أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيد طنطاوي - أمنيتي رصاصة














المزيد.....

أمنيتي رصاصة


سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)


الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 18:23
المحور: حقوق الانسان
    


لست حاسدًا ولا غابطًا، لكنني تمنيتُ السلام النفسي للشاب الذي ألقى بنفسه من برج القاهرة في نوفمبر الماضي، فهو بكل طمأنينةٍ وراحة بال، صعد السور الحديدي للدور الأخير من البرج، وكأنه يصعد سُلم شقته، ثم أسقط نفسه بكل أريحية على سرير الأبد دونما أن يُشغل نفسه بمن حوله، فواثق الموت يمشي ملكًا.
سألت نفسي: منّ أنا حتى أبقى؟، إذا كان لا يرحل إلا الطيبون؟ فأنا إذًا لم أفعل الطيب الذي يُعجل برحيلي.
الطامة أنني لم أتعلم الدرس فكل يوم أنعي هذا وأقدم التعازي لذاك، وانتقى الألفاظ في كتابات الرثاء، وأمنح ألقاب المرحوم والشهيد للراحلين، وأقول –دون علم- إنه بالتأكيد في الفردوس الأعلى، وأن من اختار منهم الحياة مع المسيح للأبد فذاك أفضل جدًا له.
انتظرت الموت كمنّ ينتظر الخبط العشواء، لكنه لم يأت، ربما لأنني لم أستحقه حتى الآن، أنا في الصف الأخير حتى في انتظار الموت.
لو رحلت الآن أو بعد ساعات هل يُمكن أن أحظى بالنعي والرثاء والترحم الذي حصل عليه أنقياء مثل رضا غنيم ومعتز الجمال وميادة أشرف والحسيني أبو ضيف وغادة الشريف وزكية هداية؟.
ماذا لو أُضيف اسمي لهؤلاء، هل سيكون هناك من يقول رحل لأنه طيب؟، لا أعرف.
عِشت حياتي في محراب الانطوائية، كرهت الجدل والشللية أيضًا، أسرع قرارتي التي لم أندم عليها يومًا هو الانسحاب، وقبل أي خطوة في الحياة كنت أبحث عن شيء واحد، هو راحتي النفسية، ورغم ذلك وبلا تقييم لما مضى تمنيت واقعة برج القاهرة، لأضع حدًا لكثير من الحماقات، ولأكون في عزلةٍ تامة يقدسني فيها المحبون والكارهون في آن واحد، فمنّ كان في قلبه ضغينة مني سيحترم جلال الموت ويصمت، والمحبون سيذكرونني بقدر حبي لهم، وأنا مطمئن في ذلك.
بعد الموت، سأحظى بنفاقٍ لا يحظى به سوى الرؤساء، كلهم سيتحدثون عن علاقات وأخوة وصداقة، ربما لو وُجدت لكانت كفيلة لإبقائي على قيد الحياة أبد الدهر، وستهدأ نبرة الحزن رويدًا رويدًا، لكن الأهم أنني وأنا جالس في قبري سأشعر بكل الناس وسأراهم.
بما أنني سأشعر بكل شيء، وسيكون إحساسي لنفسي، فالمؤكد أنني سأندم، والندم سيكون على كل شعور حبٍ لم يخرج من القلب إلى اللسان، وعلى كل ربطة للساني منعته من الجهر بالحب، غير ذلك سيكون كله تحصيل حاصل، ولأخرج من دائرة الندم فقد كتبت كل ما منعتُ لساني عن النطق به، وكل ما لم يُقال قُلتهُ بالفعل، لكن في الوصية التي لم تحو سوى كلامًا، ولا تتعجب فأنا لا أمتلك غيره، وكل حبيب أو صديق أو أخٍ أو رفيق سيصله نصيبه من الوصية، وله حرية التصرف فيها.
في النهاية أثق أنني سأربح لأنني أبحث عن الراحة، لكن بما أنني أنا الذي طلبت هذه الراحة فلي أن اختارها كما أريد، لن أتركها لغيري يقررها كما فعلوا في ديني واسمي.
بعد طول تفكير، اهتديت إلى طلب الموت برصاصة طائشة تخترق بين العينين، تُصفيني في جزءٍ أقل من الثانية، ووقتها سأكون مدينًا لهذه الرصاصة، لأنها أجمل الأشياء، فرحمتها وسعت كل شيء، إذ حققت لي أمنيتي في الراحة الأبدية، ، جعلتني أشعر بالناس وأراهم على حقيقتهم وهم لا يشعرون بي.
تلك الرصاصة لن أسمع دويّها بالتأكيد، وبالتالي لن تُزعجني، أو ربما اختارت أن تجاملني حتى لا أسمع صوتًا يجر عليّ ويلات الصداع النصفي التي عانيتها في الدنيا.
الرصاصة لا تزال في عقلي، وتنتظرها عيني، ومع كل سلاحٍ أراه أضع إصبعي في أذني عساها تكون هي المُنجية.



#سيد_طنطاوي (هاشتاغ)       Sayed_Tantawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسم الجوكر والتتش وروح الفانلة الحمرا: يعيش أحمد فتحي
- بسم الجوكر والتتش ورح الفانلة الحمرا: يعيش أحمد فتحي
- لا تبكِ على بيض -ممشش- ولا -غنيم- محشش
- -صلاح- اللاعب من صلاح الرعية
- -سيرة أبو شمام-
- -الممر- ضاق علينا.. نظرة ومدد يا وطن
- إلى الدكتور خالد منتصر: -إنما للهبد حدود-
- مروة قناوي ..-يتيمة الابن-
- -نبيهاليا- ..رايحين على أرض النخيل
- -ياسر رزق ..اغسلها وتوكل-
- ..ويظل المذيع يكذب حتى يُكتب عند الناس -قرموطًا-
- -السيسي والطيب- ..ومعركة -أنت عارف وأنا عارف-
- القول المفيد في جرائم -تركي والخطيب- ..الأزمة في السياسة
- ..وهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟
- معتقلو الفسحة ..عيطي يا بهية على القوانين
- إلى الموهوب إبراهيم عيسى: -حمرا -
- في حب النيل وشيرين
- -عبدالناصر- .. كبيرهم الذي علمهم النصب


المزيد.....




- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...
- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيد طنطاوي - أمنيتي رصاصة