أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - النافذة والظلال















المزيد.....

النافذة والظلال


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6471 - 2020 / 1 / 23 - 01:40
المحور: الادب والفن
    


إنَّ الانطلاقة الأفلاطونية في وصف ظاهرة تجارب الفن التشكيلي العراقي للناقد والأديب (نصير الشيخ) في كتابه ( النافذة والظلال / قراءات في تجارب مختارة من التشكيل العراقي ) الصادر من دار (أمل الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع في 2019) ، ينطلق فيه من الإهداء الأفلاطوني الذي يقول: ( ثمة شعلة تضيء بالجمال أغوار الكهوف البعيدة الى الأرواح التي حلت بفنائي) ، ليتبادر منها السؤال الآتي : هل الوجود الإنساني في هذا العالم الذي تجسدت به الأسطورة على لسان سقراط في الجمهورية هي من أعطت ملامح التصور للناقد في الكشف عن الجمال الجوهري مقابل مواضيع الجمال العديدة ؟ . فأسطورة الكهف الأفلاطونية تشير الى العالم المحسوس والظلال تعني المعرفة الحسية التي تؤدي الى عالم المثل الافلاطوني . والناقد يشير الى البحث في تجارب الفن التشكيلي العراقي في الجمال الجوهري الذي تشترك فيه النماذج المختارة في هذا الكتاب ، أنطلاقاً من رؤية الكاتب عندما يتصور طبيعة الفن ، ومن هؤلاء الذين يتعاملون به ،إذ يصف " الشعراء والفنانون هم أقدر الناس على تصور مُثل الأنواع تصوراً كاملاً واضحاً ، كلما أزداد العالم الواقعي نقصاً في أعينهم ازداد عالمهم الخيالي روعة وبهاء ، ولا غرابة أن تجتمع في الرجل الواحد ذي الحس المرهف مرارة النقد لما هو واقع وسمو المُثل التي يود لو جاءت الدنيا على غرارها " ( نصير الشيخ : النافذة والظلال : ص 12) . إنَّ هذا التلاقي بين الرؤية الأفلاطونية ورؤية الناقد في قراءات التجارب التشكيلية ، هو تلاقي قصدي من قبل الكاتب ، على الرغم من أن أفلاطون رفض محاكاة بعض أنواع الفنون بصورة خاصة كونها تحاكي الطبيعة التي من الممكن أن نستغني عن هذه المحاكاة بجمال الطبيعة ذاتها ،إذ " وضع أفلاطون آراء تعكس طبيعة فلسفته ورؤيته للفن ، فيرى أنه لنحكم على عمل فني يجب أن نعرف الحقيقة المثالية الخالدة ، أو الأصل الثابت الواضح في العقل ، لا المظهر الحسي المتغير ، لأن الأشياء المحسوسة ما هي إلا ظلال وانعكاس لجواهرها الموجودة في عالم المثل ،فإذا كان الفن انعكاساً لانعكاس ، وظل لظل ، وإذا كان محاكاة للطبيعة فلدينا الطبيعة بكامل صورها ، ونحن بغنى عن الفن المقلد لها" (إنصاف جميل الربضي : علم الجمال بين الفلسفة والإبداع : ص28) . لكن ما اراده الكاتب (الشيخ) من التصور الأفلاطوني في التحليل للأعمال المختارة هو أن يركز على الجوهر الجمالي الذي يربط التجربة الجمالية في الفن التشكيلي العراقي ، وليس التركيز على الجمالية الحسية التي من الممكن أن لا تغني التجربة العراقية كونها قد تدخل في مشكلة الأبداع والتقليد في بعض الأعمال والتي من الممكن أن يكون التقليد بعيد عن الإبداع في بعض التجارب التشكيلية العراقية . كذلك يأخذ (الشيخ) من (افلاطون) البناء الحواري في انتاج نص نقدي عن بعض التجارب الفنية ومنها تجربة الفنان (عاصم عبد الأمير) ، التي توضحت في أعماله فكرة الجمال الأسمى والذات التي تستقي من عمقها الفكري والروحي وما هو في الحول ، إذ يرى أن " لا وجود لذات خلاقة متفجرة دون أن تكون بؤرة استقطاب مرنة لما هو في الداخل ، وما هو الماحول .. وكلما اغتنمت الذات من منابعها كان خطابها أكثر ادهاشاً . لهذا تحتاج الأعمال الكبيرة الى ذات هي الأخرى كبيرة كي تستشرف شواطئها العميقة " ( نصير الشيخ : ص 33) . وهنا ما أراده الكاتب أن يقرأ الحوار الخاص بأعمال (عاصم عبد الأمير) على أساس هذه الذات وظلال نوافذها في عمقها المعرفي .
أما في التجربة الأخرى للفنان الراحل (أمير الشيخ) التشكيلية ، التي صّور من خلالها لوحاته ذات الدلالات والرمز التي تعبر عن مرحلة زمنية في تاريخ الفن العراقي ، فأعماله التشكيلية هي ذات موسيقى خاصة تميزت بالشمولية من حيث الموضوعات ودلالاتها الفكرية مع ارتباطها بعالمها المحلي العراقي والأسئلة التي تعبر عن مكنونات النفس ،إذ تعد " اللوحة ، معنى شمولياً بالنسبة لديه ، انغماراً صوفياً في مكوناتها ومكنوناتها حد ذوبان الزمن في محترفه في الغرفة العليا من البيت (الشناشيل الخشبية) وهي – أي اللوحة – ساعة تنفيذها حلول في اللآمرئي بالنسبة اليه ، وإشهار للطاقة الفاعلة في تجسيد افكاره المغرقة في السؤال والصراخ ، رحلة سرمدية "( نصير الشيخ : ص 50) .
وفي تجربة الرسامة (حنان الشندي) يناقش الكاتب الحلم الذي يتناول الانعزال عن خرابات الحياة وضجيج الحروب وردم فجاجاتها وما يستتبعها من أزمنة استهلاكية ، فاللون وتدرجاته والأشكال التي تختفي في داخل هذه الألوان تحاكي الأفكار المرتكزة في ذهنية الفنانة وتجربتها التشكيلية . وفي تجارب فن النحت للفنان الراحل (أحمد البياتي) والفنان (عباس جابر) يناقش الكاتب البنى التكوينية وجماليتها على الرغم من اختلاف التجربة النحتية لكل فنان ، فالراحل (أحمد البياتي) في اشتغالاته مع المادة المستخدمة في منحوتاته تناقش جماليات ومستويات تعبير خاصة ببيئته محلية وكما في نصب (المرأة العراقية ) وتكتيكات الأشتغال النحتي في طيات ملابسها واكسسواراتها الشعبية ، لكن دلالة الطير الذي يشير الى الحرية له بعد مفاهيمي مهم في سحب هذا النصب من محليته المفرطة الى افكار مثالية مشتركة في الفهم الجمالي . أما النحات (عباس جابر) فأن تجاربه النحتية تتميز – حسب رأي الكاتب – ببعدها الاحتجاجي وتعبيرات راسخة في المادة المستخدمة وهي الطين على العكس من (أحمد البياتي) الذي وظف أكثر من مادة مثل الحديد والرخام في أعماله النحتية .
كتاب النافذة والظلال يحتوي على تجارب تشكيلية أخرى ومنها احتفالية اللون والجسد للفنان (صباح شغيت) الذي أتخذ من الأنسان بعنوانه الأسمى نموذجاً تشكيلياً في أعماله الفنية ، والفنان (علي ياسين يوسف) ومتخيلاته الصورية وتجسيداته الجمالية ذات البعد التعبيري الذي يشير الى الأنسان الأول ذات البدايات الطقسية في الكهوف واللغة الأولى في صراخ البرية .
إنَّ الناقد (نصير الشيخ) بمحاولاته الأولى في قراءة المنجز الإبداعي في التجارب التشكيلية حاول أن يقدم صورة نقدية لا تعتمد المنهج الأكاديمي الصارم ، لكنها جاءت قراءة حرة متخذاً من قراءة مغايرة لتصورات اسطورة الكهف وظلالها اسلوب محدد له في وضع حدود لهذه القراءة الجمالية التي سلط الضوء فيها على بعض التجارب التي ابتعد عنها القلم النقدي الأكاديمي بشكل كبير .



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر وتشكيل صور الإساءة الثقافية
- الذاكرة الجمعية والتقدم الحضاري
- المسرح في ميسان ودور العامل الديني في نشأته
- التعليم والموروث الحضاري ودورهما في المسرح في ميسان
- القراءة التاريخانية والقصدية الثقافية
- في مفهوم الذاكرة والوعي الثقافي
- الاشتغال الثقافي للصورة (حضورية الخطاب المهيمن)
- الإرهاب والاستبعاد الثقافي وصور المقدس
- تكوين أنطولوجيا الخطاب في العرض المسرحي
- الثقافة والذاكرة
- اللاتوقع الحركي الثابت والمتحرك في فلسفة الفهم والادراك المع ...
- تفاعلية تلقي الخطاب
- أفكار في نقد سلامة الوطن
- فلسفة جيل دولوز وملامح الفهم الغيري
- الميل الى الفن
- فن الأداء وإعادة انتاج الهوية الثقافية
- عوالم أخرى
- دارون في لباسه العربي
- في داخلنا من نحن؟
- الخطاب البصري لدى الصم والبكم .


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - النافذة والظلال