أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح محمود كريم - العراق ومدرسة المزايدات















المزيد.....

العراق ومدرسة المزايدات


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1574 - 2006 / 6 / 7 - 10:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لم يعد خافيا على الجميع أسلوب المزايدات الذي أنتجته نظم الاستبداد منذ قيام دولة العراق في عشرينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، ومع تقادم الزمن وتكلس الآلام وشيوع الاستكانة والخنوع لدى أجيال وأجيال من أبناء وبنات العراق وتحول ذلك الأسلوب إلى صفة ملازمة لكثير من القطاعات الملاصقة أو القريبة من مراكز القرار في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وتركيبات المجتمع وطبقاته، وما تحمله تلك الصفة من مظاهر التملق والتدليس وتأليه الما فوق وتضبيب الرؤيا وتشويه الحقائق حتى غدت ظاهرة المزايدات لدى الكثير من الناس هي الطريق الأقصر للوصول إلى الأهداف الخاصة وربما العامة.
وقد أبدع النظام السابق في تطوير المزايدات وتعميمها حتى ظن الكثير إنه دولة عظمى تمتلك إرادة القرار وأسلحة الانتصار كما أوهمنا جميعا بامتلاكه أسلحة تحرق نصف إسرائيل وتحول النصف الثاني إلى جواري وغلمان لفرسان الأمة وصناديدها، وحتى عشية الحرب الأمريكية على النظام كان الرفاق يتحدثون عن مفاجآت رهيبة وأسلحة مرعبة سيستخدمها القائد في اللحضة المناسبة، ويتذكر العراقيون جيدا مقولات الرئيس السابق عن كيفية معالجة طائرات الشبح الأمريكية وكيف سينتحر الجنود الأمريكان على أسوار بغداد، وقبل ذلك ما كان يوحي به النظام من تصنيعه وتطويره لأسلحة تتجاوز ما أنتجته كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
والطامة الكبرى حينما كانت الأكثرية تصدق هذه المزايدات من نظام يقود دولة أكثر من نصف سكانها لا يجيدون القراءة والكتابة وربما نصف سكانها من الفقراء والمساكين، المغيبين والمسطحين، وأكثر من نصف تعداد جيشها من الفلاحين ألاميين الخارجين عن الزمن، وما تبقى من المغلوبين على أمرهم، المساقين عنوة وانكشارية، وربما أكثر من نصف سكانها يسكنون في أكواخ وأعشاش لا تليق بالصنف البشري، وأكثر من ذلك لو فتحنا آلامنا المتكلسة منذ عقود طويلة ومؤلمة، سواء تلك الآلام التي تقرحت وتركت تشويهات في السلوك والانتقام والأحقاد من لدن سكان الريف والقرى التي سحقت وأهينت وأبعدت عن مراكز الحضارة بإغفالها وتكريس تخلفها وتجهيل سكانها مما أدى إلى نزوح مرعب إلى المدن وتشويه هوياتها وتحويل أولئك النازحين من القرى إليها إلى أدوات لتنفيذ مشاريع الأنظمة السياسية المتخلفة من خلال تسطيح ثقافتها وربطها برأس النظام السياسي ومزايداته. أو في المدن التي غدت هي الأخرى مرتع للجهلة وأنصاف المثقفين وخليط مقزز من الأفكار والأيديولوجيات المستنسخة والقابلة للتغيير حسب أمزجة القائد الضرورة.
لقد تحولت المزايدات ( الوطنية ) و ( القومية ) و ( الدينية ) إلى واحدة من أخطر ما يواجه مجتمعاتنا إلى حد هذا اليوم، فقد سادت هذه الظاهرة في أدبيات الساسة وحتى الكثير من المناضلين ورجال الدين وعلمائه، حتى غدا الواحد منهم مرجعية إلهية لايمكن الاعتراض عليه أو منافسته، ويتذكر العراقيون جيداً مدرسة المزايدات طيلة أكثر من أربعين عاما من الحكم ألبعثي للعراق وكيف إنهم أي البعثيون ورثة رسالة خالدة ومن يقف في طريقهم أو يختلف في طروحاته معهم فأنه سيخون الأمة والشعب خيانة عظمى يستحق عليها الموت الزؤام، وهكذا فعل ويفعل الكثير من رجال الدين وعلمائه في تكفير الآخرين وإلصاق تهم الإلحاد والردة والخروج على شريعتهم لكل من يخالف طروحاتهم وتفسيراتهم للنصوص الدينية. ولم تقتصر تلك المزايدات على العراق وحده بل تخطت حدوده الجغرافية إلى ( أشقائنا ) في جيبوتي واريتريا وجزر القمر والصومال وطنب الكبرى والصغرى والسودان وتشاد وفرعنا في الكويت وأهلنا في عربستان إيران، وأصبحنا بين ليلة وضحاها دولة عظمى أو أمم متحدة تحتضن ملايين من الجياع والمرتزقة والعاطلين وخريجوا السجون والحفاة وتجار الأحزاب و المبادئ من هذه الدول وغيرها، حتى فقد الكثير من العراقيين هويتهم ليزايد عليهم هولاء كما يفعل الآن أولئك المحتلين ممن أتوا ليحرروا العراق من الأمريكان وكأنما أرحام العراقيات قد نضبت أو جفت؟!
وبعد عقود طويلة ومملة من المزايدات بأنواعها الوطنية والقومية والدينية فقدت كثير من الكلمات والمفاهيم معانيها الحقيقية وتلاشت بشكل مرعب مواصفات المواطنة التي تعطي السكان هويتهم الوطنية وانتمائهم لدولة أو وطن معين وبدلا من صناعة مفهوم خرافي للوطنية البعثية بتحليل مفهوم العراقية وإلغاء الوطن العراقي من الذاكرة لحساب الانتماء إلى الأمة والوطن العربي الكبير من إمارات الخليج وممالكها إلى جماهيريات شمال أفريقيا، أصبحت المواطنة في النظام السابق وربما إلى حد هذا اليوم لدى قطاعات مهمة من السكان هي الانتماء للعشيرة أو القرية أو المذهب الواحد وتفرعاته. ولم يعد مهما لديهم مصلحة البلاد العليا بقدر حرصهم على مصالحهم العشائرية والفئوية والمذهبية، وبذلك تم تقزيم كثير من المفاهيم والعناوين والهويات، فيما بدأنا بحصاد نتاج تلك الثقافة البائسة بعد سقوط دولة البعث من على سطح الأرض وانكفائها في الدهاليز وعمليات القتل والخطف وتدمير البنى التحتية للعراق وإشاعة الفوضى في مزايدات جديدة مخضبة بالدماء على حساب أولئك الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يحدث!؟
وبدلا من احتلال واحد أصبح العراق يتمتع بأكثر أنواع الاحتلال قساوة ألا وهو احتلال المزايدات الدينية والقومية والوطنية والأحزاب البيتية، فأصبح لدينا مجموعة من ( العراقات )، عراق الشيعة وعراق السنة العرب وعراق المجاهدين وعراق الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة وعراق الميليشيات وعراق الجامعة العربية وعراق الهيئة المباركة، حتى كادت أن تكون بعض القرى والبلدات عراق عظيم، ورغم ذلك مازالت دوامة المزايدات على العراق ومستقبله والعلاقة مع إسرائيل واجتثاث البعث وهيئة النزاهة والفيدرالية والكل غارقون حتى آذانهم في مستنقع هوسهم السلطوي ومصالحهم الشخصية والفئوية، وحينما تتكشف الحقائق أمامهم ينبرون بإسقاط ما بهم على غيرهم، وتبدأ دوامة جديدة من الاتهامات والمزايدات على عراق واحد وفق مواصفاتهم وتعريفاتهم الوطنية والقومية والدينية. وفي كل هذه الدوامات تدفع شعوب العراق ومكوناته ثمنا باهضا من دمائها ومستقبل أبنائها.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعراب والعلاقة مع اسرائيل من الباب الى المحراب
- تأسيس العراق بين الطهارة والتدنيس
- هيئة الأعراب والدفاع عن شريعة الغاب ؟
- جامعة الأعراب ومؤتمرات الأزلام والأنصاب
- !إذا أردتم( الحريم ) حرائراً ... فحرروا الرجال
- كوردستان بين علي كيمياوي وحسن نصرالله !
- العراقيون ... ونظرية التطور بالأنتخاب الطبيعي
- ايها الاعراب : من منكم افضل من صدام حسين ؟
- قفوا :انتم على خطأ ايها السادة .. لا تقتلوا الرئيس !
- مهلا أيها السادة ... دعوا الرئيس يتكلم !
- دولة النقيق ... وإمبراطوريات القبائل !
- دولة ألضفادع ... بين حسين كامل وعبدالحليم خدام!


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كفاح محمود كريم - العراق ومدرسة المزايدات