أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - لماذا أنتصرت الصين على - كورونا - ؟















المزيد.....

لماذا أنتصرت الصين على - كورونا - ؟


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 00:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدايةً أعتذر لقراء هذه الدراسة الصحفية عن طولها ، وكنت أزمع نشرها على حلقتين لولا مخافتي من إملال القارئ ، فآثرت نشرها كاملةً مع حذف المصادر لهذا الاعتبار نفسه ، لاسيما أن هذه الدراسة - وفق تقديري المتواضع - تكتسب درجة من الأهمية ، بالنظر إلى الظروف الدقيقة الراهنة غير المسبوقة التي يعيشها المجتمع الدولي والبشرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 .
وكما هو معروف لمتابعي تطورات الوضع الوبائي في الصين فإنها توشك على إعلان انتصارها النهائي على فيروس كورونا الذي نعتته منظمة الصحة العالمية ب " عدو البشرية " ، فبعد نحو شهرين من طوق العزل " الأمني - الصحي " المحكم الذي ضربته السلطات حول مدينة " ووهان " - بؤرة الفيروس - والاجراءات الوقائية المشددة داخل المدينة ، فضلاً عن تسخير جيش من أفضل الكفاءات الطبية المتخصصة في البلاد ، عادت المدينة إلى حياتها الطبيعية ، وسُمح لأهاليها بالتبضع في الأسواق ، كما اُزيلت كل الجواجز وفُتحت كل الشوارع ، وسُمح للناس بالتنقل والتنزه من وإلى ووهان بمختلف المواصلات العصرية ، وإذا ما جاز لنا التعبير بلغة الأرقام لقلنا بأن ما لا يقل عن 90 % من جيش العدو الكوروني في المدينة قد اُبيد ، وأن النسبة المتبقية -إن وُجدت - فهي متوزعة في بعض الجيوب ؛ سواء في ووهان أو في بقية ارجاء الاقليم (هوبي ) الذي تتبعه المدينة أو المناطق الاخرى ؛ يحدث ذلك في الوقت الذي مازالت لدول الغربية التي اجتاحها الوباء تصارعه دون حسم سريع لمعركتها معه بالأجهاز النهائي عليه ، وعلى الأخص إيطاليا والولايات المتحدة وأسبانيا وفرنسا ، فما أن تتراجع نسبياً أعداد الإصابات والقتلى في هذه الدول حتى تعاود من جديد ارتفاعها المخيف .
وبناء على ما تقدم فإن السؤال الهام الملح والمغيّب في الوقت نفسه عن ساحة معترك الصراع الفكري والسياسي الدولي الدائر حالياً جراء تداعيات الفيروس : لماذا تتعثر مكافحة الدول الغربية للوباء أو تسير الهوينا نحو الخلاص النهائي منه ؟ في حين تمكنت الصين ، وفي سرعة قياسية ، من الاجهاز على هذا العدو المفترس الذي أدخل البشرية برمتها في قلق ورعب ، وقتل أعداداً غير قليلة في كل دولة أجتاحها ؟ لا سيما إذا ما تذكرنا أن نجاح الصين يُقاس هنا أيضا بتفردها عالمياً بحماية ما يقرب من مليار ونصف المليار من سكان الكرة الأرضية يشكلون في الوقت نفسه عدد سكان شعبها الذي يشكل نحو خمس سكان العالم .
العامل الأول / خبرة الصين الطويلة في مكافحة الكوارث والأوبئة : فالصين تمتلك خبرة ثرية تاريخية طويلة في كيفية التعامل السريع مع الكوارث والأوبئة الطارئة ، ولديها استعدادات مسبقة بشرية وتقنية تكنولوجية بأعلى مستويات الحرفية والاداء دون أن تفاجأها أوتربكها في كيفية معالجتها . وإذا كان المجتمع الدولي يتمتع بوجود دولة كبرى غنية بمثل هذه الخبرة أما كان يفترض على دول العالم جمعاء ، وبخاصة الموبؤة بفيروس كورونا ، استنهاض وتحفيز كل السُبل الممكنة للتعاون البناء معها وللاستفادة من خبراتها المجربة ، إن لم يكن للقضاء على الفيروس سريعاً ، فعلى الأقل في الحد من انتشاره إلى أدنى حد ممكن ، وأن تغلّب أيضاً مصلحة شعوبها وشعوب العالم في هذه المعركة التي تخوضها على مصالحها السياسية والاقتصادية الضيقة التي تطغي عليها الأهواء وتصفية الحسابات مع الصين ، والتي لا تتوان أيضاً عن شن الحملات النفسية عليها ، كما تفعل على وجه الخصوص الولايات المتحدة ، ويجري ذلك في وقت أحوج ما تكون فيه دول العالم للتعاضد مجتمعةً بغية القضاء على عدوها المشترك ( كو فيد - 19 ) ، وبضمنها الدول العظمى الغربية التي تحتم عليها المسؤولية الأخلاقية ، كما يحتم عليها الواجبان الوطني والإنساني تجاه شعوبها والبشرية أن تنحي نزاعاتها مع الصين جانباً إلى ما بعد أن تضع الحرب العالمية على الوباء أوزارها مكللة بالنصر المؤزر التام على عدو البشرية المشترك .
ولتوضيح ما نحن بصدده سنضرب هنا بعض الأمثلة حول ما اكتسبته الصين من خبرات غنية ومهمة في مكافحة بعض الكوارث والأوبئة التي ضربت الصين خلال سني ألفيتنا الجديدة . وبادئاً ذي بدء علينا أن نعرف مسبقاً أن الصين - ما خلا كوارث البراكين - تعاني سنوياً من أشد أنواع الكوارث الطبيعية التي تعرفها بلدان عديدة من بلدان العالم . ففي أثناء كارثة الزلزال البحري المعروف ب " تسونامي " عام 2004 الذي تضررت منه كثيراً بلدان جنوب شرقي آسيا ، وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعمران ، لم تبادر بكين فقط بتقديم مساعدات لعدد من هذه الدول حسب تفاوت أحجام أضرارها ، بل كان لها دور ريادي في التنبؤ بفضل أدواتها التكنولوجية العلمية بالزلزال قبيل وقوعه وإبلاغ بعض تلك الدول به . كما حرصت أن تستفيد داخلياً من عِبر ودروس تلك الكارثة ؛ إذ بادرت إلى تطوير وتعزيز منظومة أجهزتها الإنذارية المبكرة للكوارث المتوقعة والطارئة المباغتة غير المتوقعة وذلك بغية أخذ كل الاستعدادات القصوى التحوطية مسبقاً لصدها وتقليل أضرارها بأقل حد ممكن عند وقوعها ، إن في الارواح وإن في العمران والمنشآت ، وسواء أكان ذلك خلال الكوارث البحرية والنهرية أم في كوارث تقلبات الطقس الفجائية ، أم في كوارث الآفات الآفات الحشرية الزاعية ، أم في كوارث الأمراض والأوبئة ، كوباء سارس على سبيل المثال ، الذي مرت به أوائل العقد المنصرم . ومن المعلوم أن الصين مرت بكوارث فيضانات بعض الأنهار في نفس عام كارثة التسونامي 2004 الذي ضرب تلك البلدان الجنوب شرق آسيوية ، كما واجهت في العام نفسه كارثة أعصار على الشواطئ الشرقية في مقاطعة تشجيانغ ، فتدفقت السيول الجبلية محملةً بالطين والحجارة ، ناهيك عما سببته السيول من انهيارات كبيرة عميقة على سطح التربة .
ولا تفوّت الصين أي كارثة إلا وقد خرجت منها بدروس وخبرات ، وذلك بعد تدارسها من مختلف الوجوه وعلى جميع المستويات الإدارية التنفيذية والمؤسسات البحثية العلمية ، سواء من حيث أوجه الثغرات في منظومة الاستعدادات المبكرة لمواجهة الكارثة المتوقعة والتي حدثت ، أم من حيث بواطن الخلل في اداء العنصر البشري خلال الكارثة ، وبهذا فإنها اكتسبت بذلك خبرة غنية إنقاذية وايوائية عريضة ؛ فمع كل كارثة على حدة -حسب طبيعتها - تقوم الدولة الصينية بتخصيص معونات مالية تُقدّر بمليارات اليوانات عادة ما تموّل من الموازنة المالية المركزية ، كما تمول أيضاً بالمليارات التي تأتي من تبرعات كبار أثريائها ، دع عنك آلاف الخيام التي تُنصب في سرعة قياسية لايواء ملايين المنكوبين المتضررة مساكنهم ، عدا مساعدتهم في الكساء والغذاء والعلاج اللازم وغير ذلك . وحتى في الاستثمارات المالية فإن واحداً من أولوياته تُعطى للاستثمار في بناء وتطوير أنظمة الأنذارات والتنبؤات بوقوع كوارث طبيعية ، سواء أكانت وشيكة أم على المديين القريب والبعيد . أكثر من ذلك وضعت الصين منظومة حماية تشريعية شاملة ملزمة لمواجهة الكوارث الطبيعية .
العامل الثاني / الانضباط الصارم للمجتمع تحت قيادة الحزب الحاكم : لا يختلف طبيبان في العالم ولا بين دولتين حول أهمية العزل الوقائي المنزلي القصوى لتفادي كورونا ، وقد اتخذت كل دول العالم بلا أستثناء هذه التدابير ، وعلى رأسها الدول الكبرى الغربية الصناعية المتقدمة تكنولوجياً كالولايات المتحدة ، بيد أن جميع هذه الدول لم تستطع فرض هذا الإجراء على شعوبها فرضاً شاملاً ، وإن تفاوتت درجات الفشل في التقيد بهذا الاجراء الاحترازي من دولة إلى اخرى ، حيث ما تزال دول العالم الثالث هي الأقل التزاماً ، لكن التزام مليار ونصف مليار إنسان صيني بهذا الاجراء أليس مدعاة للدهشة والتأمل ؟ علماً بأن تعداد سكان مدينة ووهان نفسها يبلغ 11 مليوناً ونيف . إن السر وراء هذا الالتزام الآلي الاتوماتيكي ووقوفهم وقفة رجل واحد في التقيد بالقرار إنما يكمن حقيقةً في طبيعة النظام الاشتراكي الشمولي الذي يقوده الحزب الشيوعي الحاكم منذ أكثر من 70 عاماً ، وخضوعهم لآلية احترام قراراته سواء طواعية أم اجباراً ، فباعتباره الحزب الحاكم الوحيد الأوحد الذي لا تنازعه أي أحزاب اخرى حول السلطة ، وكل مؤسسات المجتمع المدني خاضعة لتوجيهاته وغيرها من مختلف المنظمات الاجتماعية ، وهذا ولّد مع مرور هذا الزمن الطويل آلية انضباطية أتوماتيكية العادة تعوّد عليها أفراد هذا المجتمع الكبير في احترام قرارات دولة الحزب الواحد إن برغبة من هذه الفئة أو بمعارضة مكتومة لتلك الفئة . وبطبيعة الحال فإن ما ينطبق على فرض الانضباط على المجتمع لاحترام قرارات وسياسات دولة الحزب وقيادته ، ينسحب على قراراته غير السياسية المتعلقة بحياة المجتمع أو المجتمعات المحلية أوقات الكوارث وغيرها من القرارات والسياسات غير ذات الصلة بالشؤون السياسية . وهنا يكمن بالضبط سر تميز النظام الصيني الاشتراكي الشمولي في أزمة " كورونا " الوبائية العالمية الراهنة التي فشلت دول العالم في مضاهاته في النجاح الكبير الذي حققه في فرض العزل الصحي المنزلي وحظر التجوال مما كان له مردود ايحابي كبير في محاصرة الفيروس داخل مدينة ووهان دون تنقله إلى سائر الأقاليم الاخرى ، وإن خرجت أعداد غير قليلة مصابة إلى خارج الصين قبل فرض العزل الكامل على المدينة وكانت سبباً في انتشاره عالمياً بعدئذ .
هذا لا يعني أن النظام الاشتراكي القائم على اسس شمولية هو النظام المفيد حصراً لمواجهة الاوبئة ، إنما هذه ميزة قد تحققت موضوعياً على الجانب الصحي الوقائي ، ولكن لا يعني في المقابل عدم الاستفادة منها لتطبيقها ، بصورة أو باخرى ، من قِبل الأنظمة الديمقراطية ولو بفرض تلك الاجراءات في حالات قصوى طارئة ، على نحو ما تقوم به الدول الغربية فعلاً عند فرض الطوارئ أوقات الحروب وأعمال الشغب والتخريب الخطرة التي تلجأ إليها مجاميع من المحتجين ، أو حتى بعض الجماعات والاحزاب المتطرفة والارهابية .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبري قصر النيل في زمن كورونا
- مستقبل - الناتو - بعد جائحة كورونا
- - ووهان - تنهض وتفضح أنانية الرأسمالية
- كورونا بين الصين والرأسمالية الأميركية
- - كورونا - وأمريكا والأنظمة الاستبدادية
- 112 شركة تنمي الإستيطان .. فماذا أنتم فاعلون يا عرب ؟
- الناصريون والمراجعة الغائبة
- في ذكرى ميلاد عبد الناصر
- في تطور الملحمة النضالية لعرب 48
- هل بدأ العد العكسي لنهاية الإسلام السياسي ؟
- العالم بعد ثلاثين عاماً من انهيار الجدار ( 2-2 )
- العالم بعد ثلاثين عاماً من انهيار الجدار ( 1-2 )
- تركيا بين مجازر الأرمن واضطهاد الأكراد
- جيفارا .. القدوة والأيقونة
- عن اُفول المرحلة الناصرية ووعينا السياسي المبكر
- العرب بين الحروب التحررية والحروب العبثية
- كربلاء المقدسة .. الحضارة والضريح
- لماذا استهدفت إسرائيل العراق ؟ وكيف يواجه التحديات ؟
- بين ثورات العسكر .. وثورات الشعب
- - الواقعية الإشتراكية - في الأدب .. إلى أين ؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - لماذا أنتصرت الصين على - كورونا - ؟