستهدفك بكل استهتار ولا مبالاة بلقمة عيشك وحياتك وفوق ذلك تم فرض، وفي تلك الأيام العصيبة منع سفر واقامة جبرية لمدة عشر سنوات كنت مكبلا غير قادر على فعل اي شيء كا العمر يتقدم بالأـب المسكين وهو يرى فلذة كبده في تلك الحالة، وكانت صحته تتردى مع طول المكوث وانتظار الفرج وورائي عائلة طويلة عريضة ووالدتي المرحومة ووالدي أعيلهم جميعا وفوقهم اطفال صغار (كوم لحم كما يقال) ينتظرون أيضا ان يكبروا ويتعلموا ويترعرعوا بظروف صحية وأسرية صحية وهو كان احد اسباب عودتي لسوريا المشؤومة والكارثية كي أعيله بشيخوخته واكون بقربه وهو الذي كان يتوقع لي مستقبلا وقدرا غير هذا...مات المسكين والحسرة في قبلة والغصة في حلقه، وأغمض عينيه وهو ينتظر بشرى وخبراً ساراً لم يأت بعد ... وأنا، بالمقابل، ما استطعت أن أرد شيئاً من جمائله..
المهم كانت باطلة ومحولة ...وبالنهاية أكلناها بجلدنا ودفعنا حياتنا ومستقبلنا ثمنا لقرار خاطىء غبي غير محسوب ومتهور اتخذناه في ساعة غفلة وانتهى الأمر بنا ها هنا ومن يومها ونحن نتسكع في شوارع هذه المدينة المقفرة...
الف رحمة لروحك الطاهرة ابا نضال ولا أقول لك سوى: اعذرني وسامحني..



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطوة الألمانية والشيزوفرينيا القريشية
- خرافة وكذبة الحضارة العربية والإسلامية
- سوريا: فتوحات الأمن الجنائي وبطولاته الدونكيشوتية
- تقزيم ونسف الهوية الوطنية السورية
- يا سامعين الصوت: على أساس الإسلام هو الحل؟
- خرافات الاستقلال: شعوب المنطقة بين السيطرة والاستعباد
- وداعاً للمقاومة: انقعوها واشربوا ماءها
- مخاطر الاعتقاد بثقافة قريش
- بمناسبة عيد الدجل العالمي عند قريش: هل كرّم الإسلام المرأة؟
- ما هي الحكومة المثالية؟
- بنو أمية: إمبراطورية اللقطاء الأشرار
- لماذا يجب رفض وتجريم الدولة القومية العربية؟
- السادة أعضاء مجلس الشعب/ المحترمون
- لماذا سوريا ليست عربية؟
- يوم اللغة العربية: يوم عار أسود
- سقا الله أيام المخابرات المحترمة التي كانت تأتيك وتشحطك ب-نص ...
- هل تعلم ما هي أعلى وظيفة بأمريكا؟
- القباقيبي ومجزرة التحضيري: خرافة التعليم المجاني
- اضحكوا مع إعلام بعثستان...
- لماذا لا -تدحشون- أيضاً اسم الخليفة أردوغان بأناشيدكم اللا و ...


المزيد.....




- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - نضال نعيسة - في عيد الإب: اية ذكريات