أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - بين الواقعية النسوية ومثالية الهيمنة الذكورية تصورات في قصص ابتهال بليبل















المزيد.....

بين الواقعية النسوية ومثالية الهيمنة الذكورية تصورات في قصص ابتهال بليبل


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 02:55
المحور: الادب والفن
    


عندما تقرأ كتاب ( نيكروفيليا بشريط ملون) وهو مجموعة قصصية للكاتبة العراقية (ابتهال بليبل) ، والصادر من (منشورات أحمد المالكي) 2019، تشعر أنك أمام تصورات من الواقعية النسوية، ومثالية الهيمنة الذكورية تجسدت في نصوصها التي تتجاوز فيها المرأة نفسها وتنسى بأنها امرأة جراء الذكورية المهيمنة ، فالكاتبة ترى بأن هذه القصص هي" قصص موجعة ومشاهد مزعجة ، مشاهد ترابية لا تبرح الذاكرة ولا تغادر البال "(1) .
أذن ، ما هو تصور للذاكرة عند الكاتبة في قصصها ، وما هي كمية الوجع الذي يعتريها في كونها تفقد أهم سمة للمرأة وهي (الذات النسوية) في قصصها الموجعة ، فالذاكرة عادة ما تتكون من الممارسات التي تميز الجنس البشري ، الذي يمر بها الفرد حتى يكون ذا قيمة انسانية ويحافظ على انسانيته من خلال التجارب التي يكتسبها في حياته ، أي أن الفرد يعمل على تهذيب تجاربه الحسية والعقلية من كل ما حفل بها من ظروف لا تتلاءم مع تكوين شخصيته ، من أجل الظهور الى العلن بشخصية تكاد تكون مكتملة في نظره عن طبيعته الجنسية ، لذا فأن علماء النفس يرون أن للذاكرة أهمية في تشكيل هذه الشخصية عند الفرد في مجتمع ما ، إذا كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يواجهها الفرد هي ظروف طبيعية في بلد ما ، وكذلك يرى الفيلسوف الفرنسي (بول ريكور) ، أن الذاكرة هي ما يمثله الماضي من صور ، التي تشكل قيمة حضورية عند استثارتها وهي لا تأتي الا في سياق خاص ابعد من اللغة العادية أو التمثيل البسيط ، فهي يمكن أن ترتبط بالخيال الذي يعده في أول وأبسط سلم المعرفة ، لذلك فهو يقول "إن الحضور الذي يشكل قوام تمثيل الماضي يبدو أنه حضور صورة . فنحن نقول بلا تمييز بأننا نتمثل حدثاً ماضياً، أو إننا نتصوره أي عندنا صورة وهذه الصورة يمكن أن تكون شبه بصرية أو سمعية "(2).
لكن السؤال الذي تثيره الكاتبة في قصصها والذي يتمثل بالاتي : هل المرأة قد تحولت بفعل المأساة الى فاقدة للذات النسوية ، ومتحولة الى شبح امرأة تكاد تنسى أنها تنتمي الى عالم الانوثة ؟ الجواب لا يأتي في كون الكاتبة قد تناولت مأساة النساء في زمن الحرب ، أو في ومن الكوارث ، أو غيرها ، بل أن الكاتبة تريد أن تبين الخلل الذي جعل المرأة قد فقدت ذاتها ،أي أنها أنثى ، قد يكون السبب في طبيعة تكوينها في المجتمعات الشرقية ، وهذا ما يثيره بعض من عناوين القصص لدى الكاتبة ، ومنها ( عندما تنسى المرأة نفسها )، و (فتاة الترويح )، و(تأنيث الذكورية).
في القصة الأولى تسرد الكاتبة في جزء منها عن نساء يسكن العشوائيات بسبب الحروب الطائفية فـ" قصة ابتسام ليست جديدة أو وحيدة في العراق إذ تتحدث غالبية النساء مثلها بسبب أوضاع البلاد التي أجبرتهن على إعالة أسرهن نظراً لفقدان كثير من الرجال "(3) ، وهنا تريد الكاتبة أن تذكر بأن القوانين الشرقية هي من كسرة روح الانوثة في شخصية ابتسام عندما تمثلت بسيطرة الرجل في زمن السلام على هذه الروح ، ولم تعطيها خيارات أخرى في زمن الحروب الملعونة مما جعلتها تنسى نفسها في مثل هكذا ظرف لصالح حياتها الجديدة في مواجهة المخاطر منفردة، وهذه الجزئية في موضوع حرية المرأة في أزمان الحرب والسلام تعاملت معها " معظم قوانين الأحوال الشخصية العربية مع المرأة على أنها قاصر وغير كاملة الأهلية سواء بلغت سن الرشد أم لم تبلغه ، وعلى ذلك فلابدّ لها دائماً من ولي قد يكون زوجها ،أو والدها ،أو أخوها ، أو حتى أبنها "(4) ،لذلك فأن في هذه القصة التي تسردها لنا الكاتبة تشير لنا الى طبيعة ضياع الأنوثة الذي يواجه المرأة في حال فقدت كل شيء وتحولت الى دور أخر لم تتعود عليه في مثل هكذا ظروف، وهنا السرد تقدمه لنا الكاتبة بأسلوب صحفي كون عمل الكاتبة (ابتهال بليبل) الصحافة والتحرير الخبري في جريدة الصباح الحكومية مما جعل هذه الصفة تنعكس بصورة واضحة في بعض قصصها ومن ضمنها هذه القصة التي تعود الى شكل المشاهدات الصحفية ،أو المقابلات مع نساء الحدث المباشر للظرف الراهن في العراق.
وفي قصة الثانية (فتاة الترويح ) التي تسرد لنا الكاتبة من خلال الأنثى الساردة في مخيلة الكاتبة، والتي هي تقترب الى الواقع في بعض الأحيان والذي يتوضح بأسلوبها السردي الصحفي ، فالخيال هو من بنيات رغباتها ، والإفصاح بواقعيته هو من متبنيات عملها الذي يتمظهر في بعض جزئيات الموضوع وطريقة تناوله ، فهي تقارن بين الأنثى في الآخر الغربي ، وبين الأنثى وتصوراتها في الرجل الشرقي ، فعارضات الأزياء المحليات لابدّ من أن يتخلين عن بعض من طباعهن في هذا الفن والمهنة الجميلة لصالح العادات الشرقية ، التي يظهر بها الرجل الشرقي صرامته الظاهرة فيها ، لكنه يفضح نفسه في تلصصاته المخفية بين حركات التسيد والذكورية ، وتعود الكاتبة الى طريقتها في الأستماع الى الشهادات الواردة من اللواتي فقدن الشعور بطبيعة الأنثى أمام هكذا طبائع شرقية ، فتقول الكاتبة عن أحداهن: " وقد روت ليّ فتاة موديل عراقية من أنها تعيش كأنثى لها حرية في أن ترتدي ما تشاء وهي تشعر بتحقيق حلمها على الرغم من أنها تعاني كثيراً من قسوة الانتقادات والمضايقات. فليس بإمكان اللواتي يعملن موديلات لمحلات الألبسة النسائية المحلية التحرك بحرية دون تلصّص الزبائن والمارة وما يطلقون من عبارات قاسية ، وكأنهن على موعد لمعاقبتهن والاعتداء عليهن. في الواقع ليس بوسع الانثى في مجتمعاتنا أن تكون موديلاً"(5).
وفي القصة الثالثة والأخيرة التي نأخذها كمثال عن فقدان فضاء الأنوثة لصالح ذكورية مسيطرة حتى في طبيعة تكوينها النسوي ، والأنثى في قصتها الثالثة (تأنيث الذكورية) ، تفقد فيها النساء التحكم بهذا الفضاء الخاص والذي هو مجالهن السرمدي الذي يتحركن فيه بمشاعرهن وأحاسيسهن ، كونه فضاء إن شائن أصبح مغلق لهن ، وإن قبلن أصبح فضاء مشترك مع غيرهن ، حتى هذه الميزة تراها الكاتبة بأنها منتهكة لصالح الذكورية ، والتي أطلقت عليها الكاتبة تأنيث الذكورية التي تحاول أن تخترق حرية فضاء الانوثة ، لذا فهي تصور هذا التهجين الجديد ولكنه هذه المرة تهجين الى الداخل يتضح فقط في فضائهن ، إذ تقول الكاتبة : " ثمة أمور تحدث من دون إقناع ، أو نهي وتكاد تكون غير مفهومة أساساً .. إذ كثير ما تدفعنا أشارات خفيفة ، مبهمة في مكان ما الى توجهات أو مشاعر لا إرادية . هناك تحول : امرأة تتواجد بين الرجال ، بأفكارهم ومعتقداتهم ، وهذا التحول لابدّ وأن يفرض على كل رجل منهم الخروج من مملكته الى مملكتها ،أو محاولة إدخالها عنوة الى مملكته . ثمة تحولات لا شأن لها بالتابوات والتمييز الجنسي والمحرمات والخطوط الحمراء والممنوعات العشائرية "(6).
الهوامش
1. ابتهال بليبل : نيكروفيليا بشريط ملون ، ص5.
2. بول ريكور :الذاكرة ، التاريخ ، النسيان، ص33.
3. ابتهال بليبل : المصدر نفسه ،ص29.
4. حسين العودات : واقع المرأة العربية ، ص93.
5. ابتهال بليبل : المصدر نفسه ،ص103.
6. نفسه ،ص152.



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكسيس دو توكفيل (بين فلسفة القيم الكولونيالية والفكر القومي ...
- رحيم زاير الغانم ... (لطفاً كن وطناً )وأفق الذاتية الجمالية
- النافذة والظلال
- الفكر وتشكيل صور الإساءة الثقافية
- الذاكرة الجمعية والتقدم الحضاري
- المسرح في ميسان ودور العامل الديني في نشأته
- التعليم والموروث الحضاري ودورهما في المسرح في ميسان
- القراءة التاريخانية والقصدية الثقافية
- في مفهوم الذاكرة والوعي الثقافي
- الاشتغال الثقافي للصورة (حضورية الخطاب المهيمن)
- الإرهاب والاستبعاد الثقافي وصور المقدس
- تكوين أنطولوجيا الخطاب في العرض المسرحي
- الثقافة والذاكرة
- اللاتوقع الحركي الثابت والمتحرك في فلسفة الفهم والادراك المع ...
- تفاعلية تلقي الخطاب
- أفكار في نقد سلامة الوطن
- فلسفة جيل دولوز وملامح الفهم الغيري
- الميل الى الفن
- فن الأداء وإعادة انتاج الهوية الثقافية
- عوالم أخرى


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - بين الواقعية النسوية ومثالية الهيمنة الذكورية تصورات في قصص ابتهال بليبل