أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية















المزيد.....

ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


موضوع الحداثة يشغل بال المثقفين والمفكرين في العالم العربي منذ فترة طويلة، قرأت عشرات المقالات الجادة والعقلانية التي طرحت الموضوع من جوانبه الفلسفية والحضارية، لكن ملاحظتي ان الكثيرين من اصحاب الرأي والفكر لم يخرجوا بنصوصهم عن إطار العلاقة بين الحداثة والأدب. طبعا لا يمكن فسخ العلاقة بين الحداثة والأدب، لكن الحداثة بجوهرها لم تبدأ كظاهرة أدبية. أكثر مما يشغل أصحاب فكر الحداثة الذين ولدوا وتثقفوا بإطارها وأضحت تشكل عالمهم الفكري وقاعدة وعيهم الاجتماعي، هي الساحة الأدبية، خاصة في الثقافة العربية.
لم نتفق بعد، في ثقافتنا العربية، على تعريف دقيق لهذا المفهوم الذي فرض نفسه على مجتمع شبه قبلي، او قبلي تماما، تسيطر عليه الماضوية، ويبدو الحديث عن الحلم الذي يراود المثقفين العرب، للتخلص من الماضوية التي تعيق انطلاقة المجتمعات العربية نحو آفاق حضارية جديدة، بعيد عن التحقيق، بدل ذلك يتعمق الابتعاد بل ونشهد في الآونة الاخيرة، ازدياد الالتحام بين تيارات دينية والارهاب، أي العودة الى القبلية والتعصب، وما يشغل العالم العربي ليس العمران انما الحد من التطرف والعنف الدموي.
بعض المثقفين العرب اعطوا تفسيرات سطحية ويمكن القول شكلية لمفهوم الحداثة، بالقول مثلا انها "الاختزال والشفافية"، اي يقرنون مفاهيم فكرية فلسفية بعناصر من عالم الأدب، دون التطرق للجذور التاريخية للحداثة من اجل فهم القاعدة المادية والفكرية التي نشأت عليها.
هذا التعريف وغيره من التعريفات اللغوية التي تفتقد للمعرفة، لم تأخذ بالاعتبار جوهر الحداثة. ان الحداثة في الادب والفكر والحياة، ليست وليدة ظاهرة شكلية، انما نتيجة عملية لتغيرات وتطورات شملت العلوم والثقافة والاقتصاد والفلسفة، احدثت تغييرات عميقة في المجتمع البشري وفي التربية والتعليم، والرقي الحضاري بكل اتساعه الثقافي التقني والعلمي. ان تطور العلوم مثلا أحدث نقلة نوعية غيرت كل الافكار والمفاهيم البالية، مما تبقى من افكار القرون الوسطى، وطرحت مكانها افكار وموازين تعتمد على العقل والمنطق والعلم والمعرفة.
لا يمكن الحديث عن الحداثة بمنظار قديم وبمواقف تجتر الماضي، لا يمكن "اتهام" مقطوعة ادبية بالحداثة لأنها مكتوبة بلغة لا شيء واضح فيها الا حروف الابجدية، وجعل الحداثة محصورة في الادب هذا جهل فاضح، بل غباء مطلق.
الذي يحدث هو خلط مضحك بين المفاهيم والاصطلاحات التي لم تنشأ اصلا في الفكر العربي، وبالتالي ظاهرة مضمون الحضارة لم يخترق المجتمعات العربية، التي ظلت على جهل مريع بمفاهيم الحداثة وشروطها. لا أكشف أي جديد بالقول ان جذورها التاريخية تقودنا الى عصر التنوير الاوروبي، الذي بدأ قبل 300 - 400 سنة، وهو الزمن الذي يفصلنا عن مفاهيم التنوير والحداثة، شئنا ذلك أم ابينا. ما زلنا في العالم العربي نتحدث عن اصلاح برامج التعليم وهي برامج متخلفة بكل المقاييس، متخلفة في العلوم والرياضيات والتقنيات والابحاث والمهن، يكفي ان اذكر ان ثلثي الحاصلين على شهادة الدكتوراة في العربية السعودية موضوعهم هو الفكر الإسلامي، والثلث الاخير لكل العلوم والمواضيع الأخرى لدرجة ان وزير المعارف السعودي(قبل عدة سنوات) اشتكى من ظاهرة تخريج ملايين شيوخ الدين، وبينما الدولة تحتاج الى تكنوقراطيين وباحثين وعلماء في مختلف العلوم والابحاث، وتضطر الى استيراد خبراء اجانب وتدفع لهم مبالغ طائلة بينما البطالة بين الشباب السعوديين مرتفعة جدا والتقديرات تقول انه يوجد مليون سعودي عاطلين عن العمل.
مجتمعاتنا العربية تفتقد لأول شروط الحداثة: التنوير، الديمقراطية والتعددية الثقافية والدينية والسياسية.
جزء من الحداثة يتعلق بموضوع المصارحة والمكاشفة، فهل نستطيع ان نكون صريحين ومتقبلين للآخر المختلف؟
الخطأ ان مفهوم الحداثة جرى حصره بإطار الأدب فقط.
صحيح ان المفهوم المجازي العام للحداثة في العالم العربي، ظهرت في الشعر تحديدا على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وغيرهم، ثم انتقلت لأشكال الادب المختلفة كالقصة والرواية، وايضا للفنون بأشكالها المختلفة الأخرى.
الحداثة بمفهومها الاجتماعي والسياسي والديني ظلت مستبعدة وغير قادرة على اختراق المجتمعات العربية.
من هنا ما يطرح من نقاشات حول الحداثة في الادب او "اتهام" ادباء بالحداثة، هو تعبير عن عدم فهم لجذور الحداثة وشموليتها.
من الواضح ان المحافظون المتعنتون يحاربون الحداثة، اي يحاربون التغيرات الاجتماعية والثقافية بالتمسك (كما يدعون) بالأصالة والتراث والتقاليد، والسؤال هل تتناقض الحداثة مع الاصالة والتراث؟
اليس التراث وأصالته، هو نتاج حداثي في عصره؟
يبدو واضحا هنا ان رفض الحداثة وطرح التراث مكانها هو طرح سياسي وفكري بالأساس.
لكل عصر مميزاته الاجتماعية والحضارية، والحضارة لا تتوقف في مكان ما مكتفية بما انجزته، التوقف يعني التخلف عن الحضارات الاخرى، وهذا ما اصابنا في حضارتنا العربية.
من مميزات الحداثة هو قدرتها على نقد ذاتها بعد كل مرحلة، وتصويب الخطأ ومواصلة الانطلاقة. الفكر الحداثي لا يطرح نفسه كفكر نهائي ثابت معصوم عن الخطأ.
مشكلتنا هو جهلنا، وبالتالي رفضنا لمصادر الحداثة أي حركة التنوير الاوروبية التي استفادت في وقته من الفكر العربي وقادت المجتمعات الاوروبية الى نقلة
نوعية في كل مجالات الحياة والتقدم، وهذا لم يحدث في شرقنا، لذلك يبدو لي الحديث عن "الحداثة" ضربا من الفتح بالمندل، ربما يصح القول "كسر الحواجز التقليدية" خاصة في الادب.
حقا ظهر مثقفين طلائعيين يروجون لفكر الحداثة ولفكر التنوير والاصلاح الشامل لكن بين هذا والحداثة مرحله طويله وشاقة.
هل يمكن تحقيق الحداثة بدون حرية اجتماعية وفكرية؟ بدون مساواة وتعددية ثقافية؟ هل يمكن تحقيق الحداثة بدون دولة مؤسسات ورقابة واستقلال السلطات عن بعضها البعض؟!
ما زلنا في الشرق متخلفين 200 - 300 سنة على الاقل، عن عصر التنوير وكل صراخنا حول تراثنا وحضارتنا هو تمويه للحقيقة وخداع للنفس، ما زلنا عالقون في التخلف.... والصورة تبدو سوداوية، لكن الصورة لم تكن اقل سوداوية مع بداية عصر التنوير الاوروبي!!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البتول...!! (قصص من الأدب الساخر)
- مع الأديب المهجري د. جميل الدويهي في روايته -طائر الهامة-
- حركة نقدية بدون نقد وبغياب الناقد الجاد
- الفصل الثالث للمسرحية الانتخابية: هل من بديل في النهج بدون ف ...
- لنقد الأدبي كمعيار فكري وابداعي وفلسفي
- الإبحار الى حافة الزمن مع الأديب د. جميل الدويهي
- صفقة القرن: هل هي تغطية أيضا لتاريخ النكبة المرعب؟!
- حق الشعب الفلسطيني هو حق قومي وليس ديني
- يوميات نصراوي: في ذكرى وداعك: ستبقين أمي ..!
- صراع سياسي في كوستاريكا
- يوميات نصراوي: مدمن الخمر والقس
- يوميات نصراوي: الطريق الصعبة الى الاستقلال الفكري
- القصة القصيرة عند الأديب الفلسطيني نبيل عودة هل هي نوسطالجيا ...
- علي سلام هو رئيس بلدية الناصرة.. والصورة تعبير شكلي
- يوميات نصراوي: شاعر من هذا الزمان
- التفكير الانديكتيفي
- مجتمعات بلا ثقافة لا مستقبل لها!
- -بنات الرياض- رواية إخترقت الجدار
- هل توجد تقنيات جاهزة لكتابة القصة القصيرة؟
- ما قبل الثقافة، ما بعد الثقافة


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية