ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 6577 - 2020 / 5 / 29 - 22:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما يسرق الشئ الذى يسمونه إله ديانة قديمة ثم يضفى عليها ملامح وعادات وتقاليد صاحبها الجديد، هل يمكن تصديق هذا الإله الذى ليس لديه غير قتل وسلب ونهب الشعوب التى كشفت آلاعيبه ويريد فرض شريعته الدموية القديمة التى ألبسها رداء قديم أيضاً؟؟
لكل أحبائى الأصدقاء الذين يحبون المعاملة بالمثل حتى لا يتشككون فى صدق نقدى أو إنحيازى ضد أو مع مؤمنين أخوة فى الإنسانية، أقدم هذا النص التوراتى الذى من المعروف أنه لم يكن هناك وحى أو نزول ملائكة على موسى او أشعياء أو داود وسليمان وغيرهم، بل هى مجرد قصص تاريخية خيالية وأشعار روحية، قد يكون كاتبها قد رآها فى الأحلام وعندما أستيقظ تخيل كيفية وقوعها ووضع لها نهايتها لتكون مكملة لبقية الأسفار اليهودية.
كان المشرفين على أماكن العبادة الدينية أذكياء بأن وضعوا الله فى أعلى السماويات حتى لا يفكر أحد المتشككين التحقق من صدق أو خطأ ما يقولون بأن يقرر الذهاب إليه كما حدث فى القصة الأسطورية فى التوراة فى سفر التكوين الإصحاح الحادى عشر عن بناء برج بابل وبلبلة ألسنة الناس، كأحدى الخرافات التى تبرر تعدد لغات البشر عندما غضب هذ الإله الخرافى على سكان الأرض الذين هبطوا ونزلوا من سفينة نوح منذ سنتين فقط، وتوضح هذه النصوص أن الله نزل من الطابق السبعين فى السماء السابعة حتى يستطيع رؤية بنو آدم والمدينة والبرج الذين يبنون، لأن علماء الملائكة فى السماء لم يكونوا قد أخترعوا بعد التليسكوب حتى يتمكن الله من رؤية ما يحدث وما يفعله البشر على الأرض.
الإصحاح الحادى عشر:
1 وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً.
2 وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ.
3 وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِيهِ شَيًّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ.
4 وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ».
5 فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا.
6 وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ.
7 هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ».
8 فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ،
9 لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.
10 هذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ، بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ.
وكالعادة هذا الشئ المسمى الله مثلما شرحت فى المقالات السابقة كان شخصاً حكاياته وقصصه غير منطقية، قصص خرافية تليق بعقول عاشت على الأرض منذ آلاف السنين ولا تتناسب مع عقول بشر اليوم إلا كقصص للأطفال الصغار فى الحضانة، لأنه يقول أن الأرض كلها كانت لساناً واحداً ولغة واحدة لأنهم كانوا مجرد قبيلة أو أسرة تتكون من نوح وأولاده وعائلاتهم، لكن الله أو الكاهن الذى كتب هذا
فى هذا الإصحاح نلاحظ أنه يناقض ما كتبه فى الإصحاح الذى قبله وكالعادة ينسى الله ما قاله لأن الإصحاح العاشر يقول فى العدد الأول:
1 وَهذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَانِ.
ثم يكتب مواليدهم وبدأ فى العدد الثانى يتحدث عن بنو يافث ثم يختم مواليدهم بقوله: مِنْ هؤُلاَءِ تَفَرَّقَتْ جَزَائِرُ الأُمَمِ بِأَرَاضِيهِمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ كَلِسَانِهِ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ بِأُمَمِهِمْ.
ويستطرد فى العدد السادس ويذكر بنو حام ويقوم بالتركيز على نمرود الذى أصبح جبار صيد أمام الرب وكان إبتداء مملكته فى بابل..، وهى جملة إعتراضية لا تخدم غرضاً فى الإصحاح القادم، المهم يستمر ويختم كلامه بالعبارة: هؤُلاَءِ بَنُو حَامٍ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ كَأَلْسِنَتِهِمْ بِأَرَاضِيهِمْ وَأُمَمِهِمْ.
وبنفس الصورة يختم كلامه عن: هؤُلاَءِ بَنُو سَامٍ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ كَأَلْسِنَتِهِمْ بِأَرَاضِيهِمْ حَسَبَ أُمَمِهِمْ.
مواليد أولاد نوح الثلاثة إذن كانوا بعد الطوفان ولم يكن وقتها أى إنسان على الأرض إلا هم حسب هذه الأسطورة، ويؤكد هنا أنهم كانوا قبائل لها ألسنتها المختلفة أى لغاتهم المختلفة، وكان كل ابن من أبناء سام وحام ويافث البلاد الذين سكنوا فيها ولغتهم التى يتكلمون بها، حسب الإصحاح العاشر الذى يؤكد فى نهايته أن:
32 هؤُلاَءِ قَبَائِلُ بَنِي نُوحٍ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ بِأُمَمِهِمْ. وَمِنْ هؤُلاَءِ تَفَرَّقَتِ الأُمَمُ فِي الأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ.
أى أنه يقول فى الإصحاح العاشر أنهم كانوا قبائل حسب مواليدهم وتفرقوا فى الأرض ويتكلمون لغات مختلفة، ثم يأتى فى الإصحاح الحادى عشر ليقول فى أول عبارة: أن كانت الأرض كلها لساناً ولغة واحدة!! ... إزاى؟
يعنى الموضوع كان غاية فى البساطة بأنهم تفرقوا فى الأرض وبدأوا يتكلمون بلغات مختلفة ويتأقلمون حسب الحياة الجديدة فى الأرض الجديدة، لكنه يقص رواية مخالفة فى الإصحاح الحادى عشر كما ذكرت فى بداية المقال عندما يقول ونزل الرب بالفعل فى العدد خمسة ليتحقق بنفسه مما يفعل هؤلاء البشر، وكأنه لا يصدق الملائكة إذا طلب منهم التحقق مما يفعله البشر وإحتمال أنه ليس على كل شئ بصير، حتى هذه اللحظة كان إلهاً واحداً لكنه فى العدد السابع يقولون أى أكثر من واحد: هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ. يقولون هنا أنهم نزلوا ليبلبلوا لسان البشر يعنى أنهم أكثر من إله: ننزل ونبلبل، هل كاتب القصة واحد فقط أم عشرة أو عشرين أو كم عددهم بالضبط؟
ولأن الآلهة بلبلت ألسنتهم وبددوهم فى كل الأرض دُعى المكان الذى حدث فيه هذا مدينة بابل، لكن هذا يناقض الإصحاح الذى قبله لأن مدينة بابل كانت مملكة نمرود الذى كان جبار صيد أمام الرب، فكيف أصدق تلك النصوص التوراتية التراثية الأسطورية التى تتناقض وتتعدد آلهتها ويكذب كلامه ما سبق أن قاله فى النص السابق له؟
كيف أثق فى قائل وكاتب تلك الكتب: هل هو الله أى إله أم أنهم بشر؟
هل قدراته محدودة أم أنه على كل شئ قدير وبصير؟
أين الحق من كل هذه التناقضات الإنسانية؟؟
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟