أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - اسراطينيات















المزيد.....

اسراطينيات


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6496 - 2020 / 2 / 21 - 02:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"عنزتان" الصفقة والمثلث
شاركتُ قبل ثلاثة ايام في ندوة عن "صفقة القرن" دعى اليها معهد "فان لير" الذي يعمل في القدس الغربية كمركز للدراسات المتقدمة والحوار الفكري العام؛ ابدى فيها كل واحد من المشاركين رأيه حول محورين أساسيين اقترحهما المنظمون كأطار عام لحصر النقاش ولنجاعته.
فكيف يجب أن تصنف الصفقة، وهل ستضاف قريبًا الى ما سبقها من وثائق طواها الزمان؟ ورغم رفضها فلسطينيًا، هل ما زالت هنالك فرص لاستخراج ما هو جيّد منها؟ وهل تعكس هذه الوثيقة ميزان القوى العالمي بشكل حقيقي؟
ثم، ما هي السيناريوهات المتوقعة، اذا ما افترضنا ان الوثيقة ارست قواعد لعب جديدة؛ أهمها نسف امكانية الحل على اساس الدولتين وفق جميع القرارات الدولية المعترف بها عالميًا؟
لا مجال للتطرق بالتفصيل الى جميع محاور النقاش، الذي امتد طوال ثلاث ساعات، ولا الى مادته الغنية؛ لكنني أرغب بمشاركة القراء العرب ببعض ملاحظاتي العامة عن كيف تناول المشاركون، وهم جزء من نخب المثقفين الاسرائيليين، هذه المسألة ومن أي منطلقات وهواجس؛ مع التأكيد على أن المنصة كانت مفتوحة لأي رأي وتحليل، دون اية ضوابط على حرية التعبير .
انشغل معظم المشاركين اليهود بتفكيك مضامين الوثيقة وبمحاولات لتفسير دوافعها وأهدافها، وتأكيدهم على متانة العلاقات بين الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو وما يمثلانه سياسيًا؛ ومع انهم اختلفوا حول بعض التفاصيل والمفاهيم غير الجوهرية، تبين انهم يتعايشون، بدرجات متفاوتة، مع مضامين الوثيقة ويعتبرونها بمثابة "الحدث المؤسس" في منطقتنا.
ولقد تقبلها بعضهم عن رضا وعن قناعة دفينة بجدواها، رغم ما أبدوه من "أسف" صوري على ما سببته من وجع للفلسطينيين؛ وبعضهم عبروا عن استيعابها على طريقة "المثقفين النخبويين" الذين يهادنون الريح إذا ما حركتها أمامهم آلهة لا ترحم ولا تسامح .
لم اتوقع غير ذلك، فاسرائيل اليوم تعيش في قوقعة مُحكمة تصهر جميع من في داخلها؛ تمامًا كما اتضح من اجواء هذه الندوة، التي كان من الممكن ان تكون مختلفة.
لقد تبين أن الأكثرية الساحقة من المشاركين ومن الجمهور لا يعترضون مبدئيًا على ما سمي مغالطةً "بالصفقة" ولم يعبروا عن أي تخوف من تبعاتها في المستقبل؛ وحتى عندما حاول أحدهم أن يبدو موضوعيًا وجدناه يمارس "أكاديميته" وفق دور "المستعمر المتنور" الذي يحترف اسداء المشورة، من عليائه، للفلسطينيين، وينصحهم كيف يجب أن يتعاملوا مع الحدث "بحكمة" ، اذ قد يستفيدون منه "بشيء ما " في المستقبل !
كنت مشاغبًا على نحو ما ومستفزًا بقدر أكبر؛ فحاولت ان أقلب "عملتهم" الى وجهها الاسرائيلي حين قلت: اننا نعرف لماذا على الفلسطينيين معارضة هذه الوثيقة/الصفقة ولماذا عليهم مقاطعة جميع تفاعلاتها وتداعيتها؛ لكنني، تساءلت، لا أعرف ما هو موقفكم الواضح ازاءها؟ او لماذا سيعارضها المواطن الاسرائيلي المستفيد من دولته القوية ومما توفره له من رخاء ومن مستوى معيشة مريح ؟
الوثيقة هي تتويج لعمليات تتداعى في منطقتنا منذ سنين والاتفاق على اخراجها، في الوقت والمكان المحددين، جاء لاسباب فنية تخدم نجميها، ترامب ونتنياهو.
كانت تفاصيلها مختمرة منذ زمن، فبعد ان تفككت بنى معظم الدول العربية ودخلت أنظمتها في حيزات منظومات الحراسة الامنية الاسرائيلية والامريكية وتحت رحمتها؛ وبعد ان تناثرت المنظومة الاسلامية وتشظت شعوبها الى ملل ونحل؛ وبعد ان استفحل الفراق بين الفلسطينين وعظمت البغضاء وثبت نظام الإمارت وطلاق غزة وابتعادها عن حضن رام الله والقدس؛ وبعد أن راهنت القيادات الوطنية، لأكثر من عقدين، على دور امريكا فقط وعلى نواياها، لم يعد هنالك موانع من تقطيع ما تبقى من الجسد الفلسطيني وسحقه تمامًا؛ فهذا ما تحاول هذه الوثيقة انجازه، وهي، بهذا المعنى، ليست اقل من صك استسلام يحاول "امبراطور هذا العصر" املاءه على الفلسطينيين المهزومين، تماما كما تعلمنا من تاريخ الهزائم والانتصارات في حروب الامم.
سيبقى جديد هذه الوثيقة، اذا ما استبعدنا تفاصيلها المتعلقة بالحل الكراكوزي المقترح للفلسطينيين، في انها أرست مبدأين خطيرين قد يفضيان قريبًا أو لاحقًا الى نتائج وخيمة على المنطقة، بما في ذلك على اسرائيل وعلى مواطنيها العرب واليهود.
فاعتراف الادارة الامريكية بأن مرجعية الحق اليهودي في أرض اسرائيل تعود إلى وعد السماء كما جاء في التوراة، يقود عمليًا الى تحويل الصراع في منطقتنا الى صراع ديني فحسب، وكلنا نعرف ما هي مقاسات الصراعات الدينية وكيف مقيّض لها ان تنتهي او ألا تنتهي !
واصرار الادارة الامريكية على تحييد دور المواثيق والمنظمات الدولية، وشطب مكانة المجتمع الدولي وما أرسته الأمم من حقوق للشعوب وقواعد تحترم القيم الانسانية العالمية، والانزلاق الى اعتماد قاعدة واحدة تقر بحق القوة فقط، سيعيد، بشكل طبيعي وتلقائي، اصول الصراع الى مربعها الاول، ولن يترك للفلسطينيين وللعرب إلا الانسحاب من جميع الاتفاقات وإلغاء ما كان مقبولا عليهم منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا، وغير ذلك يعني قبولهم بالاستسلام .
تشير كل التوقعات الى سيناريوهات مقلقة جدًا خاصة فيما يتعلق بمصيرنا، نحن، المواطنين العرب في اسرائيل. فمن المؤكد اننا سنكون من ضمن من سيدفعون فاتورة هذه الرؤى الجهنمية قريبًا وليس فقط لأننا حظينا "بلفتة" خبيثة في الوثيقة التي تبنت سياسة ابعادنا بداية من منطقة المثلث، بل لأن وجودنا يشكل لدعاة اسرائيل الكبرى اكبر عائق ملموس في وجه مشروعهم النهائي، وهذا سيستدعي، وفق سياساتهم الاقتلاعية، التخلص وتطهير الارض منا.
سمعت تصفيقًا خافتًا في القاعة، عندما حضضتهم على أن يصحوا من سكرة عنجهيتهم وان يعودوا الى رشدهم . سألني أحد الحاضرين ان كنت لا اعتقد بأن إدخال فقرة المثلث لم تكن على طريقة تلك "العنزة" التي أدخلت إلى البيت كي تشغل بال أهله الفقراء عن مصائبهم الأخرى.
قلت له ربما تكون فكرته مسلية وجائزة ولكن ليس ونحن، هذه المرة، العنزة، فاليمين لن يتنازل عن أرض المثلث ولا عن أي ارض غيرها، ولذلك نحن نفهم ان المشروع برمته هو عملية طرد مقنّع باحبولة مكشوفة تبناها نظام عابث بقيم الإنسان والوطن وحكومة تعتبرنا في أحسن الأحوال " اسراطينيين".
عندما أراد الشاعر فرنسيس أن يحرق المغني فرنسيس
استمعنا بصوت الشاعر الغنائي اللبناني، نزار فرنسيس، وقرأنا على صفحته، كلامًا هابطًا لا يليق بمن يحترف صناعة الفرح ويحاول نحت الحروف تماثيل للجمال.
لا أعرف من غرر به ودفعه الى ذلك المنزلق ؛ ولولا ما نكأه هجومه الحاقد من جروح عميقة في جسد قوم يقاومون من اجل بقائهم بكرامة على ارض أجدادهم ويدفعون عنهم، في نفس الوقت، مظالم "الاشقاء" وخناجر "أقرباء" يتعمدون معاملتهم "كاسراطينيين" - لما تطرقت الى هذا الموضوع ولا أعرته أدنى اهتمام؛ ولا تناولت الجانب القانوني لمثل هذا التطاول ولا بأيّ حق يدّعى.
ستبقى الابعاد الشخصية للأزمة ثانوية وعابرة؛ فالتطاول على الفنان المغني زهير فرنسيس لم ينل من مكانته اللافتة ولا من تقدير محبيه في البلاد وأبعد، ولن يضيره لو رضي عنه نزار أم لم يرضَ؛ ولكن أغاظني استسهال التهجم على فلسطيني"أسير" لا يستطيع مواجهة القذع بندّية متكافئة ومنصفة ولا ان يرد على من يهدده بالحرق ويغرقه باوصاف يندى لها الجبين.
لقد شعر كثيرون مثلي بالاهانة من هذا الاسلوب المتعالي والمستفز فأحسسنا، مرة اخرى، كم انتم، في بلد الطوائف، بعيدون عن عروبتنا الاصيلة والحقة، ومبتذلون في مشاعركم المغناة.
سيبقى زهير فرنسيس وجميع فنانينا ومبدعينا، أحفاد "ابي سلمى"، نقوش وشم على جبال الجليل، وستبقى أصواتهم خضرة على سفوح الكرمل لن تستطيع، مهما حاولت، أن "تعد وان تحرق اوراقها".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما بكت-عدالة- في المحكمة العليا الاسرائيلية
- بين ترامب وفيلم: -الباباوان-
- مشاهد من ضياعنا في مثلث ترامب
- ماذا بعد سقطة حزب ميرتس؟
- الحرية للاحمدين، قطامش وزهران
- العرب في اسرائيل والمقاطعة المستحيلة
- العرب في اسرائيل ولعنة التطبيع
- خدوش على صفحة هوية ملتبسة
- جامعة بير زيت، تبدد الحلم
- التعليم العربي: بين برج بابل وبرج بيزا
- سامي ابو دياك، وموت أمنية فلسطينية
- القدس مدينة الحجارة الباكية
- مواطنون بين صاروخين
- خيمة الاصرار والامل
- انتهت معركة -المطّلع- وبقيت القدس عليلة
- لنصلي من أجل لبنان وفلسطين
- بسام الشكعه..العظماء لا يموتون
- ليل هبة البارد والطويل
- خوف ورياء وقتل
- العرب في اسرائيل بين نارين


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - اسراطينيات