أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بناء القصيدة عند سمير التميمي -رأيت الحقيقة














المزيد.....

بناء القصيدة عند سمير التميمي -رأيت الحقيقة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6496 - 2020 / 2 / 21 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


بناء القصيدة عند
سمير التميمي
"رأيت الحقيقة"
في زمننا هذا أصبحت الألفاظ البياض بشكلها المجرد تجذبنا إليها، فكثرة الألم، وعدم وجود آفاق، كلها تسهم في (دفعنا) نحو إيجاد شيء مريح/ مفرح، يزيل عنا شيء من كربتنا وكآبتنا، من هنا تجدنا نميل إلى الأدب، إلى الشعر، فمن يكتبون يعرفون ألامنا، فهم يعانون كما/مما نعاني، لكنهم يمتازون عنا برهافة مشاعرهم وقدرتهم على تحاوز وكتم الانفعال، لهذا يقدمون شيء جميل، متجاوزين الواقع، وأن تأتي القصيدة متكاملة، متسلسلة، متراصة "كالبنيان المرصوص" فهذه جمالية أخرى تضاف إليها، يفتتح الشاعر القصيدة:
" رأيت الحقيقةَ
تلبسُ ثوبَ امرأةْ
وتكشفُ عن ساقين مرمرْ
وتسدلُ ليلاً على كَتْفِيها
وشالَ حريرٍ على كَشْحِها
يلملمُ ما تناثرَ منها
ويجمعه كي يستقيمَ القَوامْ"
اللافت في هذا المقطع البياض الملازم والموازي للفكرة المرأة، فرغم أن الشاعر بدأ القصيدة بجملة خبرية (عادية)"رأيت الحقيقة" إلا أن المرأة (سيطرة) على المشهد، بشكل كامل، ومحت أي حديث عن الحقيقة، هكذا بدت القصيدة، بخصوص الألفاظ هناك علاقة انسجام بين "يلملم وتناثر ويجمعه، وبين يجمعه ويستقيم، وتلبس وتسدل" ولكن أيضا نجد حالة تنافر وتناقض بين " تلبس وتكشف، وبين تسدل ـ أي المرأة ـ ليلا" فليل ليس بحاجة إلى فعل "يسدل" لأنه بطبيعته يخفي الأشياء، الأجسام، وهذه المتناقضات تشير إلى عدم سوية/انسجام الحال، بمعنى أن هناك (لغم) ، لكنه مخفي، لم يحن وقت انفجاره.
" فتزهرُ مثلَ حديقةِ وردٍ
بها يرقصُ اللونُ
يضيءُ على رِدفها
ويرسمُ على صدرِها سربَ حمامْ
ويكتبُ ما اختزنَ الشوقُ في فمِها
من كلام"
يقدمنا الشاعر أكثر من البياض والنعومة، فهناك بياض مطلق، يجتمع فيه المعنى مع الألفاظ: "فتزهر، حديقة، ورد، يرقص، اللون، يضيء، ردفيها، يرسم/ سرب، حمام/ يكتب، الشوق، فمها، كلام" فالعلاقة الطبيعية بين تزهر والحديقة والورد واللون ويضيء ويرسم وسرب حمام ويكتب وكلام/ كلها متلاصقة ومتراصة ومتكاملة، وهذا ما يجعل القارئ ينهل من القصيدة بشهية ولذة، مندفعا نحو الحصول على مزيد من الرؤية البيضاء، والصور الهادئة.
" فإذا مرَّ سحابٌ عليها
أمطرت
قوسَ قزَحْ
وانتعش اللونُ على صفحةِ الأرضِ
اخضرَ "
يكمل لنا الشاعر حالة البياض، مؤكد على أن المرأة هي التي تمنحنا البياض المطلق، وهي من توصلنا إلى العاصر المخففة/الفرح الأخرى، فقد ذكرنا في السابق "يكتب"، والكتابة/القراءة أحد التخفيف/الفرح، وها وهو يستخدم العنصر الثالث الطبيعة: "أمطرت، سحاب، قوس قزح، انتعش، الأرض، أخضر، ويبقى العنصر الرابع "التمرد/الثورة" هو الباقي.
" وذاتَ جدالْ
اقتربتُ قليلاً كي أبوح لها
بما في خاطري
ففَرتْ وغابتْ في الزِحامْ
ونادت أغيثوا فتاةَ الحقيقةِ
من حالمٍ يلهوا بها
في المنام "
تستوقفنا الألفاظ القاسية "فرت، غابت، الزحام، أغيثوا" وهذا الانقلاب في الألفاظ وفي المعنى، هو اللغم الذي وجدنا طرف خيطه في فاتحة القصيدة، ـ التناقض بين تلبس وتكشف، وتسدل ليلا ـ والانقلاب الثاني جاء أننا لم نسمع صيغة المتكلم إلا في بداية القصيدة "رأيت الحقيقة" وبعدها أخذ الحديث يدور عن المرأة والكتابة والطبيعية، لكن الشاعر يتقدم من جديد ليحدثنا بصيغة المتكلم، "اقتربتُ، خاطري"، والانقلاب الثالث في سلوك المرأة/الحقيقة، فنجدها "فرت، غابت" وكأن البياض والألوان والورود والزهور التي شاهدناه اختفت، والنعومة التي لمسناها وعشناها كانت حلم، فالشاعر استيقظ وايقظنا معه بعد أن قال لنا الحقيقة، حقيقة ما قرأنا، "حالم يلهو بها في المنام"، فالدهشة لم تكن متعلقة بالشاعر فقط، بل بنا نحن القراء الذين أرادوا ورغبوا أن يبقوا في يتمتعون (بالحلم).
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة والألم في -القرص المربع- كميل أبو حنيش
- حلم فلسطين
- مناقشة مجموعة قصصية بعنوان رقصة الشحرور
- عديقي اليهودي، القسم الثاني محمود شاهين
- عبود الجابري تكرار
- رقصة الشحرور مصطفى عبد الفتاح
- عديقي اليهودي رواية فكرية تاريخية سياسية محمود شاهين
- محمد داود -عيد الحب-
- كبوة القراءة والكتابة
- سوريانا وسهى وأنا -على وهج الذاكرة- عيسى ضيف الله حداد
- نبوءة الشاعر في ديوان -عيون الكلاب الميتة- عبد الوهاب البيات ...
- مناقشة كتاب ديوان شعر «في مديح الوقت»
- كميل أبو حنيش لقد صرت أبا رسائل من القلب
- في مديح الوقت -مرزوق الحلبي-
- الأنثى في -مدينتنا- نزهة الرملاوي
- سورية والدين
- الشاعر والمرأة والواقع كميل أبو حنيش -صفا فؤادي-
- التقديم الناعم في رواية -قلب الذئب- ماجد أبو غوش
- ياسين محمد الباكي -أين هم-
- مناقشة رواية أوراق خريفة


المزيد.....




- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...
- وزيرا الثقافة والعمل يتفقدان البلدة القديمة من الخليل
- رحيل المخرج والكاتب المسرحي التونسي الفاضل الجزيري عن عمر نا ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- -هجوم على ذاكرة شعب-.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة م ...
- انطلاقة قوية لفيلم الرعب -ويبنز- في أميركا بإيرادات بلغت 42. ...
- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...
- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بناء القصيدة عند سمير التميمي -رأيت الحقيقة