أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - القرآنيون ما بين علمنة الخرافة و عقلنة الوهم















المزيد.....


القرآنيون ما بين علمنة الخرافة و عقلنة الوهم


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 6487 - 2020 / 2 / 9 - 00:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( القرآنيون ما بين عَلْمَنَة الخرافة و عَقْلَنَةُ الوهم 🧠 )

قلم #راوند_دلعو

مقدمة:

كنت قد كتبتُ عن رجل الدين المحمدي القرآني الدكتور المهندس محمد شحرور مقالة بعنوان : محمد شحرور في بضعة سطور ...

توجهتُ فيها بالاحترام لشخص الرجل و مع ذلك هدمتُ فيها فِكره و أصوله بضربة واحدة لا تُرد و لا تُصد .... لدرجة أن أحداً من أعضاء المنتدى التابع له لم يستطع الرد عليها أو على بند واحد من بنودها العشرة .... بل حتى السيد شحرور اكتفى بقراءتها دون أن يرد أو يلمح لتلاميذه بأي رد ... و إلا لبلغني إذ توعدني تلامذته بالرد المفحم و لم يحدث.

و اليوم أوسِّعُ النطاق لأهدمَ الفكر القرآني عن بكرة أبيه فأُثبتُ بأنه ليس فكراً تنويرياً بل ظلامياً كهنوتياً غير منطقي شأنه شأن أي مذهب ديني رجعي متزمت ...

و السبب في قيامي بنقد أصول هذه الطائفة حصراً هو أن دعاتها يدّعون التنوير و العقلانية بينما هم أشد كهنوتاً من الكهنوت ، و أكثر تراثية من التراثيين بل أفظع ترويجاً للخرافة من الأصوليين كما سنرى في آخر هذه المقالة.

و لا يقتصر المَطْعَن في منهجهم على أنهم يؤمنون بعصمة كتاب متناقض يتعارض مع ألف باء العلم و الأخلاق فحسب .... و إنما يتجاوز ذلك إلى فساد منهجهم في التأصيل و الاستنباط من هذا الكتاب ....

و هنا و عند معالجة طريقة التأصيل عند كلٍّ من الفريقين ، لا بد من الاعتراف بتفوق التراثيين على القرآنيين ... إذ إن التراثي أصّل و نمَّق و بنى بنياناً خرافياً متخلفاً من منظور اليوم لكنّه يحوي على بعض الهندسة و الانتظام في معالِمه بحيث انسجم مع السقف العلمي للقرن السابع الميلادي حيث ولد محمد ....

أما القرآني فبنيانه التأصيلي مضطرب متهافت بلا ملامح ، لأنهم أرادوا تجميل الدين المحمدي فعدلوا في أصوله الكبرى فانهارت ركائزه أثناء التعديل و بات شكله عشوائياً غير منتظم بعد الانهيار.

و بعد كل هذا الهرج و المرج و العبث في الأصول و تشويهها يجلس القرآني ليدّعي بأن ما توصل إليه من ركام و رمل و هدم ما هو إلا عبارة عن التنوير ... ! حيث يزعم القرآني بأن الظلام الذي يبثه أقل سوداوية من الظلام المنبعث عن التراثي ... لكن الحقيقة أنهما سيان في ميزان العقل مع الأفضلية للقرآني من الناحية الاجتماعية ، لأنه و بتعطيله لأحكام الديانة المحمدية بات أقل خطراً على المجتمع و أكثر قابلية للاندماج في المجتمعات الغربية المتحضرة.

الفكرة الأساسية عند القرآنيين :

أما بالنسبة للمحمديين القرآنيين ... و هم الذين يؤمنون بأن القرآن كلام خالق الكون الذي يسمونه ( الله ) أوحاه إلى شخصية تسمى محمداً عاشت في مكة في القرن السابع الميلادي ...

و هم إذ يؤمنون بأن القرآن كلام الله أنزله على محمد ، لكنهم بنفس الوقت لا يقبلون تفسير القرآن كما هو مروي عن محمد و صحابته ، لا من طرق الروايات السنية و لا الروايات الشيعية !!

و هذه هي النقطة الجوهرية التي تميزهم عن باقي طوائف الديانة المحمدية ... فهم إذ يُنكرون حُجِّيَّة خبر الآحاد و يُسقطون جميع الوثائق التاريخية و ما فيها من أقوال و أفعال و تقريرات و سرديات مرفوعة إلى محمد و معاصريه ، لا يعترفون لكتب التراث بأيَّة قدسية أو قيمة تشريعية ، و ذلك لأنها رُويت في غالبها المعظم عن طريق خبر الآحاد فلا بد أنها تعرضت للتزييف و التحريف وفق رأيهم ....

كما أنهم يدعمون موقفهم الرافض لكتب التراث بالاستشهاد بالتعارض الواضح ما بين الكثير من الأحاديث و الآثار و المرويات من جهة ، و ظاهر النص القرآني من جهة أخرى ...

و بناء على ذلك استنتجوا أن جميع كتب التراث الإسلامي بما فيها من روايات و سرديات تطرقت إلى تفسير القرآن لا قيمة لها ، لأنها تحوي الأكاذيب و الافتراءات و الإضافات ( على حد زعمهم) .... و طالما أنها اختلطت و تعارض جزء منها مع ظاهر القرآن فقد فسدت ... فوجب تركها احتياطاً ...

أما القيمة التشريعية الحقيقية عندهم فتنحصر في نص المصحف وحده لأنه منقول تواتراً عن محمد أي رواه جيل عن جيل يستحيل تواطُؤَهم على الكذب.

فلا حاجة عند الشخص القرآني لا لكتب الحديث و لا لكتب السنة ولا لكتب التراث التي نقلت تفسير القرآن و ظروف و أسباب نزوله.

و هنا نستطيع أن نستنتج من الإضاءة السابقة بأن القرآنيين يقومون بسلخ الوثيقة القرآنية عن محيطها البيئي و العرفي و السياقي بشكل كلي .... فإذا بالقرآن قلب ينبض خارج جسده الذي ولد فيه ... !

و هنا أتساءل بهدوء و عقلانيّة ... هل يستطيع القلب المُستأصَلُ من الجسد أن يستمر بالنبص؟

طبعاً لا ... لذلك سنجد بأن هذه الحركة التي قام بها القرآنيون أصابت قدرتهم التأصيلية في مقتل ... إذ تدل عملية عزل القرآن عن سياقه التاريخي و دفقه السَّردِيِّ على سطحية تأصيلية و تناقض فكري واضح ، فالأمر الجوهري الذي غفل عنه هؤلاء و الذي أدى إلى انهيار فكرهم من الناحية الدينية هو { أننا لو أسقطنا جميع المرويات بطريق الآحاد لاضطررنا قطعاً إلى إسقاط [[[اللغة]]] و التفاسير و الأحاديث و أسباب النزول من اعتبارنا } و ستتحول بذلك طريقة فهم العبارة القرآنية إلى عملية مضطربة غير علمية بل شبه عشوائية ، مما يجعل النص القرآني مبهماً تارة و قابلاً للتفسير بعدد كبير من الطرق تارة أخرى !

الضربة القاسمة و إسقاط اللغة :

و لا بد أن ألفت نظر القارئ هنا إلى وقوع القرآنيين في تناقض واضح لا مخرج لهم منه .... تناقض واضح يهدم فكرهم و دينهم عن بكرة أبيه ألا و هو ( هدم اللغة ) !!!!

فقد نسي القرآنيون أنهم و بإسقاطهم لحجية خبر الآحاد و بالتالي عدم اعترافهم بكتب التراث ، فقد أسقطوا بذلك حجية كتب اللغة التي هي جزء لا يتجزأ من التراث !!!

و بيان ذلك أن { لغتنا العربية الدارجة على الألسن اليوم لم تعد اللغة الفصحى بفخامتها و لكنتها و مصطلحاتها القرشية في عصر محمد ... فقد انقرضت اللهجة القرشية القرآنية عن الألسن منذ مئات السنين و بتنا نعتمد في معرفة معاني ألفاظها و تراكيبها المنقرضة على ما نقل في كتب سلف أهل اللغة ككتب الأصمعي و سيبويه و العكبري و غيرهم من الباحثين اللغوين و مؤلفي المعاجم و القواميس العربية ... و هي كتب مروية بطريق الآحاد 😜 ، فإذا أنكرنا حجية خبر الآحاد بات لزاماً على القرآني نكران ما جاء في القواميس و كتب اللغة و عدم الوثوق فيه و إلا فسيكون انتقائياً عبثياً ، إذ كيف يُسقط حجية كتب الحديث و التفسير لأنها رويت بطريق الآحاد بينما يعترف بحجية القواميس و كتب اللغة مع أنها رويت أيضاً بطريق الآحاد !!!! }

فإذا ما سقطت حجية هذه الكتب اللغوية المعجمية التي تحوي تفسير المصطلحات القرآنية المنقرضة عن الألسن سقط القرآن كله إذ باتت معاني ألفاظه بلا سند و لا توثيق ... فما الفائدة عندها من تواتر النبرات الصوتية ذات المعاني المبهمة أو المروية بسند الآحاد !

بعبارة أخرى إن قواعد و معاني مفردات اللغة العربية إنما حُفظت في كتب النحو و الصرف و البلاغة و المعاجم و القواميس ... و هذه كلها كتب مروية بخبر الآحاد أي بنفس طريقة رواية كتب التراث لأنها جزء من التراث ... فإسقاط التراث إسقاط لحجية اللغة و هدم لمعانيها ... كما أن إسقاط اللغة يؤدي بدوره إلى إسقاط القرآن الذي سيبدو مجموعة ألفاظ و نبرات صوتية بلا معنى !!!!

فما الذي يدرينا بأن معنى كلمة ( الأنفال ) مثلاً هو الغنائم ؟ و كيف سنعرف معنى الكلمات التالية ( قرء) ، ( إيلاف) ، ( كلالة ) ، ( خرّاصون) ، ( زنيم ) ، ( نَسِمُهُ) ( أبَّاً) ....

فالقواميس العربية هي المراجع الوحيدة التي تخبرنا بذلك ، لكنها جزء من التراث الذي بات بلا حجية عند القرآنيين ... و لا طريق البتّة لمعرفة المعنى الاصطلاحي الشرعي الذي ساد في عصر محمد لأي كلمة عربية قرشية إلا من خلال القاموس .... و أقصد هنا المعنى الذي دل عليه اللفظ في عصر محمد .... لأن اللفظ قد يتبدل معناه من عصر إلى عصر و ما يهمنا هو معنى اللفظ القرآني الذي انتشر خلال عصر محمد على اعتبار أن الله خاطب محمداً بلغة يفهمها و إلا لكان خطابه عبثاً مما يلزم القوم عقائدياً و يهدم ديانتهم لأن الرب منزه عن العبث.

و هنا نسأل القرآني السؤال التالي ... كيف تعترف بحجية القاموس في تفسير القرآن و لا تعترف بحجية كتب التفسير التي نقلت معاني القرآن و أسباب نزول آياته و المقصود منها ؟

كيف تعترف بحجية كتب اللغة بينما تنكر كتب التفسير و الحديث و أسباب النزول مع العلم أن كل هذه الكتب نقلت بنفس الطريقة و هي طريقة الرواية وفق ما يسمى بمصطلح الحديث؟

و هنا في الحقيقة نُلزِمُه إذ تتضح الانتقائية في عقلية القرآني الذي اعترف لاشعورياً بحجية القواميس في حين رفض حجية كتب السنة و التفسير و أسباب النزول ... !

هدم السياق :

ومن جهة أخرى ... لو دققنا في معظم مفردات اللغة العربية لوجدنا أن لكل مفردة عشرات المعاني و المترادفات في حال أردنا أن نفسرها دون اعتبار السياق ... و أن السياق وحده الذي يرجح أحد المعاني على الباقي.

فعندما أقول ضرب فلان في الأرض أي ذهب و سعى فيها ...

أما عندما أقول ضرب زيدٌ بدراً فهنا تأتي بمعنى الضرب الجسدي و اللمس الفيزيائي.

فنلاحظ من المثال السابق أن السياق وحده كان فارقاً في معنى كلمة ضَرَبَ.

و بإسقاط حجية كتب السنة المحمدية و مرويات التراث بما فيها أسباب نزول القرآن يسقط السياق تماماً فيخلق القرآني لنفسه بذلك مساحة واسعة جداً من التفسير و التلاعب بالمعاني و بالتالي تحريفها ...

و زيادة في الإيضاح أقول : إن المفتاح الأهم و الدلالة الأكبر على معنى أي نص لغوي هو السياق و العرف و سبب ورود النص و لغة الجسد عند المتكلم أثناء إلقاء النص ... أو ما أسميه ب [[ الوعاء الظرفي للنص]].

فعندما يقوم القرآني بإنكار حجية كتب التراث يُسقِط الوعاء الظرفي للنص أي أنه يُسقط كل هذه المؤشرات الدالة على النص ( ملاحظة لا وجود للغة الجسد في حالة القرآن و هذا من عوامل الضعف التعبيري) فيصبح النص فضفاضاً غوغائياً ضعيفاً مسكيناً عارياً أمام هوى المفسر و سكين رغبته ... فها هو يعجنه كما يشاء و يشكل معناه كيف يريد .... ثم يوهم المتلقي بأن هذا التفسير هو مراد الله من النص ، حتى لو خالف المتواتر عن محمد و أصحابه و العرف العربي الصحراوي السائد آنئذ !!!

و بالتالي فإسقاط الوعاء الظرفي للنص إسقاط للنص بشكل غير مباشر !

استفحال الإبهام :

و من أهم المعاوِل في هدم طريقة القرآنيين في تفسير القرآن هو الإبهام ....

فسلخ النص عن سياقه التاريخي و إطاره السياقي سيخلق هالة ظلامية من الإبهام و الغموض الذي سيجتاح عمق النص بشكل يجعله عبارة عن طلاسم غير قابلة للفهم ....

مثال :

فلو أردنا تفسير سورة الفيل دون اعتبارٍ للسردية التاريخية المرفقة أي قصة الفيل المروية بخبر الآحاد ( و هي قصة أبرهة) ، لما فهمنا شيئاً من النص و لتحولت السورة إلى طلاسم و طوطميات غوغائية ....
و كي تلاحظ أخي القارئ فداحة ما ارتكب القرآنيون بحق النص القرآني سأورد المثال التالي :

ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ...( من هم أصحاب الفيل ؟ لا ندري فالنص لا يتحدث من هم !)

ألم يجعل كيدهم في تضليل ؟ ( لماذا و كيف ؟ ثم ما معنى كيدهم ؟)

و أرسل عليهم طيراً أبابيل ( ما معنى أبابيل ؟ و لماذا يرسل عليهم طيراً أبابيل ؟ و ما الحكمة من إرسال طيور على قطيع من الفيلة لا نعرف متى و إلى أين كان توجههم ؟ )

ترميهم بحجارة من سجيل ( لماذا هذا التعذيب ؟ و ما الحكمة ؟ و ما معنى سجيل ؟ )

فجعلهم كعصف مأكول ( لماذا ؟ و ما الحكمة من هجوم طيور على فيلة ؟ ما ذنب الفيلة ؟ ما معنى العصف المأكول ؟)

و بهذا نجد أن سلخ النص و استخراجه من أحشاء السردية التاريخية المنقولة آحاداً يجعله طلاسماً غير قابلة للفهم .... و بهذا نجد أن الوعاء الظرفي للنص أهم من النص نفسه في عملية استنباط المعنى و الدلالة.

و بهذه الطريقة في هدم كتب التراث قتل القرآنيون القرآن بضربة قاضية بل هدموا الديانة المحمدية عن بكرة أبيها....( شكراً لهم 🤗).

و أحب أن أعقب على فكرة الوعاء الظرفي بكلمتين هامتين .... و هو استحالة تواتر الوعاء الظرفي ... مما يعني هدم خرافة أن القرآن متواتر ....

و ذلك لأن المتواتر من القرآن هو اللفظ فقط و النبرات الصوتية .... أما وعاءه الظرفي فمروي بطريق الآحاد ... و بما أن المعنى يعتمد على الوعاء الظرفي للنص فهذا يعني أن سند المعنى القرآني من رتبة الآحاد لا المتواتر.

و بهذا نرى أن قرآن المحمديين غير متواتر .... و لو كان فعلاً كلام الله لتواتر مع وعائه الظرفي.... و لكن خالق الكون لا يتكلم ....

القُرآنيَّة في ميزان العقلانِيّة :

أمّا أنا كإنسان عقلانيٍّ أدركَ خطورة هذا الدين المحمدي على كوكب الأرض و أهله _ و ذلك بسبب ما يبثه من خرافة و عنف _ ، فأَراني أُصفِّقُ لهؤلاء الكهنة القرآنيين من حيث محاولتهم تقليم مخالب الدين و مسخه و تشويهه و تطويعه لمبادئ حقوق الإنسان و ما نتج عنها من تقنينات مدنية علمانية ...

لأنه من السهولة بمكان كما لاحظنا أعلاه تطويع النص لهوى المفسر فيما لو تم تحطيم الوعاء الظرفي للنص و بالتالي تحريره من السياق اللغوي و القيد العرفي و الحدث البيئي ... و هذا ما فعله القرآنيون.

تعدد البوصلات التفسيرية :

و كنتيجة لانعدام الرؤية التأصيلية المنضبة نجد أن هناك مئات القرآنيين و مئات التفاسير المتناقضة ... لأن اللعبة لم تعد تحري حقيقي لمقصد الإله الذي تكلم مع محمد بلغة محمد السائدة في عصره ( لهجة قريش) ... بل باتت الصنعة القرآنية عبارة عن فبركة أي تفسير و بأي طريقة بحيث يتلاقى التفسير الناتج للنص مع قواعد حقوق الإنسان ، حتى لو لم يشر إليه اللفظ لا من قريب و لا بعيد !


فباتت البوصلة الحقيقية للمفسر القرآني هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ما نص عليه من حقوق و واجبات .... ! و لم تعد بوصلته مقصودُ محمد من النص.

فالبوصلة في حالة المفسر التقليدي هي مقصود محمد و فهم أصحابه للنص .... فمتى ما تبدى مقصد محمد و فهمه للنص لا ينصرف المفسر إلى سواه البتة حتى لو كلفه ذلك تدمير اللغة و تعديل أساسيات قواعد العربية ...

فالسلفي يتتبع مقصود محمد من النص ثم يطيع هذا المقصود طاعة عمياء و هو المعنى الحقيقي للعبادة و التأليه .... فمحمد هو الإله الحقيقي للمفسر السلفي ... لذلك نجد أن السلفي يعمل بالحديث الضعيف و يقدمه على الرأي و العقل.

و لذلك نجد أن ديانة السلفي قبيحة لأنها تُجسد المعنى الحقيقي للقرآن و مقصد محمد منه و فهمه له ....

أما الديانة القرآنية فبعيدة عن حياة محمد و مقصده بعد السماء عن الأرض لأنها مجرد تحريف للنص.

و ذلك لأن بوصلة المفسر القرآني عبارة عن مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، لأن القرآني يسعى إلى تفسير كل آية بحيث تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان و لا يهمه قصد محمد كما لا يكترث إلى الوعاء الظرفي للنص ....

فيؤوِّلُ القرآني كل آيات قطع اليد و الجلد و نكاح الأطفال و العبودية و السبي و الغنائم و و و .... لأن الثابت الوحيد عنده مبادئ حقوق الإنسان أما النص فمتحرك فضفاض قابل للتلاعب و التحريف.

يؤول القرآني كل المعاني المتوحشة و اللافطرية و غير العقلانية للنص القرآني ليجهضها بحيث تتلاشى لأن في تلاشيها خلق حالة انسجام بين تشريعات الديانة المحمدية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ... لكننا نلاحظ بأن هذه الطريقة من شأنها أن تُخرج شخصية محمد و بشكل كلي من معادلة التفسير ...

فكأن القرآني رَكَل محمداً و عصر محمد كله خارج النص و استقدم ساكناً جديداً للنص ألا و هو مقاصد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

فمبادئ حقوق الإنسان هي بوصلة المفسر القرآني و ركيزته التي ينطلق منها في تفسيره للنص ، فتراه محرفاً للغة في سبيل تصيد حقوق الإنسان من دلالات النص ....

أي أن طاعة المفسر العمياء إنما تكون لمبادئ حقوق الإنسان ، و يتم تحريف معنى النص القرآني تبعاً لها ... و من هنا حكمت على القرآني بعبادة حقوق الإنسان لا محمداً !

و من أوضح الأمثلة في هذا السياق مثال ضرب المرأة الوارد في القرآن حيث جاء فيه :

( واهجروهن في المضاجع و اضربوهن) ...

فأما رؤية السلف لهذا النص فقد أجمعوا على أنه مُستَنَدٌ لجواز ضرب الزوج لزوجته الناشز ، لأن فعل ضَرَبَ جاء في سياق العقوبة و لم يتعدى بحرف مما يعني أنه الضرب الفيزيائي الجسدي وفق المعنى المعجمي لكلمة (ضرب).

أما القرآني و بما أنه هدم الوعاء الظرفي للنص ( لغة _ سياق _ سبب الورود _ لغة الجسد ) فيجد أمامه قائمة طويلة من المعاني القاموسية لكلمة (ضرب) فيختار منها المعنى الذي ينسجم مع مقاصد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيحاول جاهداً طرد الضرب الفيزيائي من قائمة خياراته لأن ضرب المرأة تمنعه الأعراف الغربية و مرفوض عقلاً ... فيطرد القرآني معنى الضرب الفيزيائي ضارباً بعرض الحائط قواميس اللغة التي تؤكد أن كلمة ضَرَبَ يقصد بها الضرب الفيزيائي حصراً في حال لم تُعدّى بحرف جر.

و بالرغم من ذلك التحريف الواضح أتمنى أن يقوم جميع الذين غيّبتهم الظاهرة الدينية و أصروا على اتباع الدين باتِّباع القراءة القرآنية على عِلاتها و تناقضاتها و بطلانها الواضح ... فالقراءة القرآنية أقل ضرراً على البشرية من النسخة المحمدية الأصولية المتوحشة بشتى أطيافها ...

إذ تنعدم الشخصية المحمدية تماماً عند القرآني ... فلا جهاد و لا حدود و لا صيام و لا صلاة و لا حجاب و لا حج و لا زكاة و لا شيء يذكر من الشخصية المحمدية الأصولية.

و المتبقي الوحيد من طقوس المحمدية عند القرآنيين هو تقبيل المصحف فقط و وضعه على الرأس.

لكن السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح نفسه في هذا المقام ....

هل تقدم هرتلات القرآنيين حقيقة ؟

هل تتفق تنجيماتهم و قصصهم الخرافية مع العقل ؟

هل يسمى تلميعهم للخرافة تنويراً ... ؟

هل يصح أن نعتبر مهنة كوافير الأديان _ الذي يقوم بمكيجة و مكسجة النص الديني ليظهر بمظهر الموديرن _ مهنة شريفة ؟

هل من الأمانة العلمية أن تلعب الجمباز بنصوص القرآن بحيث تفسر قوله ( و اضربوهن ) ب ( لا تضربوهن ) ... و قوله ( الرجال قوامون على النساء ) بمعنى ( القوامة للمرأة لا للرجل !!) ؟

لا و ألف لا ...

فالظلام لا ينقشع بالدخان ...

بل ينقشع بالنور ، بالعلم ، بالحقيقة ...

أنا شخصياً لا أؤمن بأنصاف الحلول و لا أرباع العقائد ... و لا ال( تسكيجات ) و لا الترقيعات و لا المعاني العرجاء ... لذلك خلعت عباءة النص الموروث و ارتديت نور العلم و العقلانية.

#الحق_الحق_أقول_لكم ، في عالم الأفكار ... إما أن تضرب بسيف الحقيقة أو بسيف الوهم ...

و سيف العلم هو الحقيقة .... و فقط الحقيقة.

بل أرى أن مهنة تلميع الوهم و إلباسه لباس التحضر و العلمية جريمة خطيرة تستأهل المحاكمة .... بل هي خيانة عظمى للأجيال ... و بث للسموم في عقول الناس ...

فمهنة القرآني خبيثة و مؤذية ... فهو مروض لتوحش الدين .... لكنه للأسف يروضه في قفص من زجاج .... ! و يحوله إلى مادة ماكرة تستطيع خداع الإنسان و صرفه عن العلم و التحضر من خلال اتباع الخرافة المُعَلمَنَة .... نعم إنها مهنة عَلْمَنَةُ الخرافة ... و ما أقبحها من مهنة إذ تطيل عمر الخرافة و تغطسها بعسل العلم ... لتبدو خادعة و قادرة على التكيف مع المجتمعات المتحضرة.

فإذا أردت أن تخرج يا صديقي فاخرج إلى النور ... و دعك من الدخان و الضباب و الخرافات المعولمة.

هامش:

نسخة إلى شحرور و أمثاله من القرآنيين كي يعرفوا محلهم الحقيقي من الإعراب العقلاني للأمور ...



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القلب النزيف
- ياسمينة على ضريح الله _ قيثاريّة النسرين
- إنه لمن الظلم بمكان !
- نظام اتصالات رديء بين الله و أنبيائه
- أكذوبة العروبة ... أكذوبة ملعوبة !
- مصطلحات قرآنية أهانت المرأة _ الإعجاز الإشمئزازي في القرآن
- بالغتُ باسمِكِ ( شعر عمودي )
- اعتناق الديانة المحمدية على أسس علمية
- الإبهام المُطلق للخطاب في النص الديني
- هذا الموت من هذا الجمال !
- وظيفة الكهنة و الشيوخ المحمديين ، تحت المجهر
- الشمودوغمائية أخطر أمراض الفكر البشري
- المخابرات الناعمة
- مُعضِلة الدين س
- انتحار
- الواقعيّة على مذبح العقل
- وهكذا
- حرية س الحي ، في نقد ع الميت ..
- الحربان العالميتان حربان طائفيتان !!
- خذوا آلهتكم و ارحلوا


المزيد.....




- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - القرآنيون ما بين علمنة الخرافة و عقلنة الوهم