أعرف أسراركِ كلها -أعرفكِ 1-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)

الحوار المتمدن-العدد: 6577 - 2020 / 5 / 29 - 23:41
المحور: الادب والفن
    

يقولون النساء لا تجدنّ كتم الأسرار.. هذه حماقة.. أنا و أنتِ ندرك ذلك...
لكن اسمعيني: أنا أعرفُ أسرارك كلها:

سرّك النبيل عن حبك لأطفال لم يأتوا فأحببتِ أطفال الأقارب و الجيران..
سرّك الجميل عن عشق لم تفصحي عنه لعزة نفس أو حتى غباء...

سرّكِ الصغير عن كيفية التوفيق بين عملك خارج المنزل وداخله..
سرّك الحزين عن أمك الراحلة التي اقتلعت معها شتلة من قلبك...

سرّك الفاتن عن جمالك الحقيقي الذي لايرضخ لقوانين الغيرة...
و سرّك الكبير بأن تكوني من الله أقرب...

أنا أعرفُ أسراركِ كلّها.. و أعرف أنكِ لن ولم تبوحي بها حتى لي.
********

أسرارُ حب:

-سرّك النبيل عن حبك لأطفال لم يأتوا فأحببتِ أطفال الأقارب و الجيران..
حذار أن تبوحي بهذا السر لنفسك.. لا تخبريها أنّ الحزن قد يُقنِعُ كرامتك بالصمت…
لا تقولي لها زوجي من حقه أن يتزوج لأنني لا أنجب.. لا تقولي لها هو يتزوج فقط من أجل الأولاد..
علميها أنه لم يقبلك كما أنتِ فمن الحماقة أن تقبليه كما هو..
نهايتك معه هي بداية أمومتك لعملك، لموهبتك، لأحلام كثيرة كنجوم سماء قلبك.. تألقي كشمس واحدة في سمائك.. ولا تتركيه معلقاً فيها كغيمة تحتضن عواصفَ أخرى.

-سرّك الجميل عن عشق لم تفصحي عنه لعزة نفس أو حتى غباء..
لا تقولي لنفسك أن النهاية رسمها ذاك الحبيب عندما رحل و ألصق فراشات أحلامك بضوء لن ينير بعد احتراق أجنحتهنّ..
بل قولي لها أن عملك و علمك أقوى و أبقى..
أنك موعودة بغدٍ أجمل.. و بأنّ الحياة لا تقف على صائد فراشات أحمق.
*******

أسرار أرضكِ:

-سرّكِ الصغير عن كيفية التوفيق بين عملك خارج المنزل وداخله..
لا تخبري نفسك أن يومك مشغول الدقائق كلها.. و أن تنظيم وقتك الذي أفلت منك الأسبوع الماضي أرهقك و أذاب الدقائق التي خصصتها لنفسك..
لا تقولي لها أنك مشغولة جداً.. أنك أرضٌ محتلة من قِبَلِ أحبتها.. بل أخبريها أنكِ ملاذ الجميع.

-سرّك الحزين عن أمك الراحلة التي اقتلعت معها شتلة من قلبك:
لا تقولي لنفسك أنك صرت وحيدة.. لا تخبريها أنه لا سند لي.. لا تقولي لها أنّ الطفلة في داخلك مازالت تقع كثيراً.. تبكي طويلاً..
قولي لها أنّ شتلة قلبك أنبتت في الجوار.. والجوار قريب قُربَ السماء…
*********

أسرار وجود:

-سرّك الفاتن عن جمالك الحقيقي الذي لايرضخ لقوانين الغيرة..
لا تقولي لنفسك ما هذا الوجه.. بل شاهدي في وجهك ميزة الاختلاف في زمن النساء المتشابهات.. أنتِ ممن لا تحكمهنّ الغيرة فتغيّر في شكلهنّ وقلوبهنّ…
لا تخبري نفسك عن تضاريس جسدك.. بل أخبريها أنّ نظام حياتك يجب أن يكون صحيّاً في سبيل أوعية وشرايين أجمل.

-سرّك الكبير بأن تكوني من الله أقرب..
لا تدعي أحداً يعلمك لغة الله.. لا تجعلي من الله ملكاً عربياً نحتاج الوسائط والنفوذ للوصول إليه..
لا تسمحي للفشلة أن يعتقدوا أنهم يعرفون الطريق إلى الله أكثر منكِ..
قولي لنفسك أن الدين معاملة.. وأن الإيمان أخلاق..
أن العلم عبادة.. وأن أحبّ الناس إلى الله من يعملون في خدمة عيال الله جميعاً…
**********

ليست أسراراً:

أمًا عن ما يعتبرها المجتمع العاهر أسراراً.. فاستندي على التقاة الأقوياء و أشهريها..
اجعليها حديث العالم الافتراضي، و اصنعي قلاعاً مما يسميه الأغبياء فضائح لتحميك وتحمي كل بنات جنسك…

أخبري الجميع عن زوجك الذي يضربك بسبب فقره الماديّ، الجسديّ، العقليّ أو الجنسيّ..
أخبرينا كلّ يوم عن أبيك الذي زوّجك وأنت طفلةٌ بعقدِ بيع و شراء مقنع بدين..
عن أخيك الذي هشم كرامتك لأنكِ أحببتِ أوحلمتِ..
عن رئيس عملك الذي سرق مشروعك أوتعبك..
عن قانون لم يحمِ حقك في حضانة طفلك..
عن بلد لم يقدر علمك بسبب جنسك…
احكي لنا عن الاغتصاب تحت غطاء عقد شرعي.. عن الاغتصاب الذي قالوا لك استريه لأن المجتمع لا يرحم.. وعن اغتصاب أحلامك بسبب عُقَد الذكورة (الفرفورة)…

أخبرينا كلنا تلك الأخبار، لأنها ليست.. لم.. ولن تكون أسراراً…
في كلماتكِ أنتِ الثورة التي تحتاجها شعوبنا المغلوبة على أمرها.. في أفعالكِ أنتِ الخلاص…

أمّا عن أسرارك الحقيقية.. فأنا أعرفُ أسراركِ كلّها.. و أعرف أنكِ لن ولم تبوحي بها حتى لي. لا تبوحي بها حتى لنفسك.

يتبع…


*أعرفكِ : مجموعة مقالات وحكايات عادية جداً.. تهتم بكِ، بأحلامكِ.. تحدثك عن غد أجمل و تدافع عنكِ كنصف مجتمع يلد النصف الآخر…
#أعرفكِ
#لمى_محمد

#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل