أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح محمود كريم - العراق ... ونافورة الحزن والدماء














المزيد.....

العراق ... ونافورة الحزن والدماء


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1576 - 2006 / 6 / 9 - 10:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كثرت التسميات والعراق عراق، من بلاد مابين النهرين وحتى ارض السواد، واختلفت الشعوب والأعراق والمذاهب والأديان، وتداخلت الأقوام وتطاحنت، وسادت أقوام على أقوام وأديان على أديان، وتحول أسياد إلى عبيد وعبيد إلى أسياد، لكنه العراق بقى عراق، وما بادت منه ملة أو قوم وما سادت حتى النهاية ثلة أو عصبة من عرق أو مذهب. فبقى العراق كرديا وعربيا وتركمانيا وكلدانيا، مسلما ومسيحيا وايزيديا ومندائيا، سنيا وشيعيا.
وخلال قرون غرقت أرض العراق بطوفانات من الدماء والدموع، بحيث لم يبقى متر واحد من أديم العراق من أقصى كوردستان وحتى أقصى البصرة دونما أن تحتضن تربته رفات عراقيين أو غيرهم من الأقوام التي سادت ثم رحلت أو بادت في بلاد ما بين النهرين. فقد جبلت أرض العراق شمالا وجنوبا شرقا وغربا بأجساد الملايين من البشر الذين ابتلعتهم حروب ومعارك، تصارعت فيها أقوام وأجناس، ديانات ومذاهب، أمراء وملوك ورؤساء، وكانت الشعوب دائما وقود تلك الحروب وأوارها.
وعبر مئات السنين من دوامة الحروب والتصارع الدموي بين الأقوام والمذاهب ومن ثم الانقلابات والثورات البيضاء والملونة من أجل التفرد بالحكم والسيادة على الآخرين حتى إذا استدعى ذلك إبادة نصف السكان، وما حصل في تاريخ العراق من مذابح وتصفيات منذ مذبحة الحسين وحتى جز الرقاب في أيامنا هذه مرورا، بهولاكو الذي يبدو متواضعا وفارسا عسكريا أمام ما فعلته ( قواتنا البطلة ) في معارك الأنفال المقدسة في كوردستان، حيث ( أبادة قواتنا المسلحة الباسلة ) مئات الآلاف من الأطفال المجرمين والنساء المرتدات والرجال الخونة وآلاف القرى التي أزيلت من على سطح الأرض بما فيها، وما أنجزته ( قوات الحرس الجمهوري البطلة ) من بطولات ( مشرفة ) في إبادة الآلاف من ( الغوغاء ورموز صفحة الخيانة والغدر ) في الجنوب والوسط، وما خلفت تلك المعارك العظيمة من مئات الآلاف من الأرامل والثكالى وربما ملايين الأيتام والمعاقين في العقل والجسد، حتى انتهى بنا الحال إلى ما يحدث اليوم من ترجمة لثقافة سادت عشرات إن لم تكن مئات السنين من القسوة والظلم والحقد الأسود الذي تجلى فيما يحدث اليوم من مذابح وتهجير وتطهير عرقي ومذهبي مقيت، زرعته تلك الأنظمة البائسة وسكتنا عليه عقود وعقود لينفجر اليوم ويتحول إلى ممارسة يومية في كل مدينة وقرية وبلدة.
وبصرف النظر عما حدث في نيسان 2003 من تحرير أو احتلال أو زلزال فأنه أسقط فعليا النظام الإداري الذي كان يقود بشكل رسمي هذا النمط من الثقافة بمؤسسات عسكرية وشبه عسكرية وسياسية إلا انه- أي هذا الحدث- لم ينهي جذور تلك الثقافة وممارساتها في واقع المجتمع وعلاقاته، فهو موروث متكلس في ذهنية وتفكير وسلوك قطاعات واسعة من الذين مارسوا تلك الثقافة أو أدمنوها أو تعبقوا بها طوال أجيال وحقب كانوا فيها أسياد الدولة وسدنتها.
إن اتهام الرئيس السابق صدام حسين لوحده بهذه الثقافة وممارساتها عبر أربعين عاما هو تقزيم وتسطيح لما نعاني منه في مجتمعاتنا، فلا يعقل أن يكون صدام حسين لوحده قد (أنجز) كل تلك المعارك وإن كانت بأوامره، فقد أبدعت قواتنا البطلة بكل صنوفها وفيالقها وحتى وحداتها الطبية في إنجاز معارك الأنفال وحلبجة والاهوارومجازر الجنوب والوسط وما خفي كان أعظم في ( قادسية صدام ) و( أم المعارك) في الكويت وإيران.
ودعونا نتساءل بألم علنا نهتدي إلى صوابٍ يقينا مآسي ما تخبؤه الأيام:
كم كنا خانعين ومستكينين أو ربما راضين أو رافضين بحياء أو بأضعف الأيمان طيلة أربعين عاماً؟
كم واحد منا اعترض ورفض أن يشارك في معارك ( الشمال ) منذ 1961 وحتى 1991 ؟
كم منا اعترض أو رفض أن يشارك في معارك ( الأنفال ) من مجموع من شاركوا؟
كم منا رفض أن يساهم في مجازر الجنوب والوسط من مجموع من شاركوا؟
كم طبيب رفض أو أعترض على أن يأمر بإطلاق طلقة الرحمة على آلاف الضحايا من مجموعهم؟
وكم قاضي رفض حكما من أحكامهم وقوانينهم؟
وكم معلم ومدرس وأستاذ رفض تثقيفهم وأفكارهم ونظرياتهم من مجموع هذه الشريحة؟
وكم وكم... وتكثر الأسئلة ويتورم الألم، ثم نسأل لماذا يحدث كل هذا في العراق؟
ألم تكن قواتنا المسلحة التي نفذت كل هذه المعارك ببطولة نادرة من أكبر جيوش المنطقة؟
هل بقت عائلة عراقية واحدة دون أن يكون لها إبن أو أب أو أخ في هذه القوات؟
وشارك في معاركها بأي شكل من الإشكال؟
وإذا ما استثنينا مما ذكرنا، الذين رفضوا عن وعي وإيمان ( وتحملوا مغبة رفضهم، إعداما أو سجنا أو نفيا ) بما يرتكب بحق العراق وشعوبه آنذاك وهم قلة لا تخضع للقياس العام، فسنرى فداحة الحال وما آلت إليه الأحوال؟
إنها عقود وحقب من الخنوع والاستكانة والذاتية والقبول بظلم الآخرين، وتاريخ من حزن ومأساة الترمل والتيتم والنفي والتهجير وملايين الثكالى والمفقودين ونافورات الدم والدموع منذ تكوين العراق على أسس الظلم والاستغناء.
إن عراقا جديدا ينهض من بين هذه الركام يحتاج وقفة صادقة نقية ناقدة تطهر النفوس والأفكار والأرواح، واعترافا واعتذارا من كل الضحايا وفي كل العراق من كوردستان إلى أقصى جنوب وغرب البلاد، فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ولن يكون هناك عراق مثل ما كان لحزب واحد أو رئيس قائد أو مذهب بعينه أو قومية مستبدة، فلم يكُ الرئيس السابق لوحده مسؤولا عن كل تلك الجرائم والمجازر حتى وإن كانت بأوامره، فقد نفذت وشاركت كل قطعات الجيش العراقي عمليات القتل والتدمير في كوردستان العراق منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى سقوط النظام السابق، وكذا فعلت كل مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية في مصادرة الأراضي والأملاك لمئات الآلاف من العراقيين تحت أية ذرائع أو تسميات في كوردستان والجنوب والوسط وحتى غرب العراق.
وحينما نمتلك جرأة الاعتراف والاعتذار والتطهر من أنجاس تلك الجرائم، سيكون عراقنا للجميع وسنفتخر بإتحاد عراقي عظيم.





#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ومدرسة المزايدات
- الاعراب والعلاقة مع اسرائيل من الباب الى المحراب
- تأسيس العراق بين الطهارة والتدنيس
- هيئة الأعراب والدفاع عن شريعة الغاب ؟
- جامعة الأعراب ومؤتمرات الأزلام والأنصاب
- !إذا أردتم( الحريم ) حرائراً ... فحرروا الرجال
- كوردستان بين علي كيمياوي وحسن نصرالله !
- العراقيون ... ونظرية التطور بالأنتخاب الطبيعي
- ايها الاعراب : من منكم افضل من صدام حسين ؟
- قفوا :انتم على خطأ ايها السادة .. لا تقتلوا الرئيس !
- مهلا أيها السادة ... دعوا الرئيس يتكلم !
- دولة النقيق ... وإمبراطوريات القبائل !
- دولة ألضفادع ... بين حسين كامل وعبدالحليم خدام!


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح محمود كريم - العراق ... ونافورة الحزن والدماء