أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - عمر الخيام متصوفاً(2)














المزيد.....

عمر الخيام متصوفاً(2)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 21:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وبهذا، يقول ابن عربي الملقب بالشيخ الاكبر، أي كبير المتصوفة، وامامهم بهذا الفن، أو الطريقة:
للحقِّ فينا تصاريفٌ وأشياءُ ولا دواءَ إذا ما استحكمَ الداءُ
الداءُ داءٌ عضالٌ لا يذهِّبه إلا عبيدٌ له في الطبِّ أنباءُ
عن الإلهِ كعيسى في نبوَّته ومن أتتهُ من الرحمنِ أنباءُ
لا يدفعُ القدرَ المحتومَ دافعهُ إلا به ودليلي فيه الاسمَاء
إنَّا لنعلمُ أنواءَ محــــــــقّقةً وقد يكفرُ من تسقيه أنواءُ
العلمُ يطلبُ معلومًا يحيط به إنْ لم يحط فإشاراتٌ وإيماء
ليس المرادُ من الكشفِ الصحيح سوى، علمٍ يحصّلهُ وَهمٌ وآراءُ
إنَّ الذين لهم علمٌ ومعرفةٌ قتلى وهم عند أهلِ الكشفِ أحياءُ
فأبن عربي يعد أهل الفقه والمحدثين: قتلى، قتلهم ضياعهم في تيه هذه العلوم(علوم الفقه والحديث) الا أهل الكشف، ويعني بهم المتصوفة، لأنهم انكشفت لهم الحقائق، فهم بذلك أحياء يعيشون بنور الحقيقة، تلك الحقيقة الغائبة عن أولئك، والمتصوفة يعتقدون أنهم وحدهم الذين ادركوها.

متصوف حجة
ويذهب الكاتب محمد الذهبي الى أن "كثير من الدارسين انعطف الى الرأي الآخر في أنّ الخيام متصوف كبير وشيخ طريقة معروف حتى لقب بالإمام والحجة والحكيم، في حين آثر البعض الاخر في السير باتجاه ان الخيام كان ماجنا عربيدا متهتكا ونعته بشتى التهم، واقوى ما موجود لدينا من تراث الشاعر الكبير هي رباعياته التي ترجمت الى اكثر اللغات الحية، ونوقشت من قبل اساطين الادب والنقاد الكبار"(6). ونحن في دراستنا هذه نميل الى هذا الرأي، الذي خصصناها في الدراسة هذه، بل نقر أنه متصوف وموغل في التصوف.
ويرى المازني أنه "ومن شعراء الفرس الذين ذاع صيتهم وسار ذكرهم في الشرق والغرب عمر الخيام. وقد حاول بعض النقاد أن يزج به في زمرة المتصوفة من شعراء الفرس وأن ينفى عنه ما يدل عليه ظاهر ألفاظه، وأن يخرِّج كلامه على نحو ما أسلفنا، وأن يدفع عنه تهمة الأبيقورية جهلًا كما سترى. ولكن الواقع، كما قال مترجمه إلى الإنجليزية فتزجرالد، أن عمر لم يكن أبغض إلى أحد منه إلى متصوفة عصره الذين كان يسخر منهم ويركبهم بالدعابة والتهكم «وأنه لما عجز أن يهتدى إلى شيء سوى القدر أو دنيا غير هذه - بالغًا ما بلغ خطؤه في ذلك - قنع بحظه المقسوم له، واَثر أن يرفه عن نفسه من طريق الحواس على أن يرهق نفسه باستجلاء الغوامض».
على أنه كانت له موهبة تنأى به عن التصوف، ذلك أنه كان رياضيا! بارعًا. ومما يذكر له في هذا الباب تنقيحه التقويم السنوي تنقيحًا أظهر فيه من الحذق والأستاذية ما أطلق لسان جيبون المؤرخ الإنجليزي بالثناء عليه. وله كذلك طائفة من الجداول الفلكية ومؤلف فى علم الجبر بالعربية. والذهن الرياضي مجاله وعمله ضبط الحدود والحصر، وتعليق النتائج بأسبابها، والمعلول بعلته، وهو عمل يتطلب من الدقة والعناية والترتيب والتبويب ما لا يطيقه أو يقوى عليه ذهن المتصوف. ومن العجيب أن فتزجرالد لم يفطن إلى دلالة هذا ولا خطر له أن يسوق هذه الحجة فيما ساقه لتبرئة الخيام من التصوف".(7)
واذا اعتقدنا أن التصوف هو في كل ادواره ومراحل حياته الطويلة- كما يشير الدكتور توفيق الطويل- يمثل بحق على حد قوله، اصفى حياة روحية في تاريخ الاسلام، "وبمقدار ما لقي من عنت واضطهاد كان مثلا للحب والتسامح، فصيحة الحب التي استغرقت حياة الصوفي طولا وعرضا، وشاعت في تفكيره يمينا ويسارا، قد تجاوزت حبه لله وامتد فيضها حتى شمل الناس- اصدقاء كانوا أو اعداء".(8)
وانت تعلم أن التصوف "مذهب كله جد. فلا يخلطونه بشيء من الهزل. وقيل: تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد صفات البشرية، ومجانبة الدعاوى النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله تعالى على الحقيقة".(9)

اتهامات مردودة
ومع ذلك، فالمتصوفة لم يسلموا من اتهامات خصومهم لهم بالاعتداء على ارثهم الفكري، وتشويه طريقتهم، واتهامهم بالزندقة تارة، وأخرى بالمروق عن الدين، كما اتهموا الخيام، هذا الذي نحن الآن نحاول رفع الالتباس الذي اعترى الكثير تجاه هذا المتصوف، الذي عبر - ومن خلال رباعياته- بعبارات صادقة وكلمات معبرة، تفيض معن سامية، تنشد الخير والرأفة وتدعو الى المحبة الخالصة، وهي بعد، تنشد التسامح بكل تجلياته، علاوة على أن الصوفية لا تؤمن بالعنف بقدر ايمانها بمحبة تكسو قلوب الناس جميعًا.
فمن اتهامات الخصوم للصوفية ادعائهم أنها أخذت "تغالي الصوفية في الاعمال النفسية والروحية، ولم يضغطوا ضغطا كافيا على الاعمال الظاهرة. فكان هناك فقهاء وصوفية وعداء بين الفقه والتصوف، الصوفية يرمون الفقهاء بأنهم لا يعبئون الا بالقشور من مظاهر الامور، والفقهاء يرمون الصوفية بأنهم غلوا في احوال الروح أكثر مما كان يعرفه الاسلام، وسموهم أهل الباطن".(10)
فهذه الاتهامات مردودة على اصحابها، طالما أن الصوفية اثبتوا نيتهم الصادقة تجاه معبودهم، وصفاء قلوبهم وأنهم اناس لم تغرهم زخرف الحياة، وانما انقطعوا عن الدينا وهاموا بحياة لا يشوبها كدر ولا منغصات.
المصادر:
(1)ابراهيم عبد القادر المازني، حصاد الهشيم، ص 57 منشورات مؤسسة هنداوي.
(2) مقدمة ابن خلدون ص 514.
(3) توفيق الطويل، أسس الفلسفة، ص 302.مكتبة النهضة بمصر.
(4) علي دشتي: http://alrai.com/article
(5) المصدر نفسه.
(6) محمد الذهبي: http://www.ahewar.org
(7) المازني، مصدر سابق.
(8) الدكتور توفيق الطويل، مصدر سابق.
(9) الجرجاني، التعريفات، ص 63، منشورات علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة الثانية 2003.
(10) أحمد أمين، ظهر الاسلام، ج2 ص 57، الطبعة الثالثة لسنة 1962، مكتبة النهضة المصرية.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يصح الجمع بين الدين والعلم باسكال فعل ذلك!؟
- الانتحار فلسفة أم يأس من الحياة؟
- متظاهر.. مسرحية قصيرة من فصلين
- مصير قطيطة!
- ثورة التوك توك(1)
- رئيس القرية والعارف الفاهم
- الموسيقى الحزينة: والله يا زمن
- من خرافات صاحب كتاب (حياة الحيوان الكبرى)(3)
- من خرافات صاحب كتاب (حياة الحيوان الكبرى)(2)
- أصل الانسان حمارًا وليس قردًا
- نظرية الخلق ودور الشيطان (بدأ الحوار)
- نظرية الخلق ودور الشيطان (لقاء القمة)
- قصة الخلق ودور ابليس(عاجل)
- منهجية كمال الحيدري في نقده الموروث الشيعي
- الفيلسوف الذي طمئنا: أنْ لا نخاف الموت
- فلسفة الموت
- أنهم يبغضون التفلسف
- الفيلسوف الذي لم تُنفذ وصيته
- ابن التاجر الذي اصبح اعظم فيلسوف
- نهدان


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يخفف قيود 100 ملليلتر على السوائل في المطار ...
- ترامب يفرض رسوما جمركية مرتفعة على عشرات الدول
- هل تعكس زيارة ويتكوف إلى غزة تغير في سياسة الإدارة الأمريكية ...
- شاهد.. عملية عسكرية إسرائيلية تستهدف حي الشجاعية وتسبب دمارا ...
- ترتيب أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية
- حماس: ندعو لجعل الأحد المقبل يوما عالميا لنصرة غزة
- عاجل | معاريف عن مصدر سياسي إسرائيلي: اجتماع نتنياهو مع ويتك ...
- هل تنجح تركيا في فرض رؤيتها على واشنطن بشأن مستقبل -قسد-؟
- ويتكوف يزور مركز توزيع المساعدات في رفح
- زيلينسكي:روسيا استخدمت حوالي 3800 مسيرة و260 صاروخا في يوليو ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - عمر الخيام متصوفاً(2)