أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - متى يصبح الدين أفيونا للشعوب - 3














المزيد.....

متى يصبح الدين أفيونا للشعوب - 3


أيمن عبد الخالق

الحوار المتمدن-العدد: 6573 - 2020 / 5 / 25 - 22:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


متى يصبح الدين أفيونا للشعوب ـ 3
((إن الفقر لايصنع ثورة، وإنما وعي الفقر هو الذي يصنعها، فالطاغية وظيفته أن يجعلك فقيرا، وشيخ الطاغية وظيفته أن يجعل وعيك غائبا)).........كارل ماركس
قد عرفنا في المقالات السابقة أن للإنسان ثلاث مراتب للإدراك، مرتبة حسية يباشر بها الأشياء التي يواجهها في هذه الحياة، ومرتبة خيالية حافظة لهذه الصور الحسية ومرتبة عقلية إنسانية واعية ومميزة بين الصواب والخطأ.
ولكن نقطة ضعف العقل الإنساني مع قوته التمييزية أنه مجرد نور ينير لنا الطريق، ولكن لايحرك عواطفنا ومشاعرنا الوجدانية، ومن أجل ذلك لايتفاعل معه أكثر الناس، ولايؤثر على أفعالهم الاختيارية.
أما الحس والخيال فهما يحركان المشاعر والعواطف بقوة، مع هذا الفارق وهو أنّ الحس تأثيره مؤقت ومحدود بما يواجهه الإنسان في لحظته، على خلاف الخيال الذي يحتفظ بنحو دائم بهذه الصور الحسية المؤثرة والخواطر والذكريات في محفظته الشخصية، ويستدعيه الإنسان في أي لحظة يحبها، ويستطيع حينها أن يركّب ماشاء له من الصور العجيبة التي لاتتناهي من نسج خياله.
ومجموع هذه الصور والخواطر الموجودة في محفظة الخيال التي تم تشكيلها من خلال تدفقها إلى الأذهان على مر الزمان من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، والتي يمكن أن تنبعث
في أي لحظة لتحدد لنا المواقف وردود الأفعال، والتي تشكل في الحقيقة عقل الإنسان الباطن، ومفتاح شخصيته، هي التي يسميها علماء الانثربولوجيا والاجتماع بالمخيال الاجتماعي.
وكما يسعى النظام الرأسمالي لتوظيف هذا المخيال في التأثير على مشاعر الناس وجعلهم منبهرين بانجازاته التقنية وزخارفه الشكلية الجميلة التي لاتتناهي ولاتقف على حد، بحيث يظلوا يلهثون وراء منتجاته اليومية المتنوعة، فإن أكثر رجال الدين لاسيما المؤسسات الدينية الرسمية يلعبون على نفس هذا الوتر المخيالي ، ولكن يعزفون سيمفونيات أخرى لاتعتمد المقامات المادية الغريزية المُفرِحة التي يستعملها الرأسماليون ، بل المقامات المعنوية الغيبية التراجيدية المحزنة والمحفزة التي تثير العواطف الدينية الغيبية.
وهذا المخيال الديني يتم برمجته وإعداده بطبيعة الحال في المجتمعات الدينية منذ زمان الطفولة عن طريق التنشئة الدينية التلقينية، وترسيخه عن طريق الشعائر والطقوس الدينية، وأساليب الشحن المعنوي المتعددة، بحيث يصبح عقل أغلب المتدينين مُغيب تحت ضغط هذا المخيال القاهر والمشحون بالرموز والدلالات المختلفة، والذي بدوره يُفقد الإنسان القدرة العقلية على التحكم في أفعاله الاختيارية.
وتحريك هذا المخيال الديني يتم بأسلوبين بحسب ماتقتضيه الظروف الاجتماعية والسياسية، فالأنظمة الاستبدادية ومؤسساتها الدينية الرسمية التابعة لها إذا أرادوا منع الناس من النهوض والثورة ضد ظلمهم وطغيانهم، وقمع حركات المعارضة والإصلاح والتغيير الاجتماعي يحركون هذا المخيال بعيدا عن القضايا الاجتماعية الحساسة، ويوجهونه تجاه العالم الأخروي بحيث يجعلونهم يعرضون عن الدنيا وعما يجري حولهم من ظلم وفساد وطغيان، ويجعلونهم يعيشون حالة من النشوة الروحية والتنفيس المعنوي الذي يعوضهم عن واقعهم المؤلم ومعاناتهم الاجتماعية.
ومن هنا نفهم معنى مايقوله "كارل ماركس" بأن (الدين زفرة المضطهد في المجتمع الرأسمالي، وانه أفيون الشعوب) حيث يلعب المخيال الديني المُسخّر دور الأفيون المُخدِر للمشاعرالإنسانية بحيث ينسى الإنسان أو يتناسى مشاكله ومعاناته الاجتماعية، وهو معني قول ماركس(وشيخ الطاغية يجعل وعيك غائبا).
وأما إذا أرادت تلك الأنظمة أن ترد العدو الخارجي، أو توسع من نفوذها في العالم، فإنها تلجأ لتجييش هذا المخيال الديني واستنفاره وتثويره تحت شعار الجهاد في سبيل الله، كما كانت تفعل الأنظمة الدينية المسيحية في القرون الوسطى في حروبها الصليبية، والأنظمة الدينية الإسلامية في فتوحاتها وغزواتها في عصر الخلفاء، والذي وصل إلى ذروته على زمان السلاجقة والخلافة العثمانية، وكما تفعل الحركات الدينية المتطرفة في زماننا هذا والتي أحرقت الأخضر واليابس وانتهكت كل القيم الإنسانية.....فالمخيال الديني في هذه الحالة يكون بمثابة قنبلة موقوتة يمكن تفجيرها في أي لحظة.



#أيمن_عبد_الخالق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يصبح الدين أفيونا للشعوب- 2
- متى يصبح الدين أفيونا للشعوب
- صناعة الجهل-3
- صناعة الجهل-2
- صناعة الجهل -1
- علاج التعصب عند طلبة العلوم الدينية
- أزمة الموضوعية عند طلاب العلوم الدينية
- أزمة الموضوعية عند طلبة العلوم الدينية والإنسانية - 2
- مشكلة الموضوعية عند طلبة العلوم الدينية والإنسانية - 1
- صراع العقل واللاهوت الحلقة الأخيرة
- صراع العقل واللاهوت-6
- صراع العقل واللاهوت 5
- صراع العقل واللاهوت 4
- صراع العقل واللاهوت 3
- صراع العقل واللاهوت - 2
- 1. صراع العقل واللاهوت
- مواجهة السياسة الرأسمالية للقضاء على الضمير الإنساني
- المواجهة العقلية لسياسة التهديد الرأسمالية
- سبل مواجهة سياسة التعقيد والتشكيك الفكري للرأسمالية
- سبل مواجهة سياسة الإلهاء الرأسمالي - 2


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. العثور على ضعف ما أبُلغ عنه من عدد حيوان ...
- جان نويل بارو يزور كييف بعد وابل من القصف الروسي
- سرعتها تفوق 700 كيلومتر في الساعة..كييف تعثر على حُطام المُس ...
- إيران تكشف عن موعد ومكان محادثاتها مع -الترويكا- الأوروبية.. ...
- ترقب بشأن تطور هجوم برشلونة بعد التحاق النجم الانجليزي راشفو ...
- استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى الأوروبية في إسطن ...
- عشائر بدو سوريا.. جذور عميقة في التاريخ وامتداد في الجغرافيا ...
- السجن ثلاث سنوات لطالب في كوت ديفوار بتهمة الإساءة للرئيس
- المحتوى المضلل يجد طريقه إلى -شات جي بي تي- بفضل المحتالين
- ما المواد -المتطرفة- التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - متى يصبح الدين أفيونا للشعوب - 3