أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - دراسة لرواية ((مرحبا ايها الاسفل)) للروائي محسن ضيهود الزبيدي















المزيد.....


دراسة لرواية ((مرحبا ايها الاسفل)) للروائي محسن ضيهود الزبيدي


حميد الحريزي
اديب

(Hameed Alhorazy)


الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 16 - 13:04
المحور: الادب والفن
    


رواية ((مرحبا ايها الاسفل))

للروائي
محســــن ضيــهود
((باب الله هو الانسان نفسه ـ ادخلوا الله من خلال الانسان))

بقلم :- حميد الحريـــــــــــــــــــــــــزي

العنوان :-
عنوان الرواية حامل مفتاح متن الرواية والهامس بمضمونهاوبعدها الفكري ، وهو الضوء الوامض للمتلقي ولفت انتباهه وربما اثارة الاسئلة في مخيلته لمبنى ومعنى الرواية مما يثير اهتمامه لفك شفرته وقد يكون العنوان مجرد لافته تثير الانظار والانبهار لدى المتلقي لايربطها اي رابط بالمتن الروائي.
رواية ((مرحباً ايها الأسفل)) الصادرة عن دار اقلام للنشر والتوزيع مقتبل عام 2020 وبرقم ايداع في دار الكتب والوثائق ((2200)) لعام 2019 . والكاتب عرف نفسه:-
((شاعر وكاتب عراقي ، مؤسس مجلة وجه الغد العراقية ، ناقد في مجال الصوت والاداء، له اسهامات ثقافية وأدبية في الوسط الثقافي والأدبي العراقي)) *
فالأسفل هنا هي الطبقات الاجتماعية المهمشة من العمال والكادحين الفقراء ، الاسفل هنا الانسان الاسود الزنجي ، الاسفل هنا نصف المرأة الذي يحمل بيت اللذة والمتعة ووو.

المحور الرئيسي في الرواية
عائلة ((غانم )) البناء او عائلة غانم الاسود ، واولاده ناصر و محسن وبناته هتاف و نسرين ...
الشخصية الرئيسية في الرواية شخصية ((خيري))، الشاب صاحب الجسم القوي والصوت الجميل والرياضي المميز وعلى الرغم من كل هذه المميزات السلوكية والفطنة والذكاء ولكنه يعرف ب ((خيري الاسود )) دون الاشارة الى كل صفاته السابقة ، وهي اشارة الى ثقافة التمييز العنصري والدونيةالمغروسة في وعي ولا وعي الفرد العراقي والعربي ،وكأن هذا الانسان الاسود ليس من خلق الله وهو في درجة دون مستوى البشر .((انا سجين في بشرة سوداء)) ص98.
الروائي ينتصر لهذه الشريحة الاجتماعية ويؤكد ويفند كل مايمس انسانياتها ويحاول ان ينتقص من كونها لاتختلف عن بقية البشرمن البيض او الصفر او الشقر ، وتتمتع بصفات جسمانية وعقلية قد تفوق ما يتمتع به الانسان الابيض او الاصفر او الاشقر وكان محسن ووالده مثالا لهذا التميز فغانم البناء المشهور والمبدع والمتمكن ليس في اتقان عمله بل فرض هيبته واحترامه الكبير على مجموعة عماله وقيادتهم الناجحة بمحبة وتعاون في العمل والحياة اليومية هذا الذي (( مات كادحا عاملا وسيلقى ماركس وهو راض عنه أتم الرضا)) رص41.
هذا الغانم الذي لم يتمكن خيري من تمثيل دوره أو أخذ مكانته في قيادة رفاقه في العمل ممن كانوا يعملون تحت أمرة (( اسطه غانم)) الذين وصفهم خيري ((كوزراء خارجية الاتحاد الاوربي )) ص 49 ربما بسبب دقة مواعيدهم وتكاتفهم وتضامنهم .
نعم لم يتمكن((خيري)) من تمثيل دور القائد لهم بدل والده بسبب فارق العمر والخبرة وطبيعة العمل ولكن محسن كسب محبتهم وصداقتهم والاستماع لحكمهم ونصائحهم وتأمل سلوكياتهم كطبقة كادحة تشيد بناء الارواح الطيبة القوية والعمارات الشاهقة ، طبقة الشمس تصطبح بو جوههم السمراء ويصافح شعاعها ايديهم الخشنة القوية ، لم تتمكن ظروف القهر والعوز والكد من لي أذرعهم بل تمكنت هذه الاذرع السمراء المفتلوة من لي رقبة الظروف وانتصروا على الاعيبها وتقلباتها ...
الجنس عابر للون -
تتأمله ((سلوى)) المرأة الاربعينية ، شباب وفتوة ووسامة ظاهرة وجسم متناسق مغري ، تدخله دارها بدعوى مساعدتها من طرد كلب ((أجرب)) دخل دارها ،يوافقها ، تسلطفه تستعطفه تغريه تستبقيه تفرش له جسدها الابيض البض ليرويها بماء فتوته وليسد نقص زوجيين سابقين كل همها ان تكون سلوى وسيلة تفريخ لا اكثر ، أسود يقدر قيمة الجسد ويروي العطش الجنسي خير الف مرة من أبيض بارد لايريد سوى انتاج المزيد من ألافواه مجهولة المصير ، بين التسول والبطالة والدعارة والقتل المجاني في ساحات حروب الزعماء . وكما يقول خيري (( اجمل شيء في الجنس أنه يجمع مافرقته يد البشر))ص63.
أما كيف دخل الكلب الاجرب الدار ـ فهي نفس الطريقة التي دخل بها الزوجين السابقين لدار ولجسد سلوى وهجرها لانها عاقر ، فالكلب اجرب الجلد والزوجين اجربا الروحين وكلاهما لاتطيقهم سلوى عاشقة الفتوة والحياة .
هذه السلوى التي ستحاول خلاص ((خيري)) من موت محتوم في معسكر الآسر الايدولوجي الظلامي الاسلاموي المتشدد الذي يقع في اسره ، هذا المعسكر الذي يحاكي معسكرات الاسر الايرانية زمن ((قادسية صدام ))، ويمكن أن يكون معسكرا لكل ايدولوجيا اسر الانسان جسدا وروحها وتدجينها لتسير على خط ((الامام )) المقدس ، كما حصل مع الاستاذ شكري مدرس ومحب الموسيقى وفنونها في مدرسة ((خيري)) قبل وقوعه في أسر هذا المعسكر الايدولوجي وأصبح من أشد الرافضين للموسيقى والغناء ، ليقود فرقة لانشاد خزعبلات اصحاب العمائم ونشر خرافاتهم ، وموافقتهم على تدجين الارواح الحرة وأن تحت أسوء وأغرب أساليب التعذيب كما حصل مع خيري وادخاله في كيس مغلق مع ثلاثة قطط ليكون عرضة لنهش وعض هذه القطط المذعورة والمسجونة في حيز ضيق .
السؤال كيف انتمت ((سلوى)) لهذا المعسكر وكيف تمكنت من الحصول على رتبة رفيعة ((رائد)) لتأمر وتقود عساكره وتفرض عليهم آوامرها ؟؟
هل عبرالاغراء الجسدي وعبادة الجسد واللذة من قبل ادعياء العفة والزهد والايمان ، وتجنب عورة المرأة التي يسجدون لها في خلواتهم ؟؟
سؤال لم نجد له اجابة في مجرى الحكاية ، ولكنه موجود في واقع مثل هذه المعسكرات بسلوى وأمثالها من الجنس الناعم ليكون متعة لسادة هذه المعسكرات رغم دعواتها وصراخها بنشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة .وقد وصف الكاتب (( الجماع هو سخرية من الموت والقدر ، ومشهد خلود أنساني وتحدي للعدم الصامت ))رص 66 نعم فأن الطبيعة تريد الحفاظ على النوع من الانقراض والتلاشي وهذا الاستمرار للنوع لايتم الا من خلال التزاوج بين الذكر والانثى فلابد أذن من تقديم مغريات تحفز هذا الفعل وزيادة الرغبة فيه لذلك كانت اللذة الجنسية ونشوة الممارسة هي الدافع القوي الذي يغري الجنسين للقيام بهذا الفعل المؤدي للحمل والانجاب لذلك نلاحظ أن اغلب الحيوانات تكف عن الجماع بعد ان تلقح البيضة لدى الانثى باستثناء الانسان الذي لايتوقف عن هذا الفعل حتى موعد الولادة للانثى ولايصبر عليها كثيرا بعد الولادة .فالانسان مهووس في الجنس رغم كثرة لغوه حول العفة والفضيلة وجعل الانثى عورة مثيرة للغريزة التي يعتبرها حيوانية رغم ان الحيوان اكثر تنظيما من الانسان في ممارساته الجنسية ...وعلى الرغم من أن اكثر الوعود الاخروية ل((الصالحين)) في جنات الخلد هن الحواري الحسان !!
يرى الكاتب ان احقر من امتهن جسد المرأة هو رجل الدين وجندي الاحتلال (( جسد المرأة يجب أن لايمتلكه أحد ، الجميع له وهو للجميع بشرط أن لايكون الممتلكون له رجال دين أو جنود أحتلال)) رص19..
في عالم تسوده الكراهية وثقافة الافتراس تكون احيانا الحصون والسجون والوجود خلف الحواجز والموانع اكثر أمناًوسلاماً للكائن الحي سواء كان ،أنسان او حيوان ، فقد كان فعل خيري باطلاق سراح الأرانب من القفص عملية قتل لها حيث افترستها وقطعتها اربا الكلاب السائبة في الشارع ؟؟!! فقد تكون الحرية احيانا وبالا وفخ ينصب للكائن الحي ، فكم فضل الشباب العراقي السجون والمعتقلات للخلاص من جبهات الموت في سواتر الحروب ((المقدسة)) التي يشعلها الحكام الطغاة، وقد تكون الحرية وسيلة لديكتاتورية متخلفة كما هي ديمقراطيتنا الان وسيادة الجهل والفساد والمليشيات الفاشية على سدة الحكم بدعوى فوزها في انتخابات ديمقراطية يمتلك فيها المواطن حرية الاختيار !!.
هناك نقد لاذع من قبل الروائي لفعل استجداء المغفرة والعفو من قبل ((المتدينين)) من الاله الخالق عبر ترديد ادعية مكتوبة ومجترة على الالسنة لاتنبع من حقيقية الداعي فهي عارية من الصدق ومزيفه ، كما انها تثير خوف وقرف الانسان لما تصف به الانسان خليفة الله على الارض بالحقارة(( انا عبدك الحقير)) والدناءة والدونية ، وكون الانسان حمال ذنوب ومعاصي ومجرم خطير لايعرف خيره من شره حيث يقول خيري ((عندما اسمع الطريقة التي تؤدى بها قراءة الادعية والايات على الاموات في المقبرة ، أشعر ان هذا الميت قاتل محترف ميؤوس منه، وأن الله الذي ينتظره يوم القيامة ، ينتظره على مضض وبمجرد أن يقف بين يديه سيبصق في وجهه ويأمر به الى النار ..)) رص.89.
((لا اريد أن ادعو الله بأدعيتكم الثقيلة الحزينة التالفة )) ص166
ويقول ((الادعية اسئلة غبية ، الدعاء تعطيل للقدرات وعودة للطبقية)) ص132.
لايغفل الروائي الاهتمام بنوع واسلوب التربية للاطفال وكيفية بناء الذات القوية التي تشعر باهميتها وكينونتها الخاصة وان لها شأن في هذا الوسط المعاش حيث اتاح ابو خيري لصغيره خيري فرصة الطلب من سائق الباص في الوقوف عند وصولهم المنطقة المراد النزول عندها فيشعر بالزهووالأعتداد بالنفس ((نازل هنا .. انزلنا لطفا ياعم ..أوقفت ذلك الباص الكبير .. أنا من أوقفه ))ص90.
كما انه يمييز بين سلوك الاب الثري والاب الفقيرفي تربيته لأطفاله مبينا حجم القهر والحرمان الذي يلحق الاطفال الفقراء بسبب عوز اسرهم المادي.
ويرى اهمية تطور طلبة المدارس عبر الفن والرياضة والموسيقى وباساليب ميسرة ومتطورة وليس بالقسر والقهر ((استخدم معنا طريقة أقرب لان تكون طريقة بوليسية ))ص115!!!هكذا كان يوصف خيري الطالب الصغير معلمه في المدرسة
فهو يرى أن الجمال هو الباعث الحقيقي للانسان من أجل التفكر والتدبر (( الجمال يجعلك تفكر أكثر مما تشعر))ص96.
لماذا الكتابة والكتاب - يرى الروائي ان الكتابة ليست عبثا او بطرا او لهو وانما يجب ان تكون الكتابة والكتاب منتجا ، مثيرة للسؤال ، مؤثرة في ذات القاريء ، تضيف اليه المعلومة العلمية الصادقة المنتجة ولا تنشر الخرافة والتخلف والجمود والقدرية والاستسلام والانقياد للاخر دون تفكر (( ان الكتب التي لا تؤثر ، من الأفضل أن تكون ورق يستخدم في المرحاض أو لتجفيف الأعضاء التناسلية بعد عملية جماع طويلة )) رص62.
يثير الكاتب سؤالا اشكاليا مهما حول ارادة الاله فهل يريد ان يكون الانسان متدينا يؤدي الفرائض والعبادات .. اأ يريده انسانا صالحا وان لم يؤدي هذه الطقوس ، هل الدين يصلح الأنسان أم الصلاح هو الذي ولد الدين ((لا أدري ايضا هل يريدنا الأله صالحين فقط ؟ أم دينيين فقط وهل الدين ينتج الصلاح أم الصلاح ينتج الدين؟ ومن كان الأسبق في فكر الانسان الدين أم الصلاح )) ص44.
كما يرى ان الطبقية فعل اجتماعي انساني من أجل الاستغلال وقهر الانسان لاخيه الانسان الآخر وهذا الفعل ليس من فعل الطبيعية التي تعطيهم الشمس والماء و الاوكسجين أكسير الحياة بالتساوي دون تفريق بين ثري وفقير وبرهانه على ذلك حالة الغرقى (( يقتنع الغرقى بوحدة المصير وتتضح لديهم رؤية انعدام الطبقية ، فلا طبقات أمام نفاذ حصصهم جميعا من الأوكسجين )) ص55
كما انَّ الرواية تتحدث حول أهمية وجود علماء النفس والاجتماع في مجتمعات تعيش الكثير من موروث يدعو للعنف والوحشية والأفتراس بمعنى أن اغلب الناس في هذه المجتمعات مرضى بحاجة الى علماء نفس لمعالجتهم ((البلد الذي يمتلك خبراء نفس أقوى بكثير من بلد يمتلك صواريخ عابرة للقارات)) رص99
كيف سينشأ جيل يحرم عليه ولاة ألأمر كل مظاهر الجمال من موسيقى ونحت والغناء حيث تصاب النفس البشرية بالجفاف والغلظة والفجاجة والتصحر ؟؟ ولايغفل دور الفقر والافقار في تبليد النفس وهزال الجسد وفقدان الذائقة الجمالية حيث يقول (( الجمال مع الفقر يولد القبح ))ص123
ويقول ايضا ((الاغنية الفقيرة لاتطرب أحداً)) ص124.
فأي مجتمع هذا الذي ((كل الرجال يحبون أن تلصق بهم صفات الاسد والسبع والنسر والذئب والضبع وغيرها من عناوين القوة والقهر والغلبة الدائمة... حتى النساء باتت تحمل نفس هذا التفكير وحب أمتلاك الصفات الأفتراسية)) رص120.؟؟؟
يرى الكاتب ان ((العري هو الوضوح))
141((لم يكن جسد حواء عورة في الفردوس ولم يكن جسد آدم جريمة )) ص140.
كما يتسائل هل يوجد طير أسود وأنسانا أسود في جنات الخلد ، وكيف يعامل الاسود هناك ؟؟
يرى ان كل انسان هو بئر ، مرة يكون بئر منتج ، ومنتجه يستفاد منه لتطوير حياة الانسان ، أو يكون مستغلا من اجل القهر والحروب وصناعة الموت والفساد كما هي آبار البترول في بعض البلدان العربية ان لم نقل كلها .
وواحيانا تكون البئر هي عملية اخفاء المساويء وكل علامات القبح والرذيلة حيث يرى
((في اللحظة التي يولد فيها انسانا عاريا يختفي بئر من على وجه الأرض)) ص141.
النقد اللاذع للطاعة العمياء والايمان بالاحلام والرؤيا وكانه يعيد علينا قصة نبي الله ابراهيم الذي اراد ان يذبح ولده اسماعيل قربانا للاله واطاعة الولد لارادة الأب حتى وأن كانت غير معقولة وغير مقبولة ، وكان سينفذ فعل الذبح لو لم يفتديه الله بكبش ، هذا ما اراد ان يفعله ((ابو عقيل )) بأبنه ((ادعى انه شاهد رؤيا طلب منه فيها أن يقوم بذبح ابنه الوحيد )) ص127
فهل يمكن ان يكون الاله بمثل هذه الوحشية والدموية والتعطش لدماء الأبرياء فيأمر بذبح الأبناء من قبل الآباء ؟؟؟!!!
وما اغبى ادعاء العلوية والدم النبيل عن طريق النسب فيوصف هذا سيد والاخر بتوصيف العبد فتأتيك القداسة عن طريق الأب سيد البشر أو الأم سيدة نساء العالمين غير منتبه الا انَّ النبي محمد و((أبو لهب)) ينتمون الى نفس الجد ؟؟ وان كل البشر من ادم وآدم خلق من تراب كما ترى أغلب الأديان ومنها الدين الأسلامي .
الرواية مشبعة بالسؤال الوجودي والفلسفي مما اكسبها المزيد من العمق والحث على التفكر في الظواهر والأوامر ووزنها بميزانالعقل المتسائل وليس العقل الآسن التابع المستكين .
ارى انني اسرفت في القاء الضوء حول ما تضمنته من افكار ودعوات تنويرية جريئة وهامة حيث ارى ان هذا هو الهدف الاساسي من الكتابة والكتاب ماهو الا وسيلة التنوير والتثوير ونبذ التجهيل وتمزيق عصائب التضليل .
الأسلوب السردي والحبكة الروائية ل (( مرحبا ايها الاسفل ))
ارى ان الكاتب تمكن من الامساك بخيوط السرد واتقان حبكة الرواية في اغلب فصولها متجاوزا الأسلوب التقليدي في السرد الخيطي المتسلسل وان بقى وفيا للرواية السائدة بوجود شخصية رئسية محورية في الرواية ، ولكنه تمكن من التنقل برشاقة وكفاءة من صورة الى أخرى ومن موضوع الى آخر دون ان تقيده خطوات البطل أو الشخصية المحورية .
تمكن الروائي من توظيف السرد في تغطية مساحة واسعة من المظاهر الاجتماعية عادات وموروثات وممارسات سائدة وأن يفندها بأسلوب تهكمي مصور عبر حدث وتخليق شخصيات تمكنت من اداء ادوارها في الكشف عن القبح وتمظهراته ، وتعرية الزيف والادعاء الكاذب في واقع مؤلم صارخ بالقهر والاستغلال والتميز على اساس العرق والجنس والطبقة والانتماء القبلي والطائفي .
الروائي امتلك ثروة لغوية مكنته من التعبير عما يريد بوضوح ويتمكن من ايصال مقصده للمتلقي بشكل جيد ودون اسفاف او ترهل ، وقد اتاح للكلمة للتعبير عن معناها بأجمل الصور .
كنت اتمنى على الروائي أنْ يهتم بشكل أكثر بتأثيث شخصيات الرواية من حيث الشكل والحركة ومايميزها عن غيرها من الشخصيات لترتسم بصورة أوضح في مخيلة القاريء بعد أكماله قراءة الرواية.
يبدو لي أحيانا انَّ بعض المشاهد والأحداث وحضور الشخصيات تفتقر للمعادل الموضوعي لوجودها وظهورها فمثلا (أتنا الان في مكان مجهول وفي ارض واسعة،عرفت فيما بعد انه يحتوي على بنايات كثيرة مرتفعة))) ص154 .
يعني توصيف للمعسكر الأيدولوجي أو معسكر الأسر مباشرة بعد أنْ كان يروي تواجده في دار صديقه ماهر الصائغ ودعوة زوجة أخيه لهم لتناول طعام الغداء ..
فهل هو استرجاع ((فلاش باك)) لواقع معاش فيما مضى ولكن دون مناسبة أو ربط بماقبل او مع سياق السرد ، أو هو حلم مرعب عاشه الراوي العليم ليرويه بضمير الأنا ؟؟؟
والسؤال يثار أيضا حول كيفية تواجد ((سلوى )) في المعسكر الايدولوجي وحصولها على رتبة رفيعة في مثل هذا المعسكر العقائدي المغلق ؟؟؟
انه أسلوب سردي خارج المألوف في السرد الروائي النجفي على وجه الخصوص ، أسلوب سردي يحذو حذو السرد الحديث حيث يكون السرد اشبه بالهذيان وعدم الترابط والتسلسل الخيطي للحدث ولايقبل المسائلة حول توفير القناعة في طبيعة الحدث وتحولات الشخصيات وأماكن تواجدها وغير مسائلة حول سلوكياتها من فعل أو رد فعل كما في الروايات الغرائبية وروايات الواقعية السحرية رغم أنها تتحدث عن واقع معاش بعيدا عن الغرائبية والسحرية ... فأن هذه الصور هي موجودة في الواقع الانساني المعاش ، فوجود مثل هذا المعسكر المؤدلج موجود في عالمنا وواقعنا اليوم ، موجود في اكثر من بلد وأكثر مجتمع ، ووجود مثل شخصية خيري المتمرد المشاكس اللامتدين موجود أيضاوكذا هو الحال بالنسبة لسلوى ومثيلاتها .
كذلك لايهتم الروائي بسؤال حول كيفية دخول الكلب الاجرب في دار سلوى ليكون افضل ذريعة لاستدراج خيري الى دارها ومن ثم سرير نومها ، فهل كان باب دار سلوى مشرعا لكل من هب ودب من بشر وحيوانات فقد يرى الكاتب ان هذه اسئلة ساذجة لا تضيف للسرد معنى تاركا للقاريء تخيل طرق وكيفية حدوثها كأن يقال التقيت فلان العراقي في باريس فلا حاجة لايضاح هل اتي بطيارة أو سيارة أو قطار أو باخرة ..الخ .
هناك العديد من المقاطع السردية والجملة الوصفية الدالة على شعرية مميزة لبعض مقاطع السرد الروائي .
أرى انَّ رواية ((مرحبا ايها الأسفل )) كما هي رواية زميله وصديقه الأقرب اليه في أسلوب السرد ومنهج التفكير الشاعر والروائي ((صالح مهدي))مؤلف رواية ((شارع الكتروني)) اضافة نوعية للسرد النجفي من حيث الاسلوب السردي والثيمة والجرأة في الطرح والمعالجة ، واية يمكنني أنْ انسبها الى الرواية الأجتماعية الانتقادية الهادفة ...



#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة لرواية ((شارع الكتروني)) للروائي صالح مهدي
- من بلاد الثلج الى بلاد النار هاتف بشبوش صوت الجمال والثقا ...
- من بلاد الثلج الى بلاد النا هاتف بشبوش صوت الجمال والثقافة و ...
- دراسة ((بائع القلق)) للقاص انمار رحمة الله
- التصابي- ققصج
- طبيعة الحراك الاجتماعي ومتغيرات الثقافة العراقية .
- الوطن المضام ، الفائض عن حاجة الحكام
- المسخ - قصة قصيرة
- المجهول _ رواية قصيرة جدا - للاديب حميد الحريزي
- حقول وطني ليست متاحة لأسراب الجراد
- دراسة حول رواية (( مالم تمسسه النار )) للروائي القدير عبد ال ...
- ماذا عبد العبيدي ؟؟؟؟؟
- الفتاح المطلبي يفتح مغاليق الذات في قصته (( الاقزام ))
- عصافير الفلوجة - مقالة
- بغداد بين الأمس واليوم في ذاكرة عاشق ((أنا وبغداد )) ل ...
- حقائب الامير - نص من وحي المأساة
- دراسة - ((النهر في رواية كاهنات معبد اور)) للاديبة العراقية ...
- دراسة نقدية لرواية (( بلدة في علبة)) للروائي العراقي الاستاذ ...
- قول في الادب الصيني - دراسة في رواية ((الجمل شيانغ تسي))
- سلوك العراقيين ما بين وهم((الجين)) و نهج((التدجين)) دراسة ل ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - دراسة لرواية ((مرحبا ايها الاسفل)) للروائي محسن ضيهود الزبيدي